فهرس الكتاب

حجي عن أبيك واعتمري

أخرجه الدارقطني عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس ، قال : سمع النبي عليه السلام رجلاً يلبي عن نبيشة ، فقال : أيها الملبي عن نبيشة ، هل حججت ؟ قال : لا ، قال : فهذه عن نبيشة ، وحج عن نفسك ، انتهى . قال الدارقطني : وهذا وهم ، وإنما هو عن ابن عباس أن النبي عليه السلام سمع رجلاً يلبي عن شبرمة ، فقال له عليه السلام : من شبرمة ؟ قال : أخ لي ، قال : هل حججت ؟ قال : لا ، قال : فحج عن نفسك ، ثم احجج عن شبرمة ، قال : وقد رجع الحسن بن عمارة عن ذلك ، وحدث به على الصواب ، موافقاً لرواية غيره ، ثم أخرجه عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس أن النبي عليه السلام سمع رجلاً يقول : لبيك عن شبرمة ، فقال له عليه السلام : من شبرمة ؟ إلى آخره . قال : وعلى كل حال فالحسن بن عمارة متروك ، انتهى . حديث المانعين : وهو حديث شبرمة ، أخرجه أبو داود ، وابن ماجه عن عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي عليه السلام سمع رجلاً ، إلى آخره ، ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع السابع والأربعين ، من القسم الأول : قال ابن حبان : وقوله : اجعل هذه عن نفسك أمر وجوب ، وقوله : ثم حج عن شبرمة أمر إباحة ، انتهى . وأخرجه الدارقطني في سننه من طرق عديدة ضعيفة ، أضربنا عن ذكرها لعدم الاحتياج إليها ، مع أن هذه الطرق الصحيحة أيضاً قد أعلت ، قال ابن القطان في كتابه : وحديث شبرمة عللّه بعضهم بأنه قد روي موقوفاً ، والذي أسنده ثقة ، فلا يضره ، وذلك لأن سعيد بن أبي عروبة يرويه عن قتادة عن عزرة بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وأصحاب ابن أبي عروبة يختلفون عليه ، فقوم يرفعونه : منهم عبدة بن سليمان ، ومحمد بن بشر ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وقوم يقفونه : منهم غندر ، وحسن بن صالح ، والرافعون ثقات ، فلا يضرهم وقف الواقفين ، إما لأنهم حفظوا ما لم يحفظ أولئك ، وإما لأن الواقفين رووا عن ابن عباس رأيه ، والرافعين رووا عنه روايته ، والراوي قد يفتي بما يرويه ، انتهى . وقال الشيخ تقي الدين في الإِمام : وعلل هذا الحديث بوجوه : أحدها : الاختلاف في رفعه ووقفه ، فعبدة بن سليمان يرفعه ، وهو محتج به في الصحيحين ، وتابعه على رفعه محمد بن عبد اللّه الأنصاري ، ومحمد بن بشر ، وقال البيهقي : وهذا إسناده صحيح ، ليس في الباب أصح منه ، وقال يحيى بن معين : أصح وأثبت الناس سماعاً من سعيد بن أبي عروبة عبدة بن سليمان ، ورواه غندر عن سعيد ، فوقفه ، ورواه أيضاً سعيد بن منصور ثنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة سمع ابن عباس رجلاً يلبي عن شبرمة ، فذكره موقوفاً ، وفيه مع زيادة الوقف استبعاد تعدد القصة ، بأن تكون وقعت في زمان النبي عليه السلام ، وفي زمن ابن عباس على سياق واحد ، واتفاق لفظ ، والثاني الإِرسال ، فإن سعيد بن منصور رواه عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم مثل ذلك ، ورواه أيضاً حدثنا هشيم أنا ابن أبي ليلى ثنا عطاء بن أبي رباح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، والثالث : أن قتادة لم يقل فيه : حدثنا ، ولا سمعت ، وهو إمام في التدليس ، وقال ابن المغلس في كتابه : وقد ضعف بعض العلماء هذا الحديث ، فقالوا : إن سعيد بن أبي عروبة كان يحدث به بالبصرة ، فيجعل هذا الكلام من قول ابن عباس ، ولا يسنده إلى النبي عليه السلام ، وكان يحدث به بالكوفة ، فيجعل الكلام من قول النبي عليه السلام قالوا وأيضاً : فقتادة لم يقل فيه : حدثنا ، ولا سمعت ، وهو كثير التدليس ، قالوا : وأيضاً فقد روي هذا الحديث عن هشيم عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ورواه ابن جريج ، وهو أثبت من ابن أبي ليلى ، فلم يقل فيه : عن عائشة ، وأرسله ، ورواه أبو قلابة عن ابن عباس ، وأبو قلابة لم يسمع من ابن عباس شيئاً ، قالوا : فالخبر بذلك غير ثابت ، انتهى . وقال صاحب التنقيح : وقد تابع عبدة بن سليمان على رفعه أبو يوسف القاضي ، ومحمد بن بشر العبدي ، ومحمد بن عبد اللّه الأنصاري عن سعيد به ، ورواه الحسن بن صالح بن حيّ ، ومحمد بن جعفر غندر عن سعيد به موقوفا ورواه عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفاً ، ولم يذكر عزرة في إسناده ، وكذلك رواه عمرو بن الحارث المصري عن قتادة ، وقال في روايته : عن قتادة أن سعيد بن جبير حدثه ، وذلك معدود في أوهامه ، فإن قتادة لم يلق سعيد بن جبير فيما قاله يحيى بن معين ، وغيره ، انتهى كلامه . الحديث الثاني : قال المصنف : ثم ظاهر المذهب أن الحج يقع عن المحجوج عنه ، وبذلك تشهد الأخبار الواردة في الباب ، لحديث الخثعمية ، فإنه عليه السلام ، قال فيه : حجي عن أبيك واعتمري . قلت : هذا وهم من المصنف ، فإن حديث الخثعمية ليس فيه ذكر الاعتمار ،

