فهرس الكتاب

يونس بن عبيد

531 يونس بن عبيد يكنى أبا عبد الله.
مولى لعبد القيس.
رسته قال: سمعت زهيراً يقول: كان يونس بن عبيد خزازاً فجاء رجل يطلب ثوباً فقال لغلامه: انشر الرزمة.
فنشر الغلام الرزمة وضرب بيده عليها وقال: صلى الله على محمد.
ارفعه ارفعه، وأبى أن يبيعه مخافة أن يكون مدحه.
مؤمل بن إسماعيل قال: جاء رجل من أهل الشام إلى سوق الخزازين فقال مطرف: بأربعمائة.
فقال يونس بن عبيد: عندنا بمائتين.
فنادى مند بالصلاة فانطلق يونس إلى بني قشير ليصلي بهم.
فجاء وقد باع ابن أخيه المطرف من الشامي بأربعمائة.
فقال يونس: ما هذه الدراهم؟ قال: ذلك المطرف بعناه من هذا الرجل.
قال يونس: يا عبد الله المطرف الذي عرضت عليك بمائتي درهم، فإن شئت فخذه وخذ مائتين، وإن شئت فدعه.
قال: من أنت؟ قال: رجل من المسلمين.
قال: بل أسألك بالله من أنت وما اسمك؟ قال: يونس بن عبيد.
قال: فوالله إنا لنكون في نحر العدو فإذا اشتد الأمر علينا قلنا: اللهم رب يونس فرج عنا.
أو شبيه هذا.
فقال يونس: سبحان الله سبحان الله.
بشر بن المفضل قال: جاءت امرأة بمطرف خز إلى يونس بن عبيد فألقته إليه تعرضه عليه في السوق.
فنظر إليه فقال لها: بكم؟ قالت: بستين درهماً.
قال: فألقاه إلى جار له: كيف تراه بعشرين ومائة؟ قال: أرى ذلك ثمنه أو نحواً من ثمنه.
قال: فقال لها: اذهبي فاستأمري أهلك في بيعه بخمس وعشرين ومائة.
قالت: قد أمروني أن أبيعه بستين.
قال: ارجعي إليهم فاستأمريهم.
أسماء بن عبيد قال: سمعت يونس بن عبيد يقول: ليس شيء أعز من شيئين: درهم طيب ورجل يعمل على سنة.
قال: وسمعت يونس يقول: إنما هما درهمان، درهم أمسكت عنه حتى طال لك فأخذته، ودرهم وجب لله وجل عليك فيه حق فأديته.
جعفر بن برقان قال: بلغني عن يونس بن عبيد فضل وصلاح فكتبت إليه: يا أخي بلغني عنك فضل وصلاح فأحببت أن أكتب إليك، فاكتب إلي بما أنت عليه.
فكتب إلي: أتاني كتابك تسألني أن أكتب إليك بما أنا عليه، وأخبرك أني عرضت على نفسي أن تحب للناس ما تحب لها وأن تكره لهم ما تكره لها فإذا هي من ذلك بعيد ثم عرضت عليها مرة أخرى ترك ذكرهم إلا من خير فوجدت الصوم في اليوم الحار الشديد الحر بالهواجر بالبصرة أيسر عليها من ترك ذكرهم، هذا أمري يا أخي والسلام.
عن سلام بن أبي مطيع أو غيره قال: ما كان يونس بأكثرهم صلاة ولا صوماً ولكن لا والله ما حضر حق من حقوق الله عز وجل إلا وهو متهيئ له.
إسحاق بن إبراهيم قال: نظر يونس بن عبيد إلى قدميه عند موته فبكى فقيل له: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: قدماي لم تغبرا في سبيل الله عز وجل.
قال غسان: وحدثنا سعيد بن عامر عن يونس بن عبيد قال: إنك تكاد تعرف ورع الرجل في كلامه إذا تكلم.
مبارك بن فضالة عن يونس بن عبيد قال: لا تجد شيئاً من البر واحداً يتبعه البر كله غير اللسان فإنك تجد الرجل يكثر الصيام ويفطر على الحرام، ويقوم الليل ويشهد بالزور، وذكر شيئاً نحو هذا، ولكن لا تجده لا يتكلم إلا بحق فيخالف ذلك علمه أبداً.
غسان بن المفضل قال: حدثني بعض أصحابنا من البصريين قال: جاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقاً من حاله ومعاشه واغتماماً منه بذلك فقال له يونس: أيسرك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف؟ قال: لا.
قال: فسمعك الذي تسمع به يسرك به مائة ألف؟ قال: لا.
قال: فؤادك الذي تعقل به يسرك به مائة ألف؟ قال: لا.
قال: فيداك يسرك بهما مائة ألف؟ قال: لا.
فرجلاك؟ قال: فذكره نعم الله عز وجل عليه.
