فهرس الكتاب

ولابد من مِلك النصاب ، لأنه عليه السلام قدر السبب به

أخرجاه من رواية مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن طلحة ، وحديث : بني الإِسلام على خمس ، وفيه أحاديث مانع الزكاة ، سيأتي آخر الكتاب . الحديث الثاني : قال المصنف رحمه اللّه : ولابد من مِلك النصاب ، لأنه عليه السلام قدر السبب به ، قلت : من شواهد ذلك حديث أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ليس فيما دون خمس أواق من الورِق صدقة ، وليس فيما دون خمس ذود صدقة ، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ، انتهى . الحديث الثالث : قال عليه السلام : لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ، قلت : روى من حديث علي ، ومن حديث ابن عمر ، ومن حديث أنس ، ومن حديث عائشة رضي اللّه عنهم . أما حديث عليّ رضي اللّه عنه ،

فأخرجه أبو داود في سننه من طريق ابن وهب أخبرني جرير بن حازم ، وسمى آخر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة . والحارث الأعور عن علي عن النبي عليه السلام ، قال : إذا كانت لك مائتا درهم ، وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم ، وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً ، فإذا كانت لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ، ففيها نصف دينار ، فما زاد فبحسابها ذلك ، قال : فلا أدري أعليٌّ يقول : فبحسابها ذلك ، أو رفعه إلى النبي عليه السلام ، وليس في مالٍ زكاة حتى يحول عليه الحول ، انتهى . قال : ورواه شعبة ، وسفيان ، وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ، ولم يرفعوه ، انتهى . وفيه عاصم ، والحارث . فعاصم وثقه ابن المديني ، وابن معين ، والنسائي . وتكلم فيه ابن حبان ، وابن عدي ، فالحديث حسن . قال النووي رحمه اللّه في الخلاصة : وهو حديث صحيح ، أو حسن ، انتهى . ولا يقدح فيه ضعف الحارث لمتابعة عاصم له ، وقال عبد الحق في أحكامه ، هذا حديث رواه ابن وهب عن جرير بن حازم عن أبي إسحاق عن عاصم ، والحارث عن علي ، فقرن أبو إسحاق فيه بين عاصم ، والحارث ، والحارث كذاب وكثير من الشيوخ ، يجوز عليه مثل هذا ، وهو أن الحارث أسنده ، وعاصم لم يسنده ، فجمعهما جرير ، وأدخل حديث أحدهما في الآخر ، وكل ثقة رواه موقوفاً ، فلو أن جريراً أسنده عن عاصم ، وبيَّن ذلك أخدنا به ، وقال غيره : هذا لا يلزم ، لأن جريراً ثقة ، وقد أسنده عنهما ، انتهى . وهو في

مسند أحمد عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعاً : ليس في مالٍ زكاةٌ حتى يحول عليه الحول ، انتهى . وليس من رواية أحمد . وأما حديث ابن عمر ، فله طرق : أحدها : عند

الدارقطني عن بقية عن إسماعيل بن عياش عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً : ليس في مالٍ زكاة حتى يحول عليه الحول ، انتهى . وإسماعيل بن عياش ضعيف ، في روايته عن غير الشاميين ، قال الدارقطني : ورواه معتمر . وغيره عن عبيد اللّه موقوفاً ، ثم أخرجه كذلك ، ورواه البيهقي من حديث ابن نمير عن عبيد اللّه عن نافع عن ابن عمر موقوفاً ، وقال : هو الصحيح ، ورواه بقية عن إسماعيل بن عياش عن عبيد اللّه ، فرفعه ، وليس بصحيح ، انتهى . طريق آخر : أخرجه الدارقطني في كتاب غرائب مالك عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً ، نحوه ، قال الدارقطني : الصواب موقوف ، انتهى . قلت : رواه يحيى بن يحيى ، ويحيى بن بكير ، وأبو مصعب عن مالك في الموطأ بالسند المذكور موقوفاً وعن مالك رضي اللّه عنه ، رواه الشافعي رضي اللّه عنه في مسنده موقوفاً كذلك . طريق آخر : أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر مرفوعاً ، باللفظ المذكور .

ورواه الترمذي في كتابه بلفظ : من استفاد مالاً ، فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول ، انتهى . ثم رواه موقوفاً ، وقال : هذا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، انتهى .