أخرجه الأئمة الستة في كتبهم ، رواه أبو داود من حديث عبد اللّه بن عباس ، ورواه الباقون من حديث أخيه الفضل بن العباس ، أن امرأة من خثعم قالت : يا رسول اللّه إن أبي أدركته فريضة اللّه في الحج ، وهو شيخ كبير لا يستطيع أن يستوي على ظهر البعير ، قال : حجي عنه ، وذلك في حجة الوداع ، وفي بعض طرقه : هل يقضي أن أحج عنه ؟ ، انتهى . ورواه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي من حديث ابن عباس أن امرأة من خثعم ، وفي لفظ : قال : كان الفضل رديف النبي عليه السلام ، فالبعض جعله من مسند الفضل ، والبعض جعله من مسند أخيه عبد اللّه ، ولم يحسن شيخنا علاء الدين مقلداً لغيره في قوله : أخرجه الجماعة عن ابن عباس ، واللّه أعلم ، قال الترمذي : وسألت محمداً عن هذه الرواية ، فقال لي : أصح شيء في هذا الباب ما رواه ابن عباس عن الفضل بن عباس عن النبي عليه السلام ، قال محمد : ويحتمل أن يكون ابن عباس سمعه من الفضل ، وغيره عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم أرسله ، فلم يذكر من سمعه منه ، انتهى كلامه ، واللّه أعلم . أحاديث الباب :

أخرج ابن ماجه عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال : حدثني حصين بن عوف ، قلت : يا رسول اللّه إن أبي أدركه الحج ولا يستطيع أن يحج إلا معترضاً ، فصمت ساعة ، ثم قال : حج عن أبيك ، انتهى . قال العقيلي : قال أحمد : محمد بن كريب منكر الحديث ، انتهى . وأخرجه البيهقي عن محمد بن سيرين عن ابن عباس ، أن رجلاً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فذكره ، قال البيهقي : رواية ابن سيرين عن ابن عباس مرسلة ، وقال صاحب التنقيح : قال أحمد بن حنبل ، وابن معين ، وابن المديني : لم يسمع ابن سيرين من ابن عباس ، وقال : وقد روى البخاري في صحيحه حديثاً من رواية ابن سيرين عن ابن عباس ، فاللّه أعلم ، انتهى كلامه . حديث آخر : تقدم حديث أبي رزين العقيلي ،

أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن شعبة عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن أبي رزين العقيلي - رجل من بني عامر - قال : يا رسول اللّه إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ، ولا العمرة ، ولا الظعن ، قال : حج عن أبيك واعتمر ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، واسم أبي رزين لقيط بن عامر ، انتهى . ورواه أحمد في مسنده ، وابن حبان في صحيحه في النوع السبعين ، من القسم الأول ، والحاكم في المستدرك ، وقال : على شرط الشيخين . حديث آخر :

رواه الطبراني في معجمه أخبرنا علي بن عبد العزيز عن مسلم بن إبراهيم عن عبد العزيز بن عبد الصمد العِّمي ثنا منصور بن المعتمر عن مجاهد عن يوسف بن الزبير عن ابن الزبير عن سودة أم المؤمنين ، أن رجلاً قال : يا رسول اللّه إن أبي شيخ كبير ، لا يستطيع الحج ، أفأحج عنه ؟ فقال عليه السلام : أرأيت لو كان على أبيك ديْن فقضيته ، أكان يجزئ عنه ؟ فقال : نعم ، قال : حج عنه ، انتهى . قال الشيخ في الإِمام وعبد العزيز بن عبد الصمد أبو عبد الصمد العمِّي حدث عنه أحمد ، وقال : كان ثقة ، ووثقه أبو زرعة أيضاً ، وذكره ابن حبان في الثقات أتباع التابعين ، وروى له في صحيحه ، ويوسف بن الزبير مولى عبد اللّه بن الزبير ذكره ابن أبي حاتم من غير جرح ولا تعديل ، واللّه أعلم . حديث آخر :

أخرجه البيهقي عن شعيب بن زريق سمعت عطاء الخراساني عن أبي الغوث بن الحصين الخثعمي ، قال : قلت : يا رسول اللّه إن أبي أدركته فريضة اللّه في الحج ، وهو شيخ كبير لا يتمالك على الراحلة ، أفترى أن أحج عنه ؟ قال : نعم حج عنه ، قال : وكذلك من مات من أهلنا ، ولم يوص بحج ، أفيحج عنه ؟ قال : نعم ، وتؤجرون ، قال : ويتصدق عنه ويصام عنه ؟ قال : نعم ، والصدقة أفضل ، انتهى . قال البيهقي : إسناده ضعيف . أحاديث الحج عن الميت :

أخرج البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج ، فماتت قبل أن تحج ، أفأحج عنها ؟ قال : نعم ، حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك ديْن أكنت قاضيته ؟ قالت : نعم ، فقال : اقضوا اللّه الذي له ، فإن اللّه أحق بالوفاء ، انتهى . وفي لفظ له في الحج : إن امرأة من جهينة ، ورواه في كتاب النذور والأيْمان ، قال : أتى رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : إن أختي نذرت ، بمثله ، وقال : فاقض اللّه ، فهو أحق بالقضاء . حديث آخر :

أخرجه مسلم عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه بريدة أن امرأة أتت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت : إن أمي ماتت ولم تحج ، أوَ أحج عنها ؟ قال : نعم ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك ، وزاد فيه : الصوم والصدقة ، وقال : صحيح الإِسناد ، ولم يخرجاه . حديث آخر :

رواه ابن ماجه في سننه حدثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا عثمان بن عطاء عن أبيه عن أبي الغوث بن حصين - رجل من الفرع - أنه استفتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن حجة كانت على أبيه ، مات ولم يحج ، فقال عليه السلام : حج عن أبيك ، قال عليه السلام : وكذلك الصيام في النذر يقضى عنه ، انتهى . حديث آخر :

رواه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه عن عباد بن راشد عن ثابت عن أنس أن رجلاً سأل النبي عليه السلام ، فقال : هلك أبي ، ولم يحج ، فقال : أرأيت لو كان على أبيك ديْن فقضيته عنه ، أيتقبل منه ؟ قال : نعم ، قال : فاحجج عنه ، انتهى . وعباد بن راشد قال في الإِمام : قال أحمد : شيخ ثقة صدوق ، وقال أبو حاتم ، وابن معين ، صالح الحديث ، وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء ، قال الشيخ : وعباد بن راشد ثلاثة فيما ذكره ابن أبي حاتم ، أحدهم سمع أبا هريرة ، والثاني : مؤذن مسجد صنعاء ، والثالث : التميمي ، انتهى كلامه . حديث آخر :