فهرس الكتاب

وادع أهل مكة عام الحديبية على أن يضع الحرب بينه وبينهم

روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم وادع أهل مكة عام الحديبية على أن يضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين ، قلت :

رواه أبو داود في سننه من حديث محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ، و مروان بن الحكم أنهم اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين ، يأمن فيها الناس ، وعلى أن بيننا عيبة مكفوفة ، وأنه لا إسلال ، ولا إغلال ، انتهى .

ورواه أحمد في مسنده مطولاً بقصة الفتح : حدثنا يزيد بن هارون ثنا ابن إسحاق به ، قالا : خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت ، لا يريد قتالاً ، وساق معه الهدي سبعين بدنة ، وكان الناس سبعمائة رجل ، فكانت كل بدنة عن عشرة ، إلى أن قال : ثم دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علي بن أبي طالب ، فقال له : اكتب : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، فقال سهيل بن عمرو : لا أعرف هذا ، ولكن اكتب باسمك اللّهم ، فقال عليه السلام : اكتب باسمك اللّهم ، هذا ما صالح عليه محمد رسول اللّه سهيل بن عمرو ، فقال سهيل : لو شهدت أنك رسول اللّه لم أقاتلك ، ولكن اكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد اللّه ، وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين ، يأمن فيها الناس ، ويكف بعضهم عن بعض ، الحديث بطوله ، وروى الواقدي في المغازي حدثني ابن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة عن واقد بن عمرو ، فذكر قصة الحديبية ، وفيها : فكتب : باسمك اللّهم هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد اللّه ، وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين ، يأمن فيها الناس ، ويكف بعضهم عن بعض ، على أنه لا إسلال ولا إغلال ، وأن بيننا عيبة مكفوفة ، الحديث . وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة - في أبواب قصة الحديبية عن عروة بن الزبير ، وموسى بن عقبة مرسلاً ، فذكر القصة ، وفي آخرها : فكان الصلح بين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبين قريش سنتين ، قال البيهقي : وقولهما : سنتين يريد أن بقاءه حتى نقض المشركون عهدهم ، وخرج النبي صلى اللّه عليه وسلم إليهم حينئذ لفتح مكة ، فأما المدة التي وقع عليها عقد الصلح فيشبه أن يكون المحفوظ ما رواه محمد بن إسحاق ، وهي عشر سنين ، انتهى كلامه . وقال السهيلي في الروض الأنف في كلامه على غزوة الحديبية : واختلف العلماء هل يجوز الصلح إلى أكثر من عشر سنين ؟ وحجة المانعين أن منع الصلح هو الأصل ، بدليل آية القتال ، وقد ورد التحديد بالعشر في حديث ابن إسحاق ، فحصلت الإِباحة في هذا القدر ، ويبقى الزائد على الأصل ، انتهى . وقال أبو الفتح اليعمري في سيرته ، عيون الأثر : ليس في مطلق الأمر بالقتال ما يمنع من الصلح ، وإن كان المراد ما في سورة براءة من ذلك ، مما نزل بعد هذه الواقعة ، ففي التخصيص بذلك اختلاف بين العلماء ، وأما تحديد هذه المدة بعشر سنين ، فأهل النقل مختلفون في ذلك ، فوقع في رواية ابن إسحاق عشر سنين ووقع في رواية # موسى بن عقبة # أنه كان سنتين ، وكذلك ابن عائذ عن محمد بن شعيب عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس ، أن مدة الصلح كانت إلى سنتين ، انتهى . وفي - كتاب شيخنا علاء الدين - مقلداً لغيره في الصحيح عن مسور ، ومروان في قصة الحديبية : وخرج سهيل بن عمرو إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى وقع الصلح ، على أن يوضع الحرب بينهم عشر سنين ، وهذا ليس في الصحيح ، وإنما هو عند أبي داود ، كما تقدم . الحديث الثاني :