فهرس الكتاب

هو الطهور ماؤه الحل ميتته

الحديث الرابع والثلاثون : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم في البحر : هو الطهور ماؤه الحل ميتته قلت : روي من حديث أبي هريرة ، ومن حديث جابر ، ومن حديث علي بن أبي طالب ، ومن حديث أنس ، ومن حديث عبد اللّه بن عمرو ، ومن حديث الفراسي ، ومن حديث أبي بكر . أما حديث أبي هريرة ،

فأخرجه أصحاب السنن الأربعة من طريق مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة العبدري عن أبي هريرة أن رجلاً سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : يا رسول اللّه إنا نركب البحر ، ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا ، أفنتوضأ من البحر ؟ فقال عليه السلام : هو الطهور ماؤه الحل ميتته ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث ، فقال : حديث صحيح ، انتهى . ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع الثالث والثلاثين ، من القسم الرابع ، والحاكم في مستدركه ، وقال :

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه . ومسنده أخبرنا حماد بن خالد عن مالك بن أنس به أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : البحر الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى . وهو لفظ غريب ، قال الشيخ تقي الدين في الإمام : وهذا الحديث يعلّ بأربع علل : أحدها : جهالة سعيد بن سلمة . والمغيرة بن أبي بردة ، وقالوا : لم يرو عن المغيرة بن أبي بردة إلا سعيد بن سلمة ، ولا عن سعيد بن سلمة ، إلا صفوان بن سليم ، قال : وجوابه : أن سعيد بن سلمة قد روى عنه غير صفوان ، وهو الجلاح أبو كثير ، ورواه عن الجلاح يزيد بن أبي حبيب ، وعمرو بن الحارث # ، أما رواية عمرو فمن طريق ابن وهب ، وأما رواية يزيد ، فمن طريق الليث بن سعد عنه أخرجها كلها البيهقي في سننه الكبير وأما المغيرة بن أبي بردة ، فقد روى عنه يحيى بن سعيد ، ويزيد بن محمد القرشي ، إلا أن يحيى بن سعيد اختلف عليه فيه ، ورواية يزيد بن محمد رواها أحمد بن عبيد الصفار صاحب المسند ، ومن جهته أخرجها البيهقي ، فتلخص أن المغيرة بن أبي بردة روى عنه ثلاثة : يحيى بن سعيد . ويزيد بن محمد . وسعيد بن سلمة ، وأن سعيد بن سلمة روى عنه صفوان بن سليم . والجلاح ، وبطلت دعوى من ادعى انفراد سعيد عن المغيرة ، وانفرد صفوان عن سعيد . العلة الثانية : أنهم اختلفوا في اسم سعيد بن سلمة ، فقيل : هذا ، وقيل : عبد اللّه بن سعيد ، وقيل : سلمة بن سعيد ، وأصحهما سعيد بن سلمة ، لأنها رواية مالك مع جلالته ، وهذا مع وفاق من وافقه ، والاسمان الآخران من رواية محمد بن إسحاق . العلة الثالثة : الإرسال ، قال ابن عبد البر : ذكر ابن أبي عمر والحميدي . والمخزومي عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة : أن ناساً من بني مدلج أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الحديث ، قال : وهذا مرسل لا يقوم بمثله حجة ، ويحيى بن سعيد أحفظ من صفوان بن سليم ، وأثبت من سعيد بن سلمة ، قال الشيخ : وهذا مبني على تقديم إرسال الأحفظ على إسناد من دونه ، وهو مشهور في الأصول . والعلة الرابعة : الاضطراب ، فوقع في رواية محمد بن إسحاق عبد اللّه بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، هكذا هو في مسند الدارمي ووقع في رواية عنه : سلمة بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وأما رواية يحيى بن سعيد ، فقيل عنه : عن المغيرة بن أبي بردة عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، هذه رواية أبي عبيد القاسم بن سلام عن هشيم عن يحيى ، ورواه بعضهم عن هشيم ، فقال فيه المغيرة بن أبي برزة فقال : وهم فيه ، وإنما هو المغيرة بن أبي بردة . وهشيم ربما وهم في الإسناد ، وهو في المقطعات أحفظ ، قال الشيخ : وهذا الوهم إنما يلزم هشيماً إذا اتفقوا عليه فيه ، فأما وقد رواه أبو عبيد عن هشيم على الصواب ، فالوهم ممن رواه عن هشيم ، على ذلك الوجه ، وقيل فيه : عن المغيرة بن عبد بن عبد أن رجلاً من بني مدلج ، أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وقيل : عن عبد اللّه بن المغيرة بن أبي بردة أن رجلاً من بني مدلج ، وفي رواية عبد اللّه بن المغيرة عن رجل من بني مدلج ، وقيل : عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبيه عن رجل من بني مدلج ، قال البيهقي في كتاب المعرفة : هذا حديث أودعه مالك بن أنس كتاب الموطأ ورواه أبو داود . وأصحاب السنن . وجماعة من أئمة الحديث في كتبهم محتجين به ، وصححه البخاري فيما رواه الترمذي عنه ، وإنما لم يخرجه البخاري . ومسلم في صحيحيهما لاختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة . والمغيرة بن أبي بردة ، وكذلك قال الشافعي : في إسناده من لا أعرفه ، ولا يضر اختلاف من اختلف عليه فيه ، فإن مالكاً قد أقام إسناده عن صفوان بن سليم ، وتابعه الليث بن سعد عن يزيد عن الجلاح ، كلاهما عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة ، ثم يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فصار الحديث بذلك صحيحاً ، واللّه أعلم ، انتهى . وقال في السنن الكبيرة قد تابع يحيى بن سعيد الأنصاري . ويزيد بن محمد القرشي سعيداً على روايته ، إلا أنه اختلف فيه على يحيى بن سعيد ، فروى عنه عن المغيرة بن أبي بردة عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وروي عنه عن عبد اللّه بن المغيرة بن أبي بردة أن رجلاً من بني مدلج ، وروي عنه عن المغيرة بن عبد اللّه عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وعنه عن المغيرة بن عبد اللّه عن أبيه ، وقيل : غير هذا ، واختلفوا أيضاً في اسم سعيد بن سلمة ، فقيل : كما قال مالك ، وقيل : عبد اللّه بن سعيد المخزومي ، وقيل : سلمة بن سعيد ، وهو الذي أراد الشافعي بقوله : في إسناده من لا أعرفهُ أو المغيرة . أو هما ، إلا أن الذي أقام إسناده ثقة ، وهو مالك رحمه اللّه ، انتهى . ولما روى الحاكم في المستدرك هذا الحديث ذكر ما فيه من المتابعات ، ثم قال : اسم الجهالة مرفوع عنها بهذه المتابعات ، وقال ابن منده : اتفاق صفوان . والجلاح يوجب شهرة سعيد بن سلمة ، واتفاق يحيى بن سعيد . وسعيد بن سلمة عن المغيرة يوجب شهرته ، فصار الإسناد مشهوراً ، وبهذا يرتفع جهالة عينهما ، انتهى . وفي كتاب المزّي توثيقهما . فزالت جهالة الحال أيضاً ، ولهذا صححه الترمذي ، وحكى عن البخاري تصحيحه ، واللّه أعلم . وأما حديث جابر ،

