فهرس الكتاب

أبو عمرو الأوزاعي

ذكر المصطفين من أهل العواصم والثغور 790 أبو عمرو الأوزاعي واسمه عبد الرحمن بن عمرو، والأوزاع بطن من همدان.
كذلك ذكره محمد بن سعد.
وقال البخاري في تاريخه: الأوزاع: قرية بدمشق إذا خرجت من باب الفراديس.
ولد سنة ثمان وثمانين وسكن بيروت وبها مات.
يحيى بن عبد الملك بن أبي عتبة، قال: كتب الأوزاعي إلى أخ له: أما بعد، فإنه قد أحيط بك من كل جانب، واعلم أنه يسار بك في كل يوم وليلة فاحذر الله والمقام بين يديه، وأن يكون آخر عهدك به والسلام.
عباس بن الوليد قال: أخبرني أبي قال: سمعت الأوزاعي يقول: ليس ساعة من ساعات الدنيا إلا وهي معروضة على العبد يوم القيامة يوماً فيوماً وساعة فساعة، ولا تمر به ساعة لم يذكر الله فيها إلا وتقطعت نفسه عليها حسرات، فكيف إذا مرت به ساعة مع ساعة ويوم إلى يوم؟.
عن ضمرة عن الأوزاعي قال: الناس عندنا أهل العلم.
عن الهقل بن زياد، عن الأوزاعي أنه وعظ فقال في موعظته: أيها الناس، تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، فإنكم في دار الثواء فيها قليل وأنتم فيها مؤجلون خلائف من بعد القرون الذين استقبلوا من الدنيا أنفها وزهرتها فهم كانوا أطول منكم أعماراً وأمد أجساماً وأعظم آثاراً فخددوا الجبال وجابوا الصخور ونقبوا في البلاد مؤيدين ببطش شديد وأجسام كالعماد فما لبثت الأيام والليالي أن طوت مددهم وعفت آثارهم وأخوت منازلهم وأنست ذكرهم، فما تحس منهم من أحد ولا تسمع لهم ركزاً، كانوا بلهو الأمل آمنين لبيات قوم غافلين أو لصباح قوم نادمين، ثم إنكم قد علمتم الذي نزل بساحتهم بياتاً من عقوبة الله عز وجل فأصبح كثير منهم في ديارهم جاثمين وأصبح الباقون ينظرون في آثار نقمة وزوال نعمة ومساكن خاوية فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم وعبرة لمن يخشى، وأصبحتم من بعدهم من أجل منقوص وديناً مقبوضة في زمان قد ولى عفوه وذهب رخاؤه فلم تبق منه إلا حمة شر وصبابة كدر، وأهاويل عبر، وعقوبات غير وأرسال فتن، وتتابع زلازل ورذالة خلف بهم ظهر الفساد في البر والبحر، فلا تكونوا أشباهاً لمن خدعه الأمل وغر بطول الأجل وتبلغ بالأماني.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن وعي نذره وانتهى، وعقل سراه فمهد لنفسه.
عن موسى بن أعين قال: قال لي الأوزاعي: يا أبا سعيد كنا نمزح ونضحك فأما إذ صرنا يهتدي بنا ما أرى يسعنا التبسم.
بشر بن الوليد قال: رأيت الأوزاعي كأنه أعمى من الخشوع.
عبد الملك بن محمد قال: كان الأوزاعي لا يكلم أحداً بعد صلاة الفجر حتى يذكر الله فإن كلمه أحد أجابه.
أحمد بن أبي الحواري قال: بلغني أن نصرانياً أهدى إلى الأوزاعي جرة عسل وقال له: يا أبا عمرو، تكتب إلى والي بعلبك، فقال: إن شئت رددت الجرة وكتبت لك وإلا قبلت الجرة ولم نكتب لك.
قال: فرد الجرة وكتب له فوضع عنه ثلاثين ديناراً.
عن أبي أيوب الزيادي، عن الأوزاعي.
قال: العافية عشرة أجزاء، تسعة منها صمت، وجزء منها الهرب من الناس.
مروان بن محمد قال: قال الأوزاعي: من أطال قيام الليل هون عليه موقفه يوم القيامة.
قال أحمد: قال لي مروان: ما أحسب الأوزاعي أخذه إلا من هذه الآية: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً} الإنسان: 26 إلى قوله: {يَوْماً ثَقِيلاً} الإنسان: 27.
أبو حفص عمرو بن أبي سلمة، عن الأوزاعي قال: من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير، ومن علم أن منطقه من عمله قل كلامه.
يوسف بن موسى القطان يحدث أن الأوزاعي قال: رأيت رب العزة في المنام، فقال لي: يا عبد الرحمن أنت الذي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قلت: بفضلك يا رب.
فقلت: يا رب أمتني على الإسلام.
فقال: وعلى السنة.
المعافي بن عمران، عن الأوزاعي قال: كان يقال يأتي على الناس زمان أقل شيء في ذلك الزمان أخ مؤنس أو درهم من حلال أو عمل في سنة.
مسلمة بن علي، عن الأوزاعي قال: كان السلف إذا صدع الفجر أو قبله بشيء كأنما علىرؤوسهم الطير مقبلين على أنفسهم حتى لو أن حميماً لأحدهم غاب عنه حيناً ثم قدم ما التفت إليه، فلا يزالون كذلك حتى يكون قريباً من طلوع الشمس ثم يقوم بعضهم إلى بعض فيتحلقون، وأول ما يفيضون فيه أمر معادهم وما هم صائرون إليه ثم يتحلقون إلى الفقه والقرآن.
أسند الأوزاعي عن محمد بن علي بن الحسين، ويحيى بن أبي كثير، والزهري، ومحمد بن المنكدر وأبي الزبير وغيرهم.
وتوفي ببيروت سنة سبع وخمسين ومائة في خلافة أبي جعفر وهو ابن سبعين سنة.
كذلك قال محمد ابن سعد.
وقال علي بن المديني وتوفي الأوزاعي سنة إحدى وخمسين ومائة.
عن يزيد بن مذكور قال: رأيت الأوزاعي في منامي فقلت: يا أبا عمرو دلني على أمر أتقرب به إلى الله تعالى.
فقال لي: ما رأيت هناك درجة أرفع من درجة العلم.
فقلت: ثم من بعدها؟ قال: درجة المحزونين.