فهرس الكتاب

ذكر المصطفين من عباد بغداد المجهولين الأسماء

ذكر المصطفين من عباد بغداد المجهولين الأسماء 344 عابد عن أبي عبد الله احمد بن يحيى الجلاء قال سمعت أبي يقول كنت عند معروف في مجلسه فدخل عليه رجل فقال يا أبا محفوظ رأيت في هذه الليلة عجباً قال وما رأيت رحمك الله قال اشتهي علي أهلي سمكا فذهبت إلى السوق فاشتريت لهم سمكة وحملتها مع حمال فمشي معي فلما سمعنا آذان الظهر قال الحمال يا عم هل لك أن نصلي فكأنه أيقظني من غفلة فقلت له نعم نصلي.
فوضع الطبق والسمكة عليه على مستراح ودخل المسجد فقلت في نفسي الغلام قد جاد بالطبق أجود أنا أيضاً بالسمكة فلم يزل يركع حتى اقيمت الصلاة فصلينا جماعة وركع بعد الصلاة وخرجنا فإذا الطبق على حاله موضوع فجئت إلى البيت وحدثت أهلي بهذا فقالوا لي قل له ياكل معنا من هذا السمك فقلت له تأكل معنا من هذا السمك فقال أنا صائم فقتل له فافطر عندنا قال نعم اروني طريق المسجد فاريته فدخل المسجد وجلس إلى ان صلينا المغرب.
فجئت إليه وقلت له تقوم رحمك الله فقال أو نصلي عشاء الآخرة فقلت في نفسي هذه ثانية يريد ان فيه خيرا فلما صلينا به إلى منزلي ولنا ثلاث أبيات: بيت فيه أنا وأهلي وبيت فيه صبية مقعدة ولدت كذلك لها فوق العشرين سنة وبيت كان فيه ضيفنا.
فبينا أنا مع أهلي إذ دق داق الباب في آخر الليل فقلت من يدق الباب فقالت أنا فلانة فقلت فلانة قطعة لحم مطروحة في البيت كيف يستوي لها ان تمشي فقالت أنا هي افتحوا لي ففتحنا لها فإذا هي فقلت أي شيء الخبر فقلت سمعتكم تذكرون ضيفنا هذا بخير فوقع في نفسي ان اتوسل إلى الله عز وجل به فقلت اللهم بحق ضيفنا هذا وبجاهه عندك إلا أطلقت اسري: فاستويت وقمت وانا في عافية كما تروني.
فقمت إليه اطلبه في البيت فإذا البيت خال ليس فيه أحد فجئت إلى الباب فوجدته مغلقا بحاله فقال معروف نعم فيهم صغار وكبار يعني الاولياء.
345 عابد آخر مجذوم أبو عبد الله البراثي قال: قال خلف البرزالي: اتيت برجل مجذوم ذاهب اليدين والرجلين اعمى فجعلته مع المجذومين فغفلت عنه أياما ثم ذكرته فقلت يا هذا اني غفلت عنك فكيف حالك فقال لي حبيبي ومن أنا احبه فقد احاطت محبته باحشائي فلا اجد لما أنا فيه من الم مع محبته لا يغفل عني.
فقلت له اني نسيت فقال ان لي من يذكرني وكيف لا يذكر الحبيب حيبيه وهو نصب عينيه تائه العقل والقلب قلت لها الا ازوجك امرأة تنظفك من هذه الاقذار قال فبكي ثم تنفس ورمى ببصره نحو السماء وقال يا حبيب قلبي ثم اغمي عليه.
فافاق فقلت ما تقول فقال كيف تزوجني وانا مالك الدنيا وعروسها قلت أي شيء الذي عندك من ملك الدنيا وانت ذاهب اليدين والرجلين اعمى تأكل كما تأكل البهائم قال رضي عني سيدي إذا ابلى جوارحي واطلق لساني بذكره.