وقال الدارقطني في عللّه : حديث نافع عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم : لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول يرويه عبيد اللّه بن عمر ، واختلف عليه فيه ، فرواه إسماعيل بن عياش عنه عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً ، ورواه سويد بن عبد العزيز عن عبيد اللّه مرفوعاً ، والصحيح عن عبيد اللّه موقوفاً ، كذا قاله عنه معمر ، وابن نمير ، ومحمد بن بشر ، وشجاع بن الوليد ، وغيرهم ، ورواه أيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفاً ، وكذلك يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر موقوفاً ، وقد رواه إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن مالك عن نافع عن ابن عمر فرفعه ، ولم يرفعه عن مالك غيره ، والصحيح عن مالك موقوف ، انتهى . وأما حديث أنس رضي اللّه عنه ، فأخرجه الدارقطني في سننه عن حسان بن سياه عن ثابت عن أنس مرفوعاً ، ورواه ابن عدي في الكامل ، وأعله بحسان بن سياه ، وقال : لا أعلم يرويه عن ثابت غيره ، انتهى . وحسان بن سياه ، قال ابن حبان في كتاب الضعفاء : هو منكر الحديث جداً ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ، لما ظهر من خطئه على ما عرف من صلاحه ، انتهى . وأما حديث عائشة رضي اللّه عنها ،

فأخرجه ابن ماجه في سننه عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة ، قالت : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول : لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ، انتهى . وحارثة هذا ضعيف ، قال ابن حبان رحمه اللّه في كتاب الضعفاء : كان ممن كثر وهمه ، وفحش خطؤه ، تركه أحمد ، ويحيى ، انتهى . أحاديث المال المستفاد : تعلق الخصم ، وهو : الشافعي ، وأحمد ، ومالك ، في أحد قوليه ، بما

أخرجه الترمذي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من استفاد مالاً ، فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول ، انتهى . قال الترمذي رحمه اللّه : ورواه أيوب . وعبيد اللّه بن عمر ، وغير واحد عن نافع عن ابن عمر موقوفاً ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف في الحديث ، ضعفه أحمد ، وابن المديني ، وغيرهما ، وهو كثير الغلط ، ثم أخرجه عن أيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفاً ، قال : وهذا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، انتهى . قال النووي رحمه اللّه في الخلاصة : ورواه الدارقطني ، ثم البيهقي ، وأعلاه # بعبد الرحمن ، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه من حديث ابن أبي ليلى عن نافع به موقوفاً ، ورواه الدارقطني في سننه من حديث عبيد اللّه عن نافع به موقوفاً . قوله : وليس على الصبي ، والمجنون زكاة ، خلافاً للشافعي رضي اللّه عنه . أحاديث زكاة مال اليتيم ، أو الصغير :

أخرج الترمذي عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد اللّه بن عمرو بن العاص أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطب الناس ، فقال : من وَلَى يتيماً له مال فليتجر له ، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة ، انتهى . قال الترمذي : إنما يروى هذا الحديث من هذا الوجه ، وفي إسناده مقال ، لأن المثنى يضعف في الحديث ، انتهى . وقال صاحب التنقيح رحمه اللّه : قال : مهنا سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث ، فقال : ليس بصحيح ، انتهى . طريق آخر : أخرجه الدارقطني في سننه عن عبيد اللّه بن إسحاق ثنا مندل عن أبي إسحاق الشيباني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، نحوه ، قال الدارقطني : الصحيح أنه من كلام عمر ، انتهى . وعبيد اللّه بن إسحاق ضعيف ، ومندل قال ابن حبان : كان يرفع المراسيل ، ويسند الموقوفات من سوء حفظه ، فلما فحش ذلك منه ، استحق الترك ، انتهى . طريق آخر :

