فهرس الكتاب

صلوا كما رأيتموني أصلي

روى أحمد في مسنده . والطبراني في معجمه من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن يزيد عن عبد اللّه بن عوف عن أبي جمعة حبيب بن سباع ، وكان من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم ، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى المغرب ، ونسى العصر ، فقال لأصحابه : هل رأيتموني صليت العصر ؟ ، قالوا : لا يا رسول اللّه ما صليتها # ، فأمر المؤذن ، فأذن ، ثم أقام ، فصلى العصر ، ونقض الأولى ، ثم صلى المغرب ، انتهى . وأعله الشيخ تقي الدين في الإِمام بابن لهيعة فقط ، وقال في التنقيح : ابن لهيعة لا يحتج به إذا انفرد ، ومحمد بن يزيد ، هو : ابن أبي زياد الفلسطيني ، صاحب حديث : الصور ، روى عنه جماعة ، لكن أبو حاتم قال : هو مجهول ، وعبد اللّه بن عوف ، هو : القارئ ، روى عنه الزهري . وغيره ، وكان عامل عمر بن عبد العزيز على ديوان فلسطين ، انتهى . واستدل الشيخ في الإِمام على وجوب الترتيب في الفائتة بحديث جابر أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ، يوم الخندق ، جعل يسب كفار قريش ، وقال : يا رسول اللّه ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب ، فقال عليه السلام : فو اللّه إن صليتها ، فنزلنا إلى بطحان ، فتوضأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وتوضأنا ، فصلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العصر بعدما غربت الشمس ، وصلينا بعدها المغرب ، رواه البخاري . ومسلم ، وبحديث صلاته عليه السلام يوم الخندق ، في وقت المغرب أربع صلوات ، وسيأتي في الحديث الآتي ، وليس بظاهر فيهما ، بل هما ظاهران في امتداد وقت المغرب ، واللّه أعلم . الحديث السابع والعشرون بعد المائة : روى أنه عليه السلام شغل عن أربع صلوات يوم الخندق ، فقضاهن مرتباً ، ثم قال : صلوا كما رأيتموني أصلي ، قلت : روى من حديث ابن مسعود ، ومن حديث الخدري ، ومن حديث جابر . أما حديث ابن مسعود .

فأخرجه الترمذي . والنسائي عن أبي عبيدة عن أبيه عبد اللّه بن مسعود ، قال : قال عبد الله بن مسعود : إن المشركين شغلوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق ، حتى ذهب من الليل ما شاء اللّه ، فأمر بلالاً ، فأذن ، ثم أقام ، فصلى الظهر ، ثم أقام ، فصلى العصر ، ثم أقام ، فصلى المغرب ، ثم أقام ، فصلى العشاء ، انتهى . ورواه أحمد في مسنده ، قال الترمذي : حديث ليس بإِسناده بأس ، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ، انتهى . ووهِم شيخنا علاء الدين ، مقلداً لغيره ، فنقل كلام الترمذي ، إلا أن أبا عبيدة لم يدرك أباه ، والترمذي لم يقل ذلك في جميع كتابه ، وإنما قال : لم يسمع منه ، ذكره في خمس مواضع من كتابه : أولها : في الطهارة - في باب الاستنجاء . وثانيها : في الصلاة - في باب الرجل تفوته الصلوات ، بأيتهن يبدأ ؟ ، ثم في باب ما جاء في مقدار القعود في الركعتين الأوليين ، ثم في الزكاة في باب ما جاء في زكاة البقر ، ثم في التفسير - في سورة الأنفال ، ولفظه في الجميع : وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه عبد اللّه ، وقد ذكر في باب الاستنجاء بحجرين ، وفي باب زكاة البقر بسنده إلى عمرو بن مرة ، قال : سألت أبا عبيدة ، هل تذكر من عبد اللّه شيئاً ؟ ، قال لا انتهى . وهذا دليل على أنه أدركه على صغر ، وكذلك قال النسائي في سننه الكبرى - في باب صف القدمين : وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ، انتهى . ولم أجد فيما رأيته من كلام العلماء من قال : إنه لم يدرك أباه ، فقال أبو داود : توفي عبد اللّه بن مسعود . ولولده أبي عبيدة سبع سنين ، وقال يحيى القطان : توفي عبد اللّه بن مسعود ، ولولده عبد الرحمن ست سنين ، وسئل أحمد عن عبد الرحمن ، فقال : أما الثوري . وشريك فإنهما يقولان : إنه سمع من أبيه ، وقال ابن المديني : لقي أباه ، واختلف قول ابن معين ، فقال مرة : إنهما لم يسمعا من أبيهما ، وروى عن معاوية بن صالح أن عبد الرحمن سمع من أبيه . ومن عليٍّ ، وجزم ابن عساكر في الأطراف بسماع عبد الرحمن ، دون أبي عبيدة ، وأبو عبيدة ، اسمه : عامر ، واللّه أعلم ، ثم وجدت الشيخ محي الدين في الخلاصة قال في هذا الحديث بعينه : إنه منقطع ، فإن أبا عبيدة لم يدرك أباه ، انتهى . وقال فيه في باب إخفاء التشهد : إن أبا عبيدة لم يسمع أباه ، ولم يدركه باتفاقهم ، وقيل : ولد بعد موته ، وقال في باب الوتر : أبا عبيدة لم يدرك أباه ، وكذلك قال في باب سجود السهو ، وكذلك في باب صلاة الخوف ، وكذلك في باب الجنائز . طريق آخر : أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده والبيهقي في سننه عن يحيى بن أبي أنيسة عن زبيد الأيامي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود به ، سواء . واعلم أن ظاهر الحديث يقتضي أن العشاء أيضاً من الفوائت ، فإنه قال : شغل عن أربع صلوات ، وذكر منها : العشاء ، وليس كذلك ، وإنما صلاها عليه السلام في وقتها ، ولكن لما أخرها عن وقتها المعتاد له سماها الراوي فائتة مجازاً ، وسيأتي ما يدل على ذلك ، وقوله في الحديث : ثم قال # صلوا كما رأيتموني أصلي ، ليس هو في هذا الحديث ، ولو ذكره المصنف - بالواو - لكان أجود ، وهو في حديث مالك بن الحويرث

