فهرس الكتاب

في الرجل يعتق نصيبه إن كان غنياً ضمن ، وإن

أخرجه البيهقي عن ابن إسحاق عن عبد اللّه بن مكرم الثقفي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فيمن خرج إليه من عبيد الطائف ، ثم وفد أهل الطائف ، فأسلموا ، فقالوا : يا رسول اللّه رد علينا رقيقنا الذين أتوك ، فقال : لا ، أولئك عتقاء اللّه ، ورد على كل رجل ولاء عبده ، انتهى كلامه . باب العبد يعتق بعضه الحديث السادس : قال عليه السلام : في الرجل يعتق نصيبه إن كان غنياً ضمن ، وإن كان فقيراً سعى العبد في حصة الآخر ، قلت :

أخرجه الأئمة الستة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من أعتق شقصاً له في عبد ، فخلاصه في ماله إن كان له مال ، فإِن لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه ، انتهى . أخرجه البخاري في العتق - وفي الشركة ، ومسلم في العتق - وفي النذور ، وأبو داود في العتق ، والترمذي ، وابن ماجه في الأحكام ، والنسائي في سننه الكبرى - في العتق ، وألفاظهم فيه متقاربة ، وفي لفظ في الصحيحين ، ويستسعى في نصيب الذي لم يعتق ، غير مشقوق عليه ، انتهى . قال أبو داود : ورواه روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة ، ولم يذكر السعاية ، ورواه جرير بن حازم ، وموسى بن خلف عن قتادة ، فذكرا فيه السعاية ، انتهى . وقال الترمذي : روى شعبة عن قتادة هذا الحديث ، ولم يذكر فيه أمر السعاية ، انتهى . وقال النسائي : أثبت أصحاب قتادة شعبة ، وهشام الدستوائي ، وسعيد بن أبي عروبة ، وقد اتفق شعبة ، وهشام على خلاف سعيد بن أبي عروبة ، وروايتهما أولى بالصواب عندنا ، وقد بلغني أن هماماً روى هذا الحديث عن قتادة ، فجعل الكلام الأخير : - وإن لم يكن له مال استسعى العبد ، غير مشقوق عليه - قول قتادة ، انتهى . وقال عبد الرحمن بن مهدي : أحاديث همام عن قتادة أصح من حديث غيره ، لأنه كتبها إملاءً ، وقال الدارقطني : روى هذا الحديث شعبة ، وهشام عن قتادة ، وهما أثبت ، فلم يذكرا فيه الاستسعاء ، ووافقهما همام ، وفصل الاستسعاء من الحديث ، فجعله من رأي قتادة ، قال : وسمعت أبا بكر النيسابوري يقول : ما أحسن ما رواه همام وضبطه ، فصل قول النبي صلى اللّه عليه وسلم من قول قتادة ، ورواه ابن أبي عروبة ، وجرير بن حازم عن قتادة ، فجعلا الاستسعاء من قول النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وأحسبهما وهما فيه لمخالفة شعبة ، وهشام ، وهمام إياهما ، انتهى . وقال الخطابي : اضطرب سعيد بن أبي عروبة في السعاية ، فمرة يذكرها ، ومرة لا يذكرها ، فدل على أنها ليست من متن الحديث عنده ، وإنما هو من كلام قتادة ، وتفسيره على ما ذكره همام وبينه ، ويدل على صحة ذلك حديث ابن عمر ،

