فهرس الكتاب

إذا قلت هذا ، أو فعلت هذا ،

الحديث الثامن والأربعون : حديث : إذا قلت هذا ، أو فعلت هذا ، قلت : احتج به المصنف على عدم فريضة الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم في التشهد ، وقد تقدم ، وأن أبا داود أخرجه في سننه قال الخطابي : وقد اختلفوا في هذه الزيادة ، هل هي من كلام النبي صلى اللّه عليه وسلم ، أو من كلام ابن مسعود ، وأدرجت في الحديث ؟ فإن صح مرفوعاً إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ففيه دلالة على أن الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم في التشهد ليست بواجبة ، انتهى . وقال البيهقي : وقد بينه شبابة بن سوار في روايته عن زهير بن معاوية ، وفصل كلام ابن مسعود من كلام النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وكذلك رواه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحسن بن الحر مفصلاً مبيناً ، وقال ابن حبان - بعد أن أخرج الحديث في صحيحه في النوع الحادي والعشرين ، من القسم الأول ، بلفظ السنن - : وقد أوهم هذا الحديث من لم يحكم الصناعة ، أن الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم في التشهد ليست بفرض ، فإِن قوله : إذا قلت هذه زيادة أدرجها زهير بن معاوية في الخبر عن الحسن بن الحر ، ثم قال : ذكر ابن ثوبان أن هذه الزيادة من قول ابن مسعود لا من قول النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وأن زهيراً أدرجه في الحديث ، ثم أخرجه عن ابن ثوبان عن الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة به سنداً ومتناً ، وفي آخره ، قال ابن مسعود : فإذا فرغت من هذا ، فقد فرغت من صلاتك ، فإن شئت فاثبت ، وإن شئت فانصرف ، ثم أخرجه عن حسين بن علي الجعفي عن الحسن بن الحرِّ به ، وفي آخره ، قال الحسن : وزادني محمد بن أبان بهذا الإسناد . قال : فإذا قلت هذا ، فإن شئت فقم ، قال : ومحمد بن أبان ضعيف ، قد تبرأنا من عهدته في كتاب الضعفاء ، انتهى . وقال الدارقطني في سننه - بعد أن أخرج الحديث هكذا - : أدرجه بعضهم في الحديث عن زهير ، ووصله بكلام النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وفصله شبابة عن زهير ، فجعله من كلام ابن مسعود ، وهو أشبه بالصواب ، فإن ابن ثوبان رواه عن الحسن بن الحر كذلك ، وجعل آخره من قول ابن مسعود ، ولاتفاق حسين الجعفي . وابن عجلان . ومحمد بن أبان في روايتهم عن الحسن بن الحر على ترك ذكره في آخر الحديث ، مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة . وغيره عن ابن مسعود على ذلك ، ثم ساق جميع ذلك بالأسانيد ، وفي آخره ، قال ابن مسعود : إذا فرغت من هذا ، إلى آخره . أحاديث الخصوم :

أخرج أبو داود . والترمذي . والنسائي في سننهم عن حيوة بن شريح المصري عن أبي هانئ حميد بن هانئ عن عمرو بن مالك الجنبي عن فضالة بن عبيد ، قال : سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته ، لم يمجد اللّه ، ولم يصل على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : عجَّلَ هذا ، ثم دعاه ، فقال له . أو لغيره : إذا صلى أحدكم ، فليبدأ بتمجيد اللّه عز وجل ، والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم ليدع بعد الثناء ، انتهى . قال الترمذي : هذا حديث صحيح ، انتهى . ورواه ابن خزيمة . وابن حبان في صحيحيهما . والحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، ولا أعلم له علة ، انتهى . حديث آخر ، استدل به بعضهم على وجوبه أيضاً ،

أخرجه ابن خزيمة ، ثم ابن حبان في صحيحيهما عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد اللّه بن زيد بن عبد ربه عن أبي مسعود الأنصاري ، قال : أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ونحن عنده ، فقال : يا رسول اللّه ، أما السلام عليك ، فقد عرفناه ، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا ؟ قال : فصمت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله ، ثم قال : إذا صليتم عليَّ ، فقولوا : اللّهم صل على محمد النبي الأمي ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد النبي الأمي ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه بذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم في الصلاة ، انتهى . ورواه الدارقطني في سننه وقال : إسناده حسن متصل ، انتهى . قال بعضهم : وقوله : إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا ، زيادة تفرد بها ابن إسحاق ، وهو صدوق ، وقد صرح بالتحديث ، فزال ما يخاف من تدليسه ، انتهى . حديث آخر ،

أخرجه ابن ماجه في سننه - في الطهارة عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم اللّه عليه ، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : إنه حديث ليس على شرطهما ، فإنهما لم يخرجا عن عبد المهيمن ، انتهى . ورواه الدارقطني في سننه ، وقال : عبد المهيمن ليس بالقوي ، وقال ابن حبان : لا يحتج به ، وأخرجه الطبراني ، عن أبيِّ بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده مرفوعاً بنحوه ، سواء ، وحديث عبد المهيمن أشبه بالصواب ، مع أن جماعة تكلموا في أبيّ بن عباس : منهم الإمام أحمد . والنسائي . وابن معين . والعقيلي . والدولابي . حديث آخر ،

