الثاني - الآحاد

الثاني - الآحاد: أ - تعريفها ب - أقسامها باعتبار الطرق مع التمثيل ج - أقسامها باعتبار الرتبة مع التمثيل د - ما تفيده. أ - الآحاد: ما سوى المتواتر. ب - وتنقسم باعتبار الطرق إلى ثلاثة أقسام: مشهور وعزيز وغريب. 1 - فالمشهور: ما رواه ثلاثة فأكثر، ولم يبلغ حد التواتر. مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" . 2 - والعزيز: ما رواه اثنان فقط. مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" . 3 - والغريب: ما رواه واحد فقط. مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ... " الحديث. فإنه لم يروه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولا عن عمر إلا علقمة بن وقاص، ولا عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولا عن محمد إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، وكلهم من التابعين ثم رواه عن يحيى خلق كثير. جـ - وتنقسم الآحاد باعتبار الرتبة إلى خمسة أقسام: صحيح لذاته، ولغيره، وحسن لذاته، ولغيره، وضعيف. 1 - فالصحيح لذاته: ما رواه عدل تام الضبط بسند متصل وسلم من الشذوذ والعلة القادحة. مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" . رواه البخاري ومسلم. وتعرف صحة الحديث بأمور ثلاثة: الأول: أن يكون في مصنف التزم فيه الصحة إذا كان مصنفه ممن يعتمد قوله في التصحيح "كصحيحي البخاري ومسلم". الثاني: أن ينص على صحته إمام يعتمد قوله في التصحيح ولم يكن معروفاً بالتساهل فيه. الثالث: أن ينظر في رواته وطريقة تخريجهم له، فإذا تمت فيه شروط الصحة حكم بصحته. 2 - والصحيح لغيره: الحسن لذاته إذا تعددت طرقه. مثاله: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "ابتع علينا إبلاً بقلائص من قلائص الصدقة إلى محلها" ؛ فكان يأخذ البعير بالبعيرين والثلاثة. فقد رواه أحمد من طريق محمد بن إسحاق، ورواه البيهقي من طريق عمرو بن شعيب، وكل واحد من الطريقين بانفراده حسن، فبمجموعهما يصير الحديث صحيحاً لغيره. وإنما سمِّي صحيحاً لغيره، لأنه لو نظر إلى كل طريق بانفراد لم يبلغ رتبة الصحة، فلما نظر إلى مجموعهما قوي حتى بلغها. 3 - والحسن لذاته: ما رواه عدل خفيف الضبط بسند متصل وسلم من الشذوذ والعلة القادحة. فليس بينه وبين الصحيح لذاته فرق سوى اشتراط تمام الضبط في الصحيح، فالحسن دونه. مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلّم: "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم" . ومن مظان الحسن: ما رواه أبو داود منفرداً به، قاله ابن الصلاح . 4 - والحسن لغيره: الضعيف إذا تعددت طرقه على وجه يجبر بعضها بعضاً، بحيث لا يكون فيها كذاب، ولا متهم بالكذب. مثاله: حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه وأخرجه الترمذي، قال في "بلوغ المرام": وله شواهد عند أبي داود وغيره، ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن. وإنما سمي حسناً لغيره؛ لأنه لو نظر إلى كل طريق بانفراده لم يبلغ رتبة الحسن، فلما نظر إلى مجموع طرقه قوي حتى بلغها. 5 - والضعيف: ما خلا عن شروط الصحيح والحسن. مثاله: حديث: "احترسوا من الناس بسوء الظن". ومن مظان الضعيف: ما انفرد به العقيلي، أو ابن عدي، أو الخطيب البغدادي، أو ابن عساكر في "تأريخه"، أو الديلمي في "مسند الفردوس"، أو الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" - وهو غير صاحب السنن - أو الحاكم وابن الجارود في "تأريخيهما". د - وتفيد أخبار الآحاد سوى الضعيف: أولاً: الظن وهو: رجحان صحة نسبتها إلى من نقلت عنه، ويختلف ذلك بحسب مراتبها السابقة، وربما تفيد العلم إذا احتفت بها القرائن، وشهدت بها الأصول. ثانياً: العمل بما دلت عليه بتصديقه إن كان خبراً، وتطبيقه إن كان طلباً. أما الضعيف فلا يفيد الظن ولا العمل، ولا يجوز اعتباره دليلاً، ولا ذكره غير مقرون ببيان ضعفه إلا في الترغيب والترهيب؛ فقد سهّل في ذِكْره جماعة بثلاثة شروط: 1 - أن لا يكون الضعف شديداً. 2 - أن يكون أصل العمل الذي ذكر فيه الترغيب والترهيب ثابتاً. 3 - أن لا يعتقد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قاله. وعلى هذا فيكون فائدة ذكره في الترغيب: حث النفس على العمل المرغب فيه، لرجاء حصول ذلك الثواب، ثم إن حصل وإلا لم يضره اجتهاده في العبادة، ولم يفته الثواب الأصلي المرتب على القيام بالمأمور. وفائدة ذكره في الترهيب تنفير النفس عن العمل المرهب عنه للخوف من وقوع ذلك العقاب، ولا يضره إذا اجتنبه ولم يقع العقاب المذكور.