فهرس الكتاب

في كل ركعة ركوع واحد

فأخرجه أبو داود في سننه عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبيّ بن كعب أن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى بهم في كسوف الشمس ، فقرأ سورة من الطول ، وركع خمس ركعات ، وسجد سجدتين ، وفعل في الثانية مثل ذلك ، ثم جلس يدعو حتى تجلى كسوفها ، وأبو جعفر الرازي عيسى بن عبد اللّه بن ماهان ، فيه مقال ، قال النووي في الخلاصة : لم يضعفه أبو داود ، وهو حديث في إسناده ضعف ، انتهى كلامه . الحديث الثاني : حديث ابن عمر في كل ركعة ركوع واحد ، قلت : لم أجده من رواية ابن عمر ، وإنما وجدناه عن ابن عمرو بن العاص ، ولعله تصحف على المصنف .

أخرجه أبو داود . والنسائي . والترمذي في الشمائل عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد اللّه بن عمرو ، قال : انكسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، لم يكد يركع ، ثم ركع ، فلم يكد يرفع ، ثم رفع ، فلم يكد يسجد ، ثم سجد ، فلم يكد يرفع ، ثم رفع ، فلم يكد يسجد ، ثم سجد ، فلم يكد يرفع ، ثم رفع ، وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك ، زاد النسائي : من القيام . والركوع . والسجود . والجلوس ، وساق الحديث ، ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح ، ولم يخرجاه من أجل عطاء بن السائب ، انتهى . وكان ينبغي للمنذري حين قال : أخرجه الترمذي أن يقيده بالشمائل ، بل أطلق ، وليس بجيد ، قال المنذري : وقد أخرج البخاري لعطاء حديثاً مقرونا بأبي بشر ، وقال أيوب : هو ثقة ، وقال ابن معين : لا يحتج بحديثه ، وفرق الإِمام أحمد . وغيره بين من سمع منه قديماً وحديثاً ، انتهى . قال الشيخ تقي الدين في الإِمام : كل من روى عن عطاء بن السائب ، روى عنه في الاختلاط ، إلا شعبة . وسفيان ، انتهى . قلت : وأصحاب السنن أخرجوه عن حماد عن عطاء خلا النسائي ، فإِنه أخرجه في رواية عن شعبة عن عطاء به ، وليس متنه بصريح في الركعتين ، ولفظه : قال : كسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فصلى ، فأطال القيام ، ثم ركع ، فأطال الركوع ، ثم رفع ، فأطال ، قال شعبة ، وأحسبه قال في السجود نحو ذلك ، وساق الحديث . أحاديث الباب :

أخرج أبو داود . والنسائي . عن ثعلبة بن عباد عن سمرة بن جندب ، قال : بينا أنا . وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا ، حتى إذا كانت الشمس ، قِيد رمحين ، أو ثلاثة ، في عين الناظر من الأفق ، اسودَّت ، حتى آضت ، كأنها تنومة ، فقال أحدنا لصاحبه : انطلق بنا إلى المسجد ، فواللّه ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أمته حدثاً ، قال : فدفعنا ، فإذا هو بارز ، فاستقدم ، فصلى بنا ، فقام ، كأطول ما قام بنا في صلاة قط ، لا نسمع له صوتاً ، قال : ثم ركع ، كأطول ما ركع بنا في صلاة قط ، لا نسمع له صوتاً ، ثم سجد بنا ، كأطول ما سجد بنا في صلاة قط ، لا نسمع له صوتاً ، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك ، قال : فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية ، ثم سلم ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأنه عبده ورسوله ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه النسائي عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : إذا خسفت الشمس . والقمر ، فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة ، انتهى . ورواه أحمد في مسنده . والحاكم في المستدرك ، وقال : على شرطهما ، وينظر لفظهما ، وتكلموا في سماع أبي قلابة من النعمان ، قال ابن أبي حاتم في عللّه : قال أبي : قال يحيى بن معين : أبو قلابة عن النعمان بن بشير مرسل ، قال أبي : قد أدرك أبو قلابة النعمان بن بشير ، ولا أعلم أسمع منه ، أو لا ، وقد رواه عفان عن عبد الوارث عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل عن النعمان ، وقال ابن القطان في كتابه : هذا حديث قد اختلف في إسناده ، فروى عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير ، وروى عنه عن قبيصة بن المخارق الهلالي ، وروى عنه عن هلال بن عامر عن قبيصة بن المخارق ، انتهى . قال النووي في الخلاصة :

