فهرس الكتاب

أنه عليه السلام لما تزوج صفية أعتق كل ذي رحم محرم

- الحديث الثالث : روي أنه عليه السلام لما تزوج صفية أعتق كل ذي رحم محرم منها ، إكرامًا لها ، وكانوا يسمون أصهار النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قلت : هكذا في الكتاب : صفية ، وهو وهم ، وصوابه جويرية ،

أخرجه أبو داود في سننه في العتاق عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة ، قالت : وقعت جويرية بنت الحارث بن المصطلق في سهم ثابت بن قيس بن شماس ، أو ابن عم له ، - لفظ الواقدي بالواو : وابن عم له - قالت : فتخلصني ثابت من ابن عمه بنخلات بالمدينة ، ثم كاتبني ثابت على ما لا طاقة لي به ، فأعني # - الحديث رجع إلى رواية ابن إسحاق فكاتبت على نفسها ، وكانت امرأة ملاحة ، تأخذ العين ، قالت عائشة : فجاءت تسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في كتابتها ، فلما قامت على الباب رأيتها ، فكرهت مكانها ، وعرفت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سيرى مثل الذي # رأيت ، فقالت : يا رسول اللّه أنا جويرية بنت الحارث ، وقد كان من أمري ما لا يخفى عليك ، وأني وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس ، وأني كاتبت على نفسي ، فجئت أسألك في كتابتي ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : فهل لك إلى ما هو خير منه ؟ قالت : يا رسول اللّه ، وما هو ؟ قال : أؤدي عنك كتابتك ، وأتزوجك ؟ قالت : نعم يا رسول اللّه ، قال : قد فعلت ، قالت : فتسامع الناس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد تزوج جويرية ، فأرسلوا ما بأيديهم - يعني من السبي - فأعتقوهم ، وقالوا : أصهار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قالت : فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها ، أعتق في سببها مائة أهل بيت من بني المصطلق ، انتهى . ورواه أحمد ، وابن راهويه ، والبزار في مسانيدهم ومن طريق ابن راهويه رواه ابن حبان في صحيحه في النوع الحادي عشر ، من القسم الرابع ، وله طريق آخر عند الحاكم في المستدرك في الفضائل

