فهرس الكتاب

الجنيد بن محمد بن الجنيد

296 الجنيد بن محمد بن الجنيد أبو القاسم الخزاز القواريري كان أبوه يبيع الزجاج وكان هو خزازا واصله من نهاوند إلا ان مولده ومنشأه ببغداد.
عن جعفر الخلدي قال الجنيد ذات يوم ما اخرج الله إلى الارض علما وجلع للخلق إليه سبيلا إلا وقد جعل لي فيه حظا ونصيبا.
قال الخلدي وبلغني عن الجنيد انه كان في سوقه وكان ورده في كل يوم ثلاثمائة ركعة وثلاثين ألف تسبيحة.
وعنه قال كان الجنيد عشرين سنة لا ياكل إلا من الأسبوع إلى الأسبوع ويصلي كل يوم اربعمائة ركعة.
وعنه قال لم نر في شيوخنا من اجتمع له علم وحال غير ابي القاسم الجنيد ولا اكثرهم كان يكون له علم كثيرولا يكون له حال واخر كان يكون له حال كثير وعلم يسير والجنيد كانت له حال خطيرة وعلم غزير فإذا رأيت حاله رجحته إلى علمه واذا رأيت علمه رجحته على حاله.
وعن ابي محمد المرتعش قال قال الجنيد كنت بين يدي سري السقطي العب وانا ابن سبع سنين وبين يديه جماعة يتكلمون في الشكر فقال لي يا غلام ما الشكر فقلت ألا تعصي الله بنعمه فقال لي اخشى ان يكون حظك من الله لسانك قال الجنيد فلا ازال ابكي على هذه الكلمة التي قالها السري لي.
وعن ابي الحسن المجلسي قال قيل للجنيد ممن استفدت هذا العلم قال من جلوسي بين يدي الله تعالى ثلاثين سنة تحت تلك الدرجة واومىء إلى درجة في داره.
قال السلمي وسمعت جدي اسمعايل بن نجيد يقول كان الجنيد يجيء كل يوم إلى السوق فيفتح حانوته فيدخله ويسبل الستر ويصلي اربعمائة ركعة ثم يرجع إلى بيته.
وعن احمد بن عبد الحميد السامري قال سمعت الجنيد بن محمد يقول معاشر الفقراء انما عرفتم بالله وتكرمون له فإذا خلوتم به فانظروا كيف تكونون معه؟ وعن ابي الطيب بن الفرحان قال سمعت الجنيد يقول علامة اعراض الله عن العبد ان يشغله بما لا يعنيه.
وعن حامد بن إبراهيم قال قال الجنيد بن محمد الطريق إلى الله مسدود على خلق الله عز وجل إلا على المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لسنته كما قال الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الاحزاب: 21 .
وعن خير قال كنت يوما جالسا في بتين فخطر لي خاطر ان ابا القاسم جنيدا بالباب اخرج اليه فنفيت ذلك عن قلبي وقلت وسوسة فوقع لي خاطر ثان يقتضي مني الخروج: ان جنيدا على الباب فاخرج إليه فنفيت ذلك عن سري فوقع لي خاطر ثالث فعلمت انه حق وليس بوسوسة ففتحت الباب فإذا انا بالجنيد قائم فسلم علي وقال يا خير ألا خرجت مع الخاطر الاول؟ وعن أبي محمد الحريري قال سمعت الجنيد يقول لقد مشى رجال باليقين على الماء ومات بالعطش افضل منهم يقينا.
وعن أبي عمرو بن علوان قال خرجت يوماً إلى سوق الرحبة في حاجة فرأيت جنازة فتبعتها لاصلي عليها ووقفت حتى يدفن الميت في جملة الناس فوقعت عيني على امرأة مسفرة من غير تعمد فالححت بالنظر واسترجعت واستغفرت الله تعالى وعدت إلى منزلي فقالت لي عجوز يا سيدي ما لي أرى وجهك اسود فاخذت المرآة فنظرت فإذا وجهي اسود فرجعت إلى سري انظر من اين دهيت؟ فذكرت النظرة فانفردت في موضع استغفر الله واساله الإقالة اربعين يوما فخطر في قلبي ان زر شيخك الجنيد فانحدرت إلى بغداد فلما جئت الحجرة التي هو فيها طرقت الباب فقال لي ادخل يا أبا عمرو تذنب بالرحبة ونستغفر لك ببغداد.
وعن أبي بكر محمد بن احمد قال سمت الجنيد يقول فتح كل باب وكل علم نفيس بذل المجهود.
وعن احمد بن عطاء قال قال الجنيد لولا انه يروى انه يكون في آخر الزمان زعيم القوم ارذلهم ما تكلمت عليكم.
وعن أبي القاسم المطرز قال سمعت الجنيد بن محمد يقول اضر ما على اهل الديانات الدعاوي.
وعن أبي بكر المفيد قال سمعت الجنيد يقول احذر ان تكون ثناء منشورا وعيبا مستورا.
وعن العباس بن عبد الله قال سمعت الجنيد بن محمد يقول المروءة احتمال زلل الاخوان.
وعن أبي القاسم النقاش قال سمعت الجنيد يقول الانسان لايعاب بما في طبعه انما يعاب إذا فعل ما ينافي طبعه.
وساله رجل كيف الطريق إلى الله فقال توبة تحل الاصرار وخوف يزيل الغرة ورجاء مزعج إلى طريق الخيرات ومراقبة الله في خواطر القلوب.
