فهرس الكتاب

أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن السلم في الحيوان

- الحديث الثالث : روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن السلم في الحيوان .

قلت : أخرجه الحاكم في المستدرك ، والدارقطني في سننه عن إسحاق بن إبراهيم بن جوتي ثنا عبد الملك الذماري ثنا سفيان الثوري عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن السلف في الحيوان ، انتهى . قال الحاكم : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، انتهى . قال صاحب التنقيح : وإسحاق بن إبراهيم بن جوتى # قال فيه ابن حبان : منكر الحديث جدًا ، ويأتي عن الثقات بالموضوعات ، لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ، وقال الحاكم : روى أحاديث موضوعة ، انتهى .

أثر آخر : استدل به محمد بن الحسن في كتاب الآثار ، فقال : أخبرنا أبو حنيفة ثنا حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي ، قال : دفع عبد اللّه بن مسعود إلى زيد بن خويلدة البكري مالًا مضاربة ، فأسلم زيد إلى عتريس بن عرقوب الشيباني في قلائص ، فلما حلت أخذ بعضًا ، وبقي بعض ، فأعسر عتريس ، وبلغه أن المال لعبد اللّه ، فأتاه يسترفقه ، فقال عبد اللّه : أفعل زيد ؟ قال : نعم ، فأرسل إليه ، فسأله ، فقال عبد اللّه : اردد ما أخذت ، وخذ رأس مالك ، ولا تسلمن مالنا في شيء من الحيوان ، انتهى . قال في التنقيح : فيه انقطاع ، انتهى .

أحاديث الخصوم : واستدل صاحب التنقيح لمذهبه في صحة السلم في الحيوان بحديث أخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن عبد اللّه بن عمرو أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمره أن يجهز جيشًا ، فنفدت الإبل ، فأمره أن يأخذ من قلائص الصدقة ، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة ، انتهى .

ورواه أحمد في مسنده ، والحاكم في المستدرك ، وقال : حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، انتهى . قال ابن القطان في كتابه : هذا حديث ضعيف ، مضطرب الإسناد ، فرواه حماد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن ابن عمرو ، هكذا أورده أبو داود ، ورواه جرير بن حازم عن ابن إسحاق ، فأسقط يزيد بن أبي حبيب ، وقدم أبا سفيان على مسلم بن جبير فقال فيه : عن ابن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن حريش ، ذكر هذه الرواية الدارقطني ، ورواه عفان عن حماد بن سلمة ، فقال فيه : عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن أبي سفيان عن عمرو بن حريش ، ورواه عبد الأعلى عن ابن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم بن كثير عن عمرو بن الحريش ، فذكره ، ورواه عن عبد الأعلى ابن أبي شيبة ، فأسقط يزيد بن أبي حبيب ، وقدم أبا سفيان ، كما فعل جرير بن حازم ، إلا أنه قال في مسلم بن جبير : مسلم بن كثير ، ومع هذا الاضطراب فعمرو بن حريش مجهول الحال ، ومسلم بن جبير لم أجد له ذكرًا ، ولا أعلمه في غير هذا الإسناد ، وكذلك مسلم مجهول الحال أيضًا إذا كان عن أبي سفيان ، وأبو سفيان فيه نظر . انتهى كلامه .

وقد يعترض على هذا الحديث بحديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، رواه ابن عباس ، وسمرة بن جندب ، وجابر بن عبد اللّه ، وجابر بن سمرة ، وابن عمر .

فحديث : ابن عباس أخرجه ابن حبان في صحيحه في القسم الثاني منه ، عن سفيان عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس ، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، انتهى .

ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر به ، وكذلك رواه الدارقطني في سننه والبزار في مسنده قال البزار : ليس في الباب أجلّ إسنادًا من هذا ، انتهى . قال البيهقي في المعرفة : الصحيح في هذا الحديث عن عكرمة مرسل ، هكذا رواه غير واحد عن معمر ، وكذلك رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير انتهى . قلت : أخرجه الطبراني في معجمه عن داود بن عبد الرحمن العطار عن معمر به مسندًا .

وأما حديث سمرة : فأخرجه أصحاب السنن الأربعة عن الحسن عن سمرة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، انتهى .

قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، قال البيهقي في المعرفة : قال الشافعي : حديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة غير ثابت ، قال البيهقي : وأكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة في غير حديث العقيقة ، انتهى .

وأما حديث جابر بن عبد اللّه : فأخرجه الترمذي عن الحجاج بن أرطأة عن أبي الزبير عن جابر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : الحيوان اثنين بواحد ، لا يصلح نسيئا ، ولا بأس به يدًا بيد ، انتهى . وقال : حديث حسن . وأما حديث جابر بن سمرة : فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن زهير التستري ثنا إبراهيم بن راشد الأدمي ثنا داود بن مهران ثنا محمد بن الفضل بن عطية عن سماك عن جابر بن سمرة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، انتهى .

- وأما حديث ابن عمر : فأخرجه الطبراني أيضًا عن محمد بن دينار الطاحي ثنا يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن ابن عمر ، نحوه سواء ،

قال البيهقي في المعرفة : ومحمد بن دينار هذا ضعفه ابن معين ، وقال الترمذي : سألت البخاري عن هذا الحديث ، فقال : إنما يروى عن زياد بن جبير عن النبي صلى اللّه عليه وسلم مرسلًا ، انتهى . قلت : رواه أحمد في مسنده حدثنا حسين بن محمد ثنا خلف بن خليفة عن أبي جناب عن أبيه عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا تبيعوا الدينار بالدينارين ، ولا الدرهم بالدرهمين ، فقال رجل : يا رسول اللّه أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس ، والبختية بالإبل ، قال : لا بأس إذا كان يدًا بيد ، انتهى .

وذكر ابن الجوزي من هذه الأحاديث الثلاثة الأول ، ثم قال : وهذه الأحاديث محمولة على أن يكون النساء فيها من الطرفين ، فيبيع شيئًا في ذمته ، بشيء في ذمة الآخر ، انتهى .

- الحديث الرابع : قال عليه السلام :