فهرس الكتاب

أسلم في صباه ، وصحح النبي صلى اللّه عليه وسلم إسلامه

روي أن علياً رضي اللّه عنه أسلم في صباه ، وصحح النبي صلى اللّه عليه وسلم إسلامه ، وافتخاره بذلك مشهور ، قلت : اختلفت الرواية في إسلام علي رضي اللّه عنه ،

فأخرج البخاري في تاريخه عن عروة ، قال : أسلم علي ، وهو ابن ثماني سنين ،

وأخرج الحاكم في المستدرك - في الفضائل من طريق ابن إسحاق أن علياً أسلم ، وهو ابن عشر سنين ،

وأخرج من طريق عبد الرزاق ثنا معمر عن قتادة عن الحسن أنه كان عمره خمس عشرة سنة ،

وأخرج أيضاً عن مسعر عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دفع الراية إلى علي يوم بدر ، وهو ابن عشرين سنة ، انتهى . وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، قال الذهبي في مختصره : هذا نص في أنه أسلم ، وله أقل من عشر سنين ، بل نص في أنه أسلم ابن سبع سنين ، أو ثماني سنين ، وهو قول عروة ، انتهى .

وأخرج أيضاً من طريق ابن إسحاق عن إسماعيل بن عمرو بن عفيف عن جده عفيف بن عمرو ، قال : كنت امرأ تاجراً ، وكنت صديقاً للعباس بن عبد المطلب في الجاهلية ، فقدمت لتجارة ، فنزلت على العباس بمنى ، فجاء رجل ، فنظر إلى الشمس حين مالت ، فقام يصلي ، ثم جاءت امرأة ، فقامت تصلي ، ثم جاء غلام قد راهق الحلم ، فقام يصلي ، فقلت : للعباس : من هذا ؟ فقال : هذا محمد ابن أخي يزعم أنه نبي ، ولم يتابعه على أمره غير امرأته هذه خديجة بنت خويلد ، وهذا الغلام ابن عمه علي بن أبي طالب ، قال : عفيف فلوددت أني أسلمت يومئذ ، فيكون لي ربع الإِسلام ، انتهى . وقال : صحيح الإِسناد ، ولم يخرجاه ، وروى ابن سعد في الطبقات - في ترجمة علي :

أخبرنا الواقدي ثنا إبراهيم بن نافع ، وإسحاق بن حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ، قال : أول من صلى عليُّ ، وهو ابن عشر سنين ،

أخبرنا الواقدي حدثني عمرو بن عبد اللّه بن عنبسة عن عمارة بن غزية عن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة ، قال : أسلم علي وهو ابن تسع سنين ،

أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أبي عن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب أن النبي صلى اللّه عليه وسلم دعا علياً إلى الإِسلام ، وهو ابن تسع سنين ، ويقال : دون التسع ، ولم يعبد وثناً قط لصغره ، انتهى . قال ابن الجوزي في التحقيق :

روي عن أحمد أنه قال : أسلم علي وهو ابن ثماني سنين ،

وروي عنه أيضاً ، أنه أسلم وهو ابن خمس عشرة سنة ، قال : واستقراء الحال يبطل رواية الخمسة عشر ، لأنه إذا كان له يوم البعث ثماني سنين فقد عاش بعد ثلاثاً وعشرين سنة ، وبقي بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم نحو الثلاثين ، فهذه مقاربة الستين ، وهو الصحيح في مقدار عمره ، ثم أسند عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : قتل علي ، وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، قال : فمتى قلنا : إنه كان له يوم إسلامه خمس عشرة صار عمره ثمانياً وستين ، ولم يقله أحد ، انتهى . قال صاحب التنقيح : والدليل على صحة إسلام الصبي

ما رواه البخاري من حديث أنس ، قال : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى اللّه عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى اللّه عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه ، وهو عنده ، فقال : أطع أبا القاسم ، فأسلم ، فخرج النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهو يقول : الحمد للّه الذي أنقذه بي من النار ، انتهى . قال : ولأن النبي صلى اللّه عليه وسلم عرض الإِسلام على ابن صياد ، وهو غلام لم يبلغ الحلم ، ومن قال : لا إله إلا اللّه دخل الجنة ، قال : والمنصوص عن أحمد صحة إسلام ابن سبع سنين ، فقال : إذا بلغ الغلام سبع سنين جاز إسلامه ، ويجبر على الإِسلام إذا كان أحد أبويه مسلماً ، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : مروا صبيانكم بالصلاة لسبع ، فإن رجع عن الإِسلام انتظر به حتى يبلغ ، فإن أسلم ، وإلا قتل ، انتهى كلامه . أحاديث إمهال المرتد ثلاثة أيام :

