فهرس الكتاب

وهب بن منبه

244 وهب بن منبه من الابناء يكنى ابا عبد الله.
عن عبد العزيز بن رفيع عن وهب بن منبه قال الايمان عريان ولباسه التقوى وزينته الحياء وماله الفقه.
وعن عبد الصمد بن معقل ان وهب بن منبه قال في موعظه له يا بن آدم انه لا أقوى من خالق ولا اضعف من مخلوق ولا اقدر ممن طلبته في يده ولا اضعف ممن هو في يد طالبه يا ابن ادم انه قد ذهب منك ما لا يرجع اليك واقام معك ما سيذهب.
يا ابن ادم اقصر عن تناول ما لا تنال وعن طلب ما لا تدرك وعن ابتغاء ما لا يوجد واقطع الرجاء منك عما فقدت من الاشياء واعلم انه رب مطلوب هو شر لطالبه.
يا ابن ادم انما الصبر عند المصيبة واعظم من المصيبة سوء الخلف منها.
يا بن ادم فاي الدهر ترتجي أيوماً يجيء في غرة أو يوماً تستأخر فيه عن أوان مجيئه؟ انظر إلى الدهر تجده ثلاثة أيام يوماً مضى لا ترتجيه ويوما لا بد منه ويوما يجيء لا تامنه فامس شاهد مقبول وأمين مؤد وحكيم وارد قد فجعك بنفسه وخلف في يديك حكمته واليم صديق مودع كان طويل الغيبة وهو سريع الظعن اتاك ولم تاته وقد مضى قبله شاهد عدل فان كان ما فيه لك فاشفعه بمثله.
يا ابن ادم مضت لنا اصول نحن فروعها فما بقاء الفرع بعد اصله.
يا بن ادم انما اهل هذه الدار سفر لا يحلون عقدة الرحال الا في غيرها وانما يتبلغون بالعواري فما أحسن الشكر للنعم والتسليم للمعير.
فاعلم يا ابن ادم انه لا رزية اعظم من رزية في عقل ممن ضيع اليقين.
أيها الناس إنما البقاء بعد الفناء وقد خلقنا ولم نكن سنبلى ثم نعود الا وانما العوارى اليوم والهبات غدا.
الا وانه قد تقارب منا سلب فاحش او اعطاء جزيل فاستصلحوا ما تقدمون بما تظعنون عنه.
ايها الناس انما انتم في هذه الدار غرض فيكم المنايا تنتضل وان الذي انتم فيه من دنياكم نهب للمصائب لا تتناولون فيها نعمة الا بفراق اخرى ولا يستقبل معمر منكم يوما من عمره الا بهدم آخر من اجله ولا تجدد زيادة في اجله الا بنفاد ما قبله من رزقه ولا يحيا له اثر الا مات له اثر فنسال الله ان يبارك لنا ولكم فيما مضى من هذه العظة.
وعن بكار بن عبد الله قال سمعت وهب بن منبه يقول مر رجل عابد على رجل عابد فقال ما لك قال اعجب من فلان ان كان قد بلغ من عبادته فمالت به الدنيا فقال لا تعجب ممن تميل به ولكن اعجب ممن استقام.
وعن اشرس عن وهب بن منبه قال اوحى الله عز وجل الى داود يا داود هل تدري من اغفر له ذنوبه من عبيدي قال من هو يا رب قال الذي اذا ذكر ذنوبه ارتعدت منها فرائصه فذلك العبد الذي امر ملائكتي ان يمحوا عنه ذنوبه.
قال وقال داود الهي اين اجدك اذا ما طلبتك قال عند المنكسرة قلوبهم من مخافتي.
وعن بكار بن عبد الله عن وهب قال قرات في بعض الكتب ان مناديا ينادي من السماء الرابعة كل صباح أبناء الاربعين زرع قد دنا حصاده ابناء الخمسين ماذا قدمتم وماذا اخرتم ابناء الستين لا عذر لكم ليت الخلق لم يخلقوا واذا خلقوا علموا لماذا خلقوا قد اتتكم الساعة فخذوا حذركم.
وعن عبد الصمد بن معقل قال سمعت وهب بن منبه يقول قرأت في التوراة أيما دار بنيت بقوة الضغفاء جعلت عاقبتها للحراب وأيما مال جمع من غير حل جعلت عاقبته الى الفقر.
وعن عبد الرزاق قال اخبرني أبي قال سمعت وهب بن منبه يقول ربما صليت الصبح بوضوء العتمة وقد روي لنا من طريق اخر.
وعن المثنى بن الصباح قال لبث وهب بن منبه عشرين سنة لم يجعل له بين العشاء والصبح وضوءا.
وقد روينا في ترجمة طاووس ان وهب بن منبه صلى الغداة بوضوء العشاء اربعين سنة.
وعن ابي سنان القسملي قال سمعت وهب بن منبه واقبل على عطاء الخراساني فقال ويحك يا عطاء الم اخبر انك تحمل علمك الى ابواب الملوك وابناء الدنيا؟ ويحك يا عطاء تاتي من يغلق عنك بابه ويظهر لك فقره ويواري عنك غناه وتدع من يفتح لك بابه ويظهر لك غناءه ويقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} غافر: 60 .
ويحك يا عطاء ارض بالدون من الدنيا مع الحكمة ولا ترض بالدون من الحكمة مع الدنيا ويحك يا عطاء ان كان يغنيك ما يكفيك فان ادنى ما في الدنيا يكفيك وان كان لا يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا شيء يكفيك ويحك يا عطاء إنما بطنك بحر من البحور وواد من الاودية فليس يملؤه الا التراب.
وعن منير مولى الفضل بن أبي عياش قال كنت جالساً مع وهب بن منبه فاتاه رجل فقال اني مررت بفلان وهو يشتمك فغضب وقال ما وجد الشيطان رسولا غيرك فما برحت من عنده حتى جاءه ذلك الرجل الشاتم فسلم على وهب.
فرد عليه ومد يده وصافحه واجلسه الى جنبه.
وعن إبراهيم بن عمر قال قال وهب بن منبه اذا مدحك الرجل بما ليس فيك فلا تأمنه أن يذمك بمها ليس فيك.
وعن جعفر بن برقان عن وهب بن منبه قال الايمان قائد والعمل سائق والنفس بينهما حرون فاذا قاد القائد ولم يسق السائق ولم يغن ذلك شيئا واذا ساق السائق ولم يقد القائد لم يغن ذلك شيئا واذا قاد القائد وساق السائق اتبعته النفس طوعا وكرها وطاب العمل.
اسند وهب بن منبه عن جابر بن عبد الله والنعمان بن بشير وابن عباس وخلق كثير يطول شرحهم.
وقد روى عن معاذ بن جبل وابي هريرة في اخرين وروى خلق كثير من كبار التابعين كطاووس.
وروى عنه من التابعين جماعة منهم عمرو بن دينار وابان بن ابي عياش وموسى بن عقبة في اخرين.
قال الواقدي مات وهب بن منبه بصنعاء سنة عشر ومائة وقيل سنة أربع عشرة.