قال فوقع مني بكل موقع فما لبث الا يسيرا حتى مات فأخرجت له كفنا فيه طول فقطعت منه فاتيت في منامي فقيل لي يا خلف بخلت على ولي ومحبي بكفن طويل قد رددنا عليك كفنك وكفناه عندنا بالسندس والاستبراق قال فصرت إلى بيت الاكفان فإذا الكفن ملقى.
346 عابد آخر قال إبراهيم الاجري الكبير كنت يوما قاعدا على باب المسجد في يوم شات إذ مر بي رجل عليه خرقتان فظننت انه من هؤلاء الذين يسالون فقلت في نفسي لو عمل هذا بيده كان خيرا له قال ومضى الرجل.
فلما كان الليل اتاني ملكان فأخذا بضبعي ثم ادخلاني المسجد الذي كنت على بابه قاعدا فإذا رجل نائم عليه خرقتان فكشف لي عن وجهه فإذا هو الذي مر بي فقالا لي كل لحمه فقلت ما اغتبته قالا لي بلى حدثت نفسك بغيبته ومثلك لا يرضى منه بمثل هذا.
قال فانتبهت فزعا فمكثت ثلاثين يوما اقعد على باب المسجد لا اقوم الا لفرض انتظر ان يمر بي فاستحله.
فلما كان بعد الثلاثين مر بي على حاله والخرقتان عليه فوثبت إليه فغمز وغمزت خلفهفلما خفت ان يفوتني قلت يا هذا قف اكلمك قال فالتفت الي ثم قال يا إبراهيم وانت أيضاً ممن يغتاب المؤمنين بقلبه قال فسقطت مغشياً علي قال فافقت وهو عند راسي فقال اتعود قلت لا ثم غاب عن عيني فلم اره بعد ذلك.
347 عابد آخر قال الجنيد ارقت ليلة فرمت السكون فما وجدته ثم اجتهدت في قضاء ورد كان لي فلم اقدر ثم حرصت على دراسة شيء من القرآن فلم اقدر فوقع بي انزعاج شديد فأخذت ثوبي على كتفي ثم انصرفت وذاك آخر الليل.
فلما توسطت الدرب عثرت بإنسان ملتف في عباء فرفع راسه وقال إلى الساعة فقلت سيدي عن موعد تقدم فقال لا ولكن سألت محرك القلوب ان يحرك لي قلبك فقلت قد فعل حاجة قال نعم قلت ما هي قال يا أبا القاسم متى يكون الداء دواء فقلت إذا خالفت النفس هواها صار داؤها دواءها قال فتنفس وقال قد اجبتها بهذا الجواب الليلة سبع مرات فقالت لا أو اسمعه من جنيد ها قد سمعت منه ثم مضى فما رايته بعد ذلك.
348 عابد آخر عبيد الله بن عبد الله قال: كنت عند الجنيد يوم قدم أبو حفص النيسابوري فوثب إلأيه الجنيد وعانقه، فقال للجنيد: دعني من المعانقة، عندك شيء تطعمني؟ فقال له: أي شيء تومي؟ فعين له على شيء يطبخ فالتفت الجنيد إلى ابن زيري فقال: قد سمعت: فمضى ابن زيري فغاب ساعة ثم عاد ومعه ما أراد.
فقال الجنيد لأبي حفص: قد حضر ما ذكرت.
فقال: يا أخي قد أحببت أن أوثر به، أتساعدني؟ فقال له: أحب ما تحب.
فقال الجنيد لابن زيري: قد سمعت فأنفذه إلى مستحق فأقبل ابن زيري إلى الحمال فقال: أمش بين يدي وحيث أعييت فقف.
فمشى الحمال ساعة ووقف بين دارين فدق ابن زيري أقرب الدارين إلى الحمال فإذا نداء من داخل الدار: ادخل إن كان معك كذا كذا وإلا فلا، وعين على ما كان مع الحمال.
قال: ففتحت الباب فإذا شيخ قاعد وخيش مرسل على باب، فوضعت ما كان مع الحمال بين يدي الشيخ وصرفت الحمال وقعدت.
