فهرس الكتاب

لعن اللّه المحلل والمحلل له ،

في - سنن - سعيد بن منصور عن ابن المسيب ، قال : الناس يقولون : حتى يجامعها ، وأما أنا فأقول : إذا تزوجها نكاحاً صحيحاً ، فإنها تحل للأول ، واستغرب هذا من سعيد ، حتى قيل : إن الحديث لم يبلغه ، كما استغرب من الحسن ، أنه يشترط الإِنزال ، نظراً إلى معنى العسيلة ، واللّه أعلم . الحديث الثالث : قال عليه السلام : لعن اللّه المحلل والمحلل له ، قلت : روي من حديث ابن مسعود ، ومن حديث علي ، ومن حديث جابر ، ومن حديث عقبة بن عامر ، ومن حديث أبي هريرة ، ومن حديث ابن عباس . فحديث ابن مسعود :

أخرجه الترمذي ، والنسائي من غير وجه عن سفيان الثوري عن أبي قيس ، واسمه عبد الرحمن بن ثروان الأودي عن هزيل بن شرحبيل الأودي عن عبد اللّه بن مسعود ، قال : لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المحلل والمحلل له ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ورواه أحمد في مسنده ، ووهم شيخنا علاء الدين في عزوه لأبي داود ، وله طريق آخر : رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا زكريا بن عدي ثنا عبيد اللّه بن عمرو الرقي عن عبد الكريم الجزري عن أبي الواصل عن ابن مسعود ، فذكره . وحديث علي :

أخرجه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه عن الحارث عن علي ، قال : لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المحلل والمحلل له ، انتهى . وفي لفظ أبي داود فيه شك ، فقال : أراه رفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهو معلول بالحارث . - وحديث جابر : أخرجه الترمذي عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد اللّه بنحوه سواء قال الترمذي : هذا حديث ليس إسناده بقائم ، فإن مجالد بن سعيد قد ضعفه بعض أهل العلم : منهم أحمد بن حنبل ، انتهى . وحديث عقبة بن عامر :

أخرجه ابن ماجه عن الليث بن سعد ، قال : قال لي أبو مصعب : مشرح بن هاعان ، قال عقبة بن عامر : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ألا أخبركم بالتيس المستعار ؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه ، قال : هو المحلل ، لعن اللّه المحِّلل والمحَّلل له ، انتهى . قال عبد الحق في أحكامه : إسناده حسن ، انتهى . وقال الترمذي في عللّه الكبرى : الليث بن سعد ما أراه سمع من مشرح بن هاعان ، انتهى . وقال ابن أبي حاتم في عللّه : سألت أبا زرعة عن حديث رواه الليث بن سعد عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر ، فذكره ، فقال : لم يسمع الليث من مشرح شيئاً ، ولا روى عنه ، انتهى . قلت : قوله : في الإِسناد : قال لي أبو مصعب : يرد ذلك ، ورواه الدارقطني في سننه معنعناً عن أبي صالح كاتب الليث عن الليث عن مشرح به ، ولذلك حسنه عبد الحق ، لأنه ذكره من جهة الدارقطني ، وأبو صالح مختلف فيه ، وإلا فالحديث صحيح من عند ابن ماجه ، فإن شيخ ابن ماجه يحيى بن عثمان ذكره ابن يونس في تاريخ المصريين ، وأثنى عليه بعلم وضبط ، وأبوه عثمان بن صالح المصري ثقة ، أخرج له البخاري ، وأما مشرح بن هاعان فوثقه ابن القطان ، ونقل عن ابن معين أنه وثقه ، والعلة التي ذكرها ابن أبي حاتم : لم يعرج عليها ابن القطان ، ولا غيره . - وحديث ابن عباس : رواه ابن ماجه أيضاً حدثنا محمد بن بشار ثنا أبو عامر عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس ، بنحوه سواء . وأما حديث أبي هريرة : فرواه أحمد ، والبزار ، وأبو يعلى الموصلي ، وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم عن عبد اللّه بن جعفر عن عثمان بن محمد الأخنسي عن المقبري عن أبي هريرة بنحوه ، سواء ، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه ، والبيهقي في سننه ، وعبد اللّه بن جعفر ، وثقه أحمد ، وابن المديني ، وابن معين ، وغيرهم ، وأخرج له مسلم في صحيحه ، وعثمان بن محمد الأخنسي وثقه ابن معين ، وسعيد المقبري ، متفق عليه ، فالحديث صحيح . حديث آخر في الباب :

أخرجه الحاكم في المستدرك عن سعيد بن أبي مريم ثنا أبو غسان محمد بن مطرف المدني عن عمر بن نافع عن أبيه أنه قال : جاء رجل إلى ابن عمر ، فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثاً فتزوجها أخ له ليحلها لأخيه ، هل تحل للأول ؟ قال : لا ، إلا نكاح رغبة ، كنا نعد هذا سفاحاً على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى ، وصححه . واعلم أن المصنف استدل بهذا الحديث على كراهة النكاح المشروط به التحليل ، وظاهره يقتضي التحريم ، كما هو مذهب أحمد ، ولكن يقال : لما سماه محللاً دل على صحة النكاح ، لأن المحلل هو المثبت للحل ، فلو كان فاسداً لما سماه محللاً ، ثم أعاده المصنف مستدلاً به لأبي حنيفة على أن الزوج الثاني ، يهدم ما دون الثلاث كما يهدم الثلاث ، وفيه أثر جيد ،

رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير ، قال : كنت جالساً عند عبد اللّه بن عتبة بن مسعود ، إذ جاءه أعرابي فسأله عن رجل طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ، ثم انقضت عدتها فتزوجت زوجاً غيره ، فدخل بها ، ثم مات عنها أو طلقها ، ثم انقضت عدتها ، وأراد الأول أن يتزوجها على كم هي عنده ، فالتفت إلى ابن عباس ، وقال : ما تقول في هذا ؟ قال : يهدم الزوج الثاني الواحدة ، والثنتين ، والثلاث ، واسأل ابن عمر ، قال : فلقيت ابن عمر فسألته ، فقال : مثل ما قال ابن عباس ، انتهى . أحاديث الخصوم :

روى البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي ثنا ابن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، وعبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة ، وسليمان بن يسار أنهم سمعوا أبا هريرة يقول : سألت عمر بن الخطاب عن رجل من أهل البحرين طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ، ثم انقضت عدتها ، فتزوجها غيره ، ثم فارقها ، ثم تزوجها الأول ، قال : هي عنده على ما بقي ، انتهى .

وروي من حديث الحكم بن عتيبة عن يزيد بن جابر عن أبيه أنه سمع علي بن أبي طالب يقول : هي على ما بقي ، انتهى . باب الإِيلاء قوله : عن عثمان ، وعلي ، و العبادلة الثلاثة في الإِيلاء يقع به تطليقة بمضي أربعة أشهر ، قلت :

روى عبد الرزاق في مصنفه ثنا معمر عن عطاء الخراساني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عثمان بن عفان ، و زيد بن ثابت كانا يقولان في الإِيلاء : إذا مضت أربعة أشهر ، فهي تطليقة واحدة ، وهي أحق بنفسها ، وتعتد عدة المطلقة ، انتهى . حدثنا معمر ، وابن عيينة عن أيوب عن أبي قلابة ، قال : آلى النعمان من امرأته ، وكان جالساً عند ابن مسعود ، فضرب فخذه ، وقال : إذا مضت أربعة أشهر فاعترف بتطليقة ، انتهى .

وفي الموطأ عن علي خلاف هذا ، مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول : إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه الطلاق ، فإن مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق أو يفيء ، انتهى .

أخبرنا معمر عن قتادة أن علياً ، و ابن مسعود ، و ابن عباس ، قالوا : إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة ، وهي أحق بنفسها ، وتعتد عدة المطلقة ، انتهى . وأخرج نحوه عن عطاء ، وجابر بن زيد ، وعكرمة ، وابن المسيب ، وأبي بكر بن عبد الرحمن ، ومكحول ، وأخرج الدارقطني في سننه حديث عطاء الخراساني ، ثم قال : حدثنا أبو بكر الميموني ، قال : ذكرت لأحمد بن حنبل حديث عطاء الخراساني عن أبي سلمة عن عثمان هذا ، فقال : لا أدري ما هو ، قد روي عن عثمان خلافه ، قيل له : من رواه ؟ قال : حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن عثمان ، أنه توقف ، ثم

أخرج عن ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن شهاب عن سعيد بن المسيب ، وأبي بكر بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب كان يقول : إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة ، وهو أملك بردها ، مادامت في عدتها ، انتهى . وابن إسحاق صرح فيه بالتحديث ،

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، و ابن عمر ، قالا : إذا آلى فلم يفئ حتى إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة ، انتهى . وأخرج نحوه عن ابن الحنفية ، والشعبي ، والنخعي ، ومسروق ، والحسن ، وابن سيرين ، وقبيصة ، وسالم ، وأبي سلمة ،

وفي البخاري عن ابن عمر خلاف ما تقدم ، فقال : حدثنا قتيبة ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول : في الإِيلاء الذي سمى اللّه لا يحل لأحد بعد ذلك الأجل ، إلا أن يمسك بالمعروف ، أو يعزم بالطلاق ، كما أمر اللّه تعالى ، وقال لي إسماعيل بن أبي أويس : حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر ، قال : إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق ، ولا يقع عليها الطلاق ، حتى يطلق ، ويذكر ذلك عن عثمان ، وعلي ، وأبي الدرداء ، وعائشة ، واثني عشر رجلاً من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى . وفي موطأ مالك أنه بلغه عن مروان بن الحكم أنه كان يقضي في الرجل يولي من امرأته أنها إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة ، وله عليها الرجعة ما كانت في العدة ، قال مالك : وعلى هذا كان رأي ابن شهاب ، مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب ، وأبي بكر بن عبد الرحمن ، أنهما كانا يقولان بنحو ذلك . قوله :

روي عن ابن عباس أنه قال : لا إيلاء فيما دون أربعة أشهر ، قلت :

روى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا علي بن مسهر عن سعيد عن عامر الأحول عن عطاء عن ابن عباس ، قال : إذا آلى من امرأته شهراً ، أو شهرين ، أو ثلاثة - ما لم يبلغ الحد - فليس بإِيلاء ، انتهى . وأخرج نحوه عن عطاء ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، والشعبي ،