فهرس الكتاب

روي أن الصحابة تحروا وصلوا ، ولم ينكر عليهم رسول اللّه

الحديث السادس : روي أن الصحابة تحروا وصلوا ، ولم ينكر عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قلت : روي من حديث عامر بن ربيعة . ومن حديث جابر ، فحديث عامر بن ربيعة

أخرجه الترمذي وابن ماجه عن أشعث بن سعيد السمان عن عاصم بن عبيد اللّه عن عبد اللّه بن عامر بن ربيعة عن أبيه عامر بن ربيعة ، قال : كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفر ، زاد الترمذي : في ليلة مظلمة ، قال : فتغيمت السماء وأشكلت علينا القبلة ، فصلينا ، وأعلمنا ، فلما طلعت الشمس إذا نحن صلينا لغير القبلة ، فذكرنا ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأنزل اللّه { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ } الآية ، انتهى . قال الترمذي : هذا حديث ليس إسناده بذاك ، ولا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان ، وهو يضعف في الحديث ، انتهى . ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده وزاد فيه ، فقال : قد مضت صلاتكم وأنزل اللّه الآية ، قال ابن القطان في كتابه : الحديث معلول بأشعث . وعاصم ، فأشعث مضطرب الحديث ينكر عليه أحاديث . وأشعث السمان سيئ الحفظ ، يروي المنكرات عن الثقات ، وقال فيه عمرو بن علي : متروك ، انتهى كلامه . وأما حديث جابر ، فله ثلاثة طرق : أحدها عند

الحاكم في المستدرك عن محمد بن سالم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر ، قال : كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مسير ، فأظل لنا غيم ، فتحيرنا فاختلفنا في القبلة ، فصلى كل واحد منا على حدة ، فجعل كل واحد منا يخط بين يديه ليعلم مكانه ، فذكرنا للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، فلم يأمرنا بالإعادة ، وقال لنا : قد أجزأت صلاتكم ، انتهى . قال الحاكم : هذا حديث صحيح برواته كلهم غير محمد بن سالم ، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح ، وقد تأملت كتابي الشيخين فلم يخرجا في هذا الباب شيئاً ، انتهى قال الذهبي في مختصره : محمد بن سالم يكنى أبا سهل ، وهو واهٍ ، انتهى . ورواه الدارقطني ، ثم البيهقي في سننهما ، وقال : محمد بن سالم ضعيف ، انتهى . الطريق الثاني :

أخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي ، عن أحمد بن عبيد اللّه بن الحسن العنبري ، قال : وجدت في كتاب أبي ثنا عبد الملك العرزمي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد اللّه ، قال : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سرية كنت فيها ، فأصابتنا ظلمة ، فلم نعرف القبلة ، فصلوا ، وخطوا خطوطاً ، فلما أصبحوا ، وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة ، فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك فسكت ، فأنزل اللّه تعالى : { وَللهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ } الآية ، ثم أخرج الدارقطني عن سعيد بن جبير عن ابن عمر ، قال : إنها نزلت في التطوع خاصة : حيث توجه بك بعيرك ، انتهى . قال ابن القطان في كتابه : وعله هذا الانقطاع فيما بين أحمد بن عبيد اللّه وأبيه ، والجهل بحال أحمد المذكور ، وما مس به أيضاً عبيد اللّه بن الحسن العنبري من المذهب على ما ذكره ابن أبي خيثمة . وغيره ، انتهى . الطريق الثالث عن محمد بن عبيد اللّه العرزمي عن عطاء عن جابر نحوه ، قال البيهقي : وبالجملة فلا نعلم لهذا الحديث إسناداً صحيحاً ، وذلك لأن عاصم بن عبيد اللّه بن عمر العمري . ومحمد بن عبيد اللّه العرزمي . ومحمد بن سالم كلهم ضعفاء ، والطريق إلى عبد الملك العرزمي غير واضح ، لما فيه من الوجادة وغيرها ، انتهى . وقال ابن القطان في كتابه : محمد بن عبيد اللّه العرزمي . ومحمد بن سالم ضعيفان ، وهما حديثان مختلفان يرويهما جابر : أحدهما : كان في غزوة كان فيها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . والآخر : سرية بعثها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وعلة أحدهما غير علة الآخر ، قال : وأخطأ أبو محمد عبد الحق حيث جعلهما حديثاً واحداً ، قال : ويمكن الجمع بين الروايتين لو صحتا ، بأن السرية كانت جريدة جردها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من العسكر ، فمر فيها جابر ، واعتراهم ما ذكر ، ولما قفلوا منها إلى عسكر النبي صلى اللّه عليه وسلم سألوه ، أو تكون الجريدة لم تجتمع مع النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا في المدينة ، حتى يكون قوله : كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وقوله : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سرية صادقين ، انتهى كلامه . وقال العقيلي في كتابه : هذا حديث لا يروى من وجه يثبت ، انتهى .