فهرس الكتاب

حديث النهي الوارد عن الانتفاع من الميتة بإهاب

الحديث الأربعون : حديث النهي الوارد عن الانتفاع من الميتة بإهاب ، قلت :

رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد اللّه بن عكيم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كتب إلى جهينة قبل موته بشهر : أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ، ولا عصب ، انتهى . أخرجه النسائي في الذبائح ، والباقون في اللباس ، قال الترمذي : حديث حسن ، وقد روى عن عبد اللّه بن عكيم عن أشياخ له ، قال : وسمعت أحمد بن الحسن يقول : كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث قبل وفاته بشهرين ، ويقول : كان هذا آخر أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده ، انتهى .

ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع السادس والمائة ، من القسم الثاني ، من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد اللّه بن عكيم الجهني ، قال : قرئ علينا كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ونحن بأرض جهينة أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ، انتهى . ثم

رواه عن ابن أبي ليلى أيضاً عن عبد اللّه بن عكيم ثنا مشيخة لنا من جهينة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كتب إليهم أن لا تستمتعوا من الميتة بشيء ، انتهى . قال : وهذا ربما أوهم عالَماً ، أن الخبر ليس بمتصل وليس كذلك ، فإن الصحابي قد يسمع من النبي صلى اللّه عليه وسلم شيئاً ثم يسمعه من صحابي آخر ، فمرة يخبر به عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ومرة يرويه عن الصحابي ، ألا ترى أن ابن عمر شهد سؤال جبرئيل - عن الإيمان - رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وسمعه من عمر بن الخطاب ، فمرة أخبر بما شاهد ، ومرة روي عن أبيه ما سمع ، وعلى ذلك يحمل حديث ابن عكيم من غير أن يكون في الخبر انقطاع ، قال : والمراد بقوله : لا تنتفعوا من الميتة بإهاب أي قبل الدباغ ، انتهى كلامه . ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه والبيهقي في سننه وعند أحمد قبل موته بشهر أو شهرين ، قال البيهقي : وجاء في لفظ آخر : قبل موته بأربعين يوماً ، وجاء عن ابن عكيم : ثنا مشيخة لنا من جهينة ، ثم أسند إلى ابن معين أنه قال في حديث ثقات الناس عن ابن عكيم : أنه قال : حدثنا أصحابنا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كتب إليهم ، يريد تعليل الحديث بذلك ، قال البيهقي : وهو محمول عندنا على ما قبل الدبغ بدليل ما هو أصح منه ، فذكر حديث شاة ميمونة ، انتهى .

ورواه الطبراني في معجمه الوسط ولفظه : قال : كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ونحن في أرض جهينة إني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فلا تنتفعوا من الميتة بجلد ولا عصب وفي سنده فضالة بن مفضل بن فضالة المصري ، قال أبو حاتم : لم يكن بأهل أن يكتب عنه العلم ، انتهى . قال الشيخ تقي الدين في الإمام : والذي يعلل به حديث عبد اللّه بن عكيم الاختلاف ، فروى عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن عبد الله بن عكيم , وروى أبو داود من جهة خالد الحذاء عن الحكم بن عتيبة ، عن عبد الرحمن أنه انطلق هو وناس إلى عبد اللّه بن عكيم ، قال : فدخلوا وقعدت على الباب ، فخرجوا إليّ فأخبروني أن عبد اللّه بن عكيم أخبرهم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر ، الحديث ، قال : ففي هذه الرواية أنه سمعه من الناس الداخلين عليه ، وهم مجهولون ، انتهى . قال أبو داود : قال النضر بن شميل : إنما يسمى إهاباً ما لم يدبغ ، فإذا دبغ سمي شناً وقربة ، انتهى . وقال النووي في الخلاصة : وحديث ابن عكيم معلّ بأمور ثلاثة : أحدها : الاضطراب # في سنده ، كما تقدم . والثاني : الاضطراب في متنه ، فروي قبل موته بثلاثة أيام ، وروي بشهرين ، وروي بأربعين يوماً . والثالث : الاختلاف في صحبته ، قال البيهقي . وغيره : لا صحبة له ، فهو مرسل ، انتهى . قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ : وحكى الخلال في كتابه : أن أحمد توقف في حديث ابن عكيم ، لما رأى تزلزل الرواة فيه ، وقيل : إنه رجع عنه ، قال : وطريق الإنصاف أن حديث ابن عكيم ظاهر الدلالة في النسخ ولكنه كثير الاضطراب ، وحديث ابن عباس سماع وحديث ابن عكيم كتاب والكتاب . والوجادة . والمناولة كلها مرجوحات لما فيها من شبه الانقطاع بعدم المشافهة . ولو صح فهو لا يقاوم حديث ابن عباس في الصحة ، ومن شرط الناسخ أن يكون أصح سنداً ، وأقوم قاعدة من جميع جهات الترجيح ، على ما قررناه في مقدمة الكتاب وغير خاف # على من صناعته الحديث أن حديث ابن عكيم لا يوازي حديث ابن عباس في جهة واحدة من جهات الترجيح ، فضلاً عن جميعها ، انتهى كلامه . أحاديث الباب ،

روى أبو داود . والترمذي . والنسائي من حديث سعيد عن قتادة عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن جلود السباع ، زاد الترمذي : أن تفترش ، انتهى . ورواه الحاكم وصححه . حديث آخر

رواه ابن وهب في مسنده عن زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : لا تنتفعوا من الميتة بشيء ، انتهى . وزمعة فيه مقال . حديث آخر في الشعر والظفر ،

روى البيهقي في سننه من حديث عبد اللّه بن عبد العزيز بن أبي رواد حدثني أبي عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ادفنوا الشعر . والدم . والأظفار ، فإنها ميتة ، انتهى . ورواه ابن عدي في الكامل وأعله بعبد اللّه بن عبد العزيز ، وقال : له أحاديث لا يتابع عليها ، وقال البيهقي في شعب الإيمان وقد روى حديث دفن الشعر . والأظفار من أوجه كلها ضعيفة ، انتهى . فصل في البئر