فهرس الكتاب

أمَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم في المغرب في اليومين في

الحديث السادس : روي أن جبرئيل عليه السلام أمَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم في المغرب في اليومين في وقت واحد ، قلت : تقدم ذلك في حديث ابن عباس ، وفي حديث ابن مسعود ، وفي حديث أبي هريرة ، وفي حديث عمرو بن حزم ، وفي حديث الخدري ، وفي حديث ابن عمر . واعلم أنه لم يرد صلاة المغرب في إمامة جبرئيل إلا في وقت واحد ، ولكن صح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه صلاها في وقتين ،

فأخرج مسلم في صحيحه عن بريدة أن رجلاً سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن مواقيت الصلاة ، فقال : أشهد معنا الصلاة ، فأمر بلالاً فأذن بغلس فصلى الصبح حين طلع الفجر ، ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء ، ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة ، ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس ، ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق ، ثم أمره من الغد فنوَّر بالصبح ، ثم أمره بالظهر فأبرد ، ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم يخالطها صفرة ، ثم أمره بالمغرب قبيل أن يقع الشفق ، ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل أو بعضه ، فلما أصبح ، قال : أين السائل ؟ ما بين ما رأيت وقت ، انتهى . وروي نحوه من حديث أبي موسى ، وسيأتي ، قال البيهقي في كتاب المعرفة : والأشبه أن يكون قصة المسألة عن المواقيت بالمدينة ، وقصة إمامة جبرئيل عليه السلام بمكة ، والوقت الآخر لصلاة المغرب زيادة منه ، ورخصة ، انتهى . وحديث الكتاب استدل به المصنف للشافعي على أن وقت المغرب قدر ثلاث ركعات ، قال ابن الجوزي في التحقيق : ولنا عن أحاديث : إمامة جبرئيل - أنه أمَّ به عليه السلام المغرب في اليومين وقتاً واحداً - ثلاثة أجوبة : أحدها أن أحاديثنا أنه صلاها في وقتين أصح ، وأكثر رواة الثاني أن إمامة جبرئيل كانت بمكة ، وفعل النبي صلى اللّه عليه وسلم كان بالمدينة ، وإنما يؤخذ بالآخر من أمره عليه السلام . والثالث : أن فعله عليه السلام للمغرب في وقت واحد لا يدل على أنه لا وقت لها غيره ، بدليل أن العصر يصح بعد اصفرار الشمس ، وهو وقت لها ، مع أنه عليه السلام لم يصلها مع جبرئيل في الوقتين ، إلا قبل الاصفرار ، ولم يدل ذلك على أنه لا وقت لها غيره ، ومبادرته عليه السلام إلى المغرب في وقت واحد في اليومين إنما كان لأجل الفضيلة ، واللّه أعلم ، انتهى كلامه .