فهرس الكتاب

محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن محرز ابن عبد العزى

179 محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن محرز ابن عبد العزّى ابن عامر بن الحارث بن حارثة ابن سعد بن تيم بن مرة يكنى أبا عبد الله أمه أم ولد.
عن الزبير بن بكار قال: جاء المنكدر بن عبد الله إلى عائشة أم المؤمنين فشكا إليها الحاجة فقالت: أول شيء يأتيني ابعث به إليك فجاءتها عشرة آلاف درهم فقالت: سرُعَ ما امتحنت به يا عائشة.
ما امتحنت به يا عائشة وبعثت بها إليه فاتخذ منها جارية فولدت له بنيه.
محمداً وأبا بكر وعمر.
وكلّهم يذكر بالصلاح والعبادة، ويحمل عنه الحديث.
وعن أبي معشر قال: دخل المنكدر على عائشة فقالت: لك ولد؟ قال: لا.
فقالت: لو كان عندي عشرة آلاف درهم لوهبتها لك.
قال: فما أمست إلا بعث إليها معاوية بمال فقالت ما أسرع ما ابتليت، وبعثت إلى المنكدر بعشرة آلاف فاشترى منها جارية فهي أمُّ محمدٍ وعُمر وأبي بكر.
قال الشيخ رحمه الله: وإنما شكا المنكدر إلى عائشة للقرابة التي بينهما فإنه من ولد حارثة بن سعد بن تيم، وأبو بكر رضي الله عنه من ولد كعب بن سعد بن تيم.
وعن الحارث بن الصواف قال: قال محمد بن المنكدر: كابدتُ نفسي أربعين سنة حتى استقامت.
وعن سفيان قال: كان محمد بن المنكدر ربما قام من الليل يصلّي ويقول كم من عين الآن ساهرةٌ في رزقي.
وكان له جار مبتلىً فكان يرفع صوته من الليل يصيح وكان محمد يرفع صوته بالحمد.
فقيل له في ذلك فقال: يرفع صوته بالبلاء وأرفع صوتي بالنعمة.
يحيى بن الفضل الأبيسي قال: سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر أنه بينا هو ذات ليلة قائم يصلّي إذا استبكى فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله فسألوه: ما الذي أبكاك؟ فاستعجم عليهم، فتمادى في البكاء فأرسلوا إلى أبي حازم واخبروه بأمره، فجاء أبو حازم إليه فإذا هو يبكي فقال: يا أخي ما الذي أبكاك قد رعت أهلك؟ فقال له إني مرّت بي آية من كتاب الله عز وجل.
قال: ما هي؟ قال: قول الله عز وجل: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} سورة الزمر آية 47 قال: فبكى أبو حازم معه واشتدّ بكاؤهما.
قال: فقال بعض أهله لأبي حازم: جئنا بك لتفرّج عنه فزدته.
قال: فأخبرهم ما الذي أبكاهما.
وعن عمر بن محمد المنكدر قال: كنت أمسك على أبي المصحف، قال: فمّرت مولاةٌ له فكلمها فضحك إليها.
ثم أقبل يقول إنّا لله إنا لله حتى ظننت أنه قد حدث شيء.
فقلت: ما لك؟ فقال: أما كان لي في القرآن شُغل حتى مرّت هذه فكلمتها.
وعن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر قال: إن الله تعالى يحفظ المؤمن في ولده وولدَ ولده، ويحفظه في دُويرته وفي دُويراتٍ حوله، فما يزالون في حفظ وعافية ما كان بين أظهرهم.
وعن سفيان قال: صلى ابن المنكدر على رجل فقيل له تصلي على فلان؟ فقال: إني أستحيي من الله عز وجل أن يعلم مني أنّ رحمته تعجز عن أحدٍ من خلقه.
وعن أبي معشر قال: بعث محمد بن المنكدر إلى صفوان بن سليم بأربعين ديناراً ثم قال لبنيه: يا بني ما ظنكم برجل فرّغ صفوان لعبادة ربه عز وجل.
وعن عبد الله بن المبارك قال: قال محمد بن المنكدر: بات عمر، يعني أخاه، يصلي وبتّ أغمز رجل أمي وما أحبّ أن ليلتي بليلته.
وعن جعفر بن سليمان، عن محمد بن المنكدر انه كان يضع خدّه بالأرض ثم يقول لأمه: قومي ضعي قدمك على خدي.
وعن محمد بن سوقة قال: سمعت محمد بن المنكدر يقول: نعم العون على تقوى الله عز وجل الغني.
قال سفيان بن عيينة: قيل لمحمد بن المنكدر: أيُّ العمل احب إليك؟ قال: إدخال السرور على المؤمن، قيل: فما بقي من لذّتك؟ قال: الإفضال على الإخوان.
وعن عبد العزيز بن يعقوب الماجشون، أخي يوسف، قال: قال أبي إن رؤية محمد بن المنكدر تنفعني في ديني.
وعن سفيان بن عيينة قال: قال محمد بن المنكدر: الفقيه يدخل بين الله عز وجل وبين عباده، فلينظر كيف يدخل.
أسند محمد بن المنكدر عن ابن عمر وأبي قتادة وجابر وأبي هريرة وابن عباس وأنس بن مالك وأميمة بنت رقيقة.
وروى عن كبار التابعين كالحسن وعروة وسعيد بن خيبر والزهري وأبي حازم ويحيى بن سعيد وأيوب ويونس بن عبيد، في خلقٍ يطول ذكرهم.
ذكر وفاته رضي الله عنه: عن عكرمة عن محمد بن المنكدر أنه جزع عند الموت فقيل له: لم تجزع؟ قال: أخشى آيةً من كتاب الله عز وجل، قال الله عز وجل: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} الزمر: 47 فإني أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب.
وعن ابن زيد قال: أتى صفوان بن سليم إلى محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال: يا أبا عبد الله كأني أراك قد شقّ عليك الموت؟ قال: فما زال يهوّن عليه الأمر وينجلي عن محمد حتى لكأن في وجهه المصابيح.
ثم قال له محمد: لو ترى ما أنا فيه لقرّت عينك.
ثم قضى رحمه الله.
توفي محمد بن المنكدر بالمدينة سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين ومائة