روى البيهقي في كتاب المعرفة من طريق الشافعي ثنا مالك عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاري عن أبيه عن عمر أنه قال لوفد قدموا عليه من بني ثور : هل من مغربة خبر ؟ قالوا # : نعم ، أخذنا رجلاً من العرب كفر بعد إسلامه ، فقدمناه ، فضربنا عنقه ، فقال : هل أدخلتموه جوف بيت ، فألقيتم إليه كل يوم رغيفاً ، ثلاثة أيام ، واستتبتموه لعله يتوب ، أو يراجع أمر اللّه ؟ اللّهم لم أشهد ، ولم آمر ، ولم أرض ، إذ بلغني ، انتهى . ورواه مالك في الموطأ - في الأقضية ، قال أبو مصعب : أخبرنا مالك ، ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب غريب الحديث حدثني إسماعيل بن جعفر عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاري به ، فذكره ، قال أبو عبيد : ولم أسمع التوقيت في غير هذا الحديث ، والمغربة - بفتح الراء ، وكسرها - لغتان ، وأصله البعد ، ومنه قولهم : شأو مغرب ، ودار فلان غربة ، انتهى كلامه .

وروى ابن سعد في الطبقات - في ترجمة عمر بن عبد العزيز ، قال : يستتاب المرتد ثلاثة أيام ، فإن أسلم ، وإلا قتل ، انتهى . باب البغاة قوله : وكشف الإِمام عن شبهتهم ، لأن علياً فعل كذلك بأهل حروراء ، قلت :

رواه النسائي في سننه الكبرى - في خصائص علي فقال : أخبرنا عمرو بن علي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل سماك الحنفي حدثني عبد اللّه بن عباس ، قال : لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار ، وكانوا ستة آلاف ، فقلت لعلي : يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة ، لعلي أكلم هؤلاء القوم ، قال : إني أخافهم عليك ، قلت : كلا ، فلبست ثيابي ، ومضيت حتى دخلت عليهم في دار ، وهم مجتمعون فيها ، فقالوا : مرحباً بك يا ابن عباس ، ما جاء بك ؟ قلت : أتيتكم من عند أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم المهاجرين والأنصار ، ومن عند ابن عم النبي صلى اللّه عليه وسلم وصهره ، وعليهم نزل القرآن ، فهم أعلم بتأويله منكم ، وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون ، وأبلغهم ما تقولون ، فانتحى لي نفر منهم ، قلت ، هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وابن عمه ، وختنه ، وأول من آمن به ، قالوا : ثلاث ، قلت : ما هي ؟ قالوا : إحداهن أنه حكم الرجال في دين اللّه ، وقد قال اللّه تعالى : { إن الحكم إلا للّه } ، قلت : هذه واحدة ، قالوا : وأما الثانية : فإنه قاتل ، ولم يسب ، ولم يغنم ، فإن كانوا كفاراً لقد حلت لنا نساؤهم ، وأموالهم ، وإن كانوا مؤمنين لقد حرمت علينا دماؤهم ، قلت : هذه أخرى ، قالوا : وأما الثالثة : فإنه محا نفسه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين ، فهو أمير الكافرين ، قلت : هل عندكم شيء غير هذا ؟ قالوا : حسبنا هذا ، قلت لهم : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب اللّه ، وحدثتكم من سنة نبيه ما يرد قولكم هذا ، ترجعون ؟ قالوا : اللّهم نعم ، قلت : أما قولكم : إنه حكم الرجال في دين اللّه ، فأنا أقرأ عليكم أن قد صير اللّه حكمه إلى الرجال في أرنب ثمنها ربع درهم ، قال تعالى : { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } ، إلى قوله : { يحكم به ذوا عدل منكم } وقال في المرأة وزوجها : { وإن خفتم شقاق بينهما ، فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها } أنشدكم اللّه أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم ، وإصلاح ذات بينهم أحق ، أم في أرنب ثمنها ربع درهم ؟ فقالوا : اللّهم بل في حقن دمائهم ، وإصلاح ذات بينهم ، قلت : أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللّهم نعم ، قلت : وأما قولكم : إنه قاتل ، ولم يسب ، ولم يغنم ، أتسبون أمكم عائشة ، فتستحلوا منها ما تستحلون من غيرها وهي أمكم ، لئن فعلتم لقد كفرتم ، وإن قلتم : ليست بأمنا فقد كفرتم ، قال اللّه تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأزواجه أمهاتهم } ، فأنتم بين ضلالتين ، فأتوا منهما بمخرج ، أخرجت من هذه الأخرى ؟ قالوا : اللّهم نعم ، قلت : وأما قولكم : محا نفسه من أمير المؤمنين ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعا قريشاً يوم الحديبية على أن يكتب بينهم وبينه كتاباً ، فقال : اكتب : هذا ما قاضى عليه محمد رسول اللّه ، فقالوا : واللّه لو كنا نعلم أنك رسول اللّه ما صددناك عن البيت ، ولا قاتلناك ، ولكن اكتب : محمد بن عبد اللّه ، فقال : والله إني لرسول اللّه ، وإن كذبتموني ، يا علي اكتب : محمد بن عبد اللّه ، فرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خير من علي ، وقد محا نفسه ، ولم يكن محوه ذلك محواً من النبوة ، أخرجت من هذه الأخرى ؟ قالوا : اللّهم نعم ، فرجع منهم ألفان ، وبقي سائرهم ، فقتلوا على ضلالتهم ، قتلهم المهاجرون والأنصار ، انتهى . ورواه عبد الرزاق في مصنفه - في أواخر القصاص حدثنا عكرمة بن عمار به ، وقال في آخره : فرجع منهم عشرون ألفاً ، وبقي منهم أربعة آلاف ، فقتلوا على ضلالتهم ، ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه - ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال فيه : وكانوا ستة آلاف ، فرجع منهم ألفان ، وبقي سائرهم ، قتلوا على الضلالة ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه . طريق آخر :