وقال أبو الحسن سمعت الجنيد يقول ليس يتسع على ما يرد علي من العالم لاني قد اصلت اصلا وهو ان الدار دار غم وهم بلاء وفتنة وان العالم كله شر ومن حكمه أن يتلقاني بكل ما اكره فان تلقاني بما احب فهو فضل والا فالاصل الاول.
وعن جعفر بن القاسم قال سمعت الجنيد يقول كان يعارضني في بعض اوقاتي اناجعل نفسي كيوسف واكون انا كيعقوب فاحزن على ما فقدت من نفسي كما حزن يعقوب على فقد يوسف فمكثت مدة اعمل على حسب ذلك.
وعن محمد بن نصير في كتابه قال قال الجيند لو اقبل صادق على الله ألف ألف سنة ثم اعرض عنه لحظة كان ما فاته اكثر مما ناله.
وقال رجل للجنيد علام يتأسف المحب قال على زمان بسط أورث قبضا اوزمان انس اورث وحشة وانشأ يقول: قد كان لي مشرب يصفو برؤيتكم ... فكدرته يد الايام حين صفا قال جعفر وقال أبو العباس بن مسروق مررت مع الجنيد في بعض دروب بغدا واذا مغن يغني: منازل كنت تهواها وتألفها ... ايام انت على الايام منصور فبكى الجنيد بكاء شديدا ثم قال يا ابا العباس ما اطيب منازل الالفة والانس واوحش مقامات المخالفات لا ازال احن إلى بدو ارادتي وجدة سعيي.
اسماعيل بن نجيد يقول ودخل أبو العباس بن عطاء على جنيد وهو في النزع فسلم عليه فلم يرد عليه ثم رد عليه بعد ساعة وقال اعذرني فاني كنت في وردي ثم حول وجهه إلى القبلة وكبر ومات رحمه الله.
وقال أبو محمد الحريري كنت واقفا على راس الجنيد في وقت وفاته وكان يوم جمعة وهو يقرأ القرآن فقلت يا ابا القاسم ارفق بنفسك فقال يا أبا محمد ما رأيت أحدا أحوج إليه مني في هذا الوقت وهو ذا تطوى صحيفتي.
وعنه قال حضرت عند الجنيد قبل وفاته بساعتين فلم يزل باكيا وساجدا فقلت له يا ابا القاسم قد بلغ بك ما ارى من الجهد فقال يا ابا محمد احوج ما كنت إليه هذه الساعة فلم يزل باكيا وساجدا حتى فارق الدنيا.
وعن فارس بن محمد قال كان أبو القاسم الجنيد كثير الصلاة ثم رأيناه في وقت موته وهو يدرس ويقدم إليه الوسادة فيسجد عليها فقيل له إلا روحت عن نفسك فقال طريق وصلت به إلى الله لا اقطعه.
وقال أبو بكر العطار حضرت الجنيد عند الموت في جماعة من اصحابنا قال فكان قاعدا يصلي ويثني رجله كلما اراد ان يسجد فلم يزل كذلك حتى خرجت الروح من رجلهفثقل عليه حركتها فمد رجليه وقد تورمتا فرآه بعض اصدقائه فقال ما هذا يا ابا القاسم فقال هذه نعم الله اكبر فلما فرغ من صلاته قال له أبو محمد الحريري لو اضطجعت قال يا ابا محمد هذا وقت يؤخذ منه الله اكبر فلم يزل ذلك حاله حتى مات رحمه الله.
اسند الجنيد الحديث عن الحسن بن عرفة.
قال المصنف رحمه الله اخبرنا أبو منصور الصرار قال انبا احمد بن علي بن ثابت قال اخبرنا أبو سعد الماليني قال ابنا أبو القاسم عمر بن محمد بن مقبل قال انبا جعفر الخلدي قال انبا الجنيد بن محمد قال حدثنا الحسن بن عرفة قال انبا محمد بن كثير الكوفي عن عمرو بن قيس الملائي عن عطية عن ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله" 1 ثم قرا: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} الحجر: 75 .
قال أبو بكر الخطيب لا يعرف للجنيد غير هذا الحديث.
قال المصنف قلت وقد رويت له حديثا آخر اخبرنا محمد بن عبد الباقي قال انبأ رزق الله بن عبد الوهاب قال انبأ أبو عبد الرحمن السلمي قال أنبأ احمد بن عطاء الصوفي قال انبأ محمد بن علي بن الحسين قال سئل الجنيد عن الفراسة قال فقال انبا الحسن بن عرفة قال ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله قال كنت ارعى غنما لعقبة بن أبي معيط وذكر الحديث وقال في اخره قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "انك عليم معلم".
قلت وقد لقي الجنيد خلقا من العلماء ودرس الفقه على ابي ثور وكان يفتي في حلقته بحضرته وهو ابن عشرين سنة وصحب جماعة من العباد واشتهر بصحبة خاله سري والحارث المحاسبي.
وتوفي يوم السبت في شوال سنة ثمان وتسعين ومائتين وقيل سبع وتسعين وغسله أبو محمد الحريري وصلى عليه ولده وحزروا الجمع الذي صلى عليه فكانوا نحو ستين ألفاً.
وعن جعفر الخلدي في كتابه قال رأيت الجنيد في النوم فقلت له ما فعل الله بك قال طاحت تلك الاشارات وغابت تلك العبارات وفنيتتلك العلوم ونفدت تلك الرسوم وما نفعنا إلا ركيعات كنا نركعها في السحر رحمه الله.