أخرجه الدارقطني أيضاً عن محمد بن عبيد اللّه العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : في مال اليتيم زكاة ، قال الدارقطني : العرزمي ضعيف ، وقال صاحب التنقيح : هذه الطرق الثلاثة ضعيفة ، لا يقوم بها حجة ، انتهى . وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج عندي بما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، لأن هذا الإِسناد لا يخلو من إرسال ، أو انقطاع ، وكلاهما لا يقوم به حجة ، فإن عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد اللّه بن عمرو بن العاص ، فإذا روى عن أبيه عن جده ، فأراد بجده # محمداً ، فمحمد لا صحبة له ، وإن أراد عبد اللّه ، فشعيب لم يلق عبد اللّه ، قال ابن الجوزي في التحقيق : الناس لا يختلفون في توثيق عمرو بن شعيب ، قال ابن راهويه : عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، كأيوب عن نافع عن ابن عمر ، وقال البخاري : رأيت أحمد بن حنبل ، وعلي بن عبد اللّه ، وابن راهويه ، والحميدي يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه ، فمن الناس بعدهم ، وأما قول ابن حبان : لم يصح سماع شعيب من جده عبد اللّه ، فقال الدارقطني : هو خطأ ، وقد روى عبيد اللّه بن عمر العمري ، وهو من الأئمة العدول عن عمرو بن شعيب عن أبيه ، قال : كنت جالساً عند عبد اللّه بن عمرو ، فجاء رجل ، فاستفتاه في مسألة ، فقال : يا شعيب ! امض معه إلى ابن عباس ، فقد صح بهذا سماع شعيب من جده عبد اللّه ، وقد أثبت سماعه منه أحمد بن حنبل ، وغيره . وقال الدارقطني : جده الأدنى محمد ، ولم يدرك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجده الأعلى عمرو بن العاص ، ولم يدركه شعيب ، وجده الأوسط عبد اللّه ، وقد أدركه ، فإذا لم يسم جده احتمل أن يكون محمداً ، واحتمل أن يكون عمرواً ، فيكون في الحالين مرسلاً ، واحتمل أن يكون عبد اللّه الذي أدركه ، فلا يصح الحديث ، ولا يسلم من الإِرسال ، إلا أن يقول فيه : عن جده عبد اللّه بن عمرو ، قال ابن الجوزي رحمه اللّه : وهذا الحديث قد سمى فيه جده عبد اللّه ، فسلم من الإِرسال ، على أن المرسل عندنا حجة ، انتهى . وقال الحاكم في كتاب البيوع ، من المستدرك : لم أزل أطلب الحجة الظاهرة في سماع شعيب بن محمد من عبد اللّه بن عمرو ، فلم أقدر عليها . حديث آخر :

رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا الفرات بن محمد القيرواني ثنا شجرة بن عيسى المعافري عن عبد الملك بن أبي كريمة عن عمارة بن غزية عن يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : اتجروا في أموال اليتامى ، لا تأكلها الزكاة انتهى . قال الطبراني : لا يروى هذا الحديث عن أنس إلا بهذا الإِسناد ، انتهى . الآثار :

أخرج الدارقطني عن يزيد بن هارون ثنا أشعث عن حبيب بن أبي ثابت عن صلت المكي عن ابن أبي رافع أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أقطع أبا رافع أرضاً ، فلما مات أبو رافع باعها عمر رضي اللّه عنه بثمانين ألفاً ، فدفعها إلى علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ، فكان يزكيها ، فلما قبضها ولد أبي رافع عدوا مالهم ، فوجدوها ناقصة ، فسألوا علياً ، فقال : أحسبتم زكاتها ؟ قالوا : لا ، فحسبوا زكاتها ، فوجدوها سواء ، فقال علي : أكنتم ترون أنه يكون عندي مال لا أزكيه ؟ ! ، انتهى . قال البيهقي : ورواه حسن بن صالح ، وجرير بن عبد الحميد عن أشعث ، وقالا : عن أبي رافع ، وهو الصواب ، انتهى . حديث آخر :

قال الشافعي : أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه ، قال : كانت عائشة تليني ، وأخاً لي يتيماً # في حجرها ، وكانت تخرج من أموالنا الزكاة ، ورواه مالك رضي اللّه عنه في الموطأ ، كما تراه ، قاله الشافعي رضي اللّه عنه : وأخبرنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان يزكي مال اليتيم ، انتهى . حديث آخر : وأخرج الدارقطني عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ، قال : ابتغوا بأموال اليتامى ، لا تأكلها الزكاة ، قال البيهقي : إسناده صحيح ، وله شواهد عن عمر . ثم أسند عن يزيد بن هارون : ثنا شعبة عن حميد بن هلال ، قال : سمعت أبا محجن ، أو ابن محجن - وكان خادماً لعثمان بن أبي العاص - قال : قدم عثمان بن أبي العاص على عمر بن الخطاب ، فقال له عمر : كيف متجر أرضك ، فإن عندي مال يتيم ، قد كادت الزكاة أن تفنيه ، قال : فدفعه إليه ، قال : ورواه معاوية بن قرة عن الحكم بن أبي العاص عن عمر ، وكلاهما محفوظ . ورواه الشافعي رضي اللّه عنه من حديث عمرو بن دينار ، وابن سيرين عن عمر مرسلاً ، واللّه أعلم . حديث آخر :

رواه عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير سمع جابر بن عبد اللّه يقول ، في الذي يلي مال اليتيم ، قال : يعطى زكاته ، انتهى . أحاديث الأصحاب :