رواه الأئمة الستة ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من أعتق شركاً له في عبد ، فكان له مال يبلغ ثمن العبد ، قوّم عليه قيمة عدل ، فأعطى شركاءه حصصهم ، وعتق عليه العبد ، وإلا فقد عتق منه ما عتق ، انتهى . قلت : في لفظ للبخاري : قال أيوب : لا أدري من قول نافع ، أو في الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - يعني قوله : فقد عتق منه ما عتق - ، وفي لفظ : قال : من أعتق شركاً له في مملوك ، وجب عليه أن يعتق كله ، إن كان له مال قدر ثمنه ، ويعطي شركاءه حصصهم ، ويخلي سبيل المعتق ، انتهى . ذكره في الشركة ، وقال البيهقي : فقد اجتمع ههنا شعبة مع فضل حفظه وعلمه ، بما سمع قتادة ، وما لم يسمع ، وهشام مع فضل حفظه ، وهمام مع صحة كتابته ، وزيادة معرفته بما ليس من الحديث على خلاف ابن أبي عروبة ، ومن تابعه من إدراج # السعاية في الحديث ، وفي هذا ما يضعف ثبوت الاستسعاء بالحديث ، وذكر أبو بكر الخطيب أن أبا عبد الرحمن عبد اللّه بن يزيد المقري رواه عن همام ، وزاد فيه ذكر الاستسعاء ، وجعله من قول قتادة ، وميزه من كلام النبي صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى . وقال البيهقي في المعرفة : وقد حمل بعض أهل العلم السعاية المذكورة في الحديث على استسعاء العبد عند إعسار الشريك باختيار العبد دون إجباره عليه ، بدليل قوله : غير مشقوق عليه ، وفي إجباره على السعي في قيمته ، وهو لا يريده مشقة عظيمة ، انتهى . وقال صاحب التنقيح : وقد تكلم جماعة من الأئمة في حديث سعيد هذا ، وضعفوا ذكر الاستسعاء ، وقالوا : الصواب أن ذكر الاستسعاء من رأي قتادة ، كما رواه همام عنه ، فجعله من قوله ، وفي قول هؤلاء الأئمة نظر ، فإِن سعيد بن أبي عروبة من الأثبات في قتادة ، وليس هو بدون همام ، وقد تابعه جماعة على ذكر الاستسعاء ، ورفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهم جرير بن حازم ، وأبان بن يزيد العطار ، وحجاج بن حجاج ، وموسى بن خلف ، وحجاج بن أرطاة ، ويحيى بن صبيح الخراساني ، انتهى . أحاديث الباب :

روى الطبراني في كتاب مسند الشاميين حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة حدثني أبي عن أبيه ، قال : زعم أبو معيد حفص بن غيلان عن سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر ح وعن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد اللّه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : من أعتق شركاً ، وله وفاء ، فهو حر ، وضمن نصيب شركائه بقيمة عدل ، فإِن لم يكن له شيء استسعى العبد ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه ابن عدي في الكامل عن داود بن الزبرقان عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : من أعتق شقصاً له من رقيق ، فإِن عليه أن يعتق بقيَّته ، فإِن لم يكن له مال استسعى العبد ، انتهى . وأعله بداود بن الزبرقان ، وضعفه عن ابن معين ، والنسائي ، ثم قال : وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم ، انتهى . باب التدبير حديث : قال عليه السلام في المدبر : لا يباع ، ولا يوهب ، ولا يورث ، وهو حر من الثلث ، قلت :

أخرجه الدارقطني بنقص : ولا يورث من رواية عبيدة بن حسان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : المدبر لا يباع ، ولا يوهب ، وهو حر من من ثلث المال ، انتهى . قال الدارقطني : لم يسنده غير عبيدة بن حسان ، وهو ضعيف ، وإنما هو عن ابن عمر من قوله ،

وأخرجه الدارقطني أيضاً عن علي بن ظبيان ثنا عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : المدبر من الثلث ، انتهى . وعلي بن ظبيان ضعيف ، قال الدارقطني في علله : هذا حديث يرويه عبيد اللّه بن عمر ، وأيوب ، واختلف عنهما ، فرواه علي بن ظبيان عن عبيد اللّه عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً ، وغير ابن ظبيان يرويه موقوفاً ، ورواه عبيدة بن حسان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً ، وغير عبيدة بن حسان يرويه موقوفاً ، والموقوف أصح ، انتهى . وقال ابن أبي حاتم في علله : سئل أبو زرعة عن حديث رواه علي بن ظبيان عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : المدبر من الثلث ، فقال أبو زرعة : هذا حديث باطل ، قال ابن أبي حاتم : ورواه خالد بن ألياس عن نافع عن ابن عمر ، قال : المدبر من الثلث ، من قوله ، انتهى . وقال ابن القطان في كتابه : عبيدة هذا قال فيه أبو حاتم : منكر الحديث ، وأبو معاوية عمرو بن عبد الجبار الجزري راويه عنه مجهول الحال ، وقد رواه حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر من قوله ، وهو الصحيح لثقة حماد ، وضعف عبيدة ، انتهى . - أحاديث الخصوم :

