فهرس الكتاب

لا يلبس المحرم ثوباً مسه زعفران ، ولا ورس

أخرجه الترمذي ، وابن ماجه عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عمر ، قال : قام رجل ، فقال : يا رسول اللّه من الحاج ؟ قال : الشعث التفل . وسيأتي بتمامه ، والكلام عليه في حديث : أفضل الحج العج والثج ، قريباً إن شاء اللّه تعالى . الحديث الحادي عشر : قال عليه السلام : لا يلبس المحرم ثوباً مسه زعفران ، ولا ورس . قلت : تقدم حديث ابن عمر في الحديث السابع أن النبي عليه السلام ، قال : لا تلبس القميص ، ولا السراويلات ، ولا العمائم ، ولا البرانس ، ولا الخفاف إلا أن يكون أحد ليس له نعلان ، فليلبس الخفين ، وليقطع أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا شيئاً مسه الزعفران ، ولا ورس ،

ورواه الطحاوي رحمه اللّه في شرح الآثار حدثنا فهد ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا أبو معاوية ح وحدثنا ابن أبي عمران ثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي حدثنا أبو معاوية عن عبيد اللّه عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا تلبسوا ثوباً مسه ورس أو زعفران ، إلا أن يكون غسيلاً - يعني في الإحرام - ، قال ابن أبي عمران : ورأيت يحيى بن معين ، وهو يتعجب من الحماني أن يحدث بهذا الحديث ، فقال له عبد الرحمن : هذا عندي ، ثم وثب من فوره فجاء بأصله ، فأخرج منه هذا الحديث عن أبي معاوية ، كما ذكره يحيى الحماني ، فكتبه عنه يحيى بن معين ، قال : وقد روى ذلك عن جماعة من المتقدمين ، ثم

أخرج عن سعيد بن المسيب ، و طاوس ، و إبراهيم النخعي ، قالوا في الثوب يكون فيه ورس أو زعفران فغسل : إنه لم ير به بأساً أن يحرم فيه ، انتهى . وأخرجه البزار في مسنده عن عطاء نحوه ، وفي هذا المعنى أحاديث : منها حديث

أخرجه البخاري عن كريب عن ابن عباس ، قال : انطلق النبي عليه السلام بعدما ترجل وادَهن ولبس إزاره ورداءه ، هو وأصحابه ، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر يلبس ، إلا المزعفرة التي تردع على الجلد ، الحديث . وقد تقدم ، وفيه دليل على اشتراط الردع ، وهو البل ، قال ابن دريد : الردع : ما يبل القدم من مطر أو غيره ، فحينئذ يخرج الغسل من ذلك . حديث آخر :

أخرجه إسحاق بن راهويه ، وابن أبي شيبة ، والبزار ، وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم حدثنا يزيد بن هارون ثنا الحجاج عن حسين بن عبد اللّه عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي عليه السلام ، قال : لا بأس أن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ بزعفران قد غسل ، فليس له نفض ، ولا ردع ، انتهى . أحاديث الخصوم في المعصفر :

روى أبو داود في سننه حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب ، وما مس الورس ، والزعفران من الثياب ، ولتلبس بعد ذلك ما شاءت من ألوان الثياب ، معصفراً ، أو خزاً ، أو حلياً ، أو سراويل ، أو قميصاً ، أو خفاً ، انتهى . قال أبو داود : وقد رواه عن ابن إسحاق عبدة بن سليمان ، ومحمد بن سلمة ، إلى قوله : ولتلبس بعد ذلك ، لم يذكرا ما بعده ، انتهى . واستدل الشيخ في الإمام لذلك بحديث كريب عن ابن عباس ، قال : انطلق النبي عليه السلام من المدينة بعدما ترجل وادّهن ولبس إزاره ورداءه ، هو وأصحابه ، فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر ، يلبس إلا المزعفرة التي تردع على الجلد ، رواه البخاري ،

