فهرس الكتاب

أجاز شهادة النصارى بعضهم على بعض ،

- الحديث الرابع : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم - أجاز شهادة النصارى بعضهم على بعض ، قلت : غريب بهذا اللفظ ، وهو غير مطابق للحكمين ، فإن المصنف قال : وتقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض ، وإن اختلفت مللهم ، ثم استدل بالحديث ، ولو قال : أهل الكتاب ، عوض : النصارى ، لكان أولى ، وموافقًا للحكمين ، أعني اتحاد الملة واختلافها ، هكذا

أخرجه ابن ماجه في سننه عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد اللّه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة أهل الكتاب ، بعضهم على بعض ، انتهى . ومجالد فيه مقال ، إلا أن يقال : إنهم إذا قبلوا عند اتحاد الملة قبلوا عند اختلافها ، لعدم القائل بالفصل ، فاللّه أعلم ، قال شيخنا علاء الدين : ويوجد في بعض نسخ الهداية اليهود ، عوض : النصارى ، واحتج له مقلدًا لغيره ، بحديث

رواه أبو داود في الحدود بهذا الإسناد ، قال : جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا ، فقال : ائتوني بأعلم رجلين منكم ، فأتوه بابني صوريا ، فنشدهما ، كيف تجدان أمر هذين في التوراة ؟ قالا : نجد فيها إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها ، كالميل في المكحلة رجما ، قال : فما يمنعكما أن ترجموهما ؟ قالا : ذهب سلطاننا فكرهنا القتل ، فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم باليهود . - قوله : فدعا باليهود ، كذا بخطه ، وبخطه في الهامش الشهود عليه ، فجاء أربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها ، كالميل في المكحلة ، فأمر عليه السلام برجمهما ، انتهى . هكذا وجدته في نسخة علاء الدين بخط يده ، وهو تصحيف ، وإنما هو : فدعا بالشهود ، كشفته من نحو عشرين نسخة ، ورواه كذلك إسحاق بن راهويه ، وأبو يعلى الموصلي ، والبزار في مسانيدهم ، والدارقطني في سننه وكلهم قالوا : فدعا بالشهود ، قال الدارقطني ، تفرد به مجالد عن الشعبي ، وليس بالقوي ، انتهى . ذكره في آخر الوصايا ، وقال في التنقيح : قوله في الحديث : فدعا بالشهود ، فشهدوا زيادة في الحديث ، تفرد بها مجالد ، ولا يحتج بما ينفرد به ، قال ابن عدي : عامة ما يرويه غير محفوظ ، انتهى . قلت : أخرجه أبو داود أيضًا عن هشيم عن ابن شبرمة عن الشعبي بنحوه مرسلًا ، لم يذكر فيه : فدعا بالشهود ، فشهدوا ، واللّه أعلم . - حديث : يشكل على أحد الحكمين ، وهو اختلاف الملة ،

أخرجه الدارقطني في سننه عن عمر بن راشد اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لا تجوز شهادة ملة على ملة ، إلا ملة محمد ، فإنها تجوز شهادتهم على غيرهم ، انتهى . وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني ، ثم قال : وعمر بن راشد ليس بالقوي ، ضعفه أحمد بن حنبل ، وأبو زرعة ، وابن معين ، انتهى . ورواه ابن عدي في الكامل ، وأعله بعمر بن راشد ، وأسند تضعيفه عن البخاري ، وأحمد ، والنسائي ، وابن معين . - قوله : روي أن عمر رضي اللّه عنه قبل شهادة علقمة الخصي ، قلت :

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه - في الأقضية حدثنا ابن علية عن ابن عون عن ابن سيرين أن عمر أجاز شهادة علقمة الخصي ، على ابن مظعون ، انتهى .

ورواه أبو نعيم في الحلية - في ترجمة عبد الرحمن بن مهدي ثنا إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل أن الجارود شهد على قدامة أنه شرب الخمر ، فقال عمر : هل معك شاهد آخر ؟ قال : لا ، فقال عمر : يا جارود ما أراك إلا مجلودًا ، قال : يشرب ختنك ، وأجلد أنا ؟ ! فقال علقمة الخصي لعمر : أتجوز شهادة الخصي ؟ قال : وما بال الخصي لا تقبل شهادته ؟ قال : فإني أشهد أني قد رأيته يقيئها ، فقال عمر : ما قاءها حتى شربها ، فأقامه ، ثم جلده الحد ، انتهى .

