فهرس الكتاب

لا تقام الحدود في دار الحرب

أخرجه عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس ، ذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال في الذي يأتي البهيمة : اقتلوا الفاعل والمفعول به ، انتهى . وسكت عنه ، وأخرجه أحمد في مسنده أعني حديث عباد بن منصور . الحديث الخامس : قال عليه السلام : لا تقام الحدود في دار الحرب ، قلت : غريب ،

وأخرج البيهقي عن الشافعي ، قال : قال أبو يوسف : حدثنا بعض أشياخنا عن مكحول عن زيد بن ثابت ، قال : لا تقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يلحق أهلها بالعدو ، قال :

وحدثنا بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد عن حكيم بن عمير أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمير بن سعد الأنصاري ، وإلى عماله أن لا يقيموا حداً على أحد من المسلمين في أرض الحرب ، حتى يخرجوا إلى أرض المصالحة ، قال الشافعي : ومن هذا الشيخ ؟ ومكحول لم ير زيد بن ثابت ، انتهى . وهذا الأخير رواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا ابن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم عن حكيم بن عمير به ، وزاد : لئلا تحمله حمية الشيطان أن يلحق بالكفار ، انتهى . أثر آخر :

رواه ابن أبي شيبة أيضاً حدثنا ابن المبارك عن أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي مريم عن حميد بن عقبة بن رومان ، أن أبا الدرداء نهى أن يقام على أحد حد في أرض العدو ، انتهى . حديث مرفوع :

أخرجه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي عن بسر بن أرطاة قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : لا تقطع الأيدي في السفر ، انتهى . ولفظ الترمذي : في الغزو ، قال الترمذي : حديث غريب ، والعمل عليه عند بعض أهل العلم ، منهم الأوزاعي يرون أن لا يقام الحد في الغزو بحضرة العدو ، ومخافة أن يلحق من يقام عليه الحد بالعدو ، فإذا رجع الإِمام إلى دار الإِسلام أقام عليه الحد ، انتهى . وبسر بن أرطاة ، ويقال : ابن أبي أرطاة اختلف في صحبته ، قال البيهقي في المعرفة : أهل المدينة ينكرون سماع بسر بن أبي أرطاة من النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فكان يحيى بن معين يقول : بسر بن أبي أرطاة رجل سوء ، قال البيهقي : وذلك لما اشتهر من سوء فعله في قتال أهل الحرة ، انتهى . وقال ابن سعد في الطبقات : قال الواقدي : بسر بن أبي أرطاة أدرك النبي صلى اللّه عليه وسلم صغيراً ، ولم يسمع منه شيئاً ، وقال غيره : إنه سمع منه ، انتهى . واستدل البيهقي للشافعي في إقامة الحدود بدار الحرب ، بإِطلاق الآيات الواردة في حد الزاني ، وقطع السارق ، وجلد القاذف ،

وبما أخرجه أبو داود في المراسيل عن مكحول عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : أقيموا حدود اللّه في السفر والحضر ، على القريب والبعيد ، ولا تبالوا في اللّه لومة لائم ، ورويناه بإِسناد موصول في السنن ، انتهى . باب الشهادة على الزنا خالٍ قوله : وإن نقص عدد الشهود عن أربعة حدوا ، لأنهم قذفة ، قلت : فيه أثر

رواه الإِمام القاسم بن ثابت السرقسطي في كتاب غريب الحديث حدثنا إبراهيم بن حميد ثنا أبو الحسن ثنا الفضل بن دكين ثنا الوليد ثنا أبو الطفيل ، قال : أقبل رهط معهم امرأة حتى نزلوا مكة ، فخرجوا لحوائجهم ، وتخلف رجل مع المرأة ، فلما رجعوا وجدوه بين رجليها ، وعلى مكة يومئذ نافع بن عبد الحارث الخزاعي ، فشهد ثلاثة منهم أنهم رأوه يهبّ فيها ، كما يهبّ المِرود في المكحلة ، وقال الرابع : لم أر المرود في المكحلة ، ولكن رأيت إسته يضرب إستها ، ورجلاها عليه ، كأذني الحمار ، فكتب نافع إلى عمر ، فكتب إليه عمر : إن شهد الرابع بما شهد الثلاثة فارجمهما ، إن كانا أحصنا ، وإلا فاجلدهما ، وإن لم يشهد إلا بما قال ، فاجلد الشهود الثلاثة ، وخل سبيل المرأة ، انتهى . وقال : الهبّ الاهتزاز . أثر آخر :

