فهرس الكتاب

أن النبي صلى الله عليه وسلم وكل بالشراء حكيم بن حزام

- الحديث الأول : صح أن النبي صلى الله عليه وسلم وكل بالشراء حكيم بن حزام ، قلت :

رواه أبو داود في البيوع حدثنا محمد بن كثير عن سفيان حدثني أبو حصين عن شيخ من أهل المدينة عن حكيم بن حزام أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعث معه بدينار يشتري له أضحية ، فاشتراها بدينار ، وباعها بدينارين ، فرجع واشترى أضحية بدينار ، وجاء بدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فتصدق به النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعا له أن يبارك في تجارته ، انتهى . في إسناده رجل مجهول ، ورواه الترمذي حدثنا أبو كريب عن أبي بكر بن عياش عن أبي حصين عن حبيب بن أبي ثابت عن حكيم بن حزام ، فذكره ، وقال : لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وحبيب لم يسمع عندي من حكيم ، انتهى . - ومن أحاديث الباب : حديث عروة البارقي ،

أخرجه أبو داود في سننه عن شبيب بن غرقدة حدثني الحي عن عروة البارقي ، قال : أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم دينارًا يشتري به أضحية ، أو شاة ، فاشترى شاتين ، فباع إحداهما بدينار ، فأتاه بشاة ، ودينار ، فدعا له بالبركة في بيعه ، فكان لو اشترى ترابًا لربح فيه ، انتهى . وأخرجه أبو داود أيضًا ، والترمذي ، وابن ماجه ، وأحمد في مسنده عن أبي لبيد ، واسمه : لمازة بن زبار عن عروة ، فذكره ، وأخرجه ابن ماجه أيضًا عن شبيب بن غرقدة عن عروة ، فذكره بنحوه ، وذكر الخطابي أن الخبرين معًا غير متصلين ، لأن في أحدهما ، وهو خبر حكيم بن حزام ، رجلًا مجهولًا لا يدري من هو ، وفي خبر عروة أن الحي حدثوه ، وما كان هذا سبيله من الرواية ، لم تقم به الحجة ، انتهى . وقال المنذري في مختصره : وأما تخريج البخاري له في صحيحه في صدر حديث الخيل معقود في نواصيها الخير فيحتمل أنه سمعه من علي ابن المديني ، على التمام ، فحدث به كما سمعه ، وذكر فيه إنكار شبيب بن غرقدة ، سماعه من عروة حديث شراء الشاة ، وإنما سمعه من الحي عن عروة ، ولم يسمع عن عروة إلا قوله صلى الله عليه وسلم : الخير معقود بنواصي الخيل ، ويشبه أن الحديث في الشراء ، لو كان على شرطه لأخرجه في كتاب البيوع - وكتاب الوكالة كما جرت عادته في الحديث المشتمل على أحكام أن يذكره في الأبواب التي تصلح له ، ولم يخرجه إلا في هذا الموضع ، وذكر بعده حديث الخيل من رواية عبد اللّه بن عمر ، وأنس بن مالك ، وأبو هريرة ، فدل ذلك على أن مراده حديث الخيل فقط ، إذ هو على شرطه ، وقد أخرج مسلم حديث شبيب بن غرقدة عن عروة ، مقتصرًا على ذكر الخيل ، ولم يذكر حديث الشاة ، وحديث الشاة من رواية أبي لبيد عن عروة طريق حسنة ، انتهى . قلت : لفظ البخاري فيه حدثنا علي بن عبد اللّه ثنا سفيان ثنا شبيب بن غرقدة ، قال : سمعت الحي يتحدثون عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا يشتري له به شاة ، فاشترى له به شاتين ، فباع إحداهما بدينار ، وأتاه بدينار وشاة ، فدعا له بالبركة في بيعه ، وكان لو اشترى التراب ربح فيه ، قال سفيان لو كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه قال : سمعه شبيب من عروة ، فأتيته ، فقال شبيب : إني لم أسمعه من عروة ، سمعت الحي يخبرونه عنه ، ولكني سمعته يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة ، انتهى . ذكره في كتاب بدء الخلق - في الباب الذي قبل باب فضائل الصحابة قال ابن القطان في كتابه ردًا على عبد الحق في قوله ، وأخرجه البخاري في صحيحه ، فقال : واعلم أن نسبة هذا الحديث إلى البخاري كما ينسب إليه ما يخرجه من صحيح الحديث خطأ ، إذ ليس من مذهبه تصحيح حديث في إسناده من لم يسم ، كهذا الحديث ، فإن الحي الذين حدثوا به شبيبًا لا يعرفون ، فإن هذا الحديث هكذا منقطع ، وإنما ساقه البخاري جارًا لما هو مقصوده في آخره ، من ذكر الخيل ، ولذلك أتبعه الأحاديث بذلك من رواية ابن عمر ، وأنس ، وأبي هريرة ، كلها في الخيل ، فقد تبين من هذا أن مقصد البخاري في الباب المذكور إنما هو سوق أخبار تتضمن أنه عليه السلام أخبر بمغيبات تكون بعده ، فكان من جملة ذلك حديث : الخيل في نواصيها الخير ، وكذلك القول فيما يورده البخاري في صحيحه من الأحاديث المعلقة ، والمرسلة ، والمنقطعة ، لا ينبغي أن يعتقد أن مذهبه صحتها ، بل ليس هذا مذهبه إلا فيما يورده بإسناد موصول ، على ما عرف من شرطه ، وإنما اعتمد البخاري في هذا الحديث إسناد سفيان عن شبيب بن غرقدة ، قال : سمعت عروة يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة ، وجرى في سياق الحديث من قصة الدينار والشاة ، ما ليس من مقصوده ، ولا على شرطه عن شبيب عن الحي عن عروة ، انتهى كلامه . قلت : وفات ابن القطان شيء آخر ، وهو أن عبد الحق في كتاب الجمع بين الصحيحين فرق الحديثين شطرين ، فذكر فصل الخيل في الجهاد وعزاه - للصحيحين - ، وذكر فصل الشاة في كتاب المناقب ، وجعله من مفردات البخاري ، وهذا أيضًا خطأ منه ، لأنه يوهم أن فصل الشاة على شرطه ، وليس كذلك ، بل كان من الواجب أن لا يذكره بالكلية ، أو يذكره في كتاب التعاليق ، واللّه أعلم .