فهرس الكتاب

لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ،

الحديث الثالث عشر : قال عليه السلام : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، قلت :

روى الأئمة الستة في كتبهم من حديث محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ، انتهى . ورواه الدارقطني بلفظ : لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب . وقال : إسناده صحيح ، وصححه ابن القطان أيضاً ، وقال : زياد أحد الثقات ، انتهى . وقال صاحب التنقيح : انفرد زياد بن أيوب دلويه بلفظ لا تجزئ ، ورواه جماعة : لا صلاة لمن لم يقرأ ، وهو الصحيح ، قال : وكأن زياداً رواه بالمعنى ، انتهى . ولما عزا بعض الجاهلين حديث : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إلى الصحيحين أخذ يتعجب من سوء فهمه ، فقال : والعجب من ابن تيمية كيف عزاه في أحكامه للدارقطني فقط ، وقال : إسناده صحيح ، وهو في الصحيحين ، انتهى كلامه ، والذي عزاه ابن تيمية إنما هو : لا تجزئ صلاة ، واللّه أعلم ،

والحديث في صحيح ابن حبان بهذا اللفظ ، بغير هذا الإسناد ، قال ابن حبان : أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا محمد بن يحيى الذهلي ثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا تجزئ صلاة لا يقرأ بفاتحة الكتاب ، قلت : وإن كنت خلف الإمام ؟ قال : فأخذ بيدي ، وقال : اقرأ في نفسك ، انتهى . قال ابن حبان : لم يقل في خبر العلاء هذا : لا تجزئ صلاة ، إلا شعبة ، ولا عنه إلا وهب بن جرير ، انتهى . ورواه ابن خزيمة في صحيحه ، كما تراه ، قاله النووي في الخلاصة . ومن أحاديث أصحابنا حديث أبي هريرة ،

رواه البخاري ، ومسلم عنه قال : دخل رجل المسجد فصلى ، والنبي صلى اللّه عليه وسلم في المسجد ، ثم جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فسلم فرد عليه السلام ، وقال : ارجع فصل ، فإنك لم تصل ، ففعل ذلك ثلاث مرات ، فقال : والذي بعثك بالحق نبياً ما أحسن غير هذا ، فعلمني ، فقال : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ، انتهى . والخصم يحمل قوله : ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن أي بعد الفاتحة ، وهذا فيه شيء ، لأنه قال : ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ، وهم لا يقولون بوجوب السورة مع الفاتحة ، وكيف لا يذكر له عليه السلام الفاتحة ، وهو في مقام التعليم له أفعال الصلاة ؟ !

لكن روى أبو داود في سننه حديث المسيء صلاته عن محمد بن عمرو عن علي بن يحيى بن خلاد عن رفاعة بن رافع ، قال بهذه القصة ، قال : إذا قمت فتوجهت إلى القبلة فكبر ، ثم اقرأ بأم القرآن ، وبما شاء اللّه أن تقرأ ، وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك ، وامدد ظهرك ، وإذا سجدت فمكن لسجودك ، وإذا رفعت فاقعد على فخذك اليسرى ، انتهى .

وأخرجه عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة عن علي بن يحيى به ، أنه عليه السلام قال : إنه لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ، ثم يكبر فيحمد اللّه ويثني عليه ، ويقرأ بما شاء من القرآن ، ثم يقول : اللّه أكبر ، ويركع ، الحديث .

وأخرجه أيضاً عن محمد بن إسحاق عن علي بن يحيى به بهذه القصة ، قال : إذا أنت قمت في صلاتك ، فكبر اللّه عز وجل ، ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن ، الحديث ،

وأخرجه عن إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن علي بن يحيى به بهذه القصة ، قال فيه : فتوضأ كما أمرك اللّه ، ثم أقم وكبر ، فإن كان معك قرآن فاقرأ به ، وإلا فاحمد اللّه ، وكبره ، وهللّه ، وقال فيه : وإن انتقصت منه شيئاً انتقصت من صلاتك ، انتهى . حديث آخر ،

روى الطبراني في معجمه الوسط من حديث إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن أرطاة عن عبد الكريم عن أبي عثمان عن أبي هريرة ، قال : أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، أن أنادي في أهل المدينة : أن لا صلاة إلا بقراءة ، ولو بفاتحة الكتاب ، انتهى . وقال : لم يروه عن الحجاج بن أرطاة إلا ابن طهمان ، انتهى . طريق آخر

أخرجه أبو محمد الحارثي في مسنده ، وابن عدي عن أحمد بن عبد اللّه بن محمد الكوفي المعروف باللجلاج ثنا نعيم بن حماد ثنا ابن المبارك ثنا أبي حنيفة عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة ، قال : نادى منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا صلاة إلا بقراءة ، ولو بفاتحة الكتاب ، انتهى . حديث آخر

أخرجه أيضاً عن اللجلاج ثنا إبراهيم بن الجراح الكوفي ثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة عن أبي سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، أنه قال : إلا بفاتحة الكتاب أو غيرها ، انتهى . وكلاهما ضعيف باللجلاج ، قال ابن عدي : حدث بمناكير لأبي حنيفة ، وهي أباطيل ، انتهى .

وذكر النووي في الخلاصة هذين الحديثين وضعفهما ، وذكر أثرين : أحدهما : عن أبي سلمة ، ومحمد بن علي أن عمر بن الخطاب صلى المغرب فلم يقرأ ، فقيل له ، قال : كيف كان الركوع والسجود ؟ قالوا : حسناً ، قال : فلا بأس ، انتهى . قال : وهذا منقطع ، لأنهما لم يدركا عمر ، قال : وفي رواية للبيهقي موصولة أن عمر أعاد الصلاة . الثاني : عن الحارث عن علي أن رجلاً ، قال له : صليت ولم أقرأ ، فقال له : أتممت الركوع والسجود ؟ قال : نعم ، قال : تمت صلاتك ، انتهى . قال : والحارث مجمع على ضعفه ، فإنه كان كذاباً ، انتهى .