فهرس الكتاب

نهى عن بيع ما لم يقبض

- الحديث الثاني : روي أنه عليه السلام نهى عن بيع ما لم يقبض .

قلت : فيه أحاديث : منها ما أخرجه أبو داود عن ابن إسحاق حدثني أبو الزناد عن عبيد بن حنين عن عبد اللّه بن عمر ، قال : ابتعت زيتًا في السوق ، فلما استوجبته لقيني رجل ، فأعطاني فيه ربحًا حسنًا ، فأردت أن أضرب على يده ، فأخذ رجل من خلفي بذراعي ، فالتفت ، فإذا زيد بن ثابت ، قال : لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى # أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم # ، انتهى . ورواه ابن حبان في صحيحه ، والحاكم في المستدرك ، وصححه ، وقال في التنقيح : في سنده جيد ، فإن ابن إسحاق صرح فيه بالتحديث ، انتهى .

- حديث آخر : أخرجه النسائي في سننه الكبرى عن يعلى بن حكيم عن يوسف بن ماهك عن عبد اللّه بن عصمة عن حكيم بن حزام ، قال : قلت : يا رسول اللّه إني رجل أبتاع هذه البيوع وأبيعها فما يحل لي منها ، وما يحرم ؟ قال : لاتبيعن شيئًا حتى تقبضه ، انتهى .

ورواه أحمد في مسنده ، وابن حبان في صحيحه في القسم الثاني ، وهو قسم النواهي ، ولفظه : قال : إذا ابتعت بيعًا ، فلا تبعه حتى تقبضه ، انتهى .

قال ابن حبان : وهذا الخبر مشهور عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام ، ليس بينهما ابن عصمة ، وهو خبر غريب ، انتهى . وترجم عليه ذكر الخبر الدال على أن كل شيء سوى الطعام حكمه حكم الطعام في النهي عن بيعه قبل القبض ، انتهى . وأخرجه الطبراني في معجمه عن عامر الأحوال عن يوسف بن ماهك عن ابن عصمة به ، وبسند النسائي رواه الدارقطني ، ثم البيهقي في سننيهما قال عبد الحق في أحكامه : وقد رواه قاسم بن أصبغ في كتابه عن همام ثنا يحيى أن يعلى بن حكيم حدثه أن يوسف حدثه أن حكيم بن حزام حدثه ، فذكره ، هكذا ذكر يعلى سماع يوسف بن ماهك من حكيم بن حزام ، وهشام الدستوائي يرويه عن يحيى ، فيدخل بين يوسف ، وحكيم عبد اللّه بن عصمة ، وكذلك هو بينهما في غير حديث ، وعبد اللّه بن عصمة ضعيف جدًا ، انتهى . قال ابن القطان في كتابه : هكذا رواه قاسم بن أصبغ ، وأنا أخاف أن يكون سقط من الإسناد ابن عصمة ، ورواية الدارقطني تبين ذلك ، قال : وذكر ابن حزم في كتابه رواية قاسم بن أصبغ ، وقال : إن يعلى بن حكيم ثقة ، وقد ذكر سماع يوسف من حكيم ، فيصير سماع يوسف من ابن عصمة عن حكيم لغوًا ، لأنه إذا سمعه من حكيم فلا يضره أن يسمعه من غير حكيم عن حكيم ، انتهى . وقال صاحب التنقيح : قال ابن حزم : عبد اللّه بن عصمة مجهول ، وصحح الحديث من رواية يوسف نفسه عن حكيم ، لأنه صرح في رواية قاسم بن أصبغ بسماعه منه ، والصحيح أن بين يوسف ، وحكيم فيه عبد اللّه بن عصمة ، وهو الجشمي حجازي ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال عبد الحق في أحكامه بعد ذكره هذا الحديث : عبد اللّه بن عصمة ضعيف جدًا ، وتبعه على ذلك ابن القطان ، وكلاهما مخطئ في ذلك ، وقد اشتبه عليهما عبد اللّه بن عصمة هذا بالنصيبي ، أو غيره ، ممن يسمى عبد اللّه بن عصمة ، انتهى كلامه .

حديث آخر : أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن طاوس عن ابن عباس ، قال : الذي نهى عنه النبي صلى اللّه عليه وسلم فهو الطعام أن يباع حتى يقبض ، قال ابن عباس : ولا أحسب كل شيء إلا مثله ، انتهى .

403144

وقد استدل ابن الجوزي في التحقيق لمذهبنا في منع التصرف في المبيع قبل القبض غير العقار بثلاثة أحاديث المذكورة ، ثم قال : وقد حمل أصحابنا هذه الأحاديث على غير المتميز ، ثم استدل لمذهبه في الجواز بحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عمر ، قال : كنت أبيع الإبل بالبقيع ، فأبيع بالدنانير ، وآخذ الدراهم ، وأبيع بالدراهم ، وآخذ الدنانير ، فأتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يريد أن يدخل حجرته ، فأخذت بثوبه ، فسألته ، فقال : إذا أخذت واحدًا منهما بالآخر ، فلا يفارقك وبينك وبينه بيع ، انتهى . وصححه الحاكم ، والدارقطني ، وقال الترمذي : لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك ، وروى داود بن أبي هند هذا عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفًا ، انتهى . وأخرجه النسائي عن أبي هاشم عن سعيد عن ابن عمر .

قوله : ومن حديث موسى بن نافع عن سعيد قوله .

وقال عبد اللّه بن أحمد حدثني أبي عن أبي داود ، قال : كنت عند شعبة ، فجاءه خالد بن طليق - يعني ابن محمد بن عمران بن حصين - قال : فسألته عن حديث سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في اقتضاء الذهب من الورق ، والورق من الذهب ، فقال له شعبة : أصلحك اللّه ، حدثني قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر لم يرفعه ، وحدثني داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عمر لم يرفعه ، ورفعه سماك ، وأنا أهابه ، انتهى . من التنقيح .