رواه أحمد في مسنده حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع حدثني يحيى بن سليم عن عبد اللّه بن عثمان بن خثيم عن عبيد اللّه بن عياض بن عمرو القارئ ، قال : جاء عبد اللّه بن شداد ، فدخل على عائشة ، ونحن عندها جلوس ، مرجعه من العراق ، ليالي قوتل علي رضي اللّه عنه ، فقالت له : يا عبد اللّه هل أنت صادقي عما أسألك عنه ؟ قال : ومالي لا أصدقك يا أم المؤمنين ، قالت : فحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي ، قالت : فحدثني عن قصتهم ، قلت : إن علياً رضي اللّه عنه لما كاتب معاوية ، وحكم الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس ، فنزلوا بأرض يقال لها : حروراء من جانب الكوفة ، إلى أن قال : فبعث علي إليهم عبد اللّه بن عباس ، فخرجت معه حتى إذا توسطنا عسكرهم قام ابن الكواء ، فخطب ، فقال : يا حملة القرآن ، هذا عبد اللّه بن عباس ، فمن لم يكن يعرفه ، فأنا أعرفه ، من كتاب اللّه ما نعرفه به ، هذا ممن نزل فيه وفي قومه ( قوم خصمون ) فردوه إلى صاحبه ، ولا تواضعوه كتاب اللّه ، فقام خطباؤهم ، فقالوا : واللّه لنواضعنه كتاب اللّه ، فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه ، وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطله ، فواضعهم عبد اللّه بن عباس الكتاب ، وواضعوه ثلاثة أيام ، فرجع منهم أربعة آلاف ، فيهم ابن الكواء ، حتى أدخلهم الكوفة على علي ، وبعث علي إلى بقيتهم ، فقال لهم : قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم ، فقفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دماً حراماً ، أو تقطعوا سبيلاً ، أو تظلموا ذمة ، فإنكم إن فعلتم نبذنا إليكم الحرب على سواء ، إن اللّه لا يحب الخائنين ، مختصر ، ورواه الحاكم في المستدرك أيضاً ، وقال : حديث صحيح على شرط البخاري ، ومسلم ، ولم يخرجاه . قوله : لقول علي رضي اللّه عنه يوم الجمل : ولا يقتل أسير ولا يكشف ستر ، ولا يؤخذ مال ، قلت :

روى ابن أبي شيبة في آخر مصنفه حدثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن السدي عن عبد خير عن علي أنه قال يوم الجمل : لا تتبعوا مدبراً ، ولا تجهزوا على جريج ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ،

حدثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك أن علياً لما هزم طلحة وأصحابه أمر مناديه ، فنادى : أن لا يقتل مقبل ولا مدبر ، ولا يفتح باب ، ولا يستحل فرج ، ولا مال ، انتهى .

حدثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه ، قال : أمر علي مناديه فنادى يوم البصرة : لا يتبع مدبر ، ولا يدفف على جريح ، ولا يقتل أسير ، ومن أغلق بابه ، أو ألقى سلاحه فهو آمن ، ولم يأخذ من متاعهم شيئاً ، انتهى . وهذا الأخير

رواه عبد الرزاق في مصنفه - في أواخر القصاص أخبرنا ابن جريج عن جعفر به ، وزاد : وكان علي لا يأخذ مالاً لمقتول ، ويقول : من اغترف شيئاً فليأخذه ، انتهى .

وفي تاريخ واسط لبحشل : حدثنا محمد بن فرج بن كردي ثنا محمد بن الحكم بن عوانة ثنا أبي عن أبي محنف # عن علي بن أبي طالب أنه قال يوم الجمل : لا تتبعوا مدبراً ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تقتلوا أسيراً ، وإياكم والنساء ، وإن شتمن أعراضكم ، وسببن # أمراءكم ، فلقد رأيتنا في الجاهلية ، وإن الرجل ليتناول المرأة بالجريدة ، أو الهراوة ، فيعير بها هو ، وعقبه من بعده ، انتهى . - وفيه حديث مرفوع :

رواه الحاكم في المستدرك ، والبزار في مسنده من حديث كوثر بن حكيم عن نافع عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : هل تدري يا ابن أم عبد كيف حكم اللّه فيمن بغى من هذه الأمة ؟ قال : اللّه ورسوله أعلم ، قال : لا يجهز على جريحها ، ولا يقتل أسيرها ، ولا يطلب هاربها ، ولا يقسم فيئها ، انتهى . وسكت الحاكم عنه ، وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار ، وأعله بكوثر بن حكيم ، وقال : إنه متروك ، وكذلك قال الذهبي في مختصره متعقباً على الحاكم ، واللّه أعلم . قوله :

روي أن علياً قسم السلاح فيما بين أصحابه بالبصرة ، وكانت قسمته للحاجة لا للتمليك ، قلت :

روى ابن أبي شيبة في آخر مصنفه - في باب وقعة الجمل حدثنا وكيع عن فطر عن منذر عن ابن الحنفية أن علياً قسم يوم الجمل في العسكر ما أجافوا عليه من كراع وسلاح ، انتهى .

ورواه ابن سعد في الطبقات - في ترجمة محمد ابن الحنفية أخبرنا الفضل بن دكين ثنا فطر بن خليفة عن منذر الثوري ، قال : سمعت محمد ابن الحنفية ، وذكر يوم الجمل ، قال : لما هزموا قال علي : لا تجهزوا على جريح ، ولا تتبعوا مدبراً ، وقسم فيهم بينهم ما قوتل به من سلاح وكراع ، وأخذنا ما جلبوا به علينا من كراع أو سلاح ، انتهى .

وروى ابن أبي شيبة أيضاً ، حدثنا يحيى بن آدم ثنا مسعود بن سعد الجعفي عن عطاء بن السائب عن أبي البختري ، قال : لما انهزم أهل الجمل ، قال علي : لا تطلبوا من كان خارجاً من العسكر ، وما كان من دابة أو سلاح ، فهو لكم ، وليس لكم أم ولد ، وأي امرأة قتل زوجها فلتعتد أربعة أشهر وعشراً ، قالوا : يا أمير المؤمنين ، تحل لنا دماءهم ، ولا تحل لنا نساءهم ؟ فخاصموه ، فقال : هاتوا نساءكم واقرعوا على عائشة ، فهي رأس الأمر وقائدهم ، قال : فخصمهم علي ، وعرفوا ، وقالوا : نستغفر اللّه ، انتهى . قوله :