أخرجه الحاكم في المستدرك في فضائل المغيرة بن شعبة عن أبي عتاب سهل بن حماد ثنا أبو كعب - صاحب الحرير - عن عبد العزيز بن أبي بكرة ، قال : كنا جلوساً عند باب الصغير الذي في المسجد ، أبو بكرة ، وأخوه نافع ، وشبل بن معبد ، فجاء المغيرة بن شعبة يمشي في ظلال المسجد ، والمسجد يومئذ من قصب ، والمغيرة يومئذ أمير البصرة ، أمره عليها عمر بن الخطاب ، فانتهى إلى أبي بكرة ، فسلم عليه ، فقال له أبو بكرة : أيها الأمير ليس لك ذلك ، اجلس في بيتك ، وابعث إلى من شئت ، فتحدث معه ، قال : يا أبا بكرة ولا بأس ، ثم دخل المغيرة من باب الأصغر ، حتى تقدم إلى باب أم جميل ، امرأة من قيس فدخل عليها ، فقال أبو بكرة : واللّه لا صبر لي على هذا ، ثم بعث غلاماً له ، وقال له : ارق الغرفة ، وانظر من الكوة ، فذهب ، فنظر ، فلم يلبث أن رجع ، فقال : وجدتهما في لحاف ، فقال أبو بكرة للقوم : قوموا معي ، فقاموا ، فبدأ أبو بكرة ، فنظر ، ثم استرجع ، ثم قال لأخيه : انظر ، فنظر ، قال له : ما رأيت ؟ قال : الزنا محضاً ، ثم قال لشبل : انظر ، فنظر ، فقال مثل ذلك ، ثم قال : يا زياد ، انظر ، فنظر ، فقال مثل ذلك ، فقال : أشهد اللّه عليكم ؟ قالوا : نعم ، ثم كتب أبو بكرة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بما رأى ، فبعث عمر أبا موسى الأشعري - أميراً على البصرة - وأمره أن يرسل إليه المغيرة ، ومعه أبو بكرة ، وشهوده ، فلما قدم أبو موسى أرسل بالمغيرة ، وأبي بكرة ، وشهوده ، وقال للمغيرة : ويل لك إن كان مصدوقاً عليك ، وطوبى لك إن كان مكذوباً عليك ، فلما قدموا على عمر ، قال لأبي بكرة : هات ما عندك ، قال : أشهد أني رأيت الزنا محضاً ، ثم تقدم أخوه نافع ، فقال : نحو ذلك ، ثم تقدم شبل بن معبد البجلي ، فقال نحو ذلك ، ثم تقدم زياد ، فقال له : ما رأيت ؟ قال : رأيتهما في لحاف ، وسمعت نفساً عالياً ، ولا أدري ما وراء ذلك ، فكبر عمر ، وفرح إذ نجا المغيرة ، وضرب القوم الحد ، إلا زياداً ، انتهى . وسكت عنه . طريق آخر :

رواه عبد الرزاق في تفسيره أخبرنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن ابن المسيب ، قال : شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة نفر بالزنا ، ونكل زياد ، فحد عمر الثلاثة ، ثم سألهم أن يتوبوا ، فتاب اثنان ، فقبلت شهادتهما ، وأبى أبو بكرة أن يتوب ، فكانت شهادته لا تقبل حتى مات ، وعاد مثل النصل من العبادة ، انتهى . طريق آخر :

