فهرس الكتاب

أن النبي عليه السلام نهى عن تربيع القبور ، ومن شاهد

وروى ابن سعد في الطبقات أخبرنا الفضل بن دكين ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق قال : أوصى أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني أن يجعل على لحده طُن من قصب ، وقال : إني رأيت المهاجرين يستحبون ذلك ، قال : فضموا أربعة حرادىّ بعضها إلى بعض ، وجعلوها لحداً . انتهى . وأما حديث ابن عباس ، أنه عليه السلام جعل في قبره قطيفة حمراء ، فأخرجه مسلم . قال النووي رحمه اللّه : قال العلماء : إنما جعلها شقران برأيه ، ولم يوافقه أحد من الصحابة ، ولا عملوا بفعله ، وفي رواية للترمذي إشارة إلى هذا ، انتهى كلامه . الحديث التاسع عشر : روى أن النبي عليه السلام نهى عن تربيع القبور ، ومن شاهد قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبر أنه مُسَنَّمٌ ، قلت : الأول :

رواه محمد بن الحسن رضي اللّه عنهما في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة رضي اللّه عنه ، قال : حدثنا شيخ لنا يرفعه إلى النبي عليه السلام أنه نهى عن تربيع القبور وتجصيصها ، انتهى . الحديث الثاني : فيه أحاديث : فمنها ما

أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي بكر بن عياش أن سفيان التمار حدثه أنه رأى قبر النبي عليه السلام مسنمَّاً ، انتهى . وهو من مراسيل البخاري ، ولم يرو البخاري لسفيان بن دينار التمار إلا قوله هذا ، وقد وثقه ابن معين ، وغيره ،

ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه ، ولفظه عن سفيان ، قال : دخلت البيت الذي فيه قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فرأيت قبر النبي عليه السلام ، وقبر أبي بكر ، وعمر مسنمة ، انتهى . وعارضه النووي في الخلاصة ، بحديث

أخرجه أبو داود عن القاسم بن محمد ، قال : دخلت على عائشة ، فقلت : يا أمه اكشفي لي عن قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وصاحبيه ، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطية ، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء ، رواه الحاكم وصححه ، ثم قال في الجمع بينهما : إنه كان أولاً ، كما قال القاسم ، مسطحاً ، ثم لما سقط الجدار في زمن الوليد جعل مسنماً ، انتهى كلامه . حديث آخر :

رواه محمد بن الحسن أيضاً في الآثار أخبرنا أبو حنيفة رضي اللّه عنه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم ، قال : أخبرني من رأى قبر النبي عليه السلام . وقبر أبي بكر . وعمر ، ناشزة من الأرض ، عليها فلق من مدر أبيض ، انتهى . حديث آخر :

رواه أبو حفص بن شاهين في كتاب الجنائز حدثنا عبد اللّه بن سليمان بن الأشعث ثنا عبد اللّه بن سعيد ثنا عبد الرحمن المحاربي عن عمرو بن شمر عن جابر ، قال : سألت ثلاثة كلهم له في قبر النبي عليه السلام أبٌ : سألت أبا جعفر محمد بن علي . وسألت القاسم بن محمد بن أبي بكر . وسألت سالم بن عبد اللّه ، قلت : أخبروني عن قبور آبائكم في بيت عائشة ، فكلهم قالوا : إنها مسنمة ، انتهى . أحاديث الخصوم : واحتج الشافعي على أن القبور تسطح بما

أخرجه مسلم عن أبي الهياج الأسدي ، قال : قال لي علي : أبعثك على ما بعثني عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته ،

وأخرج أيضاً عن أبي علي الهمداني ، قال : كنا مع فضالة ابن عبيد ، فتوفي صاحب لنا ، فأمر فضالة بقبره فسوى ، ثم قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأمر بتسويتها ، انتهى . قال ابن الجوزي رحمه اللّه في التحقيق : وهذا محمول على ما كانوا يفعلونه من تعلية القبور بالبناء الحسن العالي ، انتهى . أحاديث الدفن بالليل :

روى ابن ماجه في سننه حدثنا عمرو بن عبد اللّه الأودي حدثنا وكيع عن إبراهيم بن يزيد المكي عن أبي الزبير عن جابر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا تدفنوا موتاكم بالليل ، إلا أن تضطروا انتهى .

ورواه مسلم عنه ، أن النبي عليه السلام خطب يوماً ، فذكر رجلاً من أصحابه قبِض ، فكفن في كفن غير طائل ، وقبر ليلاً ، فزجر النبي عليه السلام أن يقبر الرجل بالليل ، حتى يصلى عليه ، إلا أن يضطر رجل إلى ذلك ، وقال عليه السلام : إذا كفن أحدكم أخاه ، فليحسن كفنه ، انتهى . وفي

المغازي للواقدي عن عمرة عن عائشة رضي اللّه عنها ، قالت : ما علمنا بدفن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحى في السحر ، ليلة الثلاثاء ، انتهى . قال النووي : المنهي عنه الدفن قبل الصلاة . وأما حديث عقبة : ثلاث ساعات ، الحديث ، فهو محمول على من يتحرى الدفن في هذه الأوقات الثلاثة ، دون غيرها ، ولفظ ابن ماجه يدل على أن المنهي عنه الدفن بالليل ، ويدفع تفسير النووي ، ويشكل على هذا أن الخلفاء الأربعة دفنوا ليلاً ، فحديث أبي بكر في البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها أن أبا بكر رضي اللّه عنه ، قال لها : في كم كفن النبي عليه السلام ، إلى أن قالت : فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ، ودفن قبل أن يصبح ،

وأخرج أبو داود عن جابر ، قال : رأى ناس في المقبرة ناراً ، فأتوها ، فإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في القبر ، وإذا هو يقول : ناولوني صاحبكم ، وإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر ، انتهى . ورواه الحاكم ، وصححه ، قال النووي : وسنده على شرط الصحيحين ،

وأخرج البخاري عن ابن عباس ، قال : مات إنسان كان النبي عليه السلام يعوده ، فمات بالليل ، فدفنوه ليلاً ، فلما أصبح أخبروه بذلك ، فقال : ما منعكم أن تعلموني ؟ قالوا : كان الليل والظلمة ، فكرهنا أن نشق عليك ، فأتى قبره ، فصلى عليه ، فصففنا خلفه ، قال ابن عباس : وأنا فيهم ، انتهى .