فهرس الكتاب

أنه عليه السلام طاف على راحلته ، واستلم الأركان بمحجنه ،

روي أنه عليه السلام طاف على راحلته ، واستلم الأركان بمحجنه ، قلت : روى من حديث ابن عباس ، ومن حديث جابر ، ومن حديث أبي الطفيل ، ومن حديث صفية بنت شيبة ، ومن حديث طارق بن أشيم ومن حديث أم عمارة . فحديث ابن عباس :

أخرجه الجماعة - إلا الترمذي - عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة عن ابن عباس أن النبي عليه السلام طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن ، انتهى . وحديث جابر

أخرجه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي عن أبي الزبير عن جابر ، قال : طاف النبي عليه السلام في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه ، لأن يراه الناس ، أو ليشرف وليسألوه ، فإن الناس غشوه ، انتهى . وأخرجه البخاري عن جابر ، فذكره إلى قوله : لأن يراه الناس ، ويراجع . وحديث أبي الطفيل :

أخرجه مسلم ، وأبو داود ، وابن ماجه عنه ، واسمه : عامر بن واثلة ، قال : رأيت النبي عليه السلام يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجن معه ، ويقبل المحجن ، انتهى . وحديث صفية :

أخرجه أبو داود عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد اللّه بن عبد اللّه عن صفية بنت شيبة ، قالت : لما اطمأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمكة عام الفتح طاف على بعير يستلم الركن بمحجن في يده ، قالت : وأنا أنظر إليه ، انتهى . وصفية بنت شيبة أخرج لها البخاري حديثاً في صحيحه ، وقيل : ليست بصحابية ، فالحديث مرسل ، حكى ذلك عن النسائي ، والبرقاني ، وقد ذكرها ابن السكن ، وكذلك ابن عبد البر في الصحابة ، وقيل : لها رؤية ، كما في الحديث . - وحديث آخر : أخرجه ابن ماجه عنها أنها سمعت النبي عليه السلام يخطب عام الفتح ، غير أن هذين الحديثين من رواية محمد بن إسحاق ، وفيه مقال : واختلف العلماء في العلة المقتضية لطوافه عليه السلام راكباً ، فقيل : لأن يراه الناس ، صرح بذلك في مسلم ، كما تقدم في حديث جابر ،

وأخرجا عن أبي الطفيل ، قال : قلت لابن عباس : أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكباً ، أسنة هو ؟ فإن قومك يزعمون أنه سنة ، قال : صدقوا وكذبوا ، قلت : ما قولك : صدقوا وكذبوا ؟ قال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كثر عليه الناس ، يقولون : هذا محمد ، هذا محمد ، حتى خرج العواتق من الخدور ، قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه ، فلما كثروا عليه ركب ، والمشي والسعي أفضل ، مختصر ، وقيل : كراهية أن يضرب عنه الناس ،

ورد ذلك أيضاً في صحيح مسلم ، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : طاف النبي صلى اللّه عليه وسلم بالبيت في حجة الوداع على راحلته يستلم الركن ، كراهية أن يضرب عنه الناس ، انتهى . قال القرطبي : وليس بناجح ، لاحتمال عود الضمير في عنه إلى الركن ، انتهى . قيل : إنه كان به شكاية ،

أخرجه أبو داود في سننه عن يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي ، فطاف على راحلته ، فلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن ، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين ، انتهى . ورواه البيهقي ، وضعف ابن أبي زياد ، وقال : إنه تفرد بقوله : وهو يشتكي لم يوافق عليها ، انتهى . قلت :

روى محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان أنه سعى بين الصفا والمروة مع عكرمة ، فجعل حماد يصعد الصفا ، وعكرمة لا يصعده ، ويصعد حماد المروة ، وعكرمة لا يصعده ، فقال له حماد : يا أبا عبد اللّه ألا تصعد الصفا والمروة ؟ فقال : هكذا كان طواف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال حماد : فلقيت سعيد بن جبير ، فذكرت له ذلك ، فقال : إنما طاف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على راحلته ، وهو شاك يستلم الأركان بمحجن ، فطاف بالصفا والمروة على راحلته ، فمن أجل ذلك لم يصعد ، انتهى . وهذا مرسل ، وقد أشار البخاري في صحيحه إلى هذا المعنى ، فقال : باب المريض يطوف راكباً ، ثم ذكر حديث ابن عباس المتقدم ، ثم ذكر حديث أم سلمة أنها اشتكت ، فقال لها عليه السلام : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ، قالت : فطفت ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت ، ورواه مسلم أيضاً ، وفي لفظ للبخاري ، فقال لها عليه السلام : إذا أقيمت الصلاة للصبح فطوفي على بعيرك ، والناس يصلون ، ففعلت ذلك ، انتهى . وأما حديث طارق بن أشيم :

فأخرجه أبو القاسم البغوي ، وابن قانع في معجميهما ، والعقيلي في كتابه عن محمد بن عبد الرحمن بن قدامة الثقفي ثنا أبو مالك الأشجعي عن أبيه ، قال : رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يطوف حول البيت ، فإذا ازدحم الناس على الحجر استقبله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمحجن بيده ، انتهى . قال البغوي : لا أعلم روى هذا غير محمد بن عبد الرحمن الثقفي ، وأبو مالك الأشجعي اسمه : سعد بن طارق . وأبوه طارق بن أشيم ، سكن الكوفة ، روى عن النبي عليه السلام أحاديث ، انتهى . وقال العقيلي : محمد بن عبد الرحمن بن قدامة ، قال البخاري : فيه نظر ، وقال الشيخ في الإِمام : وقال شيخنا المنذري : رجال هذا الحديث كلهم ثقات ، خلا محمد بن عبد الرحمن بن قدامة الثقفي ، فإن البخاري ، قال : إن فيه نظر ، انتهى . وأما حديث أم عمارة :

فرواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني يعقوب بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن أبي صعصعة عن الحارث بن عبد اللّه بن كعب عن أم عمارة ، قالت : شهدت عمرة القضية مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وكنت قد شهدت الحديبية ، فكأني أنظر إلى النبي عليه السلام حتى انتهى إلى البيت ، وهو على راحلته ، وعبد اللّه بن رواحة آخذ بزمامها ، وقد صف له المسلمون ، فاستلم الركن بمحجنه مضطبعاً بثوبه على راحلته ، مختصر . ومن أحاديث الباب :

ما أخرجه البخاري ، ومسلم ، واللفظ لمسلم عن أبي خالد الأحمر عن عبيد اللّه عن نافع ، قال : رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ، ثم يقبل يده ، وقال : ما تركته منذ رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفعله ، انتهى . الحديث التاسع عشر :