فهرس الكتاب

ذكر المصطفيات من عابدات الشام المجهولات الأسماء

ذكر المصطفيات من عابدات الشام المجهولات الأسماء 829 مولاة لأبي أمامة شامية عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثتني مولاة أبي أمامة قالت: كان أبو أمامة يحب الصدقة ويجمع لها، ولا يرد سائلاً ولو ببيضة، ولو بتمرة أو بشيء مما يؤكل، فأتاه سائل ذات يوم وقد أقفر من ذلك كله وما عنده إلا ثلاثة دنانير.
فسأله فأعطاه ديناراً.
ثم أتاه سائل فأعطاه ديناراً.
ثم أتاه سائل فأعطاه ديناراً.
قالت: فغضبت وقلت: لم تترك لنا شيئاً.
قالت: فوضع رأسه للقائلة.
قالت: فلما نودي الظهر أيقظته فتوضأ ثم راح إلى مسجده.
قالت: فرققت عليه وكان صائماً، فاقترضت ما جعلت له عشاء وسرجت له سراجاً وجئت إلى فراشه لأمهد له فإذا بذهب فعددتها فإذا ثلثمائة دينار.
قالت قلت: ما صنع الذي صنع إلا ولقد وثق بما خلف.
فأقبل بعد العشاء فلما رأى المائدة والسراج تبسم وقال: هذا خير من غيره.
قالت: فقمت على رأسه حتى تعشى، فقلت: رحمك الله خلفت هذه النفقة في سبيل مضيعة ولم تخبرني فأرفعها؟ قال: وأي نفقة؟ ما خلفت شيئاً.
قالت: فرفعت الفراش فلما أن رآه فرح واشتد تعجبه.
قالت: فقمت فقطعت زناري وأسلمت.
قال ابن جابر: فأدركتها في مسجد حمص وهي تعلم النساء القرآن والسنن والفرائض وتفقههن في الدين.
830 عابدة أخرى أحمد بن أبي الحواري يقول: بينا أنا ذات يوم في بلاد الشام في قبة من قباب المقابر ليس عليها باب، إلا كساء قد أسبلته.
فإذا أنا بامرأة تدق الحائط، فقلت: من هذا؟ قالت: امرأة ضالة، دلني على الطريق رحمك الله، قلت: عن أي الطريق تسألين؟ فبكت ثم قالت: عن طريق النجاة، قلت: هيهات، إن بيننا وبين طريق النجاة عقاباً وتلك العقاب لا تنقطع إلا بالسير الحثيث، وتصحيح المعاملة، وحذف العلائق الشاغلة من أمر الدنيا والآخرة.
قال: فبكت بكاءً شديداً ثم قالت: يا أحمد سبحان من أمسك عليك جوارحك فلم تنقطع، وحفظ عليك فؤادك فلم يتصدق، ثم خرت مغشياً عليها.
فقلت لبعض النساء: انظرن أي شيء حال هذه الجارية؟ فقمن إليها ففتشنها فإذا وصيتها في جيبها: كفنوني في أثوابي هذه فإن كان ليعند الله خير فهو أسور لي، وإن كان غير ذلك فبعداً لنفسي.
وحركوها فإذا هي ميتة.
فقلت: لمن هذه الجارية؟ قالوا جارية قرشية كانت تشكو إلينا وجعاً بجوفها فكنا نصفها لمتطيبي الشام، فكانت تقول: خلوا بيني وبين الطبيب الراهب، تعني أحمد بن أبي الحواري، أشكو إليه بعض ما أجد من بلائي، لعله يكون عنده شفائي.
831 عابدة أخرى محمد بن سعد التيمي قال: رأيت جارية سوداء في بعض مدن الشام وبيدها خوص تسفه، وهي تقول مع سفها: لك علم بما يجن فؤادي ... فارحم اليوم ذلتي وانفرادي فقلت: يا سوداء ما علامة المحب؟ فإذا رجل قد صرع بالقرب منها.
فنظرت إلي وإلى الرجل وقالت: يا بطال، علامة المحب الصادق لله في حبه أن يقول لهذا المجنون قم فيقوم.
فإذا الرجل قد قام وإذا الجنية تقول لها على لسانه: وحق صدق حبك لربك لا رجعت إليه أبداً.
انتهى ذكر أهل الشام بحمد الله ومنه.