أخرج البخاري ، ومسلم عن عمرو بن دينار عن جابر أن رجلاً من الأنصار أعتق غلاماً له عن دبر لم يكن له مال غيره ، فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن عبد اللّه بثمانمائة درهم ، فدفعها إليه ، قال عمرو : سمعت جابراً يقول : عبداً قبطياً مات عام أول ، انتهى . وأخرجه النسائي ، وقال فيه : وكان محتاجاً ، كان عليه دين فباعه عليه السلام بثمانمائة درهم ، وقال : اقض بها دينك ، ووقع في لفظ للترمذي ، والدارقطني أنه مات ولم يترك مالاً غيره ، فباعه عليه السلام في ديْنه ، قال أبو بكر النيسابوري : هذا خطأ ، والصحيح أن سيد العبد كان حياً يوم بيع المدبر ، انتهى . حديث آخر : موقوف ،

رواه مالك في الموطأ من رواية القعنبي عنه عن محمد بن عبد الرحمن بن حارثة أبي الرجال عن عمرة عن عائشة أنها مرضت ، فتطاول مرضها ، فذهب بنو أخيها إلى رجل ، فذكروا له مرضها ، فقال : إنكم تخبروني خبر امرأة مطبوبة ، قال : فذهبوا ينظرون ، فإذا جارية لها سحرتها ، وكانت قد دبرتها ، فدعتها ، ثم سألتها ماذا أردت ؟ قالت : أردت أن تموتي حتى أعتق ، قالت : فإن للّه عليّ أن تباعي من أشد العرب ملكة ، فباعتها ، وأمرت بثمنها ، فجعل في مثلها ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك - في كتاب الطب ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، انتهى . ولنا عن ذلك جوابان : أحدهما : إنا نحمله على المدبّر المقيد ، والمدبّر المقيد عندنا يجوز بيعه ، إلا أن يثبتوا أنه كان مدبّراً مطلقاً ، وهم لا يقدرون على ذلك ، وكونه لم يكن له مال غيره ليس علة في جواز بيعه ، لأن المذهب فيه أن العبد يستسعى في قيمته ، يدل عليه

ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن زياد الأعرج عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في رجل أعتق عبده عند الموت ، وترك ديْناً ، وليس له مال ، قال : يستسعى العبد في قيمته ، انتهى . ثم أخرج عن علي نحوه سواء ، والأول مرسل ، يشده هذا الموقوف ، واللّه أعلم ، الجواب الثاني : إنا نحمله على بيع الخدمة والنفقة ، لا بيع الرقبة ، بدليل

ما أخرجه الدارقطني عن عبد الغفار بن القاسم عن أبي جعفر ، قال : ذكر عنده أن عطاء ، وطاوساً يقولان عن جابر في الذي أعتقه مولاه في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : كان أعتقه عن دبر ، فأمره أن يبيعه ويقضي ديْنه ، فباعه بثمانمائة درهم ، قال أبو جعفر : شهدت الحديث من جابر ، إنما أذن في بيع خدمته ، انتهى . قال الدارقطني : وأبو جعفر هذا ، وإن كان من الثقات ، ولكن حديثه هذا مرسل ، انتهى . قال عبد الحق في أحكامه : أخرجه ابن عدي عن أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الكوفي عن أبي جعفر عن جابر بن عبد اللّه في قصة هذا المدبر ، وفيه : وإنما أذن النبي صلى اللّه عليه وسلم في بيع خدمته ، قال عبد الحق : وعبد الغفار هذا يرمى بالكذب ، وكان غالياً في التشيع ، انتهى . وقال ابن القطان في كتابه : هو مرسل صحيح ، لأنه من رواية عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ، وهو ثقة عن أبي جعفر ، وهو ثقة ، انتهى . وقال صاحب التنقيح : وعبد الغفار من غلاة الشيعة ، وقد روى عنه شعبة ، قال ابن عدي : ومع ضعفه يكتب حديثه ، انتهى . قوله : وولد المدبرة مدبر ، وعلى ذلك نقل إجماع الصحابة ، قلت :