فهرس الكتاب

عبد الله بن عون بن أرطبان

532 عبد الله بن عون بن أرطبان يكنى أبا عون مولى عبد الله بن ذرة المزني.
بكار قال: ما رأيت ابن عون بمازح أحداً ولا يماري أحداً.
وكان مشغولاً بنفسه.
وكان إذا صلى الغداة مكث مستقبلاً القبلة في مجلسه يذكر الله عز وجل فإذا طلعت الشمس صلى ثم أقبل على أصحابه وما رأيته شاتماً أحداً قط عبداً ولا أمة ولا دجاجة ولا شاة ولا رأيت أحداً أملك للسانه منه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً حتى مات.
وكان إذا توضأ لا يعينه أحد وكان طيب الريح لين الكسوة وكان إذا خلا في منزله إنما هو صامت لا يزيد على الحمد لله ربنا وما رأيته دخل حماماً قط وكان إن وصل إنساناً بشيء وصله سراً، وإن صنع شيئاً صنعه سراً يكره أن يطلع عليه أحد وكان له سبع يقرؤه كل ليلة فإذا لم يقرأه بالليلة أتمه بالنهار وكان لا يحفي شاربه وكان يأخذه أخذاً وسطاً.
سعيد بن عامر قال: لم تر بعينيك كوفياً ولا بصرياً مثل ابن عون يحيى القطان قال: ما ساد ابن عون الناس أن كان أتركهم للدنيا ولكن ابن عون إنما ساد الناس بحفظ لسانه.
معاذ بن معاذ قال: حدثني غير واحد من أصحاب يونس بن عبيد قال: إني لأعرف رجلاً منذ عشرين سنة يتمنى أن يسلم له يوم من أيام ابن عون فلا يقدر عليه، وليس ذلك أن يسكت رجل يوماً لا يتكلم، ولكن يتكلم فيسلم كنا يسلم ابن عون.
بكار بن محمد قال: صحبت ابن عون دهراً من الدهر حتى مات وأوصى إلى أبي، فما سمعته حالفاً على يمين برة ولا فاجرة حتى فرق بيننا الموت.
ابن مهدي قال: ما كان بالعراق أحد أعلم بالسنة من ابن عون.
أبو بكر بن أصرم قال: قيل لابن المبارك ابن عون بما ارتفع؟ قال: بالاستقامة.
عن خارجة، يعني ابن مصعب، قال: صحبت عبد الله يعني ابن عون أربعاً وعشرين سنة فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة.
محمد بن إسحاق الثقفي قال: سمعت محمد بن عبيد الله المنادي يقول: سمعت روحاً يعني اب عبادة يقول: ما رأيت رجلاً أعبد من ابن عون.
بكار بن محمد قال: كان ابن عون لا يغضب وإذا أغضبه الرجل قال: بارك الله فيك.
الأصمعي عن ابن عون قال: لو أن رجلاً انقطع إلى هؤلاء الملوك في الدنيا لانتفع فكيف بمن ينقطع إلى من له السموات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى؟.
أبو مالك بشر بن الحسن قال: نازع ابن عون رجل فقال: لولا أن يكتب علي لقلت.
حماد بن زيد عن ابن عون قال: كانت له حوانيت يكريها.
فكان لا يكريها من المسلمين.
فقيل له في ذلك فقال: إن لهذا إذا جاء رأس الشهر روعة وإني أكره أن أروع المسلم.
هشام بن حسان قال: حدثني من لم تر عيناي مثله فقلت في نفسي اليوم يستبين فضل الحسن وابن سيرين.
قال: فأشار بيده إلى ابن عون وهو جالس.
قال الربالي: فذكرته للخليل بن شبان فقال: سمعت عمر بن حبيب يقول: عثمان البتي يقول: ما رأت عيناي مثل ابن عون.
محمد بن عمر بن حرب قال: قال لنا بعض أصحابنا عن ابن عون أن نادته أمه فأجابها فعلا صوته صوتها فأعتق رقبتين.
قرة بن خالد قال: كنا نعجب من ورع ابن سيرين فأنساناه ابن عون.
أبو عاصم قال: سألت ابن عون فقلت: حدثني بهذا الحديث إن خف عليك.
فقال: لا تقل: إن خف.
فقلت له: لمه؟ قال: أكره أن أحدثك ولا يخف علي فيكون على خلاف ما سألت.
أبو بكر المروزي قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وذكر ابن عون، فقال: كان لا يكري دوره من المسلمين.
قلت: لأي علة؟ قال: لئلا يروعهم.
قال: وكان لابن عون جمل يستقي الماء فإذا غلام ابن عون قد ضرب الجمل فذهب بعينه فجاء الغلام وقد أرعب وظن أنهم قد شكوه.
فلما رآه قد أرعب قال: اذهب فأنت حر لوجه الله عز وجل.
أشعث بن سعيد قال: قال ابن عون: لن يصيب العبد حقيقة الرضا حتى يكون رضاه عند الفقر كرضاه عند الغنى، كيف تستقضي الله في أمرك ثم تسخط إن رأيت قضاءه مخالفاً لهواك ولعل ما هويت من ذلك لو وفق لك فيه هلكك، وترضى قضاءه إذا وافق هواك؟ ما أنصفت من نفسك ولا أصبت باب الرضا.
محمد بن عيسى قال: قدم ابن المبارك قدمة فقيل له: إلى أين تريد؟ قال: إلى البصرة.
قيل له: من بقي؟ قال: ابن عون آخذ من أخلاقه، آخذ من آدابه.
أدرك ابن عون أنس بن مالك وصحبه ويقال إنه أسند عنه وروى عن الحسن وابن سيرين وأبي رجاء العطاردي والقاسم بن محمد ومجاهد ونافع في آخرين.
محمد بن سعد قال: أخبرنا بكار قال: كان ابن عون في مرضه أصبر من أنت راء، ما رأيته يشكو شيئاً من علته حتى مات، ومات في رجب سنة إحدى وخمسين ومائة.