فهرس الكتاب

استعان باليهود على اليهود ، ولم يعطهم من الغنيمة شيئاً -

روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم استعان باليهود على اليهود ، ولم يعطهم من الغنيمة شيئاً - يعني لم يسهم لهم - ، قلت :

روى البيهقي في كتاب المعرفة أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ ، وأبو سعيد قالا : ثنا أبو العباس أنا الربيع ، قال : قال الشافعي فيما حكى عن أبي يوسف : قال : أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ، قال : استعان رسول الله صلى اللّه عليه وسلم بيهود قينقاع ، فرضخ لهم ، ولم يسهم لهم ، انتهى . قال البيهقي : تفرد به الحسن بن عمارة ، وهو متروك ، انتهى .

وقال الواقدي في المغازي - في غزوة خيبر : حدثني ابن أبي سبرة عن فطر الحارثي عن حرام بن سعد بن محيصة ، قال : وخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعشرة من يهود المدينة غزا بهم أهل خيبر ، فأسهم لهم كسهمان المسلمين ، ويقال : أحذاهم ، ولم يسهم لهم ، انتهى . حديث مخالف لما تقدم :

روى الترمذي في جامعه حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد الوارث بن سعيد ثنا عزرة بن ثابت عن الزهري ، قال : أسهم النبي صلى اللّه عليه وسلم لقوم من اليهود قاتلوا معه ، انتهى . ورواه أبو داود في مراسيله حدثنا هناد ، والقعنبي ثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح عن الزهري ، فذكره ، وقال في آخره : زاد هناد : مثل سهمان المسلمين ، انتهى . وكذلك

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا سفيان عن ابن جريج عن الزهري أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يغزو باليهود ، فيسهم لهم كسهام المسلمين ، انتهى . قال البيهقي : إسناده ضعيف ومنقطع ، انتهى . وقال صاحب التنقيح : مراسيل الزهري ضعيفة ، كان يحيى القطان لا يرى إرسال الزهري ، وقتادة شيئاً ، ويقول : هي بمنزلة الريح ، انتهى . ورواية سهام المسلمين تدفع قول المصنف ، وهو محمول على الرضخ ، إلا أنها ضعيفة . - أحاديث معارضة لما تقدم :

أخرجه الجماعة - إلا البخاري - عن عروة عن عائشة أنه عليه السلام خرج إلى بدر حتى إذا كان بحرة الوبر لحقه رجل من المشركين ، يذكر منه جرأة ونجدة ، فقال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : جئت لأتبعك ، وأصيب معك ، فقال له عليه السلام : تؤمن باللّه ورسوله ؟ قال : لا ، قال : ارجع ، فلن أستعين بمشرك ، قالت : ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل ، فقال له كما قال أول مرة ، فقال له عليه السلام ، كما قال أول مرة ، قالت : ثم رجع فأدركه بالبيداء ، فقال له كما قال أول مرة ، فقال له عليه السلام : تؤمن باللّه ورسوله ؟ قال : نعم ، فقال له : فانطلق ، انتهى . - حديث آخر :

روى الحاكم في المستدرك من حديث يزيد بن هارون أنبأ مستلم بن سعيد الواسطي عن خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب عن أبيه عن جده خبيب بن أساف ، قال : أتيت أنا ورجل من قومي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وهو يريد غزواً ، فقلت : يا رسول اللّه ، إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهداً لا نشهده معهم ، فقال : أسلما ، فقلنا : لا ، قال : قال : فإنا لا نستعين بالمشركين ، قال : فأسلمنا وشهدنا معه ، قال : فقتلت رجلاً ، وضربني ضربة ، وتزوجت ابنته بعد ذلك ، فكانت تقول : لا عدمت رجلاً وشحك هذا الوشاح ، فأقول : لا عدمت رجلاً عجل أباك إلى النار ، انتهى . قال الحاكم : حديث صحيح الإِسناد ، ولم يخرجاه ، وخبيب صحابي معروف ، انتهى . ورواه أحمد ، وابن أبي شيبة ، وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم ، والطبراني في معجمه من طريق بن أبي شيبة قال في التنقيح : ومستلم ثقة ، وخبيب بن عبد الرحمن أحد الثقات الأثبات ، واللّه أعلم . - حديث آخر :

روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو بن علقمة عن سعيد بن المنذر عن أبي حميد الساعدي ، قال : خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم أحد حتى إذا خلف ثنية الوداع نظر وراءه ، فإذا كتيبة حسناء ، فقال : من هؤلاء ؟ قالوا : هذا عبد اللّه بن أبيّ بن سلول في مواليه من اليهود : وهم رهط عبد اللّه بن سلام ، فقال : هل أسلموا ؟ قالوا : لا ، إنهم على دينهم ، قال : قولوا لهم : فليرجعوا ، فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين ، انتهى .

ورواه الواقدي في كتاب المغازي ولفظه : فقال : من هؤلاء ؟ قالوا يا رسول اللّه هؤلاء حلفاء ابن أبيّ من يهود ، فقال عليه السلام : لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك ، انتهى . قال الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ : وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة ، فذهب جماعة إلى منع الاستعانة بالمشركين ، ومنهم أحمد مطلقاً ، وتمسكوا بحديث عائشة المتقدم ، وقالوا : إن ما يعارضه لا يوازيه في الصحة ، فتعذر ادعاء النسخ ، وذهبت طائفة إلى أن للإِمام أن يأذن للمشركين أن يغزوا معه ، ويستعين بهم بشرطين : أحدهما : أن يكون في المسلمين قلة بحيث تدعو الحاجة إلى ذلك ، والثاني : أن يكونوا ممن يوثق بهم في أمر المسلمين ، ثم أسند إلى الشافعي أنه قال : الذي روى مالك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم رد مشركاً أو مشركين ، وأبى أن يستعين بمشرك ، كان في غزوة بدر ، ثم إنه عليه السلام استعان في غزوة خيبر بعد بدر بسنتين بيهود من بني قينقاع ، واستعان في غزوة حنين سنة ثمان بصفوان بن أمية ، وهو مشرك ، فالرد الذي في حديث مالك إن كان لأجل أنه مخير في ذلك بين أن يستعين به ، وبين أن يرده ، كما له رد المسلم لمعنى يخافه ، فليس واحد من الحديثين مخالفاً للآخر ، وإن كان لأجل أنه مشرك فقد نسخه ما بعده من استعانته بالمشركين ، ولا بأس أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين ، إذا خرجوا طوعاً ، ويرضخ لهم ، ولا يسهم لهم ، ولا يثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه أسهم لهم ، قال الشافعي : ولعله عليه السلام إنما رد المشرك الذي رده في غزوة بدر ، رجاء إسلامه ، قال : وذلك واسع للإِمام ، أن يرد المشرك ، ويأذن له ، انتهى . وكلام الشافعي كله نقله البيهقي عنه . قوله :

روي أن الخلفاء الأربعة الراشدين قسموا الخمس على ثلاثة أسهم ، سهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل ، قلت :