فهرس الكتاب

منصور بن المعتمر السلمي

ومن الطبقة الرابعة: 427 منصور بن المعتمر السلمي يكنى أبا عتاب.
عن زائدة بن قدامة قال: صام منصور بن المعتمر أربعين سنة قام ليلها وصام نهارها، وكان الليل يبكي فتقول له أمه: يا بني أقتلت قتيلاً؟ فيقول: أنا أعلم بما صنعت بنفسي قال: فإذا أصبح كحل عينيه ودهن رأسه وبرق شفتيه وخرج إلى الناس.
فأخذه يوسف بن عمر عامل الكوفة يريده على القضاء فامتنع.
قال: فجاءه خصمان فقعدا بين يديه فلم يسألهما ولم يكلمهما.
وقيل ليوسف بن عمر: إنك لو نثرت لحمه لم يل لك قضاء فخلى عنه.
قال المؤلف: هكذا في هذه الرواية صام أربعين سنة وفي رواية أخرى عن زائدة: صام سنة وفي رواية: صام ستين سنة.
أبو عوانة قال: لما أجلس منصور بن المعتمر في القضاء كان يأتيه الرجل فيقص عليه، فيقول: قد فهمت ما قلت ولا أدري ما الجواب فيه فكان يفعل ذلك فذكروا ذلك لابن هبيرة، وكان هو الذي ولاه.
فقال: هذا أمر لا يصلح إلا أن يعين عليه صاحبه بشهوة فتركه.
أبو بكر بن عياش قال: ربما كنت مع منصور في منزله جالساً فتصيح به أمه، وكانت فظة غليظة.
فتقول: يا منصور يريدك ابن هبيرة على القضاء فتأبى عليه؟ وهو واضح لحيته على صدره ما يرفع طرفه إليها.
حسن بن صالح قال: كان منصور في الديوان قال له إنسان: ناولني الطين أختم به.
قال: أرني كتابك حتى أنظر أي شيء فيه؟.
العلاء بن سالم العبدي قال: كان منصور، يعني ابن المعتمر، يصلي في سطحه.
فلما مات قال غلام لأمه: يا أماه الجذع الذي كان في سطح آل فلان ليس أراه.
قالت: يا بني ليس ذاك بجذع، ذاك منصور قد مات.
أبو بشر قال: كانت جارة لمنصور بن المعتمر، وكان لها ابنتان لا تصعدان السطح إلا بعد ما ينام الناس، فقالت إحداهما ذات ليلة: يا أمتاه، ما فعلت القائمة التي كنت أراها في سطح فلان؟ فقالت: يا بنية لم تكن تلك قائمة إنما كان منصور يحيي الليل كله في ركعة لا يسجد فيها ولا يركع.
قال أبو الأحوص: إن منصور بن المعتمر كان إذا جاء الليل اتزر وارتدى إن كان صيفاً، وإن كان شتاء التحف فوق ثيابه ثم قام إلى محرابه كأنه خشبة منصوبة حتى يصبح.
زائدة بن قدامة قال: كان منصور بن المعتمر إذا رأيته قلت: رجل قد أصيب بمصيبة منكس الطرف، منخفض الصوت، رطب العينين، إن حركته جاءت عيناه بأربع.
ولقد قالت له أمه يوماً: ما هذا الذي تصنع بنفسك؟ تبكي الليل عامته لا تكاد تسكت.
لعلك يا بني أصبت نفساً لعلك قتلت قتيلاً.
قال: فيقول: يا أماه أنا أعلم ما صنعت بنفسي.
عن سفيان قال: كانوا يقولون في ذلك الزمان: إن أطول أهل الكوفة تهجداً طلحة وزبيد وعبد الجبار بن وائل، قال الحميدي: فقلت: فمنصور؟ قال: نعم إنما كان الليل عنده مطية من المطايا متى شئت أصبته قد ارتحله.
سفيان بن عيينة، وذكر منصور بن المعتمر، فقال: قد كان عمش من البكاء.
عن الثوري قال: لو رأيت منصوراً يصلي لقلت يموت الساعة.
خلف بن تميم قال: سمعت أبي تميم بن مالك يقول: كان منصور بن المعتمر إذا صلى الغداة أظهر النشاط لأصحابه فيحدثهم ويكثر إليهم، ولعله إنما بات قائماً على أطرافه، كل ذلك ليخفي عليهم العمل.
عن أبي عمار قال: سمعت عطاء بن جبلة يقول: سألوا أم منصور بن المعتمر عن عمله، فقالت: كان ثلث الليل يقرأ، وثلثه يبكي وثلثه يدعو.
جرير قال: صام منصور وقام فكان يأكل فيرى الطعام في مجراه.
ابن عيينة قال: رأيت منصور بن المعتمر في المنام فقلت: ما فعل الله بك قال: كدت ألقى بعمل نبي.
قال سفيان: إن منصوراً أقام ستين سنة.
يقوم ليلها ويصوم نهارها.
قال المؤلف: أدرك منصور بن المعتمر أنس بن مالك، وروى عنه، ورأى ابن أبي أوفى، وروى عن جماعة من التابعين، كالأعمش، وسليمان التيمي، وأيوب السختياني.
وتوفي في سنة اثنتين وثلاثين ومائة.