فهرس الكتاب

أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن بيع وسلف

- الحديث الثاني عشر : روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن بيع وسلف

قلت : روي من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، ومن حديث حكيم بن حزام .

- فحديث عبد اللّه بن عمرو : أخرجه أصحاب السنن - إلا ابن ماجه - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، واختصره ابن ماجه ، فذكر منه ربح ما لم يضمن ، وبيع ما ليس عندك ، فقط ، ولم يصب المنذري في مختصره إذ عزا الحديث بتمامه لابن ماجه ، مع أن أصحاب الأطراف بينوه ، قال المنذري : ويشبه أن يكون الترمذي إنما صححه لتصريحه فيه بذكر عبد اللّه بن عمرو ، ويكون مذهبه في الامتناع من الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب إنما هو للشك في إسناده لجواز أن يكون الضمير عائدًا على محمد بن عبد اللّه ، فإذا صرح بذكر عبد اللّه بن عمرو انتفى ذلك ، انتهى . وقال السهيلي في الروض الأنف : هذه رواية مستغربة جدًا عند أهل الحديث ، فإن عندهم أن شعيبًا إنما يروي عن جده عبد اللّه بن عمرو لا عن أبيه محمد ، فإن أباه محمدًا مات قبل جده عبد اللّه ، انتهى . وقال ابن القطان في كتابه : إنما ردت أحاديث عمرو بن شعيب ، لأن الهاء من جده يحتمل أن تعود على عمرو ، فيكون الجد محمدا ، فيكون الخبر مرسلًا ، أو تعود على شعيب ، فيكون الجد عبد اللّه ، فيكون الحديث مسندًا متصلًا ، لأن شعيبًا سمع من جده عبد اللّه بن عمرو ، فإذا كان الأمر كذلك فليس لأحد أن يفسر الجد بأنه عبد اللّه بن عمرو إلا بحجة ، وقد يوجد ذلك في بعض الأحاديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللّه بن عمرو فيرتفع النزاع ، وقد يوجد بتكرار عن أبيه ، فيرتفع النزاع أيضًا ، ومن الأحاديث ما يكون من رواية عمرو بن شعيب عن غير أبيه ، وهي أيضًا صحيحة ، كحديث البلاط ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك وقال : حديث صحيح على شرط جماعة من أئمة المسلمين ، وهكذا رواه حماد بن زيد ، وعبد الوارث بن سعيد ، وداود بن أبي هند ، وعبد الملك بن أبي سليمان ، وغيرهم عن عمرو بن شعيب ، وقد رواه عطاء بن مسلم الخراساني عن عمرو بن شعيب بزيادات ألفاظ ، ثم أخرجه كذلك .

- طريق آخر : أخرجه النسائي في سننه - في كتاب العتق عن عطاء الخراساني عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أنه قال : يا رسول اللّه إنا نسمع منك أحاديث ، أفتأذن لنا أن نكتبها ؟ قال : نعم ، فكان أول ما كتب كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى أهل مكة : لا يجوز شرطان في بيع واحد ، ولا بيع وسلف جميعًا ، ولا بيع ما لم يضمن ، ومن كان مكاتبًا على مائة درهم فقضاها إلا عشرة دراهم ، فهو عبد ، أو على مائة أوقية فقضاها إلا أوقية ، فهو عبد ، انتهى . قال النسائي : هذا خطأ ، وعطاء هذا هو الخراساني ، ولم يسمع من عبد اللّه بن عمرو ، ولا أعلم أحدًا ذكر له سماعًا منه ، انتهى . ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين ، من القسم الثالث ، والحاكم في المستدرك ، وسكت عنه ، ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار ، وفسره ، فقال : أما السلف والبيع ، فالرجل يقول للرجل : أبيعك عبدي هذا بكذا وكذا على أن تقرضني كذا وكذا ، وأما الشرطان في البيع ، فالرجل يبيع الشيء حالًا بألف ، ومؤجلًا بألفين ، وأما ربح ما لم يضمن ، فالرجل يشتري الشيء ، فيبيعه قبل أن يقبضه بربح ، انتهى .

- وأما حديث حكيم بن حزام : فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أسلم بن سهل الواسطي ثنا أحمد بن إسماعيل بن سلام الواسطي ثنا موسى بن إسماعيل ثنا العلاء بن خالد الواسطي عن منصور بن زاذان عن محمد بن سيرين عن حكيم بن حزام ، قال : نهاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أربع خصال في البيع : عن سلف وبيع ، وشرطين في بيع ، وبيع ما ليس عندك ، وربح ما لم يضمن ، انتهى .

والحديث في الموطأ بلاغ ، قال أبو مصعب : أخبرنا مالك أنه بلغه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن بيع وسلف ، انتهى .