ورواه أبو داود بلفظ : كسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فجعل يصلي ركعتين ركعتين ، ويسأل عنها ، حتى انجلت ، قال : وإسناده صحيح . إلا أنه بزيادة رجل بين أبي قلابة . والنعمان ، ثم اختلف في ذلك الرجل ، انتهى كلامه . حديث آخر :

أخرجه البخاري في صحيحه عن الحسن عن أبي بكرة ، قال : خسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فخرج يجر رداءه ، حتى انتهى إلى المسجد ، وثاب الناس إليه ، فصلى بهم ركعتين ، فانجلت الشمس ، فقال : إن الشمس . والقمر . آيتان من آيات اللّه ، وأنهما لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ، ولكن يخوف الله بهما عباده ، فإذا كان ذلك ، فصلوا حتى ينكشف ما بكم ، انتهى . ورواه النسائي ، وقال فيه : فصلى بهم ركعتين ، كما تصلون ، ورواه ابن حبان في صحيحه ، وقال فيه : فصلى بهم ركعتين مثل صلاتكم ، قال ابن حبان : مثل صلاتكم في الكسوف ، ووهم النووي في الخلاصة ، فعزا هذا الحديث للصحيحين ، وإنما انفرد به البخاري . حديث آخر :

أخرجه مسلم عن عبد الرحمن بن سمرة ، قال : كنت أرمي بأسهم لي بالمدينة ، في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، إذ كسفت الشمس ، فنبذتها ، وقلت : واللّه لأنظرن إلى ما حدث لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في كسوف الشمس ، قال : فانتهيت إليه ، وهو رافع يديه ، فجعل يسبح ، ويحمد ويهلل ويكبر ، ويدعو حتى حسر عنها ، فلما حسر عنها ، قرأ سورتين ، وصلى ركعتين ، وفي لفظ : قال : فأتيته ، وهو قائم في الصلاة ، رافع يديه ، فجعل يسبح ، ويحمد ، ويهلل ، إلى آخره ، وظاهر هذين الحديثين ، أن الركعتين بركوع واحد ، وقد تكلفوا للجواب عنهما ، فقال النووي : قوله : وصلى ركعتين يعني في كل ركعة قيامان وركوعان ، انتهى . وقال القرطبي : يحتمل أنه إنما أخبر عن حكم ركعة واحدة ، وسكت عن الأخرى ، وفي هذين الجوابين إخراج اللفظ عن ظاهره ، وهو لا يجوز إلا بدليل ، وأيضاً فلفظ النسائي : كما تصلون . وابن حبان : مثل صلاتكم ، يرد ذلك ، وتأوله المازري ، على أنها كانت صلاة تطوع لا كسوف ، فإِنه إنما صلى بعد الانجلاء ، وابتداؤها بعد الانجلاء لا يجوز ، وضعفه النووي بمخالفته للرواية الأخرى ، قال : بل يحمل قوله : فانتهيت إليه ، وهو رافع يديه ، على أنه وجده في الصلاة ، كما في الرواية الأخرى ، فأتيته ، وهو قائم في الصلاة ، وكانت السورتان بعد الانجلاء ، وهذا لابد منه ، جمعاً بين الروايتين ، انتهى . وذكر القرطبي ما ذكره المازري أيضاً ، ثم قال : لكن ورد

في أبي داود عن النعمان بن بشير ، قال : كسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فجعل يصلي ركعتين ، ويسأل عنها حتى تجلت الشمس . قال : وهو معتمد قوي للكوفيين ، غير أن أحاديث الركعتين في كل ركعة أصح ، وأشهر ، ويحمل هذا على أنه بين الجواز ، وذلك هو السُّنة ، انتهى . وقد غفل القرطبي عن حديث أبي بكرة ، عند البخاري ، كما تقدم ، وفيه : فصلى بهم ركعتين ، واللّه أعلم . حديث آخر :