أخرجه الطبراني في معجمه عن عبد الرزاق ثنا الثوري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي ، قال : شهد أبو بكرة ، ونافع ، وشبل بن معبد على المغيرة بن شعبة أنهم نظروا إليه كما ينظرون إلى المرود في المكحلة ، ونكل زياد ، فقال عمر : هذا رجل لا يشهد إلا بحق ، ثم جلدهم عمر الحد ، انتهى . ورواه ابن سعد في الطبقات - في ترجمة المغيرة أخبرنا الواقدي حدثني معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب ، فذكره بلفظ عبد الرزاق ، وزاد : قال : وكان ذلك سنة سبعة عشر ، ثم ولاه عمر بعد ذلك الكوفة ، يعني المغيرة ، انتهى . باب حد الشرب حديث : روي عنه عليه السلام : من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، قلت : روي من حديث أبي هريرة ، ومن حديث معاوية ، ومن حديث ابن عمر ، ومن حديث قبيصة بن ذؤيب ، ومن حديث جابر ، ومن حديث الشريد ، ومن حديث الخدري ، ومن حديث عبد اللّه بن عمرو ، ومن حديث جرير ، ومن حديث ابن مسعود ، ومن حديث شرحبيل بن أوس ، ومن حديث غطيف . فحديث أبي هريرة :

أخرجه أصحاب السنن - إلا الترمذي - عن ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن المدني عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إذا سكر فاجلدوه ، ثم إن سكر فاجلدوه ، ثم إن سكر فاجلدوه ، فإن عاد الرابعة فاقتلوه ، انتهى . ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع الرابع والخمسين ، من القسم الثاني ، وقال : معناه إذا استحل ، ولم يقبل التحريم ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، انتهى .

ورواه عبد الرزاق في مصنفه ثنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً ، بلفظ : من شرب الخمر فاجلدوه ، الحديث . وعن عبد الرزاق رواه أحمد في مسنده . وحديث معاوية :

أخرجوه - إلا النسائي - عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن معاوية ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من شرب الخمر فاجلدوه ، إلى آخره : ولفظ أبي داود : إذا شربوا الخمر فاجلدوهم ، الحديث ، قال الترمذي : سمعت محمد بن إسماعيل يقول : حديث أبي صالح عن معاوية أصح من حديث أبي صالح عن أبي هريرة ، انتهى . ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع التاسع والسبعين ، من القسم الأول ، والحاكم في المستدرك ، وسكت عنه ، قال شيخنا الذهبي في مختصره : هو صحيح ، انتهى . وأخرجه النسائي في سننه الكبرى . - وحديث ابن عمر :

أخرجه النسائي في الأشربة عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن ابن عمر ، ونفر من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم : من شرب الخمر فاجلدوه ، إلى آخره ، ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، انتهى . قال ابن القطان في كتابه : قال ابن معين : عبد الرحمن هذا ضعيف ، انتهى . ورواه أبو داود ، محيلاً على حديث معاوية ، فقال : حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن حميد بن يزيد عن نافع عن ابن عمر ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال بهذا المعنى ، وأحسبه قال في الخامسة : إن شربها فاقتلوه ، قال أبو داود : وكذا حديث غطيف في الخامسة ، انتهى . وحديث قبيصة :

رواه أبو داود في سننه حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ثنا سفيان ، قال الزهري : أنبأ عن قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، فإن عاد في الثالثة أو الرابعة ، فاقتلوه ، فأتي برجل قد شرب فجلده ، ثم أتي به فجلده ، ثم أتي به فجلده ، ورفع القتل ، وكانت رخصة ، قال سفيان : حدث الزهري بهذا الحديث ، وعنده منصور بن المعتمر ، ومخول بن راشد ، فقال لهما : كونا وافدي أهل العراق بهذا الحديث ، انتهى . وقبيصة في صحبته خلاف . وحديث جابر :

أخرجه النسائي في سننه الكبرى عن محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً : من شرب الخمر فاجلدوه ، إلى آخره ، قال : ثم أتي النبي صلى اللّه عليه وسلم برجل قد شرب الخمر في الرابعة ، فجلده ، ولم يقتله ، انتهى . وزاد في لفظ : فرأى المسلمون أن الحد قد وقع ، وأن القتل قد رفع ، انتهى .