روى الزهري إجماع الصحابة - يعني أن لا يضمن الباغي إذا قتل العادل - ، قلت :

روى عبد الرزاق في مصنفه - في أواخر القصاص أخبرنا معمر أخبرني الزهري أن سليمان بن هشام كتب إليه يسأله عن امرأة خرجت من عند زوجها ، وشهدت على قومها بالشرك ، ولحقت بالحرورية ، فتزوجت ، ثم إنها رجعت إلى أهلها تائبة ، قال الزهري : فكتب إليه ، أما بعد : فإن الفتنة الأولى ثارت ، وأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ممن شهد بدراً كثير ، فاجتمع رأيهم على أن لا يقيموا على أحد حداً في فرج استحلوه بتأويل القرآن ، ولا قصاص في دم استحلوه بتأويل القرآن ، ولا يرد مال استحلوه بتأويل القرآن ، إلا أن يوجد شيء بعينه ، فيرد على صاحبه ، وإني أرى أن ترد على زوجها ، وأن يحد من افترى عليها ، انتهى . كتاب اللقيط قوله :

روي عن عمر ، و علي رضي اللّه عنهما أن نفقة اللقيط في بيت المال ، قلت : أما الرواية عن عمر ،

فأخرجها مالك في الموطأ - في كتاب الأقضية عن ابن شهاب الزهري عن سنين أبي جميلة - رجل من بني سليم - أنه وجد منبوذاً في زمن عمر بن الخطاب ، قال : فجئت به إلى عمر بن الخطاب ، فقال : ما حملك على أخذ هذه النسمة ؟ فقال : وجدتها ضائعة ، فأخذتها ، فقال له عريفه : يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح ، قال كذلك ؟ قال : نعم ، فقال عمر : اذهب به فهو حر ، وعلينا نفقته ، انتهى . وعن مالك رواه الشافعي في مسنده ، ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ، وقال : وغير الشافعي يرويه عن مالك ، ويقول فيه : وعلينا نفقته من بيت المال ، انتهى . قلت : هكذا

رواه عبد الرزاق في مصنفه ثنا مالك عن ابن شهاب حدثني أبو جميلة أنه وجد منبوذاً على عهد عمر بن الخطاب ، فأتاه به ، فاتهمه عمر ، فأثنى عليه خيراً ، فقال عمر : هو حر ، وولاؤه لك ، ونفقته من بيت المال ، انتهى . ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه ،

وروى عبد الرزاق أيضاً أخبرنا معمر عن الزهري أن رجلاً حدثه أنه جاء إلى أهله ، وقد التقط منبوذاً ، فذهب إلى عمر رضي اللّه عنه ، فذكره له ، فقال : عسى الغوير أبؤسا ، فقال الرجل : ما التقط إلا وأنا غائب ، وسأل عنه عمر ، فأثنى عليه خيراً ، فقال له عمر : ولاؤه لك ونفقته من بيت المال ، حدثنا معمر عن ابن شهاب ، حدثني أبو جميلة بلفظ الأول ، عن مالك أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن أبي جميلة بنحوه : أخبرنا ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار عن ابن شهاب عن أبي جميلة بنحوه ، قال الدارقطني في كتاب العلل ، وبعضهم رواه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي جميلة ، قال : والصواب ما رواه مالك ، قال : وقد رواه عن مالك أيضاً جويرية بن أسماء ، وزاد فيه زيادة حسنة ، وهي قوله فيه ، وذكر أبو جميلة أنه أدرك النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وحج معه حجة الوداع ، قال : وهي زيادة صحيحة ، انتهى . ورواه ابن سعد في الطبقات - في ترجمة عمر بن الخطاب أخبرنا الواقدي حدثني أسامة بن زيد بن أسلم عن يحيى بن عبد اللّه بن مالك عن أبيه عن جده ، قال الواقدي : وأخبرنا سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس ،

قال الواقدي : وحدثني محمد بن عبد اللّه ابن أخي الزهري عن الزهري عن سعيد بن المسيب ، قال : كان عمر بن الخطاب إذا أتى باللقيط فرض له ما يصلحه رزقاً يأخذه وليه كل شهر ، ويوصي به خيراً ، ويجعل رضاعه في بيت المال ، ونفقته ، مختصر . وأما الرواية عن علي ،