رواه من طريق الواقدي ، ولفظ الواقدي في المغازي حدثنا يزيد بن عبد اللّه بن قسيط عن أبيه عن ابن ثوبان عن عائشة ، فذكره يزيد بن عبد اللّه بن قسيط عن أبيه عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن عائشة ، قالت : أصاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نساء بني المصطلق ، فأخرج الخمس عنه ، ثم قسمه بين الناس ، فأعطى الفارسين سهمين ، والراجل سهمًا ، فوقعت جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار في قسم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري ، وكانت تحت ابن عم لها ، يقال له : صفوان بن مالك بن جذيمة ، فقتل عنها ، فكاتبها ثابت بن قيس على نفسها ، على تسع أوراق من ذهب ، وكانت امرأة حلوة ، لا يكاد يراها أحد إلا أخذت نفسه ، قالت : فبينا النبي صلى اللّه عليه وسلم عندي إذ دخلت جويرية تسأله في كتابتها ، فكرهت دخولها ، وعلمت أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سيرى منها مثل الذي رأيت ، فقالت : يا رسول اللّه أنا امرأة مسلمة ، أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأنك رسول اللّه ، وأنا جويرية بنت الحارث ، سيد قومه ، وقد أصابني من الأمر ما قد علمت ، فوقعت في سهم ثابت بن قيس ، فكاتبني على ما لا طاقة لي به ، وما أكرهني على ذلك إلا أني رجوتك صلى اللّه عليك ، أعني في فكاكي ، فقال : أو خير من ذلك ؟ قالت : ما هو ؟ قال : أؤدي عنك كتابتك ، وأتزوجك . قالت : نعم يا رسول اللّه ، قال : قد فعلت ، فأدى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما كان عليها من كتابتها ، وتزوجها ، وخرج ، فخرج الخبر إلى الناس ، فقالوا : أصهار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يسترقون ؟ ! فأعتقوا ما كان في أيديهم من سبي بني المصطلق ، فبلغوا مائة أهل بيت ، قالت : فلا أعلم امرأة كانت على قومها أعظم بركة منها ، انتهى . هكذا رواه الواقدي في كتاب المغازي ، والحاكم نقص منه التاريخ ، وزاد فيه قوله : وذلك منصرفة من غزوة المريسيع ، وزاد فيه من طريق أخرى : وكان الحارث بن أبي ضرار رأس بني المصطلق ، وسيدهم ، وكانت ابنته جويرية اسمها برة ، فسماها عليه السلام جويرية ، لأنه كان يكره أن يقال : خرج من بيت برّة ، ويقال إن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم جعل صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق ، ويقال : جعل صداقها عتق أربعين من قومها ، انتهى . وسكت عنه ، ورواه ابن هشام في سيرته - في غزوة بني المصطلق ، من طريق ابن إسحاق بسند أبي داود ومتنه ، سواء ، قال البخاري في كتابه المفرد - في القراءة خلف الإمام : رأيت علي بن عبد اللّه يحتج بحديث ابن إسحاق ، وقال : علي عن ابن عيينة ما رأيت أحدًا يتهم محمد بن إسحاق ، وقال لي إبراهيم بن المنذر : حدثنا عمر بن عثمان أن الزهري كان يتلقف المغازي من ابن إسحاق ، فيما يحدثه عن عاصم بن عمر بن قتادة ، والذي يذكر عن مالك في ابن إسحاق لا يكاد يتبين ، وكان إسماعيل بن أبي أويس يقول : أخرج إليّ مالك كتب ابن إسحاق عن أبيه في - المغازي ، وغيرها . فانتخبت منها كثيرًا ، وقال لي إبراهيم بن حمزة كان عند إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق نحوًا من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام ، سوى المغازي ، وكان إبراهيم بن سعد من أكثر أهل المدينة حديثًا في زمانه ، ولو صح عن مالك تناوله من ابن إسحاق ، فلربما تكلم الإنسان فيرمي # صاحبه بشئ واحد ، ولا يتهمه في الأمور كلها ، وقال إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح : نهاني مالك عن شيخين من قريش ، وقد أكثر عنهما في الموطأ ، وهما ممن يحتج بهما ، ولم ينج كثير من الناس من كلام بعض الناس ، وذلك نحو ما يذكر عن إبراهيم في كلامه في الشعبي ، وكلام الشعبي في عكرمة ، وكذلك من كان قبلهم ، ولم يلتفت أهل العلم إلى ذلك ، ولا سقطت عدالة أحد إلا ببرهان ثابت ، وحجة ، وقال عبيد بن يعيش : حدثنا يونس بن بكير ، قال : سمعت شعبة يقول : محمد بن إسحاق أمير المحدثين لحفظه ، وروى عنه الثوري ، وابن إدريس ، وحماد بن زيد ، ويزيد بن زريع ، وابن علية ، وعبد الوارث ، وابن المبارك ، واحتمله أحمد ، ويحيى بن معين ، وعامة أهل العلم ، وقال لي علي بن عبد اللّه : نظرت كتاب ابن إسحاق ، فما وجدت عليه إلا في حديثين ، ويمكن أن يكونا صحيحين ، وما ذكر عن هشام بن عروة أنه قال : كيف يدخل محمد بن إسحاق على امرأتي ؟ إن صح ذلك عنه ، فجائز أن تكتب إليه فإن أهل المدينة يرون الكتاب جائزًا ، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم كتب لأمير السرية كتابًا ، وقال له : لا تقرأ حتى تبلغ مكان كذا ، فلما بلغ فتح الكتاب ، وقرأه ، وعمل بما فيه ، وكذلك الخلفاء ، والأئمة ، يقضون بكتاب بعضهم إلى بعض ، وجائز أيضًا أن يكون سمع منها ، وهي من وراء حجاب ، وهشام لم يشهد ، انتهى كلامه بحروفه .