فأقبل عليه يونس فقال: أرى لك مئين ألوفاً وأنت تشكو الحاجة.
عن حماد بن زيد قال: شكا رجل إلى يونس بن عبيد وجعاً يجده في بطنه فقال له يونس: يا عبد الله هذه دار لا توافقك، فالتمس داراً توافقك.
عن جسر قال: دخلت على يونس بن عبيد فقال: منذ دخلت علينا قد مضى من آجالنا.
أمية بن بسطام قال: جاءت يونس بن عبيد امرأة بجبة خز فقالت له: اشترها فقال: بكم تبيعينها؟ قالت: بخمس مائة.
قال: هي خير من ذلك.
قالت: بستمائة.
قال: هي خير من ذلك.
فلم يزل يقول: هي خير من ذلك حتى بلغت ألفاً وقد بذلتها بخمس مائة.
قال أمية: وكان يونس بن عبيد يشتري الابرسيم من البصرة فيبعث به إلى وكيله بالسوس.
فكان وكيله يبعث إليه بالخز.
فإن كتب وكيله إليه: أن المتاع عندهم زائد لم يشتر منهم أبداً حتى يخبرهم أن وكيله كتب إليه أن المتاع عندهم زائد.
أمية قال: كان يونس بن عبيد إذا طلب المتاع أرسل وكيله بالسوس أن أعلم من تشتري منه أن المتاع يطلب.
وكلاماً ذا معناه.
أحمد بن سعيد الدارمي قال: سمعت النضر بن شميل وسعيد بن عامر يقولان: غلا الحرير.
وقال أحدهما: بالخز في موضع كان إذا غلا هناك غلا بالبصرة.
وكان يونس بن عبيد خزازاً علم بذلك فاشترى من رجل متاعاً بثلاثين ألفاً فلما كان بعد ذلك قال لصاحبه: هل كنت قد علمت أن المتاع قد غلا بأرض كذا وكذا؟ قال: لا ولو علمت لم أبع قال: هلم هلم إلى مالي وخذ مالك.
ورد عليه الثلاثين ألفاً.
عبيد الله بن سلام الباهلي قال: سمعت يونس بن عبيد يقول: لو أصبت درهماً حلالاً من تجارة لاشتريت به براً ثم صيرته سويقاً ثم سقيته المرضى.
ضمرة عن ابن شوذب قال: اجتمع يونس بن عبيد وعبد الله بن عون فتذاكروا الحلال.
فكلاهما يقول ما أرى في بيتي درهماً حلالاً.
سليمان بن المغيرة قال: سمعت يونس بن عبيد يقول: ما أعلم شيئاً أقل طيب ينفقه صاحبه في حق، أو أخ يسكن إليه في الإسلام وما يزدادان إلا قلة.
عن هشام بن حسان قال: ما رأيت أحداً يطلب بالعلم وجه الله عز وجل إلا يونس بن عبيد.
عن ضمرة عن ابن شوذب قال: سمعت يونس بن عبيد يقول: خصلتان إذا صلحتا من العبد صلح ما سواهما من أمره: صلاته ولسانه.
حماد بن زيد قال: مرض يونس بن عبيد فقال أيوب السخيتاني: ما في العيش بعدك من خير.
سكن الحرشي قال: جاءني يونس بن عبيد بشاة فقال: بعها وابرأ من أنها تقلب العلف وتنزع الوتد ولا تبرأ بعد ما تبيع بل قل لمن تبيع.
حماد بن سلمة قال: سمعت يونس بن عبيد يقول: ما أهم رجلاً كسبه إلا أهمه أين يضعه.
قال ابن عائشةك وثنا سعيد بن عامر قال: قال يونس بن عبيد: ما لي تضيع لي الدجاجة فأجد لها وتفوتني الصلاة فلا أجد لها.
منصور بن بشر قال: سمعت يونس بن عبيد يقول: ما من الناس أحد يكون لسانه منه على بال إلا رأيت ذلك صلاحاً في سائر عمله.
عن معاذ بن الأعلم عن يونس ابن عبيد قال: ما شبهت الدنيا إلا كرجل نائم في منامه ما يكره وما يحب، فبينما هو كذلك إذا انتبه.
بشر بن الحارث قال: قال يونس بن عبيد: إني لأعرف مائة خصلة من البر ما في منها واحدة.
حماد بن زيد قال: قال لنا يونس بن عبيد: احفظوا عني ثلاثاً مت أو عشت: لا يدخلن أحدكم على سلطان يعظه، ولا يخل بامرأة شابة وإن أقرأها القرآن، ولا يمكن سمعه من ذي هوى.
أسند يونس بن عبيد عن أنس بن مالك وروى كثيراً عن الحسن وابن سيرين وعطاء وعكرمة ونظرائهم، وتوفي في سنة تسع وثلاثين ومائة.
قيل سنة أربع وثلاثين.