أخرجه البخاري في الأذان عن أبي قلابة ثنا مالك بن الحويرث ، فذكره ، وفيه : وصلوا كما رأيتموني أصلي ، وقد تقدم . وأما حديث الخدري ،

فرواه النسائي في سننه من حديث ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه ، قال : حبسنا يوم الخندق عن الظهر . والعصر . والمغرب . والعشاء ، حين كفينا ذلك ، فأنزل اللّه تعالى { وكفى اللّه المؤمنين القتال } ، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فأمر بلالاً ، فأقام ، ثم صلى الظهر ، كما كان يصليها قبل ذلك ، ثم أقام ، فصلى العصر ، كما كان يصليها قبل ذلك ، ثم أقام ، فصلى المغرب ، كما كان يصليها قبل ذلك ، ثم أقام ، فصلى العشاء ، فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك ، وذلك قبل أن ينزل { فرجالاً أو ركباناً } ، انتهى . ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين ، من القسم الخامس ، ولم يذكر فيه : العشاء ، إلى آخر الحديث ، وهذا يوضح ما قدمناه من أن العشاء لا تعد من الفوائت إلا مجازاً ، ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ، وقال فيه : عن ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن به ، فذكره ، وهذا الحديث يرد قول من احتج بحديث ابن مسعود على تأخير الصلوات في حال الخوف ، قال في الشفاء : والصحيح أنه كان قبل نزول آية الخوف ، فهي ناسخة ، انتهى . وأما حديث جابر ،

فأخرجه البزار في مسنده عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن مجاهد عن جابر بن عبد اللّه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم شغل يوم الخندق عن صلاة الظهر . والعصر . والمغرب . والعِشاء ، حتى ذهبت ساعة من الليل ، فأمر بلالاً ، فأذن ، وأقام ، فصلى الظهر ، ثم أمره ، فأذن ، وأقام ، فصلى العصر ، ثم أمره ، فأذن ، وأقام ، فصلى المغرب ، ثم أمره ، فأذن ، وأقام ، فصلى العشاء ، ثم قال : ما على ظهر الأرض قوم يذكرون اللّه في هذه الساعة غيركم ، انتهى . وعبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف ، وفي الباب حديث عمر بن الخطاب المتقدم أول الباب ، أخرجاه في الصحيحين حديث بطحان . حديث آخر :

ذكر ابن الجوزي في العلل المتناهية بإِسناده عن إبراهيم الحربي ، قال : سئل أحمد بن حنبل عن قول النبي صلى اللّه عليه وسلم : لا صلاة لمن عليه صلاة ، فقال : لا أعرف هذا ، ولا سمعته عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى . ونقله الشيخ في الإِمام هكذا ، قال : ما عرفنا له أصلاً ، انتهى . باب سجود السهو الحديث الثامن والعشرون بعد المائة : روى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سجد للسهو قبل السلام ، قلت : أخرجه الأئمة الستة في كتبهم عن عبد اللّه بن بحينة ،