فقال لي: وراء هذا الخيش صبيان وبنات يحتاجون إلى هذا الطعام فقلت له: لا أنصرف أو تخبرني بالحال.
فقال: هؤلاء الصبيان يسألوني هذا الطعام منذ مدة ولم تسامح نفسي أنأسأل الله تعالى، فوجدت البارحة مسامحة أن أسأل فجعلت علامة إجابة الله إياي وجود المسامحة من السؤال، فلما دققت الباب علمت ما معك.
349 عابد آخر من بعض قرى بغداد بلغنا عن جنيد قال سمعت السري بن المغلس يقول ان في قرى بغداد لاولياء لا يعرفهم الخلق قال وكنت ادور في القرى لعلي اجد منهم واحداً فبينا أنا يوما في بعض القرى دخلت مسجدا ف رأيت فيه شابا ساكتا فتقدم الي وقال لي اتاذن ان اسالك مسالة فقلت هات فقال مسالة فسال مسالة من احوال القلب دقيقة فاجبته فقلت له يقع لك مثل هذه المسالة فقال كثير فقلت كيف تعمل قال أنا انسان قد لازمت هذا الموضع فإذا وقع لي مثل هذه المسالة قيض الله لي وليا مثلك فيجيبني فعلمت صدق قول السري.
350 عابد آخر أبو جعفر السقاء قال خرجت يوماً من بيتي في يوم مطير فإذا اسود مطروح على المزبلة مريض فجررته فادخلته إلى بيتي فلما امسينا دعاني فقال يا أبا جعفر لا تفسد ما صنعت اقعد عندي قال وفاح البيت بريح المسك وصار ريح جبتي وكسائي وجرتي وكوزي وكل شيء في البيت ريح المسك.
قال فقال اقعد عندي قال ثم قال بيده هكذا لا تضيق على جلسائي.
قال فسمعته يقول اندك اندك يا بار خداه ارفق بي يا مولاي قال ثم خرجت نفسه.
قال قلت ابيع كسائي ابيع جبتي فاشتري له كفنا قال فطرق بابي قريب من سبعين انسانا كل يقول يا أبا جعفر مات عندك انسان يحتاج إلى كفن.
351 عابد آخر عن أبي الحسن بن خيرون صاحب أبي بكر عبد العزيز قال لي أبو بكر عبد العزيز: كنت مع استاذي يعني أبا بكر الخلال وانا غلام مشتد فاجتمع جماعة يتذاكرون بعد عشاء الآخرة فقال بعضهم لبعض اليس مقبل يعني رجلا اسود كان ناطورا بباب حرب لنا مدة ما رايناه فقاموا يقصدونه وقال لي استاذي يعني الخلال لا تبرح احفظ الباب.
فتركتهم حتى مضوا واغلقت الباب وتبعتهم فلما بلغنا بعض الطريق قال استاذي هو ذاارى وراءنا شخصا آخر قفوا فقالوا لي من أنت فامسكت فزعا من استاذي فقال أحدهم لاستاذي بالله عليك الا تركته فتركني ومضيت معه فدخلنا إلى قراح فيها باذنجان مملوء والاسود قائم يصلي فسلموا وجلسوا إلى ان سلم وأخرج كيسا فيه يابسة وملح جريش قال كلوا فاكلوا وتحدثوا وأخذوا يذكرون كرامات الاولياء وهو ساكت.
فقال واحد من الجماعة يا مقبل قد زرناك فما تحدثنا بشيء فقال أي شيء أنا واي شيء عندي أحدثك أنا اعرف رجلا لو سال الله تعالى ان يجعل هذا القراح الباذنجان ذهبا لفعل.