فرواه ابن ماجه في سننه من طريق أحمد بن حنبل ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد حدثني إسحاق بن حازم عن عبيد اللّه بن مقسم عن جابر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سئل عن ماء البحر فقال : هو الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى . ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع الثالث والثلاثين ، من القسم الرابع . والحاكم في المستدرك رواه من حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر ، وسكت عنه ، ورواه الدارقطني في سننه . وأحمد في مسنده بسند ابن ماجه . وأما حديث علي بن أبي طالب ، فرواه الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه مرفوعاً نحوه ، سواء ، وسكت الحاكم عنه . وأما حديث أنس ، فرواه عبد الرزاق في مصنفه والدارقطني في سننه أخبرنا الثوري عن أبان بن أبي عياش عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم مثله ، قال الدارقطني : وأبان متروك . وأما حديث ابن عباس ، فرواه الدارقطني أيضاً من حديث موسى بن سلمة عن ابن عباس مرفوعاً نحوه ، ثم قال : والصواب موقوف ، ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه . وأما حديث عبد اللّه بن عمرو ، فأخرجه الدارقطني أيضاً من جهة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً نحوه ، ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه . وأما حديث أبي بكر الصديق ، فرواه الدارقطني أيضاً من حديث عبد العزيز عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد اللّه عن أبي بكر الصديق أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سئل عن ماء البحر ، الحديث . وفي سنده عبد العزيز بن عمران ، وهو ابن أبي ثابت . قال الذهبي : مجمع على ضعفه ، ثم أخرجه عن عبيد اللّه بن عمر عن عمرو بن دينار عن أبي الطفيل عن أبي بكر موقوفاً ، قال الذهبي : وهذا سند صحيح ، انتهى . ورواه ابن حبان في كتاب الضعفاء من حديث السري بن عاصم الهمداني # عن محمد بن عبيد عن عبيد اللّه بن عمر به مرفوعاً ، وأعله بالسري ، وقال : إنه يسرق الحديث ويرفع الموقوف ، لا يحل الاحتجاج به ، وإنما هو من قول أبي بكر الصديق ، فأسنده ، انتهى . وأما حديث الفراسي ، فرواه ابن عبد البر في التمهيد حدثنا خالد بن القاسم ثنا أحمد بن الحسن الرازي ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج القطان ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكير ثنا الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي أنه حدث أن الفراسي ، قال : كنت أصيد في البحر الأخضر على أرماث ، وكنت أحمل قربة لي فيها ماء ، فإذا لم أتوضأ من القربة رفق ذلك بي وبقيت لي ، فجئت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقصصت ذلك عليه ، فقال : هو الطهور ماؤه الحل ميتته ، انتهى . قال عبد الحق في أحكامه : حديث الفراسي هذا لم يروه فيما أعلم إلا مسلم بن مخشي ، ومسلم بن مخشي لم يرو عنه فيما أعلم إلا بكر بن سوادة انتهى . قال ابن القطان في كتابه : وقد خفي على عبد الحق ما فيه من الانقطاع ، فإن ابن مخشي لم يسمع من الفراسي ، وإنما يرويه عن ابن الفراسي عن أبيه ، ويوضح ذلك ما حكاه الترمذي . في عللّه قال : سألت محمد بن إسماعيل عن حديث ابن الفراسي في ماء البحر ، فقال : حديث مرسل لم يدرك ابن الفراسي النبي صلى اللّه عليه وسلم والفراسي له صحبة ، قال : فهذا كما تراه يعطي أن الحديث يروى عن ابن الفراسي أيضاً عن النبي صلى اللّه عليه وسلم لا يذكر فيه الفراسي ، فمسلم بن مخشي إنما يروي عن الابن ، وروايته عن الأب مرسلة ، انتهى . قلت : حديث ابن الفراسي