وأخرج عبد الرزاق في مصنفه حديث قدامة مطولًا ، ليس فيه ذكر علقمة ، وتلخيصه عن عبد اللّه بن عامر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب استعمل قدامة بن مظعون على البحرين ، وهو خال حفصة ، فقدم الجارود سيد عبد القيس من البحرين على عمر ، فشهد على قدامة أنه شرب ، فسكر ، قال : من يشهد معك ؟ قال : أبو هريرة ، فدعاه ، فقال : بم تشهد ؟ قال : رأيته سكران يقيء ، فكتب عمر إلى قدامة يطلبه حتى قدم عليه ، فسأله ، فقال الجارود : يا أمير المؤمنين أقم على هذا كتاب اللّه ، فقال عمر : ما أراك إلا خصمًا ، وما شهد معك إلا واحد ، فقال الجارود : أنشدك اللّه ، فقال عمر : لتمسكن لسانك ، أو لأسوءك ، فقال : واللّه ما ذاك بالحق أن يشرب ختنك الخمر ، وتسوءني أنا ، فقال أبو هريرة : يا أمير المؤمنين إن كنت تشك في شهادتنا ، فأرسل إلى امرأته هند ابنة الوليد ، فاسألها ، فأرسل عمر إلى هند ، فشهدت على زوجها ، فحده عمر ، وغضب قدامة على عمر زمانًا ، وحجا متغاضبين ، فلما قفلا من حجهما ، ونزل عمر بالسقيا ، فنام بها ، ثم استيقظ مرعوبًا ، فقال : عجلوا علي بقدامة ، فواللّه إني لأرى آتيًا أتاني ، فقال لي : يا عمر سالم قدامة ، فإنه أخوك ، فأبى قدامة أن يأتيه ، فأمر عمر أن يجروه إليه ، فلما أُتي به ، كلمه عمر ، واستغفر له ، انتهى . - قوله : وعن ابن عباس ، قال : لا تقبل شهادة الأقلف ، ولا تقبل صلاته ، ولا تؤكل ذبيحته ، قلت : هذا يوجد في بعض نسخ الهداية ، وهو ما

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه - في كتاب الأقضية حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال : لا تجوز شهادة الأقلف ، ولا تقبل له صلاة ، ولا تؤكل له ذبيحة ، قال : وكان الحسن لا يرى ذلك ، انتهى .

ورواه عبد الرزاق في مصنفه - في كتاب الحج أخبرنا معمر عن قتادة ، قال : كان ابن عباس يكره ذبيحة الأرغل ويقول : لا تجوز صلاته ، ولا تقبل شهادته ، وفيه قصة ، ومن طريق عبد الرزاق رواه البيهقي في شعب الإيمان - في الباب الستون - منه .

باب الاختلاف في الشهادة فصل : في الشهادة على الإرث : ليس فيهما شيء . باب الشهادة على الشهادة - قوله : عن علي رضي اللّه عنه ، قال : لا تجوز على شهادة رجل إلا شهادة رجلين ، قلت : غريب ،

وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي عن حسين بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي ، قال : لا يجوز على شهادة الميت إلا رجلان ، انتهى .

وروى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن إسماعيل الأزرق عن الشعبي ، قال : لا تجوز شهادة الشاهد على الشاهد حتى يكونا اثنين ، انتهى .

فصل في شاهد الزور - قوله : روي عن عمر رضي اللّه عنه أنه ضرب شاهد الزور أربعين سوطًا ، وسخم وجهه . قلت :

رواه ابن أبي شيبة في مصنفه - في الحدود حدثنا أبو خالد عن حجاج عن مكحول عن الوليد بن أبي مالك أن عمر كتب إلى عماله بالشام في شاهد الزور : يضرب أربعين سوطًا ، ويسخم وجهه ، ويحلق رأسه ، ويطال حبسه ، انتهى .

وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا ابن جريج ، قال : حدثت عن مكحول أن عمر بن الخطاب ضرب شاهد الزور أربعين سوطًا ، انتهى .

أخبرنا يحيى بن العلاء أخبرني الأحوص بن حكيم عن أبيه أن عمر بن الخطاب أمر بشاهد الزور أن يسخم وجهه ، وتلقى عمامته في عنقه ، ويطاف به في القبائل ، انتهى . - قوله : عن شريح رحمه اللّه أنه كان يشهر شاهد الزور ولا يضربه ، قال : والذي نقل عنه في ذلك أنه كان يبعثه إلى سوقه إن كان سوقيًا ، أو إلى قومه إن كان غير سوقي بعد العصر ، أجمع ما كانوا ، ويقول : إن شريحًا يقرئكم السلام ، ويقول : إنا وجدنا هذا شاهد زور ، فاحذروه وحذروا الناس منه ، قلت : رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم ابن أبي الهيثم عمن حدثه عن شريح أنه كان إذا أخذ شاهد زور ، فإن كان من أهل السوق ، قال للرسول : قل لهم : إن شريحًا يقرئكم السلام ، ويقول لكم : إنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه ، وإن كان من العرب أرسل به إلى مسجد قومه ، أجمع ما كانوا ، فقال للرسول مثل ما قال في المرة الأولى ، انتهى . ويقرب منه ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي حصين ، قال : كان شريح يبعث بشاهد الزور إلى مسجد قومه ، أو إلى سوقه ، ويقول : إنا قد زيفنا شهادة هذا ، انتهى . وفي لفظ ، كان يكتب اسمه عنده ، فإن كان من العرب بعث به إلى مسجد قومه ، وإن كان من الموالي بعث به إلى سوقه ، يعلمهم ذلك منه ، انتهى . وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن الجعد بن ذكوان ، قال : أُتي شريح بشاهد زور ، فنزع عمامته عن رأسه ، وخفقه بالدرة خفقات ، وبعث به إلى المسجد يعرفه الناس ، انتهى . باب الرجوع عن الشهادة

- حديث واحد : قال عليه السلام في نقصان عقل النساء : - عدلت شهادة اثنتين منهن بشهادة رجل . قلت : روي من حديث الخدري ، ومن حديث ابن عمر ، ومن حديث أبي هريرة ، ومن حديث ابن مسعود . - فحديث الخدري :

أخرجه البخاري في الوضوء ، وفي العيدين ، وفي الزكاة ، وفي الصوم عن عياض بن عبد اللّه عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، قال : يا معشر النساء تصدقن ، وأكثرن الاستغفار ، فإني رأيتكن أكثر أهل النار ، فقالت امرأة منهن : يا رسول اللّه ، وما لنا أكثر أهل النار ؟ ! قال : تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين ، أغلب لذي لب منكن ، قالت : يا رسول اللّه ، وما نقصان العقل والدين ؟ ! قال : أما نقصان العقل ، فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل ، فهذا نقصان العقل ، وتمكث الليالي لا تصلي ، وتفطر في رمضان ، فهذا نقصان الدين . انتهى ورواه مسلم محيلًا على ما قبله ، لم يذكر النص فيه ، ورواه من حديث أبي هريرة أيضًا ، محيلًا على ما قبله ، فقال بعد حديث ابن عمر هذا : وعن أبي سعيد ، وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله ، انتهى . - وأما حديث ابن عمر : فأخرجه مسلم في كتاب الإيمان عن عبد اللّه بن دينار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : يا معشر النساء تصدقن ، وأكثرن الاستغفار ، إلى آخره سواء ، ثم ذكر بعده حديث الخدري ، وأبي هريرة ، محيلًا عليه ، وقال بمثله . - وأما حديث ابن مسعود : فأخرجه الحاكم في المستدرك - في النكاح عنه مرفوعًا ، نحوه سواءً إلا أنه قال : وأما نقصان دينهن ، فإن إحداهن تقعد ما شاء اللّه من يوم وليلة ، لا تسجد للّه سجدة ، وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، انتهى . كتاب الوكالة