رواه أبو داود في سننه حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا وهيب عن أيوب عن أبي قلابة عن قبيصة الهلالي ، قال : كسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فخرج فزعاً ، يجر ثوبه ، وأنا معه يومئذ بالمدينة ، فصلى ركعتين ، فأطال فيهما القيام ، ثم انصرف ، وقد انجلت ، فقال : إنما هذه الآيات يخوف اللّه بها عباده ، فإِذا رأيتموها فصلوا ، كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة ، انتهى . ثم رواه : حدثنا أحمد بن إبراهيم ثنا ريحان بن سعيد ثنا عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن هلال بن عامر ، أن قبيصة الهلالي حدثه أن الشمس كسفت ، بمعنى حديث موسى ، ولم يسق المتن ، ورواه الحاكم في المستدرك بالسند الأول ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، قال : والذي عندي أنهما عللاه بحديث يرويه ريحان بن سعيد عن عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن هلال بن عامر عن قبيصة ، قال : وهذا لا يعلل حديثاً رواه موسى بن إسماعيل عن وهيب عن أيوب عن أبي قلابة عن قبيصة ، انتهى كلامه .

ورواه النسائي في سننه بسند آخر ، فقال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب ثنا عمرو بن عاصم أن جده عبيد اللّه بن الوازع حدثه حديث أيوب السختياني عن أبي قلابة عن قبيصة بن مخارق الهلالي ، قال : كسفت الشمس ، ونحن مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة ، فذكره بلفظ أبي داود ، سواء ، قال البيهقي : بعد أن رواه بالسند الأول ، سقط بين أبي قلابة . وقبيصة رجل ، وهو : هلال بن عامر ، قال النووي في الخلاصة : وهذا لا يقدح في صحة الحديث ، فإن هلالاً ثقة ، انتهى . قال البيهقي : وسياق هذا الحديث ، وسائر الأحاديث الواردة بركعتين يدل على أن المراد الإِخبار عن صلاته عليه الصلاة والسلام يوم الكسوف ، يوم مات إبراهيم ، وقد أثبت جماعة من حفاظ الصحابة عدد ركوعه في كل ركعة ، فهو أولى بالقبول ، انتهى . وقال ابن الجوزي في التحقيق : كل ما ورد أنه صلى ركعتين ، فهو محمول على أنه كان في كل ركعة ركوعان ، وقوله : مثل صلاتنا ، أو مثل صلاتكم ، ظن من الراوي ، انتهى . أحاديث خسوف القمر : تقدم في الصحيحين من قوله عليه الصلاة والسلام : إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللّه ، لا يخسفان لموت أحد ، ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فصلوا ، وفي لفظ : فافزعوا إلى الصلاة ، أخرجاه من حديث عائشة ، ومن حديث ابن عمر وأخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله وأخرجاه أيضا من حديث أبي مسعود الأنصاري ، والحاكم من حديث النعمان بن بشير : فأيهما انخسف فصلوا حتى ينجلي ، وللبيهقي من حديث أبي بكرة : فإذا خسف واحد منهما ، فصلوا ، وقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام صلى في خسوف القمر ، كما

أخرجه الدارقطني في سننه عن ثابت بن محمد الزاهد ثنا سفيان بن سعيد عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلى في كسوف الشمس . والقمر ثمان ركعات في أربع سجدات . انتهى . وإسناده جيد ، سكت عنه عبد الحق في أحكامه ثم ابن القطان بعده ، وقال : إن ثابت بن محمد الزاهد صدوق . حديث آخر :

أخرجه الدارقطني أيضاً عن إسحاق بن راشد عن الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يصلي في كسوف الشمس . والقمر أربع ركعات ، وأربع سجدات ، قال ابن القطان : فيه سعيد بن حفص ، ولا أعرف حاله ، انتهى . قوله : لأن المسنون استيعاب الوقت بالصلاة والدعاء ، قلت :

أخرج البخاري . ومسلم عن المغيرة بن شعبة ، قال : انكسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : إن الشمس . والقمر آيتان من آيات اللّه ، فإذا رأيتموها فادعوا اللّه وصلوا حتى تنكشف ، انتهى . وللبخاري عن أبي بكرة مرفوعاً نحوه ، وقد تقدم ، ولمسلم عن أبي مسعود الأنصاري ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : فذكر نحوه ، وله أيضاً من حديث عائشة ، فإذا رأيتم كسوفاً فاذكروا اللّه حتى تنجلى ، وفي لفظ له : فصلوا حتى يفرج عنكم ، وله أيضاً من حديث جابر بن عبد اللّه ، قال : انكسفت الشمس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم مات إبراهيم ابنه ، فقال الناس : إنما انكسفت لموت إبراهيم ، فقال : يا أيها الناس ، إنما الشمس . والقمر آيتات من آيات اللّه ، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس ، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلوا حتى تنجلى ، مختصر .