رواه ابن ماجه في سننه حدثنا سهل بن أبي سهل ثنا يحيى بن بكير حدثني الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي ، قال : كنت أصيد ، وكانت لي قربة أجعل فيها ماءاً وإني توضأت بماء البحر ، فذكرت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : هو الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى . ما ورد في طهورية الماء المستعمل روى الدارقطني ، ثم البيهقي من حديث عبد اللّه بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ أن النبي صلى اللّه عليه وسلم مسح رأسه بماء فضل في يديه ، وفي لفظ : ببلل في يديه ، قال البيهقي : وابن عقيل هذا لم يكن بالحافظ ، وأهل العلم يختلفون في الاحتجاج به ، انتهى . ونقل الترمذي عن البخاري ، قال : كان أحمد بن حنبل . وإسحاق بن راهويه . والحميدي يحتجون بحديثه ، قال البخاري : وهو مقارب الحديث ، قال في الإمام : وليس فيه تصريح بأن الماء كان مستعملاً ، لكن رواه الأثرم في كتابه ولفظه أنه عليه السلام مسح بماء بقي من ذراعيه ، قال : وهذا أظهر في المقصود ، قال البيهقي في سننه : وقد روى معنى هذا من حديث علي . وابن عباس . وابن مسعود . وأبي الدرداء . وعائشة . وأنس بن مالك ، ذكرناها في الخلافيات ولا يصح منها شيء لضعف أسانيدها ، أما حديث علي فرواه من حديث محمد بن عبيد اللّه العرزمي عن الحسن بن سعد عن أبيه عن علي مرفوعاً ، قال البيهقي : والعرزمي متروك ، وحديث ابن عباس من جهة سليمان بن أرقم عن الزهري عن عبيد اللّه عن ابن عباس ، قال النسائي . والدارقطني في سليمان : متروك ، وحديث ابن مسعود من جهة يحيى بن عنبسة عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد اللّه ، ويحيى بن عنبسة كذبه الدارقطني ، وقال ابن عدي : يروي عن الثقات الموضوعات ، ليس بشيء ، وحديث عائشة من جهة عطاء بن عجلان عن ابن أبي ملكية عن عائشة ، وعطاء بن عجلان ، قال النسائي . والرازي : متروك ، وحديث أبي الدرداء من جهة تمام بن نجيح عن الحسن عن أبي الدرداء ، وتمام بن نجيح ، قال البيهقي : غير محتج به ، وحديث أنس من جهة المتوكل بن فضيل عن أبي ظلال عن أنس ، وذكر الدارقطني أن المتوكل بن فضيل بصري ضعيف ، انتهى . حديث آخر

أخرجه ابن ماجه في سننه عن المستلم بن سعيد عن أبي علي الرحبي عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم اغتسل من جنابة ، فرأى لمعة لم يصبها الماء ، فقال : بجمته ، فبلها عليه ، قال إسحاق في حديثه : فعصر شعره عليها ، انتهى . وأبو علي الرحبي حسين بن قيس ، يلقب بحنش قال أحمد . والنسائي . والدارقطني : متروك ، وقال أبو زرعة : ضعيف . ما ورد في طهارة الماء المستعمل

روى البخاري في صحيحه من حديث محمد بن المنكدر ، عن جابر ، قال : مرضت مرضاً فأتاني النبي صلى اللّه عليه وسلم يعودني . وأبو بكر ، وهما ماشيان ، فوجداني قد أغمي علي ، فتوضأ النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم صب وضوءه عليَّ ، فأفقت ، فإذا النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقلت : يا رسول اللّه كيف أصنع في مالي ، كيف أقضي في مالي ؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث ، انتهى . في الخلاصة متفق عليه . حديث آخر

روى الترمذي في كتابه من حديث رشدين بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عتبة بن حميد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل ، قال : رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه ، انتهى . وقال : حديث غريب ، وإسناده ضعيف ، ورشدين بن سعد . وعبد الرحمن بن زياد يضعفان في الحديث ، انتهى . وأخرجه البيهقي وقال : إسناده ليس بالقوي . حديث آخر

أخرجه الترمذي أيضاً عن أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت : كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خرقة ينشف فيها بعد الوضوء ، انتهى . وقال : حديث ليس بالقائم ، ولا يصح في هذا الباب شيء ، وأبو معاذ يقولون : إنه سليمان بن أرقم ، وهو ضعيف عند أهل الحديث ، انتهى . حديث آخر

أخرجه ابن ماجه في سننه عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن سلمان الفارسي : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم توضأ ، فقلب جبة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه ، انتهى . والوضين بن عطاء وثقه أحمد ، وقال ابن معين : لا بأس به . ما ورد في عدم طهارته

روى مسلم في صحيحه من حديث أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب ، فقال : كيف يفعل يا أبا هريرة ؟ قال : يتناوله تناولاً ، انتهى .

ورواه البيهقي من حديث محمد بن عجلان ، قال : سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا يبولنَّ أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة ، انتهى .