ورواه البزار في مسنده عن ابن إسحاق به أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أتي بالنعمان قد شرب الخمر ثلاثاً ، فأمر بضربه ، فلما كان في الرابعة أمر به فجلد الحد ، فكان نسخاً ، انتهى . وحديث الخدري :

أخرجه ابن حبان في صحيحه عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً : من شرب الخمر ، فاجلدوه ، إلى آخره ، ثم قال : وهذا الخبر سمعه أبو صالح من معاوية ، ومن أبي سعيد معاً ، انتهى . وحديث عبد اللّه بن عمرو : أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق إسحاق بن راهويه أنبأ معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد اللّه بن عمرو مرفوعاً نحوه ، وسكت عنه ، ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا وكيع عن قرة عن الحسن عن عبد اللّه بن عمرو ، ورواه أحمد في مسنده حدثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن شهر بن حوشب به ، ورواه ابن راهويه في مسنده حدثنا النضر بن شميل ثنا قرة بن خالد عن الحسن به ، وزاد : فكان عبد اللّه بن عمرو يقول : ائتوني برجل شرب الخمر أربع مرات ، فلكم عليّ أن أضرب عنقه ، انتهى . وكذلك لفظ عبد الرزاق : ائتوني برجل قد جلد فيه ثلاثاً ، فلكم علي ، الحديث ، ومن طريق ابن راهويه رواه الطبراني في معجمه . وحديث جرير : رواه الحاكم في المستدرك من حديث سماك بن حرب عن خالد بن جرير عن جرير بن عبد اللّه البجلي مرفوعاً نحوه ، ورواه الطبراني في معجمه . - وحديث ابن مسعود : رواه الطبراني في معجمه . - وحديث شرحبيل : أخرجه الحاكم في المستدرك عن شعبة عن يزيد بن أبي كبشة عن رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم مرفوعاً ، ثم نقل عن بعض رواته أنه قال : هو شرحبيل بن أوس ، وسكت عنه ، ورواه الطبراني في معجمه حدثنا أبو زرعة الدمشقي ثنا أبو اليمان ، الحكم بن نافع ثنا حريز بن عثمان حدثني نمران بن مخبر عن شرحبيل بن أوس الكندي ، قال : وكان من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فذكره . وحديث غطيف :

فرواه البزار في مسنده ، والطبراني في معجمه من حديث إسماعيل بن عياش عن سعيد بن سالم عن معاوية بن عياض بن غطيف بن الحارث عن أبيه عن جده غطيف ، قال : سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول : من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، ثم إن عاد فاجلدوه ، انتهى . لم يذكر فيه القتل ، قال البزار : لا نعلم روى غطيف غير هذا الحديث . - وحديث الشريد : أخرجه الحاكم في المستدرك عن ابن إسحاق عن الزهري عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد مرفوعاً بنحوه ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، انتهى . والمصنف استدل بالحديث على الحد من الخمر ، ولم يتعرض لنسخ القتل ، لكنه أعاده في الأشربة ، وذكر نسخ القتل . قوله : روي عن ابن مسعود أنه قال : فإن وجدتم رائحة الخمر فاجلدوه ، قلت : غريب بهذا اللفظ ،

وروى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري عن يحيى بن عبد اللّه التيمي الجابر عن أبي ماجد الحنفي ، قال : جاء رجل بابن أخ له سكران إلى عبد اللّه بن مسعود ، فقال عبد اللّه : ترتروه ، ومزمزوه ، واستنكهوه ، ففعلوا ، فرفعه إلى السجن ، ثم عاد به من الغد ، ودعا بسوط ، ثم أمر بثمرته فدقت بين حجرين حتى صارت درة ، ثم قال للجلاد : اجلد ، وارجع # يدك ، واعط كل عضو حقه ، انتهى . ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه ، ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا جرير بن عبد الحميد عن يحيى بن عبد اللّه الجابر به ،

وأخرج البخاري ، ومسلم في صحيحيهما عن ابن مسعود أنه قرأ سورة يوسف ، فقال رجل : ما هكذا أنزلت ، فقال عبد اللّه : واللّه لقرأتها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : أحسنت ، فبينا هو يكلمه إذ وجد منه رائحة الخمر ، فقال : أتشرب الخمر ، وتكذب بالكتاب ؟ ! فضربه الحدّ ، انتهى .

