فهرس الكتاب

المسلمون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم

في الصحيحين ليس فيه أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم لثمامة أن يرد الميرة على أهل مكة ، أخرجاه عن الليث بن سعد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ، قال : بعث النبي صلى اللّه عليه وسلم خيلاً قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له : ثمامة بن أثال ، الحديث . ذكره البخاري في المغازي - في باب وفد بني حنيفة ، ومسلم في باب ترك الأسارى والمنّ عليهم بقية الحديث ، يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال له : ماذا عندك يا ثمامة ؟ قال : خير يا محمد ، إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال ، فسل تعط ما شئت ، فتركه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى كان الغد ، فقال له مثل ذلك ، وقال له في اليوم الثالث مثله ، ثم أمر به فأطلق ، فذهب ثمامة إلى نخل قريب من المسجد ، فاغتسل ، ثم دخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، يا محمد واللّه ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليّ ، ولا كان دين أبغض إلي من دينك ، فقد أصبح دينك أحب الدين كله إليّ ، ولا كان بلد أبغض إلي من بلدك ، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي ، وإن خيلك أخذتني ، وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى ؟ فأمره عليه السلام أن يعتمر ، فلما قدم مكة قيل له : أصبوت ؟ فقال : لا ، ولكني أسلمت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، واللّه لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى . فصل الحديث السادس : قال عليه السلام : المسلمون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، قلت : احتج المصنف بقوله : ويسعى بذمتهم أدناهم على جواز أمان الرجل الواحد ، أو المرأة الواحدة لأهل مدينة أو حصن ، وهو

في الصحيحين أخرجه البخاري في الجهاد ، ومسلم في الحج عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي بن أبي طالب ، قال : ما كتبنا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا القرآن ، وما في هذه الصحيفة ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل اللّه منه يوم القيامة صرفاً ، ولا عدلاً ، وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ، فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل اللّه منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً ، انتهى .

وأخرج البخاري نحوه من حديث أنس ، وأخرجه مسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : المدينة حرم ، فمن أحدث فيها حدثاً ، أو آوى محدثاً فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل ، وذمة المسلمين واحدة ، يسعى بها أدناهم ، فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل ، انتهى . وذهل شيخنا علاء الدين مقلداً لغيره ، فذكر حديث علي من جهة أبي داود ، والنسائي فقط ،

أخرجاه عن قتادة عن الحسن عن قيس بن عباد ، قال : انطلقت أنا والأشتر إلى علي عليه السلام ، فقلنا : هل عهد إليك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شيئاً لم يعهده إلى الناس عامة ؟ قال : لا ، إلا ما في كتابي هذا ، فأخرج كتاباً من قراب سيفه ، فإذا فيه : المؤمنون تتكافأ دماؤهم ، وهم يد على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، ألا لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده ، ومن أحدث حدثاً ، أو آوى محدثاً فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين ، انتهى . ورواه أحمد في مسنده ، ومن طريقه رواه الحاكم في المستدرك - في كتاب قسْم الفيء ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، انتهى .

وأخرجه أبو داود أيضاً من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، محيلاً على حديث علي ، وأخرجه ابن ماجه مفسراً ، ولفظه : قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : المسلمون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، ويجير عليهم أقصاهم ، وهم يد على من سواهم ، يرد مشدهم على مضعفهم ، ومتسريهم على قاعدهم ، ألا لا يقتل مسلم بكافر ، ولا ذو عهد في عهده ، انتهى .

وأخرج الدارقطني في سننه - في الحدود عن مالك بن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة قالت : وجد في قائم سيف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتابان : إن أشد الناس عتواً في الأرض رجل ضرب غير ضاربه ، أو رجل قتل غير قاتله ، ورجل تولى غير أهل نعمته ، فمن فعل ذلك فقد كفر باللّه وبرسله ، لا يقبل اللّه منه صرفاً ولا عدلاً ، وفي الآخر : المؤمنون تتكافأ دماؤهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، لا يقتل مسلم بكافر ، ولا ذو عهد في عهده ، ولا يتوارث أهل ملتين ، انتهى . ومالك هذا هو ابن أبي الرجال ، أخو حارثة ، ومحمد قال أبو حاتم : هو أحسن حالاً من أخويه ، انتهى . ورواه البخاري في تاريخه الكبير ، واللّه أعلم . - أحاديث الباب - حديث

أم هانئ :

أخرجاه في الصحيحين عنها قالت : يا رسول اللّه زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلاً قد أجرته ، فلان بن هبيرة ، فقال عليه السلام : قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت ، مختصر ،

ورواه أبو الوليد محمد بن عبد اللّه الأرزقي في كتاب تاريخ مكة من طريق الواقدي عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي مرة ، مولى عقيل عن أم هانئ بنت أبي طالب ، قالت : ذهبت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقلت له : يا رسول اللّه إني أجرت حموين لي من المشركين ، فأراد علي أن يقتلهما ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ما كان ذلك له ، قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت ، ثم اغتسل وصلى ثمان ركعات ، وذلك ضحى يوم فتح مكة ، وكان الذي أجارت أم هانئ يوم الفتح عبد اللّه بن أبي ربيعة بن المغيرة ، والحارث بن هشام بن المغيرة ، كلاهما من بني مخزوم ، انتهى . وكذلك رواه الواقدي في كتاب المغازي سواء ، وهذا مطابق لما ذكره صاحب الخلاصة من حديث أم هانئ ، فإنه قال :

روي عن أم هانئ أنها أجارت رجلين من المشركين ، ولم تمكن علياً من قتلهما ، وأجاز النبي صلى اللّه عليه وسلم أمانها ، انتهى . وعند الطبراني عن أنس أنها أجارت أخاها عقيلاً ، وسيأتي . - حديث آخر :

رواه أبو داود حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ، قالت : أن كانت المرأة لتجير على المؤمنين ، فيجوز ، انتهى . - حديث آخر :

رواه الترمذي حدثنا يحيى بن أكثم ثنا عبد العزيز بن حازم عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم ، قال : إن المرأة لتأخذ للقوم - يعني تجير على المسلمين - ، انتهى . وقال : حسن غريب ، وترجم عليه باب أمان المرأة ، وقال في عللّه الكبير : وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث ، فقال : هو حديث صحيح ، وكثير بن زيد سمع من الوليد بن رباح ، والوليد بن رباح سمع من أبي هريرة ، والوليد مقارب الحديث ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه الطبراني في معجمه عن عباد بن كثير عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن زينب بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أجارت أبا العاص ، فأجاز النبي صلى الّله عليه وسلم جوارها ، وأن أم هانئ بنت أبي طالب أجارت أخاها عقيلاً ، فأجاز النبي صلى اللّه عليه وسلم جوارها وقال : يجير على المسلمين أدناهم ، انتهى . حديث آخر :