فهرس الكتاب

كنت أطيب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لإِحرامه قبل أن

أخرجه البخاري في صحيحه عن كريب عن ابن عباس ، قال : انطلق النبي عليه السلام من المدينة بعدما ترجل وادَّهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه ، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس ، إلا المزعفرة التي تردع على الجلد ، فأصبح بذي الحليفة ، ركب راحلته حتى استوى على البيداء ، أهلّ هو وأصحابه وقلد بدنته ، وذلك لخمس بقين من ذي القعدة ، وقدم مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة ، فطاف بالبيت الحديث . الحديث الثالث : عن عائشة ، قالت : كنت أطيب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لإِحرامه قبل أن يحرم . قلت : أخرجه البخاري ، ومسلم عن الأسود عن عائشة أنها قالت : كنت أطيب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لإِحرامه قبل أن يحرم ، وفي لفظ لهما : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو محرم ، وفي لفظ لمسلم : كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو يلبي ، وفي لفظ لهما : قالت : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد ، ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك ، انتهى .

وأخرجا عن محمد بن المنتشر ، قال : سألت عبد اللّه بن عمر عن الرجل يتطيب ، ثم يصبح محرماً ، فقال : ما أحب أن أصبح محرماً أنضح طيباً ، لأن أطلى بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك ، فدخلت على عائشة ، وأخبرتها بقوله ، فقالت : أنا طيبت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فطاف في نسائه ، ثم أصبح محرماً ، وفي لفظ لهما : قالت : كنت أطيب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فيطوف على نسائه ، ثم يصبح محرماً ، ينضح طيباً ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه أبو داود في سننه عن عائشة بنت طلحة أن عائشة أم المؤمنين حدثتها ، قالت : كنا نخرج مع النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى مكة ، فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام ، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها ، فيراه النبي عليه السلام ، فلا ينهانا ، انتهى . أحاديث الخصوم :

أخرج البخاري ، ومسلم عن يعلى بن أمية ، قال : أتى النبي عليه السلام رجل متضمخ بطيب ، وعليه جبة ، فقال : يا رسول اللّه كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبة بعدما تضمخ بطيب ؟ فقال له النبي عليه السلام : أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات ، وأما الجبة فانزعها ، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك ، زاد البخاري في لفظ معلق : وقال ابن جريج : قلت لعطاء : أراد الإِنقاء حين أمره أن يغسله ثلاث مرات ؟ قال : نعم ، وفي لفظ لهما وهو متضمخ بالخلوق ، فقال له : اغسل عنك أثر الخلوق ، وفي لفظ لمسلم : وهو مصفر لحيته ورأسه ، فقال له : اغسل عنك الصفرة ، وفي لفظ للبخاري : اغسل عنك أثر الخلوق ، وأثر الصفرة ، قال المنذري في مختصره بعد ذكره حديث أبي داود المتقدم : فيه دليل على أن للمحرم أن يتطيب قبل إحرامه بطيب يبقى أثره بعد الإِحرام ، ولا يضره بقاؤه ، وعليه أكثر الصحابة رضي اللّه عنهم ، واستدل من منعه بقوله عليه السلام : اغسل عنك أثر الخلوق ، وحمل على أنه كان من زعفران ، يدل عليه رواية مسلم ، وهو مصفر لحيته ورأسه ، وقد نهى الرجل عن التزعفر ، وقيل : إنه من خواصه عليه السلام ، وفيه نظر ، فقد رئي ابن عباس محرماً وعلى رأسه مثل الرب من الغالية ، وقال مسلم بن صبيح : رأيت ابن الزبير ، وهو محرم ، وفي رأسه ولحيته من الطيب ما لو كان لرجل أعد منه رأس مال ، انتهى . قلت : رواية الزعفران عند أحمد في مسنده روى حديث يعلى بن أمية ، وقال فيه : ثم دعاه عليه السلام ، فقال له : اخلع عنك هذه الجبة ، واغسل عنك هذا الزعفران ، ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك ، الحديث . وحديث النهي عن التزعفر :

أخرجه البخاري ، ومسلم في اللباس عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن النبي عليه السلام نهى عن التزعفر ، انتهى . وفي لفظ لمسلم : نهى أن يتزعفر الرجل ، ويشكل عليه حديث رواه أبو داود في سننه حدثنا عبد الرحيم بن مطرف ثنا عمرو بن محمد العنقزي ثنا ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر أن النبي عليه السلام كان يلبس النعال السبتية ، ويصفر لحيته بالورس والزعفران ، انتهى . وصححه ابن القطان في كتابه ، وقال : عمرو بن محمد العنقزي ثقة ، وعبد الرحيم أبو سفيان الرؤاسي أيضاً ثقة ، انتهى .

وقال الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ : واستدل الطحاوي بحديث عائشة : كنت أطيب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيطوف على نسائه ، ثم يصبح محرماً ينضح طيباً ، على وجوب غسل الطيب قبل الإِحرام ، لأن قوله : فيطوف على نسائه ، مشعر بأنه اغتسل ، ثم رده الحازمي بأنه ليس فيه : أنه أصابهن ، وكان عليه السلام كثيراً ما يطوف على نسائه من غير إصابة ، كما في حديث عائشة : قلَّ يوم إلا ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يطوف علينا جميعا ، فيقبِّل ويلمس دون الوقاع ، فإذا جاء إلى التي هي يومها يبيت عندها ، قال : ولو ثبت أنه اغتسل ، فحديث عائشة : كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرقه ، وهو محرم ، يدل على بقاء عينه بعد الإحرام ، أو نقول : إنها طيبته مرة ثانية بعد الغسل ، لأن وبيص الشيء بريقه ولمعانه ، ثم نقل عن الشافعي أنه قال : أمر النبي عليه السلام الأعرابي بغسل الطيب منسوخ ، لأنه كان في عام الجعرانة ، وهو سنة ثمان ، وحديث عائشة : أنها طيبت النبي صلى اللّه عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم هو ناسخه ، لأنه كان في حجة الوداع ، وهي سنة عشر ، قال الحازمي : وما رواه مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر أن عمر وجد ريح طيب من معاوية وهو مُحرم ، فقال له عمر : ارجع فاغسله ، فإن عمر لم يبلغه حديث عائشة ، ولو بلغه لرجع إليه ، وإذا لم يبلغه فسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أحق أن تتبع ، انتهى كلامه . وحديث معاوية هذا رواه البزار في مسنده ، وزاد : فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : الحاج : الشعث التفل ، انتهى . الحديث الرابع :