فهرس الكتاب

ذكر المصطفين من عباد لم يعرفوا باسم ولا مكان

ذكر المصطفين من عباد لم يعرفوا باسم ولا مكان 996 عابد عن شقيق قال: كنت في زرع لي إذ أقبلت سحابة ترهيأ قال: فسمعت فيها صوتاً: أمطري زرع فلان قال: فأتيت الرجل فسألته: ما تصنع بزرعك؟ قال: أبذر ثلثه، وآكل ثلثه، وأتصدق بثلثه.
997 عابد آخر مضر القاري قال: كان رجل من العباد قلما ينام من الليل قال: فغلبته عينه ذات ليلة فنام عن جزئه، فرأى فيما يرى النائم كأن جارية وقفت عليه، كأن وجهها القمر المستتم قال ومعها رق فيه كتاب.
فقالت: أتقرأ أيها الشيخ؟ قلت: نعم.
قالت: فاقرأ هذا الكتاب.
قال فأخذته من يدها ففتحته فإذا فيه مكتوب: ألهتك لذة نومة عن خير عيش ... مع الخيرات في غرف الجنان تعيش مخلداً لا موت فيها ... وتنعم في الجنان مع الحسان تيقظ من منامك إن خيراً ... من النوم التهجد بالقرآن قال: فوالله ما ذكرتها قط إلا ذهب عني النوم.
998 عابد آخر عن البختري بن حارثة قال: دخلت على عابد مرة فإذا بين يديه نار قدأججها وهو يعاتب نفسه.
فلم يزل يعاتبها حتى مات.
999 عابد آخر عن رياح القيسي قال: كان عندنا رجل يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة حتى أعقد من رجليه.
وكان يصلي جالساً ألف ركعة فإذا صلى العصر احتبى واستقبل القبلة ويقول: عجبت للخليقة كيف أنست بسواك، بل عجبت للخليقة كيف استنارت قلوبهم بذكر سواك.
1000 عابد آخر عن ميمون بن سياه قال: كنت أنا وخالد الربعي ونفر من أصحابنا نذكر الله، فوقف علينا رجل أسود فقال: هل ذكرتم الموت فيما كنتم فيه؟ قلنا: إنا لنذكره كثيراً وما ذكرناه يومنا هذا،قال: فبكى وقال: لقد أغفلتم ما لا يغفلكم، ونسيتم ما تحصى عليكم الأنفاس لقدومه عليكم.
قال: ثم مال ليسقط وسانده رجل من القوم فخرجت نفسه وإنا لننظر إليه.
قال: فنظرنا لم نجد أحداً يعرفه.
قال: فغسلناه وحنطناه وكفناه ودفناه.
1001 عابد آخر أسلم بن عبد الملك، وكان شيئاً عجيباً، قال: صحب رجل رجلاً شهرين فلم يره نائماص بليل ولا نهار، فقال له: ما لي لا أراك تنام؟ قال: إن عجائب القرآن أطرن نومي، ما أخرج من أعجوبة إلا وقعت في غيرها.
1002 عابد آخر عبد الله بن داود قال: حدثني رجل منذ خمسين سنة أو نحو خمسين سنة قال: كان مملوك لامرأة فكان يصلي الليل كله، فقالت له: ليس تدعنا ننام الليل؟ فقال لها: لك النهار ولي الليل، إذا ذكرت النار طار نومي، وإذا ذكرت الجنة طال حزني.
1003 عابد آخر شعيب بن حرب قال: صحبني رجلان في سفينة فأخذ أحدهما حبة من حنطة فألقاها في فيه، فقال له صاحبه: مه أي شيء صنعت؟ قال: سهوت.
قال: لأن تأكلني السباع أحب إلي من أن أصحب رجلاً يسهو عن الله عز وجل.
قال: ثم قال: يا ملاح قرب.
قال: فخرج.
قال شعيب: فسمعنا زئير الأسد من الغيضة فما ندري ما حال الرجل.
قال شعيب: فالتفت إلي صاحبه فقال: إن هذا صاحبي منذ أربعين سنة أو نيف وأربعين سنة ما رأى علي زلة قبلها.
1004 عابد آخر عن أيوب الحمال قال: كان فتى ينتحل التوكل، وكان عزيزاً عند الأخذ من الناس، وكان إذا احتاج إلى قوته وجده موضوعاً.
فقيل له: احذر لا يكون الشيطان يخدعك.
فقال: أنا إلى الله تعالى ناظر ومنه آخذ ما رزقني، فإن كان عدوي قد سخر لي فلا فرج الله عنه، وأي شيء أحسن مني؟ يخدمني عدوي وأنا أسكن إلى الله عز وجل لا إليه.
1005 عابد آخر قال ممشاد الدينوري: رأيت في بعض أسفاري شيخاً توسمت فيه الخير.
فقلت له: يا سيدي كلمة تزودني بها.
قال: همتك فاحفظها فإن الهمة مقدمة الأشياء، فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له ما وراءها من الأعمال والأحوال.
1006 عابد آخر حيدرة بن عبيد قال: دخلنا على رجل من العباد نعوده فقلنا له: كيف تجدك؟ فقال: ذنوب كثيرة ونفس ضعيفة وحسنات قليلة وسفرة طويلة وغاية مهولة، قال: فقلنا: ما معك من الزاد لما ذكرت؟ قال: معي الأمل في السيد الكريم.
ثم قال: اللهم لا تقطع يمؤملك في تلك الغمرات، وارحمه في تلك الحيرة والحسرات إذا انخلعت القلوب يوم الندامات.
وجعل يتشهد حتى مات.
1007 عابد آخر عن أبي عبد الله الدينوري أنه كان يوماً جالساً فدخل عليه فقير عليه آثار الضر، قال: فطالبتني نفسي أن أجيئه بشيء، فهممت أن أرهن نعلي فمنعتني نفسي وقالت: كيف تتم لك طهارة مع الحفا؟ فقلت: أرهن ركوتي.
فمنعتني أيضاً وقالت: بأي شيء تتوضأ، فهممت أن أرهن منديلي فمنعتني وقالت: تبقى مكشوف الرأس.
فقلت وما في ذلك؟ وجعلت أراجعها في ذلك؟ فقام الفقير فشد وسطه وأخذ عصاه بيده ثم التفت إلي وقال: يا خسيس احفظ منديلك فإني خارج، فاعتقدت مع الله عز وجل أني لا آكل الخبز حتى ألقاه.
فقيل: إنه أقام ثلاثين سنة لم يأكل الخبز.