فهرس الكتاب

أنه عليه السلام قبل هدية بريرة ، وكانت مكاتبة ،

- الحديث السابع والأربعون : روي أنه عليه السلام قبل هدية بريرة ، وكانت مكاتبة ، قلت : حديث بريرة

في الكتب الستة عن عائشة ، قالت : كان في بريرة ثلاث سنن : أراد أهلها أن يبيعوها ، ويشترطوا ولاءها ، فذكرت ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : اشتريها ، واعتقيها ، فإن الولاء لمن أعتق ، وعتقت ، فخيرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من زوجها ، فاختارت نفسها ، وكان الناس يتصدقون عليها ، وتهدي لنا ، فذكرت ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : هو عليها صدقة ، ولنا هدية ، انتهى . أخرجه البخاري في النكاح - والطلاق ، ومسلم في العتق ، وأبو داود في الطلاق ، والنسائي - فيه ، وفي العتق أربعتهم - عن القاسم عن عائشة ، والترمذي في الرضاع ، وابن ماجه في الطلاق عن الأسود عن عائشة ، وألفاظهم متقاربة ، وأخرجا نحوه عن قتادة عن أنس ، أخرجه مسلم في الزكاة ، ولم أجد في شيء من طرق الحديث أن الهدية وقعت حين كانت مكاتبة ،

ولكن روى عبد الرزاق في مصنفه - في الطلاق أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع عروة بن الزبير يقول : جاءت وليدة لبني هلال ، يقال لها : بريرة تسأل عائشة في كتابتها ، فسامت عائشة بها أهلها ، فقالوا : لا نبيعها إلا ولنا ولاؤها ، فتركتها ، وقالت : يا رسول الله أبوا أن يبيعوها إلا ولهم ولاؤها ، قال : لا يمنعك ذاك ، فإنما الولاء لمن أعتق ، فابتاعتها عائشة ، فأعتقتها ، وخيرت بريرة فاختارت نفسها ، وقسم لها النبي صلى اللّه عليه وسلم شاة ، فأهدت لعائشة منها ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : هل عندكم من طعام ؟ قالت : لا إلا من الشاة التي أعطيت بريرة ، فنظر ساعة ، ثم قال : قد وقعت موقعها ، هي عليها صدقة ، وهي لنا منها هدية ، فأكل منها ، قال : زعم عروة أنها ابتاعتها مكاتبة على ثمانية أواق ، ولم تعط من كتابتها شيئًا ، انتهى .

ورواه البزار في مسنده كذلك ، وروى عبد الرزاق في المكاتب أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير عن عروة أن عائشة ابتاعت بريرة مكاتبة على ثمان أواق ، لم تقض من كتابتها شيئًا ، انتهى . - قوله : روي أنه أجاب رهط من الصحابة دعوة مولى أبي أسيد ، قلت : غريب ، وتنظر ترجمة أسيد - مولى أبي أسيد الساعدي - في أسماء الرجال ، والمصنف استدل به على جواز إجابة العبد ، وفيه حديث مرفوع :

أخرجه الترمذي في الجنائز ، وابن ماجه في الزهد عن مسلم الأعور عن أنس بن مالك ، قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعود المريض ، ويتبع الجنازة ، ويجيب دعوة المملوك ، ويركب الحمار ، ولقد كان يوم خيبر ، ويوم قريظة على حمار ، خطامه حبل من ليف ، وتحته أكاف من ليف ، انتهى . قال الترمذي : لا نعرفه إلا من حديث مسلم بن كيسان الأعور ، وهو يضعف ، انتهى . وأخرجه الحاكم في المستدرك - في الأطعمة ، وقال : حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، انتهى . - قوله : ولأن التداوي ، مباح وقد ورد بإباحته الحديث ، قلت : يشير إلى حديث : تداووا فإن اللّه جعل لكل داء دواء ، وقد روي من حديث أسامة بن شريك ، ومن حديث أبي الدرداء ، ومن حديث أنس ، ومن حديث ابن عباس ، ومن حديث ابن مسعود ، وأبي هريرة . - فحديث أسامة :

أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك ، قال : أتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وأصحابه كأنما على رءُوسهم الطير ، فسلمت ، ثم قعدت ، فجاء الأعراب من هاهنا وهاهنا ، فقالوا : يا رسول اللّه أنتداوى ؟ فقال : تداووا ، فإن اللّه عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء ، غير داء الهرم ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، ورواه أحمد ، وابن أبي شيبة ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم ، ولفظ ابن راهويه فيه : فإن اللّه لم ينزل داء إلا أنزل له دواء إلا الموت ، قالوا : يا رسول اللّه ، فما أفضل ما أعطي العبد ؟ قال : خلق حسن ، قال : فلما قاموا من عنده جعلوا يقبلون يده ، قال شريك : فضممت يده إلي ، فإذا هي أطيب من المسك ، انتهى . وبلفظ السنن رواه البخاري في كتابه المفرد في الأدب ، والطبراني في معجمه ، وابن حبان في صحيحه في النوع السبعين ، من القسم الأول ، والحاكم في المستدرك - في كتاب العلم ، وقال : حديث صحيح ، ولم يخرجاه ، وعلته عندهما أن أسامة بن شريك لا يروي عنه غير زياد بن علاقة ، قال : وله طرق أخرى ، نذكرها في كتاب الطب إن شاء اللّه تعالى ، ورواه في كتاب الطب عن مسعر بن كدام عن زياد بن علاقة به ، وقال : صحيح الإسناد ، وقد رواه عشر من أئمة المسلمين ، وثقاتهم عن زياد بن علاقة ، مالك بن مغول ، وعمرو بن قيس الملائي ، وشعبة ، ومحمد بن جحادة ، وأبو حمزة محمد بن ميمون السكري ، وأبو عوانة ، وسفيان بن عيينة ، وعثمان بن حكيم الأودي ، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي ، وورقاء بن عمر اليشكري ، وزهير بن معاوية الجعفي ، وإسرائيل بن يونس السبيعي ، ثم أخرج أحاديثهم الجميع ، ثم قال : فانظر هل يترك مثل هذا الحديث على اشتهاره ، وكثرة رواته ، بأن لا يوجد له عن الصحابي إلا تابعي واحد ؟ قال : وسألني الإمام الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ، لم أسقط الشيخان حديث أسامة بن شريك من الكتابين ؟ فقلت له : لأنهما لم يجدا لأسامة بن شرك راويًا غير زياد بن علاقة ، فقال لي أبو الحسن ، وكتبه لي بخطه : قد أخرجا جميعًا حديث قيس بن أبي حازم عن عدي بن عميرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم : من استعملناه على عمل ، الحديث ، وليس لعدي بن عميرة راو غير قيس ، وأخرجا أيضًا حديث الحسن عن عمرو بن تغلب ، وليس له راو غير الحسن ، وأخرجا أيضًا حديث مجزأة بن زاهر الأسلمي عن أبيه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في النهي عن لحوم الحمر الأهلية ، وليس لزاهر راو غير مجزأة ، وقد أخرج البخاري حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم : يذهب الصالحون أسلافا ، وليس لمرداس راو غير قيس ، وقد أخرج البخاري أيضًا حديثين عن زهرة بن معبد عن جده عبد اللّه بن هشام بن زهرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وليس لعبد اللّه راو غير زهرة ، وحديث أسامة بن شريك أصح ، وأشهر ، وأكثر رواة من هذه الأحاديث ، مع أن أسامة بن شريك قد روى عنه علي بن الأقمر ، ومجاهد ، انتهى . وقال الحاكم في كتاب الإيمان - من المستدرك في حديث أبي الأحوص عن أبيه مرفوعًا ، إن اللّه إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن ترى عليه : لم يخرج الشيخان هذا الحديث ، لأن مالك بن نضلة ليس له راو غير ابنه أبي الأحوص ، وقد أخرج مسلم عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه ، وليس له راو غير ابنه ، وكذلك عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه ، وليس له راو غير ابنه ، انتهى كلامه . - وأما حديث أبي الدرداء ،

فأخرجه أبو داود في سننه عن إسماعيل بن عياش عن ثعلبة بن مسلم عن أبي عمران الأنصاري عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إن اللّه أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل داء دواء ، فتداووا ، ولا تتداووا بحرام ، انتهى . - وأما حديث أنس :

فرواه أحمد في مسنده ، وابن أبي شيبة في مصنفه قالا : حدثنا يونس بن محمد ثنا حرب بن ميمون ، قال : سمعت عمران العمِّي ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : إن اللّه عز وجل حيث خلق الداء خلق الدواء ، فتداووا ، انتهى . وعن ابن أبي شيبة : رواه أبو يعلى في مسنده . - وأما حديث ابن عباس :

فرواه إسحاق بن راهويه ، وعبد بن حميد في مسنديهما ، قال الأول : حدثنا الفضل بن موسى ، وقال الثاني : حدثنا محمد بن عبيد ، قالا : ثنا طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يا أيها الناس تداووا ، فإن اللّه عز وجل لم يخلق داء إلا وقد خلق له شفاء ، إلا السام ، والسام الموت ، انتهى . ورواه الطبراني في معجمه عن طلحة بن عمرو به ، ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريق عبد اللّه بن وهب عن طلحة . - وأما حديث ابن مسعود :

فرواه البيهقي في شعب الإيمان في الباب التاسع والثلاثين حدثنا علي بن أحمد بن عبدان أنبأ أحمد بن عبيد ثنا الحسن بن علي بن المتوكل ثنا أبو الربيع ثنا أبو وكيع الجراح بن مليح عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد اللّه بن مسعود ، قال : قال رجل : يا رسول اللّه نتداوى ؟ قال : نعم ، تداووا ، فإن اللّه عز وجل لم ينزل داء إلا وأنزل له شفاء ، انتهى . قال البيهقي : وقد تابعه أبو حنيفة ، وأيوب بن عائذ عن قيس في رفعه ، انتهى . قلت : كذلك أخرجه أبو نعيم في كتاب المفرد - في الطب عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي رضي اللّه عنه ، وأيوب بن عائذ الطائي عن قيس به مرفوعًا ، والله أعلم . - وأما حديث أبي هريرة :

فرواه القضاعي في - مسند الشهاب - أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الصفار ثنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا سعيد بن عتاب ثنا ابن أبي سمينة ثنا بكر بن بكار ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : تداووا ، فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء ، انتهى . ورواه أبو نعيم في كتاب الطب من حديث معتمر بن سليمان عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا ، نحوه سواء .