وأخرج الدارقطني في سننه بسند صحيح عن السائب بن يزيد عن عمر بن الخطاب أنه ضرب رجلاً وجد منه ريح الخمر ، وفي لفظ : ريح شراب الحد تاماً ، انتهى . قوله : وحد الشرب ، ثبت بالإِجماع من الصحابة ، ولا إجماع إلا برأي ابن مسعود ، وقد شرط قيام الرائحة على ما رويناه ، قلت : تقدم كل ذلك . قوله : روي أن عمر رضي اللّه عنه أقام الحد على أعرابي سكر من النبيذ ، قلت :

أخرجه الدارقطني في سننه عن سعيد بن ذي لعوة أن أعرابياً شرب من إداوة عمر نبيذاً فسكر ، فضربه الحد ، انتهى . قال الدارقطني : هذا لا يثبت ، انتهى . ورواه العقيلي في كتابه ، وزاد فيه : فقال الأعرابي : إنما شربته من إداوتك ، فقال عمر : إنما جلدناك على السكر ، انتهى . وأعله بسعيد ابن ذي لعوة ، وأسند تضعيفه عن البخاري ، وقال البيهقي في المعرفة : قال البخاري : سعيد بن ذي لعوة عن عمر في النبيذ يخالف الناس في حديثه ، لا يعرف ، وقال بعضهم : سعيد بن حدان ، وهو وهم ، انتهى . وقال في التنقيح : قال ابن المديني : سعيد هذا مجهول ، وقال أبو حاتم : لا أعلم روى عنه غير الشعبي ، وأبي إسحاق ، انتهى . طريق آخر :

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا ابن مسهر عن الشيباني عن حسان بن مخارق ، قال : بلغني أن عمر بن الخطاب ساير رجلاً في سفر ، وكان صائماً ، فلما أفطر أهوى إلى قربة لعمر معلقة فيها نبيذ فشرب منها ، فسكر ، فضربه عمر الحد ، فقال : إنما شربت من قربتك ، فقال له عمر : إنما جلدناك لسكرك ، انتهى . طريق آخر :

روى الزهري عن السائب بن يزيد عن عمر أنه قال : بلغني أن عبيد اللّه بن عمر ، وأصحابه شربوا شراباً ، وأنا سائل عنهم ، فإن كان يسكر حددتهم ، قال السائب : فأنا شهدت عمر حدهم ، انتهى . ينظر الأطراف . طريق آخر :

رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا ابن جريج عن إسماعيل أن رجلاً عبّ في شراب نبذ لعمر بن الخطاب بطريق المدينة ، فسكر ، فتركه عمر حتى أفاق ، ثم حده ، انتهى . أحاديث الباب :

أخرج الدارقطني في سننه عن عمران بن داور # عن خالد بن دينار عن أبي إسحاق عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أتي برجل قد سكر من نبيذ تمر ، فجلده ، انتهى . وعمران بن داور - بفتح الدال والواو - فيه مقال ، وأخرجه في الأشربة عن أبي العوام القطان حدثني عمرو بن دينار عن ابن عمر به ،

ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن النجراني عن ابن عمر ، قال : أتي النبي صلى اللّه عليه وسلم بسكران فضربه الحد ، وقال له ما شرابك ؟ قال : تمر وزبيب ، فقال : لا تخلطوهما جميعاً ، يكفي أحدهما من صاحبه ، انتهى . أثر :

أخرجه الدارقطني في سننه عن وكيع عن شريك عن فراس عن الشعبي أن رجلاً شرب من إداوة علي نبيذا بصفين ، فسكر ، فضربه الحد ، انتهى . ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن الشعبي عن علي بنحوه ، وقال : فضربه ثمانين . أثر آخر :

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد اللّه بن نمير عن حجاج عن أبي عون عن عبد اللّه بن شداد عن ابن عباس ، قال : في السكر من النبيذ ثمانون ، انتهى . قوله : وحد الخمر والسكر ثمانون سوطاً في الحر ، لإِجماع الصحابة ، قلت : فيه أحاديث ،

