فهرس الكتاب

من قتل له قتيل ، الحديث .

- الحديث الثاني : قال عليه السلام : - من قتل له قتيل ، الحديث . قلت :

أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، قال : لما فتح الله على رسوله صلى اللّه عليه وسلم مكة قام في الناس ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال : إن اللّه حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنها لم تحل لأحد قبلي ، وإنها أحلت لي ساعة من نهار ، وإنها لن تحل لأحد بعدي ، فلا ينفر صيدها ، ولا يختلي شوكها ، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين : إما أن يعطى الدية ، وإما أن يقاد أهل القتيل ، انتهى . هذا لفظ مسلم في كتاب الحج - في باب تحريم مكة ، ولفظ البخاري في كتاب العلم : إما أن يعقل ، وإما أن يقاد أهل القتيل ، ولفظه في اللقطة إما أن يفدى ، وإما أن يقيد ، ولفظه في الديات : إما أن يؤدى # ، وإما أن يقاد ، ولفظ الترمذي : إما أن يعفو ، وإما أن يقتل ، ولفظ النسائي في القود إما أن يقاد ، وإما أن يفدى ، ولفظ ابن ماجه : إما أن يقتل ، وإما أن يفدى ، قال البيهقي في المعرفة : وهذا الاختلاف وقع من أصحاب يحيى بن أبي كثير ، والموافق منها بحديث أبي شريح أولى ، انتهى . وحديث أبي شريح

أخرجه أبو داود ، والترمذي عن أبي شريح الخزاعي ، قال : قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم : ألا إنكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل ، وإني عاقلته ، فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل ، فأهله بين خيرتين : إما أن يأخذوا العقل أو يقتلوا ، انتهى . قال أبو داود : حدثنا مسدد ، وقال الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، قالا : ثنا يحيى عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد ، سمعت أبا شريح ، فذكره ، وأخرجه ابن ماجه ، وأبو داود أيضًا عن ابن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبي العوجاء عن أبي شريح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : من أصيب بدم ، أو خبل ، والخبل : الجرح ، فهو بالخيار بين إحدى ثلاث : أن يقتل ، أو يعفو ، أو يأخذ الدية ، مختصر . قال السهيلي : في الروض الأنف : حديث من قتل له قتيل فهو بخير النظرين ، اختلفت ألفاظ الرواة فيه على ثمانية ألفاظ : أحدها : إما أن يقتل ، وإما أن يفادى ، الثاني : إما أن يعقل أو يقاد ، الثالث : إما أن يفدى ، وإما أن يقتل ، الرابع : إما أن يعطى الدية ، وإما أن يقاد أهل القتيل ، الخامس : إما أن يعفو أو يقتل ، السادس : يقتل أو يفادى ، السابع : من قتل متعمدًا دفع إلى أولياء المقتول ، فإن شاءوا قتلوا ، وإن شاءوا أخذوا الدية ، الثامن : إن شاء فله دمه ، وإن شاء فعقله ، وهو حديث صحيح ، وظاهره أن وليّ الدم ، وهو المخير إن شاء أخذ الدية ، وإن شاء قتل ، وقد أخذ الشافعي بظاهره ، وقال : لو اختار وليّ المقتول الدية ، وأبى القاتل إلا القصاص ، أجبر القاتل على الدية . ولا خيار له ، وقالت طائفة : لا يجبر ، وتأولوا الحديث ، قال : ومنشأ الخلاف من الإجمال في قوله تعالى : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف } فاحتملت الآية عند قوم أن يكون { من } واقعة على القاتل ، و { عفي # } من العفو عن الدم ، ولا خلاف أن المتبع بالمعروف هو وليّ الدم ، وأن المأمور بالأداء بإحسان هو القاتل ، وإذا تدبرت الآية عرفت منشأ الخلاف ، ولاح لك من سياق الكلام أي القولين أولى بالصواب ، انتهى كلامه .