أخرج أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه عن حماد عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي اللّه عنها عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ . وعن الصبي حتى يحتلم . وعن المجنون حتى يعقل ، ورواه الحاكم في المستدرك وقال : على شرط مسلم . وحماد الأول : هو حماد بن سلمة ، وحماد الثاني : هو ابن أبي سليمان ، وقد روى له مسلم مقروناً بغيره ، ووثقه ابن معين ، والنسائي ، والعجلي ، وغيرهم . وتكلم فيه الأعمش ، ومحمد بن سعد ، وغيرهما ، وقد روى من حديث عائشة . قال ابن الجوزي : والجواب : أن المراد قلم الإِثم ، أو قلم الأداء . انتهى . وبقية الكلام عليه في كتاب الحجر . الآثار :

أخرج البيهقي عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن مسعود ، قال : من ولي مال اليتيم ، فليحص عليه السنين ، وإذا دفع إليه ماله أخبره بما فيه من الزكاة ، فإن شاء زكى ، وإن شاء ترك ، انتهى . قال البيهقي : وهذا أثر ضعيف ، فإن مجاهداً لم يلق ابن مسعود ، فهو منقطع ، وليث بن أبي سليم ضعيف عند أهل الحديث ، قال : وروى عن ابن عباس ، إلا أنه ينفرد بإِسناده ابن لهيعة ، وهو لا يحتج به ، انتهى . وهذا الأثر

رواه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن مسعود رضي اللّه عنهم ، قال : ليس في مال اليتيم زكاة ، انتهى . قال ابن حبان في كتاب الضعفاء : كان من العباد - يعني ليث ابن أبي سليم - لكن اختلط في آخر عمره ، حتى كان لا يدري ما يحدِّث به ، فكان يقلب الأسانيد ، ويرفع المراسيل ، تركه يحيى بن القطان ، وابن مهدي ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، انتهى . واعلم أن ابن حبان ترجم عليه ليث بن أبي سليم بن زنيم الليثي ، وتعقبه الشيخ زكي الدين المنذري في حاشيته بخطه ، فقال : ليث بن أبي سليم ليس هو ابن زنيم الليثي ، فرقهما إمام أهل الحديث البخاري في ترجمتين ، وكذلك ابن أبي حاتم ، والعقيلي ، وابن عدي في كتبهم . وابن أبي سليم قرشي : مولاهم ، والليثي إنما هو ابن زنيم ، انتهى كلامه . نقلته من خطه ، واللّه أعلم . قوله : روى عن علي رضي اللّه عنه أنه قال : لا زكاة في مال الضِّمارِ ، قلت : غريب .

وروى أبو عبيد القاسم بن سلاح في كتاب الأموال - في باب الصدقة حدثنا يزيد بن هارون ثنا هشام بن حسان عن الحسن البصري رضي اللّه عنه ، قال : إذا حضر الوقت الذي يؤدي فيه الرجل زكاته أدى عن كل مال ، وعن كل ديْن ، إلا ما كان منه ضِماراً لا يرجوه ، انتهى .

وروى مالك رضي اللّه عنه في الموطأ عن أيوب بن أبي تميمة السختياني أن عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنهما كتب في مالٍ قَبَضه بعض الولاة ظلماً ، فأمر برده إلى أهله ، وتؤخذ زكاته ، لما مضى من السنين ، ثم عقب بعد ذلك بكتاب ، أن لا يؤخذ منه إلا زكاة سنة واحدة ، فإنه كان ضِماراً ، قال مالك رضي اللّه عنه : الضّمار : المحبوس عن صاحبه ، انتهى . قال الشيخ رحمه اللّه في الإِمام : فيه انقطاع بين أيوب وعمر . حديث آخر :

روى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عمرو بن ميمون ، قال : أخذ الوليد بن عبد الملك مال رجل من أهل الرَّقَّة - يقال له : أبو عائشة - عشرين ألفاً ، فألقاها في بيت المال ، فلما وَلَى عمر بن عبد العزيز أتاه ولده ، فرفعوا مظلمتهم إليه . فكتب إلى ميمون : أن ادفعوا إليهم أموالهم ، وخذوا زكاة عامهم هذا ، فإنه لولا أنه كان مالاً ضماراً أخذنا منه زكاة ما مضى ، انتهى . أخبرنا أبو أسامة عن هشام عن الحسن ، قال : عليه زكاة ذلك العام ، انتهى . باب صدقة السوائم فصل في الإِبل الحديث الرابع : قال المصنف رحمه اللّه : بهذا اشتهرت كتب الصدقات من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم . قلت : منها كتاب أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه لأنس بن مالك .