فوالله ما استم الكلام حتى راينا القراح يتقد ذهبا فقال له استاذي يعني الخلال يا مقبل لأحد سبيل أن يأخذ من هذا القراح اصلا واحداً فقال له خذ وكان القراح مسقيا فأخذ استاذي الاصل فقلعه بعروقه وجميع ما فيه ذهبا فوقعت من الاصل باذنجانه صغيرة وشيء من الورق فأخذته وبقاياه معي إلى يومي.
قال ثم صلى ركعتين وسال الله تعالى فعاد القراح كما كان وعاد مكان ذلك الاصل اصل باذنجان آخر.
352 عابد آخر محمد بن داود الرقي قال كنت مارا ببغداد وإذا بعض الفقراء يمر في الطريق وإذا مغن يغني ويقول: امد كفي بالخضوع ... إلى الذي جاد بالصنيع قال فشهق الفقير شهقة خر ميتا.
قال المؤلف وقد رويت لنا عن الرقي عن غيره.
الحسين بن محمد قال سمعت الرقي يقول سمعت العسقلاني يقول كنت مارا ببغداد فإذا أنا ببعض الفقراء مارا في الطريق ومغن يغني ويقول: امد كفي بالخضوع ... إلى الذي جاد بالصنيع قال فشهق الفقير شهقة خر ميتا.
353 عابد آخر بلغنا عن أبي الصوفي قال دخلت في يوم عيد على بعض مشايخنا فرأيت عنده خلا وهندباء فاشتغل قلبي وخرجت فدخلت على بعض أهل الدنيا فاخبرته فدفع إلى صرة فيهادراهم وقال احملها إليه فقلت جئت بها لتستعين بها على وقتك قال وما الذي رأيت من حالي قلت له رأيت عندك خلا وهندبا فقال كانك افتقدت ذلك لو كان في بيتي امرأة كنت تفتقدها قم فوالله لا كلمتك شهرا.
فخرجت فضرب الباب في وجهي فسال الدم فاتيت الشبلي فقلت له يا أبا بكر رجل مشى في طاعة الله فانفتح وجهه ما سبب هذا فقال لعله اراد ان ياتي إلى شيء صاف يكدره.
354 عابد آخر عن أبي الحسين بن سمعون قال اجتزت يوما على الصراة ف رأيت امرأة تلتقط ورق البقل الذي ياتي على الماء فقلت لا شك ان هذه امرأة فقيرة.
فوقفت حتى رجعت فتبعتها فاتت إلى دار فدخلت فرجعت إلى بيتي فما استقر بي المنزل حتى اتاني خادم معه دنانير ودراهم فقال ادفع هذا إلى محتاج.
فأخذته وقمت فاتيت بيت المراة فطرقت الباب فخرج رجل من خواص مجلسي ومن الملازمين لي فلما راني قال ما لك هكذا فقلت جئتكم بهذه الدنانير تستعينون بها على الوقت فنظر الي مغضبا وقال يا شيخ تحدرنا من الدنيا وتاتينا بها ثم رد الباب في وجهي ودخل فرجعت منكسرا إلى بيتي.
ثم قلت في نفسي لا بد ان اعود إليه فاعتذر فاتيته في اليوم الثاني فطرقت الباب مرارا فلم يجبني أحداً وإذا امرأة من الجيران تقول ما لك يا رجل فقلت لها ما فعل أهل هذه الدار فقالت كان في هذه الدار رجل مع والدته وكنا نتبرك بهم فجاء بالامس شيطان فكلمهم بما كرهوا فانتقلوا عنا.
قال فعدت وانا شديد الحزن على ما فعلت وجعلت اتفقد مجلسي ولا ارى الرجل.
فلما كان يوم عرفة وانا اتكلم على الناس رايته في اوآخرهم فلما انقضى المجلس مضيت إليه وسلمت فرد علي وقال لا تعد ما فات ولا تقل شيئا فلولا اني اعتقد كلامك دواء لقلبي لم احضر وانما غبت عنك لانا انتقلنا إلى مكان آخر حتى لا نعرف فقلت ما اتيت الا معتذرا وما اعود ثم فارقته.