فهرس الكتاب

عبد الله بن إدريس

452 عبد الله بن إدريس ابن يزيد بن عبد الرحمن أبو محمد الأودي.
عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي ذكر ابن إدريس فقال: كان نسيج وحده، وفي رواية أخرى عن أحمد أنه قال: رأيت عبد الله بن إدريس وعليه جبة لبود وقد أتى عليه الدهور والسنون.
الحسن بن الربيع قال: كنت عند عبد الله بن إدريس فلما قمت قال لي: سل عن سعر الأشنان.
فلما مشيت ردني وقال لي: لا تسأل فإنك تكتب عني الحديث وأنا أكره أن أسأل من يسمع عني الحديث حاجة.
حماد بن المؤمل قال: حدثني شيخ على باب بعض المحدثين قال: سألت وكيعاً عن مقدمه هو ابن إدريس وحفص على هارون الرشيد فقال: كان أول من دعا به أنا.
فقال لي هارون: يا وكيع إن أهل بلدك طلبوا مني قاضياً وسموك لي فيمن سموا، وقد رأيت أن أشركك في أمانتي فقلت: يا أمير المؤمنين أنا شيخ كبير وإحدى عيني ذاهبة والأخرى ضعيفة.
فقال هارون: اللهم غفراً.
خذ عهدك أيها الرجل وامض.
فقلت: يا أمير المؤمنين، والله لئن كنت صادقاً إنه لينبغي أن يقبل مني، ولئن كنت كاذباً فما ينبغي أن تولي القضاء كذاباً.
فقال: اخرج.
فخرجت.
ودخل ابن إدريس فسمعنا وقع ركبتيه على الأرض حين برك، وما سمعناه يسلم إلا سلاماً خفياً.
فقال له هارون: أتدري لم دعوتك؟ قال: لا.
قال: إن أهل بلدك طلبوا مني قاضياً، وإنهم سموك لي فيمن سموا.
وقد رأيت أن أشركك في أمانتي وأدخلك في صالح ما أدخل فيه من أمر هذه الأمة، فخذ عهدك وامض، فقال له ابن إدريس: وأنا وددت أني لم أكن رأيتك فخرج.
ثم دخل حفص فقبل عهده، فأتى خادم معه ثلاثة أكياس في كل كيس خمسة آلاف فقال لي: إن أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول لكم: قد لزمتكم في شخوصكم مؤونة فاستعينوا بهذه في سفركم.
قال وكيع: فقلت له أقرئ أمير المؤمنين السلام وقل له: قد وقعت مني بحيث يحب أمير المؤمنين وأنا مستغن عنها.
وأما ابن إدريس فصاح به: مر من ها هنا.
وقبلها حفص، وخرجت الرقعة إلى ابن إدريس من بيننا: عافانا الله وإياك، سألناك أن تدخل في أعمالنا فلم تفعل، ووصلناك من أموالنا لم تقبل، فإذا جاءك ابني المأمون فحدثه إن شاء الله.
فقال للرسول: إذا جاءنا مع الجماعة حدثناه إن شاء الله.
ثم مضينا فلما صرنا إلى الياسرية التفت ابن إدريس إلى حفص فقال: قد علمت أنك ستبلى، والله لا أكلمك حتى تموت فما كلمه حتى مات.
أبو بكر المروزي قال: سمعت علي بن شعيب يقول: لما قدم شعيب بن حرب على يوسف بن أسباط رأى عنده شاباً يكلم يوسف ويغلظ له، أو قال: رفع صوته، فقال له شعيب: ترفع صوتك؟ فقال له يوسف: يا أبا صالح إنه ابن إدريس، إنه يدري من أين يأكل؟.
أحمد بن إبراهيم قال: حدثني سهل بن محمود، عن عبد الله بن إدريس قال: لو أن رجلاً انقطع إلى رجل لعرف ذلك له، فكيف بمن له السموات والأرض.
محمد بن المنذر قال: حج الرشيد ومعه الأمين والمأمون، فدخل الكوفة فقال لأبي يوسف: قل للمحدثين يأتونا يحدثونا.
فلم يتخلف عنه من شيوخ الكوفة إلا اثنان: عبد الله بن إدريس، وعيسى بن يونس.
فركب الأمين والمأمون إلى عبد الله بن إدريس فحدثهما بمائة حديث.
فقال المأمون لعبد الله بن إدريس: يا عم أتأذن لي أن أعيدها عليك من حفظي؟ قال: افعل.
فأعادها عليه.
فعجب عبد الله.
فقال المأمون: يا عم: إلى جانب مسجدك دار إن أذنت لنا اشتريناها ووسعنا بها المسجد.
فقال: ما لي إلى هذا حاجة، قد أجزأ من كان قبلي وهو يجزئني فنظر إلى قرح في ذراع الشيخ، فقال: إن معنا متطببين وأدوية، أتأذن أن يجيئك من يعالجك؟ قال: لا، قد ظهر بي مثل هذا وبدأ.
فأمر له بمال فأبى أن يقبله.
حسين بن عمرو العنقزي قال: لما نزل بابن إدريس الموت بكت ابنته فقال: لا تبكي فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة.
سمع عبد الله بن إدريس من الأعمش وأبي إسحاق الشيباني وخلق كثير، وجمع بين العلم والزهد، ومولده سنة خمس عشرة ومائة.
وتوفي في سنة اثنتين وتسعين ومائة.