كتاب الخنثى

- حديث : سئل عليه السلام عن الخنثى كيف يورث ؟ قال : - من حيث يبول ، قلت :

رواه ابن عدي في الكامل من حديث أبي يوسف القاضي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه سئل عن مولود ولد ، له قبل ، وذكر ، من أين يورث ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : من حيث يبول ، انتهى ومن طريق ابن عدي رواه البيهقي في المعرفة - في الفرائض ، وعده ابن عدي من منكرات الكلبي ، وقال البيهقي : الكلبي لا يحتج به ، وأخرجه ابن عدي أيضًا عن سليمان بن عمرو النخعي عن الكلبي به ، ثم قال : وأجمعوا على أن سليمان بن عمرو النخعي يضع الحديث ، انتهى . وذكره عبد الحق في أحكامه - في الفرائض من جهة ابن عدي ، وقال : إسناده من أضعف إسناد يكون ، انتهى . ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من جهة ابن عدي ، وقال : البلاء فيه من الكلبي ن # وقد اجتمع فيه كذابون : سليمان النخعي ، والكلبي ، وأبو صالح ، انتهى . - قوله : وعن علي مثله ، قلت : رواه عبد الرزاق في مصنفه - في الفرائض أخبرنا سفيان الثوري عن مغيرة عن الشعبي عن علي أنه ورث خنثى من حيث يبول ، انتهى . ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا الحسن بن كثير الأحمسي عن أبيه عن معاوية أنه أتى في خنثى ، فأرسلهم إلى علي ، فقال : يورث من حيث يبول ، حدثنا هشيم عن مغيرة عن سماك عن الشعبي به ، وأخرج عبد الرزاق نحوه عن سعيد بن المسيب نحوه ، وزاد ، فإن كانا في البول سواء ، فمن حيث سبق ، انتهى .

مسائل شتى

- حديث : روي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أدى واجب التبليغ مرة بالعبارة ، وتارة بالكتابة إلى الغيب ، قلت : أما تبليغه عليه السلام بالعبارة ، فمعروف ، وأما بالكتابة إلى الغيب

ففي الصحيحين عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام ، وبعث بكتابه مع دحية الكلبي ، وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر ، فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر ، الحديث بطوله ، إلى أن قال : قال أبو سفيان : ثم دعا قيصر بكتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقرئ ، فإذا فيه : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد اللّه ، إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فإني أدعوك بداعية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك اللّه أجرك مرتين ، فإن توليت ، فإن عليك إثم الأريسيين ، ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ، أن لا نعبد إلا اللّه ، ولا نشرك به شيئًا ، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون اللّه ، فإن تولوا فقولوا : اشهدوا بأنا مسلمون مختصر ، والكتاب لم يختصر ، أخرجه البخاري في أول الكتاب أعني الصحيح . حديث آخر :

أخرجاه أيضًا عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما بعث معاذًا إلى اليمن قال : إنك تقدم على قوم أهل كتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول اللّه ، فإن هم أطاعوا لك بذلك ، فأعلمهم أن اللّه افترض عليهم خمس صلوات ، في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم أن اللّه افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين اللّه حجاب ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه مسلم في الجهاد عن قتادة عن أنس - أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتب إلى كسرى ، وقيصر ، وإلى النجاشي ، وإلى كل جبار ، يدعوهم إلى اللّه عز وجل ، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى . حديث آخر :

رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث عبد اللّه بن عكيم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كتب إلى جهينة قبل موته بشهر أن لا ينتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن ، ورواه أحمد في مسنده ، وابن حبان في صحيحه ، وفيه كلام طويل ، ذكرناه في أول الكتاب . حديث آخر :