فروى البخاري في صحيحه من حديث السائب بن يزيد ، قال : كنا نؤتى بالشارب على عهد 5606 رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإمرة أبي بكر ، وصدراً من خلافة عمر ، فنقوم إليه بأيدينا ، ونعالنا ، وأرديتنا . حتى كان آخر إمرة عمر ، فجلد أربعين ، حتى إذ عتوا وفسقوا ، جلد ثمانين ، انتهى . - حديث آخر :

أخرجه مسلم عن أنس بن مالك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد ، والنعال ، ثم جلد أبو بكر أربعين ، فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى ، قال : ما ترون في جلد الخمر ؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : أرى أن تجعله كأخف الحدود ، قال : فجلد عمر ثمانين ، انتهى . هكذا وقع في مسلم أن عبد الرحمن بن عوف هو الذي أشار على عمر بالثمانين ، ووقع في الموطأ ، وغيره أن الذي أشار على عمر هو علي بن أبي طالب ،

رواه مالك في الموطأ عن ثور بن زيد الديلي عن عمر بن الخطاب أنه استشار في الخمر يشربها الرجل ، فقال له علي بن أبي طالب : نرى أن تجلده ثمانين ، فإنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وعلى المفتري ثمانون ، فاجعله حد الفرية ، فجلد عمر في الخمر ثمانين ، انتهى . وعن مالك رواه الشافعي في مسنده ، ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة . طريق آخر :

أخرجه الحاكم في المستدرك ، وصححه عن ثور بن زيد الديلي عن عكرمة عن ابن عباس أن الشراب كانوا يضربون على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالأيدي ، والنعال ، والعصي حتى توفي ، فكان أبو بكر يجلدهم أربعين حتى توفي ، إلى أن قال : فقال عمر : ماذا ترون ؟ فقال علي رضي اللّه عنه : إنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وعلى المفتري ثمانون جلدة ، فأمر به عمر فجلد ثمانين ، انتهى . وكذلك أخرجه الدارقطني في سننه . طريق آخر :

رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أيوب عن عكرمة أن عمر بن الخطاب شاور الناس في جلد الخمر ، وقال : إن الناس قد شربوها واجترءُوا عليها ، فقال له علي : إن السكران إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فاجعله حد الفرية ، فجعله عمر حد الفرية ثمانين ، انتهى . الأحاديث الواردة في الثمانين :

روى أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل حدثني هشام بن يوسف أخبرني عبد الرحمن بن صخر الإفريقي عن جميل بن كريب عن عبد اللّه بن يزيد عن عبد اللّه بن عمرو قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من شرب بسقة خمر ، فاجلدوه ثمانين ، انتهى . وأشار إليه بالتضعيف صاحب التنقيح ، فقال : وروي بإِسناد غريب لا يثبت عن عبد اللّه بن عمرو مرفوعاً : من شرب بسقة خمر فاجلدوه ثمانين ، انتهى . حديث آخر :

رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن رشدين ثنا عبد الغفار بن داود أبو صالح الحراني ثنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نبيه بن وهب عن محمد ابن الحنفية عن أبيه علي بن أبي طالب أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جلد في الخمر ثمانين ، انتهى . وقال : لا يروى هذا الحديث إلا بهذا الإِسناد . حديث آخر : مرسل

رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن عوف عن الحسن أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ضرب في الخمر ثمانين ، انتهى . قال في التنقيح : وأما ما ورد في مسلم عن أنس قال : أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم برجل قد شرب الخمر فضربه بجريدتين نحو الأربعين ، وفعله أبو بكر ، فلما كان عمر استشار الناس ، فقال عبد الرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون ، فأمر به عمر ، فهذا لم يقع من النبي صلى اللّه عليه وسلم حداً ، وإلا لما تجاوزته الصحابة ، وإنما فعله زجراً وعقوبة ، فبلغ ضربه نحو الأربعين ، فلما فهمت الصحابة ذلك ألحقوه بأخف الحدود ، وقد