ورواه البيهقي من حديث محمد بن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أنه عليه السلام نهى أن يبال في الماء الدائم ، وأن يغتسل فيه من الجنابة ، انتهى ومحمد بن عجلان . وأبوه أخرج لهما مسلم ، واستشهد بهما البخاري ، واللّه أعلم .

ما ورد في الماء المشمس ورد مرفوعاً من حديث عائشة . ومن حديث أنس وموقوفاً على عمر . أما حديث عائشة ، فله خمس طرق : أحدها : عند

الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن خالد بن إسماعيل عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : أسخنت ماءاً لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الشمس ليغتسل به ، فقال لي : يا حميراء لا تفعلي ، فإنه يورث البرص ، انتهى . قال الدارقطني : خالد بن إسماعيل متروك ، وقال ابن عدي : يضع الحديث على ثقات المسلمين . الثانية : عند ابن حبان في كتاب الضعفاء عن أبي البختري وهب بن وهب عن هشام به ، قال ابن عدي : هو شر من خالد . الثالثة : عند الدارقطني عن الهيثم بن عدي عن هشام به ، قال النسائي والرازي : الهيثم بن عدي متروك ، ونقل ابن الجوزي عن ابن معين أنه قال : كان يكذب . الرابعة :

عند الدارقطني عن عمرو بن محمد الأعسم عن فليح عن عروة عن عائشة ، قالت : نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يتوضأ بالماء المشمس أو يغتسل به ، وقال : إنه يورث البرص ، انتهى . قال الدارقطني : عمرو بن محمد الأعسم منكر الحديث ، ولم يروه عن فليح غيره ، ولا يصح عن الزهري ، وأغلظ ابن حبان في عمرو بن محمد الأعسم القول ، وذكر ابن الجوزي هذا الحديث من هذه الطرق الأربعة في الموضوعات . الطريق الخامس :

رواه الدارقطني في كتابه غرائب مالك من حديث إسماعيل بن عمرو الكوفي عن ابن وهب عن مالك عن هشام به ، ولفظه : قالت : سخنت لرسول الله صلى اللّه عليه وسلم ماءاً في الشمس يغتسل به ، فقال : لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص انتهى . قال الدارقطني : هذا باطل عن مالك ، وعن ابن وهب ، ومن دون ابن وهب ضعفاء ، وإنما رواه خالد بن إسماعيل المخزومي ، وهو متروك عن هشام ، انتهى . وإلى هذه الطريق أشار البيهقي في سننه فقال : وروي بإسناد آخر منكر عن ابن وهب عن مالك عن هشام ، ولا يصح ، انتهى . طريق آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن محمد بن مروان السدّي عن هشام بن عروة عن أبيه به ، وقال : لم يروه عن هشام إلا محمد بن مروان ، ولا يروى عن النبي إلا بهذا الإِسناد ، انتهى . وَوَهَم في ذلك . وأما حديث أنس ،

فرواه العقيلي في كتاب الضعفاء من حديث علي بن هشام الكوفي ثنا سوادة عن أنس أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : لا تغتسلوا بالماء الذي يسخن في الشمس فإنه يعدي من البرص ، انتهى . قال العقيلي : وسوادة عن أنس مجهول ، وحديثه غير محفوظ ، ولا يصح في الماء الشمس حديث مسند ، إنما هو شيء يروى من قول عمر ، انتهى . ومن طريق العقيلي رواه ابن الجوزي في الموضوعات ونقل كلامه بحروفه ، وأما موقوف عمر ، فرواه الشافعي : أخبرنا إبراهيم بن محمد الأسلمي ، أخبرني صدقة بن عبد اللّه عن أبي الزبير عن جابر أن عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس ، وقال : إنه يورث البرص ، انتهى . ومن طريق الشافعي ، رواه البيهقي . طريق آخر أخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي عن إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن حسان بن أزهر ، قال : قال عمر : لا تغتسلوا بالماء المشمس ، فإنه يورث البرص ، انتهى . وصفوان بن عمرو حمصي ، ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين صحيحة ، وقد تابعه المغيرة بن عبد القدوس ، فرواه عن صفوان به ، رواه ابن حبان في كتاب الثقات في ترجمة حسان بن أزهر واللّه أعلم . وسند الشافعي فيه الأسلمي ، قال البيهقي في المعرفة : قال الشافعي : كان قدرياً ، لكنه كان ثقة في الحديث ، فلذلك روى عنه ، انتهى . وصدقة بن عبد اللّه هو السمين قال البيهقي في سننه في باب زكاة العسل ضعفه أحمد . وابن معين . وغيرهما ، انتهى .