رواه أبو داود في سننه - في كتاب الخراج حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا قرة ، قال : سمعت يزيد بن عبد اللّه ، قال : كنا بالمربد ، فجاء رجل أشعث الرأس بيده قطعة أديم أحمر ، فقلنا له : كأنك من أهل البادية ؟ قال : أجل ، قلنا : ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك ، فناولناها ، فقرأناها ، فإذا فيها : من محمد رسول اللّه إلى بني زهير بن أقيش ، إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمدًا رسول اللّه ، وأقمتم الصلاة ، وآتيتم الزكاة ، وأديتم الخمس من المغنم ، وسهم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وسهم الصفي ، أنتم آمنون بأمان اللّه ورسوله ، فقلنا له : من كتب لك هذا الكتاب ؟ قال : رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى . قال المنذري : وهذا الرجل هو النمر بن تولب الشاعر ، صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وسمي في بعض طرقه ، انتهى . حديث آخر :

روى ابن حبان في صحيحه في النوع السادس والثلاثين ، من القسم الخامس ، من حديث أنس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كتب إلى بكر بن وائل أن أسلموا تسلموا ، قال : فما قرأه إلا رجل منهم ، من بني ضبيعة ، فهم يسمون بني الكاتب ، انتهى . حديث آخر :

روى أبو نعيم في أوائل كتاب دلائل النبوة ، وابن هشام في السيرة من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة ، مولى ابن عباس ، عن ابن عباس أنه قال : كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى يهود خيبر بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من محمد رسول اللّه ، صاحب موسى ، وأخيه ، والمصدق لما جاء به موسى ، ألا إن الله عز وجل قال لكم : يا معشر اليهود ، وأهل التوراة - وإنكم تجدون ذلك في كتابكم - : أن محمداّ رسول اللّه ، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ، إلى آخر السورة ، وإني أنشدكم بالله الذي أيبس البحر لآبائكم ، حتى أنجاهم من فرعون وعمله ، إلا أخبرتمونا هل تجدون فيما أنزل عليكم أن تؤمنوا بمحمد ، فإن كنتم لا تجدون ذلك في كتابكم ، فلا كره عليكم ، قد تبين الرشد من الغيّ ، وإني أدعوكم إلى اللّه ، وإلى نبيه ، انتهى . - حديث آخر :

روى الواقدي في آخر كتاب الردة حدثني معاذ بن محمد بن أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي جهم عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، قال : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي بالبحرين ، لليال بقين من رجب سنة تسع ، منصرفه عليه السلام من تبوك ، وكتب إليه كتابًا فيه : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من محمد رسول اللّه إلى المنذر بن ساوى ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإني أدعوك إلى الإسلام ، فأسلم تسلم ، أسلم يجعل اللّه لك ما تحت يديك ، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر . وختم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الكتاب . فخرج العلاء بن الحضرمي إلى المنذر ، ومعه نفر : فيهم أبو هريرة ، وقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استوص بهم خيرًا ، وقال له : إن أجابك إلى ما دعوته إليه ، فأقم حتى يأتيك أمري ، وخذ الصدقة من أغنيائهم ، فردها في فقرائهم ، قال العلاء : فاكتب لي يا رسول اللّه كتابًا يكون معي ، فكتب له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرائض الإبل ، والبقر ، والغنم ، والحرث ، والذهب ، والفضة ، على وجهها ، وقدم العلاء بن الحضرمي عليه ، فقرأ الكتاب ، فقال : أشهد أن ما دعا إليه حق ، وأنه لا إله إلا اللّه ، وأن محمدًا عبد اللّه ورسوله ، وأكرم منزله . ورجع العلاء ، فأخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم خبره ، فسُرَّ ، انتهى . ثم أسند الواقدي عن عكرمة ، قال : وجدت هذا الكتاب في كتب ابن عباس بعد موته ، فنسخته ، فإذا فيه : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى ، وكتب إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتابًا يدعوه فيه إلى الإسلام ، فكتب المنذر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، أما بعد : يا رسول اللّه فإني قرأت كتابك على أهل البحرين فمنهم من أحب الإسلام ، وأعجبه ، ودخل فيه ، ومنهم من كرهه ، وبأرضي مجوس ، ويهود ، فأحدث إلي في ذلك أمرًا ، فكتب إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من محمد رسول اللّه ، إلى المنذر بن ساوى ، سلام عليك ، فإني أحمد إليك اللّه الذي لا إله إلا هو ، وأشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمدًا عبده ، ورسوله ، أما بعد : فإني أذكر اللّه عز وجل ، فإنه من ينصح ، فإنما ينصح لنفسه ، وإنه من يطع رسلي ، ويتبع أمرهم ، فقد أطاعني ، ومن نصح لهم ، فقد نصح لي ، وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرًا ، وإني شفعتك في قومك ، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه ، وعفوت عن أهل الذنوب ، فاقبل منهم ، وإنك مهما تصلح ، فلن نعزلك عن عملك ، ومن أقام على يهودية ، أو مجوسية ، فعليه الجزية ، قال : فأسلم المنذر بكتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وحسن إسلامه ، ومات قبل ردة أهل البحرين ، وذكر ابن قانع أنه وفد على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال أبو الربيع بن سالم : ولا يصح ذلك .

- كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى كسرى ملك الفرس :

وذكر الواقدي أيضًا من حديث الشفاء بنت عبد اللّه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث عبد اللّه بن حذافة السهمي ، منصرفه من الحديبية ، إلى كسرى ، وبعث معه كتابًا مختومًا ، فيه : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من محمد رسول اللّه ، إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ، ورسوله ، وشهد أن لا إله إلا اللّه ، وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، أدعوك بداعية اللّه ، فإني أنا رسول اللّه إلى الناس كافة ، لينذر من كان حيًا ، ويحق القول على الكافرين ، أسلم تسلم ، فإن أبيت ، فإن عليك إثم المجوس . قال عبد اللّه بن حذافة : فانتهيت إلى بابه ، فطلبت الإذن عليه ، حتى وصلت إليه فدفعت إليه كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقرئ عليه ، فأخذه ومزقه ، فلما بلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : مزق اللّه ملكه ، انتهى . وأخرجه البخاري ، مختصرًا عن ابن عباس ، بعث بكتابه مع عبد اللّه بن حذافة السهمي ، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين ، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ، فلما قرأه مزقه ، قال : فحسبت أن ابن المسيب قال : فدعا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق ، انتهى .

كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة ، وذكر الواقدي أيضًا أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم كتب إلى النجاشي كتابا ، وأرسله مع عمرو بن أمية الضمري ، فيه : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد اللّه إلى النجاشي ملك الحبشة ، سلم # أنت ، فإني أحمد إليك الله ، الذي لا إله إلا هو ، الملك القدوس ، السلام المؤمن ، المهيمن ، وأشهد أن عيسى ابن مريم ، روح الله ، وكلمته ألقاها إلى مريم البتول فحملت به ، فخلقه من روحه ، ونفخه ، كما خلق آدم بيده ، وإني أدعوك إلى الله وحده ، لا شريك له ، والموالاة على طاعته ، وأن تتبعني ، وتؤمن بالذي جاءني ، فإني رسول الله ، وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل ، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي ، والسلام على من اتبع الهدى قال فكتب إليه النجاشي : بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى محمد رسول الله ، من أصحمه النجاشي ، سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله ، وبركات الله ، الذي لا إله إلا هو أما بعد : فقد بلغني كتابك يا رسول الله ، فيما ذكرت من أمر عيسى ، فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا ، وأنه كما ذكرت ، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قربنا ابن عمك ، وأصحابه ، وأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا ، وقد بايعتك ، وبايعت ابن عمك ، وأسلمت على يديه ، لله رب العالمين ، انتهى .

كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى المقوقس وذكر الواقدي أيضًا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كتب إلى المقوقس ، مع حاطب بن أبي بلتعة بسم اللّه الرحمن الرحيم : من محمد بن عبد اللّه إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإني أدعوك بداعية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك اللّه أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم القبط { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ، أن لا نعبد إلا اللّه ، ولا نشرك به شيئًا ، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون اللّه ، فإن تولوا فقولوا : اشهدوا بأنا مسلمون } ، وختم الكتاب ، فخرج به حاطب حتى قدم الإسكندرية ، فلما دخل عليه ، قال له : اعلم أنه قد كان قبلك رجل زعم أنه الرب الأعلى ، فأخذه اللّه نكال الآخرة والأولى ، فانتقم به ، ثم انتقم منه ، فاعتبر بغيرك ، ولا يعتبر غيرك بك ، اعلم أن لنا دينًا لن ندعه إلا لما هو خير منه ، وهو الإسلام ، الكافي به اللّه ما سواه ، إن هذا النبي صلى اللّه عليه وسلم دعا الناس ، فكان أشدهم عليه قريش ، وأعداهم له يهود ، وأقربهم منه النصارى ، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى ، إلا كبشارة عيسى بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن ، إلا كدعائك أهل التوراة ، إلى الإنجيل ، وكل نبي أدرك قومًا ، فهم من أمته ، فالحق عليهم أن يطيعوه ، فأنت ممن أدركه هذا النبي ، ولسنا ننهاك عن دين المسيح ، بل نأمرك به ، فقال المقوقس : إني قد نظرت في أمر هذا النبي ، فرأيته لا يأمر بمزهود فيه ، ولا ينهى عن مرغوب عنه ، ولم أجده بالساحر الضال ، ولا الكاهن الكاذب ، ووجدت معه آلة النبوة بإخراج الخبأ ، والإخبار بالنجوى ، وسأنظر في ذلك ، وأخذ كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم فجعله في حق من عاج ، وختم عليه ، ودفعه إلى جارية له ، ثم دعا كاتبًا له يكتب بالعربية ، فكتب إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، لمحمد بن عبد اللّه ، من المقوقس عظيم القبط ، سلام ، أما بعد : فقد قرأت كتابك ، وفهمت ما ذكرت فيه ، وما تدعو إليه ، وقد علمت أن نبيًا بقي ، وكنت أظن أنه يخرج بالشام ، وقد أكرمت رسولك ، وبعثت إليك بجاريتين ، لهما مكان في القبط عظيم ، وبكسوة ، وبغلة لتركبها ، والسلام عليك ، ودفع الكتاب إلى حاطب ، وأمر له بمائة دينار ، وخمسة أثواب ، وقال له : ارجع إلى صاحبك ، ولا تسمع منك القبط حرفًا واحدًا ، فإن القبط لا يطاوعوني في اتباعه ، وأنا أضن بملكي أن أفارقه ، وسيظهر صاحبك على البلاد ، وينزل بساحتنا هذه أصحابه من بعده ، فارحل من عندي ، قال : فرحلت من عنده ، ولم أقم عنده إلا خمسة أيام ، فلما قدمت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ذكرت له ما قاله لي ، فقال : ضن الخبيث بملكه ، ولا بقاء لملكه ، قال الدارقطني : اسمه جريج بن ميناء ، أثبته أبو عمر في الصحابة ، ثم ضرب عليه ، وقال : يغلب علي الظن أنه لم يسلم ، وكانت شبهته في إثباته إياه في الصحابة ، رواية رواها ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة ، قال : أخبرني المقوقس أنه أهدى لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قدحًا من قوارير ، فكان يشرب فيه ، انتهى . قلت : عده ابن قانع في الصحابة ، وروى له الحديث المذكور ، فقال : أخبرنا قاسم بن زكريا ثنا أحمد بن عبدة ثنا الحسين بن الحسن ثنا مندل عن محمد بن إسحاق به سندًا ومتنًا ، قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات ، وعده أبو نعيم ، وابن منده في الصحابة ، وغلطا # فيه ، والصحيح أنه مات نصرانيًا ، انتهى . كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى جيفر ، وعبد ابني الجلندي ، الأزديين ، ملكي عمان ، مع عمرو ابن العاص بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد اللّه ، إلى جيفر ، وعبد ابني الجلندي ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإني أدعوكما بداعية الإسلام أسلما تسلما ، فإني رسول اللّه إلى الناس كافة ، لأنذر من كان حيًا ، ويحق القول على الكافرين ، وإنكما إن أقررتما بالإسلام ، وليتكما ، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام ، فإن ملككما زائل عنكما ، وخيلي تحل بساحتكما ، وتظهر نبوتي على ملككما . وكتبه أبيّ بن كعب ، وختم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الكتاب ، قال عمرو بن العاص : فخرجت حتى انتهيت إلى عمان ، فقدمت على عبد ، وكان أسهل الرجلين ، فقلت له : إني رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إليك ، وإلى أخيك ، فقال : أخي المقدم عليّ بالسن والملك ، أنا أوصلك إليه ، فيقرأ كتابك ، ثم سألني أين كان إسلامي ؟ فقلت له : عند النجاشي ، وأخبرته أن النجاشي أسلم ، فقال : ما أظن أن هرقل عرف بإسلامه ، قلت : بلى ، عرف ، قال : من أين لك ؟ قلت : كان النجاشي يخرج خرجًا ، فلما أسلم ، قال : والله لو سألني درهمًا واحدًا ما أعطيته ، فلما بلغ ذلك هرقل ، قيل له : أتدع عبدك لا يخرج لك خرجًا ، ويدين دينًا محدثًا ؟ فقال : وما الذي أصنع ؟ رجل رغب في دين ، واختاره لنفسه ، والله لولا الضن بملكي ، لصنعت مثل الذي صنع ، فقال : أنظر يا عمرو ما تقول ، إنه ليس من خصلة في الرجل أفضح له من الكذب ، فقلت له : والله ما كذبت ، وإنه لحرام في ديننا فقال : وما الذي يدعو إليه ؟ قلت : يدعو إلى اللّه وحده ، لا شريك له ، ويأمر بطاعة اللّه ، والبر وصلة الرحم ، وينهى عن المعصية ، وعن الظلم والعدوان ، وعن الزنا ، وشرب الخمر ، وعبادة الحجر والوثن ، والصليب ، فقال : ما أحسن هذا ، لو كان أخي يتابعني ، لركبنا إليه حتى نؤمن به ، ولكن أخي أضن بملكه ، من أن يدعه ، قلت : إنه إن أسلم ملكه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على قومه ، قال : ثم أخبر أخاه بخبري ، فدعاني ، فدخلت عليه ، ودفعت إليه الكتاب ، ففضه ، وقرأه ، ثم دفعه إلى أخيه ، فقرأه مثله ، إلا أن أخاه أرق منه ، وقال لي : ما صنعت قريش ؟ قلت : ما منهم أحد إلا وأسلم إما راغبًا في الإسلام ، وإما مقهورًا بالسيف ، وقد دخل الناس في الإسلام ، وعرفوا بعقولهم - مع هداية اللّه - أنهم كانوا في ضلال ، وإني لا أعلم أحدًا بقي غيرك ، وأنت إن لم تسلم ، توطئك الخيل ، وتبيد خضرائك ، فأسلم تسلم ، قال : دعني يومًا هذا ، قال : فلما خلا به أخوه ، قال : ما الذي نحن فيه ؟ وقد ظهر أمر هذا الرجل ، وكل من أرسل إليه أجابه ؟ قال : فلما أصبح أرسل إليّ ، وأجاب هو وأخوه إلى الإسلام جميعًا ، وخليا بيني وبين الصدقة ، والحكم فيما بينهم ، وكانا لي عونًا على من خالفني ، انتهى . كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ، ملك الشام ، مع شجاع بن وهب ، هكذا عند الواقدي ، وعند ابن هشام أنه جبلة بن الأيهم ، عوض الحارث بن أبي شمر ، ذكر الواقدي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث شجاعًا إلى الحارث بن أبي شمر ، وهو بغوطة دمشق فكتب إليه ، مرجعه من الحديبية : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، من محمد رسول اللّه إلى الحارث بن أبي شمر ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن به ، وصدق ، وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده ، لا شريك له ، يبقى لك ملكك . وختم الكتاب ، ودفعه إلى شجاع بن وهب ، قال : فلما قدمت عليه انتهيت إلى حاجبه ، فقلت له : إني رسول رسول اللّه إليه ، فقال لي : إنك لا تصل إليه إلى يوم كذا ، فأقمت على بابه يومين ، أو ثلاثة ، وجعل حاجبه - وكان روميًا ، اسمه مري - يسألني عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وما يدعو إليه ، فكنت أحدثه ، فيرق قلبه ، حتى يغلبه البكاء ، وقال : إني قرأت في الإنجيل صفة هذا النبي ، وكنت أرى أنه يخرج بالشام ، وأنا أؤمن به ، وأصدقه ، وكان يكرمني ، ويحسن ضيافتي ، ويخبرني عن الحارث باليأس منه ، ويقول : هو يخاف قيصر ، قال : فلما خرج الحارث يوم جلوسه أذن لي عليه ، فدفعت إليه الكتاب ، فقرأه ، ثم رمى به ، وقال : من ينتزع مني ملكي ، أنا سائر إليه ، ولو كان باليمن جئته ، عليّ بالناس ، فلم يزل يستعرض حتى الليل ، وأمر بالخيل أن تنعل ، ثم قال : أخبر صاحبك بما ترى ، وكتب إلى قيصر يخبره خبري ، فصادف قيصر بإيلياء ، وعنده دحية الكلبي ، وقد بعثه إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فلما قرأ قيصر كتاب الحارث ، كتب أن لا تسر إليه ، واله # عنه ، ووافني بإيلياء ، قال : ورجع الكتاب ، وأنا مقيم ، فدعاني ، وقال : متى تريد أن تخرج إلى صاحبك ؟ قلت : غدًا ، فأمر لي بمائة مثقال ذهب ، ووصلني الحاجب بنفقة وكسوة ، وقال لي : اقرأ على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، مني السلام ، وأخبره أني متبع دينه ، قال شجاع : فقدمت على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأخبرته ، فقال : باد ملكه ، وأقرأته السلام ، وأخبرته بما قال ، فقال عليه السلام : صدق ، انتهى . كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة ، مع سليط بن عمرو العامري بسم اللّه الرحمن الرحيم من محمد رسول اللّه ، إلى هوذة بن علي ، سلام على من اتبع الهدى ، اعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، فأسلم تسلم ، وأجعل لك ما تحت يديك ، فلما قدم على سليط أنزله وحياه ، وقرأ عليه الكتاب ، فكتب إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم : ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، وأنا شاعر قومي ، وخطيبهم ، والعرب تهاب مكاني ، فاجعل إليّ بعض الأمر أتبعك ، وأجاز سليطًا بجائزة ، وكساه أثوابًا ، من نسج هجر ، فقدم بذلك كله على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأخبره ، وقرأ كتابه ، فقال : والله لو سألني سيابةً به من الأرض ما فعلت ، باد ، وباد ما في يديه ، فلما انصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الفتح ، جاءه جبرئيل عليه السلام بأن هوذة مات ، فقال عليه السلام : أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب ، يتنبأ ، يقتل بها بعدي ، فقال قائل : يا رسول اللّه من يقتله ؟ قال : أنت وأصحابك ، فكان كذلك ، انتهى واللّه أعلم بالحق والصواب .