فهرس الكتاب

العلاء بن زياد بن مطر العدوي

509 العلاء بن زياد بن مطر العدوي عن أوفى بن دلهم قال: كان للعلاء بن زياد مال ورقيق فأعتق بعضهم وباع بعضهم وأمسك غلاماً أو اثنين يأكل غلتهما فتعبد فكان يأكل كل يوم رغيفين، وترك مجالسة الناس فلم يكن يجالس أحداً، يصلي في جماعة ثم يرجع إلى أهله ويجمع ثم يرجع إلى أهله، ويشيع الجنازة ويعود المرضى، ثم يرجع إلى أهله فطفئ فبلغ ذلك إخوانه فاجتمعوا فأتاه أنس بن مالك والحسن والناس وقالوا: رحمك الله أهلكت نفسك لا يسعك هذا.
فكلموه وهو ساكت، حتى إذا فرغوا من كلامهم قال: إنما أتذلل لله عز وجل لعله يرحمني.
عن حميد بن هلال قال: دخلت مع الحسن على العلاء بن زياد العدوي نعوده وقد سله الحزن، وكانت له أخت يقال لها شادة تندف تحته القطن غدوة وعشية.
فقال له الحسن: كيف أنت يا علاء؟ فقال: واحزناه على الحزن.
فقال الحسن: قوموا، فإلى هذا والله انتهى استقلال الحزن.
هشام بن زياد، أخو العلاء بن زياد، قال: كان العلاء بن زياد يحيي كل ليلة جمعو.
قال: وجد ليلة فترة فقال لامرأته أسماء: إني أجد فترة فإذا مضى كذا وكذا، فأيقظيني.
قالت: نعم.
فأتاه آت في منامه فأخذ بناصيته فقال: يا بن زياد قم فاذكر الله عز وجل يذكرك.
قال: فقام فما زالت تلك الشعرات التي أخذ بها منه قائمة حتى مات.
قتادة، عن العلاء بن زياد قال: إنما نحن قوم وضعنا أنفسنا في النار، فإن شاء الله أن يخرجنا منها أخرجنا.
عن قتادة قال: حدثنا العلاء بن زياد أن رجلاً كان يرائي بعمله فجعل يشمر ثيابه ويرفع صوته إذا قرأ فجعل لا يأتي على أحد إلا سبه ولعنه.
ثم رزقه الله تعالى يقيناً بعد ذلك فخفض من صوته وجل صلاته فيما بينه وبين ربه عز وجل، فجعل لا يأتي بعد ذلك على أحد إلا دعا له بخير.
عن قتادة قال: كان العلاء بن زياد يقول: لينزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت فاستقال ربه عز وجل فأقاله فليعمل بطاعة الله عز وجل.
عن قتادة قال: كان زياد بن مطر العدوي قد بكى حتى عمي، وبكى ابنه العلاء بن زياد بعده حتى عشي بصره، وكان إذا أراد أن يتكلم أو يقرأ أجهشه البكاء.
جعفر قال: سمعت مالك بن دينار يسأل هشام بن حسان العدوي عن هذا الحديث، فحدثناه يومئذ قال: تجهز رجل من أهل الشام وهو يريد الحج فنام فأتاه آت في منامه فقال له: ائت العراق، ثم ائت البصرة، ثم ائت بني عدي فأت العلاء بن زياد فإنه رجل ربعة أقصم الثنية بسام فبشره بالجنة.
قال فقال: رؤيا ليست بشيء.
قال: حتى إذا كانت الليلة الثانية رقد فأتاه آت فقال: ألا فأتي العراق؟ ثم تأتي البصرة ثم تأتي بني عدي فتلقى العلاء بن زياد؟ رجل ربعة أقصم الثنية بسام فبشره بالجنة، قال: فأصبح فأعد جهازه إلى العراق فلما خرج من البيوت إذا الذي أتاه في منامه يسير بين يديه يراه ما سار فإذا نزل فقده فلم يزل يراه حتى دخل الكوفة ثم فقده، قال: فتجهز من الكوفة فخرج فرآه يسير بين يديه حتى قدم البصرة فأتى بني عدي فوقف على باب العلاء فسلم، قال هشام: فخرجت إليه فقال لي: أنت العلاء بن زياد؟ قلت: لا، إنزل رحمك الله فتضع رحلك ومتاعك، قال: لا.
أين العلاء بن زياد؟ قال: قلت: هو في المسجد.
قال: وكان العلاء يجلس في المسجد يدعو بدعوات ويتحدث، قال هشام: فأتيت العلاء فخفف من حديثه وصلى ركعتين ثم جاء فلما رآه العلاء تبسم فبدت ثنيته فقال: هذا والله صاحبي.
قال: فقال العلاء: هلا حططت رحل الرجل؟ ألا أنزلته؟ قلت: قد قلت له فأبى.
فقالالعلاء: انزل رحمك الله.
قال: فقال أخلني.
قال لدخل العلاء منزله وقال: يا أسماء تحولي إلى البيت الآخر.
قال: فتحولت ودخل الرجل فبشره برؤياه ثم خرج فركب وقام العلاء فأغلق بابه فبكى ثلاثة أيام، أو قال سبعة أيام، لا يذوق فيها طعاماً ولا شراباً ولا يفتح بابه.
قال هشام: فسمعته يقول في خلال بكائه: أنا أنا؟ قال: فكنا نهابه أن نفتح بابه، وخشيت أن يموت.
فأتيت الحسن فذكرت ذلك له وقلت: لا أراه إلا ميتاً لا يأكل ولا يشرب باكياً، فجاء الحسن حتى ضرب عليه بابه وقال: افتح يا أخي.
قال: فلما سمع كلام الحسن قام ففتح بابه وبه من الضر شيء الله به عليم.
فكلمه الحسن ثم قال: رحمك الله ومن أهل الجنة إن شاء الله.
أفقاتل نفسك أنت؟.
قال هشام: حدثنا العلاء، أخي، لي وللحسن بالرؤيا وقال: لا تحدثوا بها ما كنت حياً.
أسند العلاء عن عمران بن حصين وأبي هريرة، وأرسل عن معاذ بن جبل وأبي ذر وعبادة بن الصامت وتوفي في ولاية الحجاج على العراق.