ما ورد في الماء المسخن

روى البيهقي في سننه والطبراني في معجمه من حديث العلاء بن الفضل بن موسى المنقري ثنا الهيثم بن رزيق عن أبيه عن الأسلع بن شريك ، قال : كنت أرحل ناقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأصابتني جنابة في ليلة باردة ، وأراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الراحلة ، فكرهت أن أرحل ناقته وأنا جنب ، وخشيت أن أغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض ، فأمرت رجلاً من الأنصار فرحلها ، ووضع أحجاراً فأسخنت بها ماءاً فاغتسلت ، ثم لحقت برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ، فقال : يا أسلع ما لي أرى راحلتك تضطرب ؟ فقلت : يا رسول الله لم أرحلها ، ولكن رحلها رجل من الأنصار ، قال : ولم ؟ قلت : أصابتني جنابة فخشيت القر على نفسي ، فأمرته أن يرحلها ، ووضعت أحجاراً ، فأسخنت ماءاً فاغتسلت به ، فأنزل اللّه تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى } إلى قوله تعالى { عَفُوًّا غَفُورًا } انتهى . قال الذهبي في مختصر سنن البيهقي : تفرد به العلاء بن الفضل ، وليس بحجة ، انتهى . حديث آخر موقوف أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن علي بن غراب عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر أنه كان يسخن له ماء في قمقمة ثم يغتسل به ، قال الدارقطني : إسناده صحيح ، انتهى . وفيه رجلان تكلم فيهما : أحدهما : علي بن غراب ، فممن وثقه الدارقطني وابن معين ، وممن ضعفه أبو داود . وغيره ، وقال الخطيب : تكلموا فيه لمذهبه ، فإنه كان غالياً في التشيع . والآخر : هشام بن سعد ، فهو وإن أخرج له مسلم فقد ضعفه النسائي ، وعن ابن حنبل أنه ذكر له ، فلم يرضه ، وقال : ليس بمحكم للحديث . قوله : في الكتاب : لأن الميت يغسل بالماء الذي أغلى فيه السدر ، بذلك وردت السنة قلت : غريب ، ولم يحسن شيخنا علاء الدين ، إذ استشهد لهذا بحديث الذي وقصته راحلته ، وفيه : فقال : اغسلوه بماء وسدر ، والذي قلده الشيخ اعتذر ، فقال بعد أن ذكره : وليس في الحديث أن الماء أغلى بالسدر ، فيقال له : فأي فائدة في ذكره ؟ قوله : وقال مالك : يجوز ما لم يتغير أوصافه ، لما روينا ، قلت : يشير إلى حديث الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه . أو طعمه . أو ريحه وقد تقدم قريبا . ومما يستدل به على ذلك مالك ، حديث المستيقظ ، رواه أصحاب الكتب الستة ، ووجهه أنه نهى أن يغمس يده في الإناء عند التوهم ، فأولى عند التحقيق ، وبحديث أبي هريرة لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب فقال : كيف يفعل ؟ قال : يتناوله تناولاً ، رواه مسلم هكذا بهذا اللفظ ، ورواه البيهقي بسند على شرط مسلم أنه عليه السلام نهى أن يبال في الماء الدائم ، وأن يغتسل فيه من الجنابة ، انتهى . ورواه أبو داود . وابن ماجه كذلك ، ولفظهما : لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة ، انتهى .