وروى مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي اللّه عنهما أنها كانت تلبس المعصفرات ، وهي محرمة . ومن أحاديث الأصحاب :

ما رواه مالك في الموطأ عن نافع أنه سمع أسلم مولى عمر بن الخطاب يحدث عبد اللّه بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى على طلحة بن عبيد اللّه ثوباً مصبوغاً ، وهو محرم ، فقال عمر بن الخطاب : ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة ؟ ! فقال طلحة : يا أمير المؤمنين إنما هو المدر ، فقال عمر : إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي الناس بكم ، فلو أن رجلاً جاهلاً رأى هذا الثوب لقال : إن طلحة بن عبيد اللّه كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام ، فلا تلبسوا أيها الرهط شيئاً من هذه الثياب المصبغة ، انتهى . قوله :

روى أن عمر اغتسل وهو محرم ، قلت : رواه مالك في الموطأ عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن عمر بن الخطاب قال ليعلى بن أمية ، وهو يصب على عمر بن الخطاب ماءً : أصبب على رأسي ، فقال يعلى : أتريد أن تجعلها بي ، إن أمرتني صببت ، فقال له عمر : أصبب علي ، فلن يزيده الماء إلا شعثاً ، انتهى . طريق آخر :

رواه الشافعي في مسنده أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أخبرني عطاء أن صفوان بن يعلى أخبره عن يعلى بن أمية أنه قال : بينما عمر بن الخطاب يغتسل إلى بعير ، وأنا أستر عليه بثوب ، إذ قال عمر : يا يعلى أصبب على رأسي ؟ فقلت : أمير المؤمنين أعلم ، فقال عمر : واللّه ما يزيد الماء الشعر إلا شعثاً ، فسمى اللّه ، ثم أفاض على رأسه ، انتهى . - طريق آخر :

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ، والشافعي في مسنده قالا : حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : قال لي عمر : تعال أنافسك في الماء ، أينا أطول نفساً فيه ، ونحن محرمون ، انتهى . - أحاديث الباب :

أخرج البخاري ، ومسلم عن عبد اللّه بن حنين أن عبد اللّه بن عباس ، والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء ، فقال ابن عباس : يغسل المحرم رأسه ، وقال المسور : لا يغسل ، فأرسله عبد اللّه بن عباس ، إلى أبي أيوب الأنصاري فوجده يغتسل بين القرنين ، وهو مستتر بثوب ، قال : فسلمت عليه ، فقال : من هذا ؟ قلت : أنا عبد اللّه بن حنين أرسلني عبد اللّه بن عباس أسألك كيف كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم ؟ قال : فوضع أبو أيوب يده على الثوب ، فطأطأه حتى بدا لي رأسه ، ثم قال لإنسان يصب عليه : أصبب ، فصب على رأسه ، ثم حرك أبو أيوب رأسه بيديه ، فأقبل بهما وأدبر ، ثم قال : هكذا رأيته صلى اللّه عليه وسلم يفعل ، انتهى . - حديث آخر : حديث الذي وقصته راحلته نقل البيهقي عن الشافعي أنه به استدل لهذه المسألة ، وفيه أنه عليه السلام أمر أن يغسل بماء وسدر ، وأن لا يقرب طيباً ، انتهى . - الآثار :

روى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا ابن علية عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس ، أنه دخل حمام الجحفة وهو محرم ، وقال : واللّه ما يعبأ اللّه بأوساخنا شيئاً ، انتهى . وأخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي في سننيهما عن أيوب السختياني به ، قال : المحرم يشم الريحان ، ويدخل الحمام ، قال الشيخ في الإمام : قال المنذري : حديث حسن ، وإسناده ثقات ، انتهى .

