فهرس الكتاب

لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ، ولجعلتها

رواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني خالد بن الهيثم مولى لبني هاشم عن يحيى بن أبي كثير ، قال : لما أسر سهيل بن عمرو يوم بدر ، قال عمر : يا رسول اللّه ، انزع ثنيته يدلع لسانه ، فلا يقوم عليك خطيباً أبداً ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا أمثل به ، فيمثل اللّه بي ، ولو كنت نبياً ، ولعله يقوم مقاماً لا تكرهه . فقام سهيل حين جاءه وفاة النبي عليه السلام بخطبة أبي بكر بمكة ، كأنه كان يسمعها ، فقال عمر : أشهد أن محمداً رسول اللّه ، يريد حيث قال عليه السلام : لعله يقوم مقاماً لا تكرهه ، مختصر . وهو مرسل ، ومن هذا الباب وسم إبل الصدقة ، فالمنقول فيه عن أبي حنيفة أيضاً كراهته ، لأن فيه تعذيب الحيوان . وهو سنة عند الشافعي ، عملاً بحديث الصحيحين عن أنس بن مالك ، قال : غدوت بعبد اللّه بن أبي طلحة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليحنكه ، فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة ، انتهى . - قوله : وإشعار النبي عليه السلام لصيانة الهدي ، لأن المشركين كانوا لا يمتنعون عن تعرضه إلا به . الحديث التاسع : قال عليه السلام : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ، ولجعلتها عمرة وتحللت منها ، قلت : أخرجه البخاري ، ومسلم عن أنس ، قال : خرجنا نصرخ بالحج ، فلما قدمنا مكة أمرنا النبي عليه السلام أن نجعلها عمرة ، وقال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت جعلتها عمرة ، ولكن سقت الهدي ، وقرنت بين الحج والعمرة ، وفي لفظ لهما : ولولا أن معي الهدي لأحللت ، وفي حديث جابر الطويل : حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال : لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة ، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة ، فقام سراقة بن جعشم ، فقال : يا رسول اللّه ، ألعامنا ، أم للأبد ؟ فشبك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى ، وقال : دخلت العمرة في الحج مرتين ، لا ، بل للأبد .

وأخرج البخاري ، ومسلم عن جابر ، قال : أهللنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالحج ، فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة ، فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا ، فبلغ ذلك النبي عليه السلام فما ندري أشيء بلغه من السماء ، أم من قِبَل الناس ؟ فقال : أيها الناس أحلوا ، فلولا الهدي الذي معي فعلت كما فعلتم قال : فأحللنا حتى وطئنا النساء ، وفعلنا ما يفعل الحلال ، حتى إذا كان يوم التروية أهللنا بالحج ، انتهى . قوله : روي عن عدة من التابعين : إذا رجع إلى أهله بعد فراغه من العمرة ، ولم يكن ساق الهدي يبطل تمتعه ، قلت :

رواه الطحاوي في كتاب أحكام القرآن عن سعيد بن المسيب ، و عطاء ، و طاوس ، و مجاهد ، و النخعي : أن المتمتع إذا رجع إلى أهله بعد العمرة بطل تمتعه ، وكذا ذكره الرازي في أحكامه . قوله :

روي عن العبادلة الثلاثة ، و عبد اللّه بن الزبير : أشهر الحج : شوال ، وذو القعدة ، وعشر من ذي الحجة ، قلت : العبادلة في اصطلاح أصحابنا ثلاثة : عبد اللّه بن مسعود ، وعبد اللّه بن عمر ، وعبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهم ، وفي اصطلاح غيرهم أربعة : فأخرجوا ابن مسعود ، وأدخلوا ابن عمرو بن العاص ، وزادوا ابن الزبير ، قاله أحمد بن حنبل وغيره ، وغلطوا صاحب الصحاح إذ أدخل ابن مسعود ، وأخرج ابن العاص ، قال البيهقي : لأن ابن مسعود تقدمت وفاته ، وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم ، ويلتحق بابن مسعود كل من سمي بعبد اللّه من الصحابة ، وهم نحو من مائتين وعشرين رجلاً ، قاله النووي وغيره . فحديث ابن عمر :

أخرجه الحاكم في المستدرك - في تفسير سورة البقرة عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر في قوله تعالى : { الحج أشهر معلومات } قال : شوال ، وذو القعدة ، وعشر من ذي الحجة ، ويوم النحر منها ، انتهى . وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، انتهى . وعلقه البخاري في صحيحه ، فقال : وقال ابن عمر : الحج شوال ، إلى آخره ، وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة بسنده ومتنه . وحديث ابن عباس :

أخرجه الدارقطني في سننه عن شريك عن أبي إسحاق عن الضحاك عن ابن عباس ، قال : أشهر الحج شوال ، وذو القعدة ، وعشر من ذي الحجة ، انتهى . وعلقه البخاري أيضاً ، فقال : وعن ابن عباس : أشهر الحج التي ذكر اللّه : شوال ، وذو القعدة ، إلى آخره ، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه - وحديث ابن مسعود : أخرجه الدارقطني أيضاً عن شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد اللّه بن مسعود نحوه ، ورواه ابن أبي شيبة أيضاً . - وحديث ابن الزبير : أخرجه الدارقطني أيضاً عن محمد بن عبيد اللّه الثقفي عن عبد اللّه بن الزبير بنحوه ، قال الطبري : إنما أراد من قال : أشهر الحج : شوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، أن هذه الأشهر ليست أشهر العمرة ، إنما هي للحج ، وإن كان عمل الحج قد انقضى بانقضاء أيام منى ، انتهى . وقد روي هذا مرفوعاً ،