أخرجه الدارقطني عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن أبي مسعود الأنصاري ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من صلى صلاة لم يصل عليَّ فيها ولا على أهل بيتي لم تقبل منه ، انتهى . قال الدارقطني : جابر الجعفي ضعيف ، وقد اختلف عليه فيه ، فوقفه تارة ، ورفعه أخرى ، وقال في العلل : وقد رواه عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن محمد بن علي عن جابر بن عبد اللّه ، من قوله ، قال : والاختلاف من الجعفي ، وليس بثقة ، انتهى . وقال في السنن : جابر الجعفي ضعيف ، وقد اختلف عليه فيه ، فرفعه مرة ، ووقفه أخرى ،

ثم أخرجه عن جابر عن أبي جعفر عن أبي مسعود ، من قوله : ما صليت صلاة لا أصلي فيها على محمد ، إلا ظننت أن صلاتي لم تتم ، انتهى . حديث آخر ،

أخرجه البيهقي عن يحيى بن السباق عن رجل من بني الحارث عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : إذا تشهد أحدكم في الصلاة ، فليقل اللّهم صل على محمد وعلى آل محمد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، وارحم محمداً ، وآل محمد ، كما صليت . وباركت . وترحمت على إبراهيم . وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك وقال : إسناده صحيح متصل ، انتهى . وهذا فيه رجل مجهول ، واللّه أعلم ، قال القاضي عياض في الشفا ، وقد شذ الشافعي ، فقال : من لم يصل على النبي صلى اللّه عليه وسلم في التشهد الأخير فصلاته فاسدة ، وعليه الإعادة ، ولا سلف له في هذا القول ، ولا سنة يتبعها ، وقد أنكر عليه هذه المسألة جماعة وشنعوا عليه : منهم الطبري . والقشيري ، وخالفه من أهل مذهبه الخطابي ، وقال : لا أعلم له فيها قدوة ، وقد شنع الناس عليه هذه المسألة جداً ، فهذا تشهد ابن مسعود الذي علمه النبي صلى اللّه عليه وسلم إياه ، ليس فيه الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وكذلك من روى التشهد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، كأبي هريرة . وابن عباس . وجابر . وابن عمر . وأبي سعيد الخدري . وأبي موسى الأشعري . وعبد اللّه بن الزبير ، لم يذكروا فيه ذلك ، وقد قال ابن عباس . وجابر : كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يعلمنا التشهد ، كما يعلمنا السورة من القرآن ، ونحوه عن أبي سعيد ، وقال ابن عمر : كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر ، كما يعلمون الصبيان في الكتاب ، وعلمه أيضاً على المنبر عمر بن الخطاب ، وأما ما في الحديث من قوله : صلى اللّه عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يصل علي ، فحديث ضعفه أهل الحديث كلهم ، وعلى تقدير صحته ، فقال ابن القصار : معناه كاملة ، أو لمن لم يصل عليَّ مرة في عمره ، وكذلك ما جاء في حديث أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبي مسعود عن النبي صلى اللّه عليه وسلم من صلى صلاة لم يصل عليَّ فيها ، وعلى أهل بيتي لم تقبل منه ، انتهى . ورأيت في بعض تصانيف الحنابلة من أهل عصرنا ، وقال : بوجوب الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم في الصلاة ثلاثة من الصحابة : ابن مسعود . وأبو مسعود . وجابر بن عبد اللّه ، وعن ثلاثة من التابعين : أبي جعفر الباقر . والشعبي . ومقاتل بن حيان ، انتهى . ولم يعزه لأحد . قوله والفرض المروي في التشهد هو التقدير قلت روى النسائي في باب إيجاب التشهد من سننه أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن أبو عبيد الله المخزومي ثنا سفيان عن الأعمش ومنصور عن شقيق بن سلمة عن ابن مسعود قال : كنا نقول في الصلاة قبل أن يفرض التشهد السلام على الله ، السلام على جبرائيل ، وميكائيل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقولوا هكذا ، فإن الله عز وجل هو السلام ، ولكن قولوا التحيات لله ، والصلوات ، والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ، ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا ، وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، انتهى . وهذا الحديث ، وإن كان في الكتب الستة ، لكن لم يذكره بلفظ : يفرض ، إلا النسائي ، فلفظ البخاري ، قال : كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، قلنا : السلام على الله ، ولفظ مسلم ، قال : كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام على الله ولفظ أبي داود كنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظ ابن ماجه ورواية للنسائي كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا السلام على الله الحديث وبلفظ النسائي رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما وقالا إسنادها صحيح قال النووي في الخلاصة وبهذه الرواية احتج أصحابنا على أن التشهد الأخير فرض انتهى .