وروى ابن أبي شيبة أيضاً حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر ، قال : لا بأس أن يغتسل المحرم ، ويغسل ثيابه ، انتهى . حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن سالم عن ابن عمر ، نحوه . قوله :

روى أن عثمان كان يضرب له فسطاط في إحرامه ، قلت : غريب ،

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا الصلت عن عقبة بن صهبان ، قال : رأيت عثمان بالأبطح ، وأن فسطاطه مضروب ، وسيفه معلق بالشجرة ، انتهى . ذكره في باب المحرم يحمل السلاح ، والمصنف استدل بهذا الأثر على أن المحرم يجوز له أن يستظل بالبيت ، والفسطاط ، والمحمل ، ونحو ذلك ، ووافق هنا الشافعي في ذلك ، ومنعه أحمد ، ذكره ابن الجوزي في التحقيق ، واستدل لمذهبنا بحديث أم الحصين ،

أخرجه مسلم قالت : حججت مع النبي عليه السلام حجة الوداع فرأيت أسامة ، وبلالاً ، وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي عليه السلام ، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر ، حتى رمى جمرة العقبة ، قالت : فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قولاً كثيراً ، ثم سمعته يقول : إن أمِّر عليكم عبد مجدّع ، - حسبتها قالت : أسود - يقودكم بكتاب اللّه فاسمعوا له وأطيعوا ، انتهى . وفي لفظ : رافع ثوبه على رأس النبي عليه السلام من الشمس ، الحديث . ثم أجاب عنه : فقال : يحتمل أن يكون إنما رفع الثوب من ناحية الشمس ، لا أنه رفعه على رأسنه وظللّه به ، قال في التنقيح : وهذا لا يستقيم ، فإن التظليل على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، إنما كان بعد الزوال ، والشمس في الصيف على الرءوس ، فتعين أن يكون التظليل على رأسه صلى اللّه عليه وسلم ، وكأنه ذهل عن لفظ مسلم ، والآخر رافع ثوبه على رأس النبي عليه السلام يظله من الشمس ، ورأيته في غير كتاب التنقيح ، نقل عن الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه اللّه ، قال : لا حجة فيه ، لجواز أن يكون هذا الرمي الذي في قوله : حتى رمي # جمرة العقبة وقع في غير يوم النحر ، أما في اليوم الثاني ، أو الثالث ، فيكون حينئذ قد حل عليه السلام من إحرامه ، وينبغي أن ينظر ألفاظه ، فإن ورد : حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر ، صح الاحتجاج ، لكنه يبعد من جهة أن جمرة العقبة يوم النحر في أول النهار وقت صلاة العيد ، وذلك الوقت لا يحتاج إلى التظليل من الحر أو الشمس ، واللّه أعلم . واستدل الشيخ في الإمام لذلك بما في حديث جابر الطويل ، فأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة ، فسار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام ، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية ، فأجاز رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أتى عرفة ، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزلها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ، الحديث ، ونمرة : - بفتح النون ، وكسر الميم - موضع بعرفة ،

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن عبد اللّه بن عامر ، قال : خرجت مع عمر ، فكان يطرح النطع على الشجرة فيستظل به - يعني وهو محرم - ، انتهى . - قوله : ويكثر من التلبية عقيب الصلاة ، وكلما علا شرفاً ، أو هبط وادياً ، أو لقي ركباً ، وبالأسحار ، لأن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانوا يلبون في هذه الأحوال ، قلت : غريب ،

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن جريج عن ابن سابط ، قال : كان السلف يستحبون التلبية في أربعة مواضع : في دبر الصلاة ، وإذا هبطوا وادياً ، أو علوه ، وعند التقاء الرفاق ، انتهى .

حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة ، قال : كانوا يستحبون التلبية عند ست : دبر الصلاة ، وإذا استقلت بالرجل راحلته ، وإذا صعد شرفاً ، وإذا هبط وادياً ، وإذا لقي بعضهم بعضاً ، انتهى .

حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم ، قال : تستحب التلبية في مواطن : في دبر الصلاة المكتوبة ، وحين يصعد شرفاً ، وحين يهبط وادياً ، وكلما استوى بك بعيرك قائماً ، وكلما لقيت رفقة ، انتهى .