فهرس الكتاب

أمر معاذاً رضي اللّه عنه أن يأخذ من كل ثلاثين من

روى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي اللّه عنه ، قال : إذا زادت الإِبل على عشرين ومائة يستقبل بها الفريضة ، انتهى . حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور عن إبراهيم مثله ، قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ : الوجه الثامن عشر من الترجيحات أن يكون أحد الحديثين قد اختلفت الرواية فيه . والثاني لم يختلف فيه ، فيقدم الذي لم يختلف فيه ، وذلك نحو ما رواه أنس بن مالك في زكاة الإِبل : إذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة ، وهو حديث مخرج في الصحيح من رواية ثمامة عن أنس ، ورواه عن ثمامة ابنة عبد اللّه ، وحماد بن سلمة . ورواه عنهما جماعة ، كلهم قد اتفقوا عليه من غير اختلاف بينهم ، وروى عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه في الإِبل إذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل خمسين حقة ، كذا رواه سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم ، ورواه شريك عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي اللّه عنه ، قال : إذا زادت الإِبل على عشرين ومائة ، ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين ابنة لبون ، موافقاً لحديث أنس ، فحديث أنس لم تختلف الرواية فيه ، وحديث علي رضي اللّه عنه اختلفت الرواية فيه ، كما ترى . فالمصير إلى حديث أنس رضي اللّه عنه أولى للمعنى الذي ذكرناه ، على أن كثيراً من الحفاظ أحالوا الغلط في حديث عليِّ على عاصم ، وإذا تقابلت حجتان ، فما سلم منهما من المعارض كان أولى ، كالبينات إذا تقابلت ، فإن الحكم فيها كذلك ، انتهى . فصل في البقر الحديث السابع : روى أنه عليه السلام أمر معاذاً رضي اللّه عنه أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً ، أو تبيعه ، ومن كل أربعين مسنة ، قلت :

أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن مسروق عن معاذ بن جبل أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال ، لما وجهه إلى اليمن ، أمره أن يأخذ من كل ثلاثين تبيعاً أو تبيعة ، ومن كل أربعين مسنة ، ومن كل حالم - يعني محتلماً - ديناراً أو عَدْله من المعافر ، ثياب تكون باليمن ، انتهى . قال الترمذي : حديث حسن ، وقد رواه بعضهم مرسلاً ، لم يذكر فيه معاذاً ، وهذا أصح ، انتهى . وليس عند ابن ماجه ذكر الحاكم ، وسيأتي بيانه في باب الجزية إن شاء اللّه تعالى ، ورواه ابن حبان في صحيحه مسنداً في النوع الحادي والعشرين ، من القسم الأول ، والحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، انتهى . والمرسل الذي أشار إليه الترمذي رواه ابن أبي شيبة بسنده عن مسروق ، قال : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم معاذاً إلى اليمن ، فذكره . ورواه أحمد ، وأبو يعلى الموصلي ، والبزار في مسانيدهم ، وأعله عبد الحق في أحكامه ، فقال : مسروق لم يلق معاذاً ، ذكره أبو عمر ، وغيره ، انتهى . قال ابن القطان في كتابه : أخاف أن يكون تصحف عليه ، أبو محمد بأبي عمر ، إذ لا يعرف لأبي عمر إلا خلاف ذلك ، وأما أبو محمد بن حزم فإنه رماه بالانقطاع أوّلا ، ثم رجع في آخر كلامه . وهذا نص كلامهما ، قال أبو عمر في التمهيد - في باب حميد بن قيس : وقد روى هذا الخبر عن معاذ بإِسناد متصل صحيح ثابت ، ذكره عبد الرزاق : ثنا معمر . والثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل ، قال : بعثه النبي عليه السلام إلى اليمن ، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة ، الحديث ، وقال في الاستذكار - في باب صدقة الماشية : ولا خلاف بين العلماء أن السُّنَّة في زكاة البقر ما في حديث معاذ هذا ، وأن النصاب المجمع عليه فيها ، وحديث طاوس هذا عن معاذ غير متصل ، والحديث عن معاذ ثابت متصل من رواية معمر ، والثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ ، بمعنى حديث مالك ، فهذا نص آخر . وأما ابن حزم فإنه قال أول كلامه : إنه منقطع ، وإن مسروقاً لم يلق معاذاً ، ثم استدركه في آخر المسألة ، فقال : وجدنا حديث مسروق إنما ذكر فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر ، ومسروق بلا شك عندنا أدرك معاذاً بسنه وعقله ، وشاهَدَ أحكامَه يقيناً ، وأفتى في أيام عمر ، وأدرك النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وهو رجل كان باليمن أيام معاذ ، بنقل الكافة من أهل بلده ، كذلك عن معاذ في أخذه لذلك عن عهد النبي عليه السلام عن الكافة ، انتهى كلام ابن حزم . قال ابن القطان : ولا أقول : إن مسروقاً سمع من معاذ ، إنما أقول : إنه يجب على أصولهم أن يحكم بحديثه عن معاذ رضي اللّه عنه بحكم حديث المتعاصرين اللذين لم يعلم انتفاء اللقاء بينهما ، فإن الحكم فيه أن يحكم له بالاتصال عند الجمهور ، وشرط البخاري ، وابن المديني أن يعلم اجتماعهما ، ولو مرة واحدة ، فهما إذا لم يعلما لقاء أحدهما للآخر ، لا يقولان في حديث أحدهما عن الآخر منقطع ، إنما يقولان لم يثبت سماع فلان من فلان ، فإِذن ليس في حديث المتعاصرين إلا رأيان : أحدهما : أنه محمول على الاتصال . والآخر : أن يقال : لم يعلم اتصال ما بينهما ، فأما الثالث ، وهو أنه منقطع ، فلا ، انتهى كلامه بحروفه . والحديث له طرق أخرى : فمنها عن أبي وائل عن معاذ ، وهي عند أبي داود ، والنسائي ومنها عن إبراهيم النخعي عن معاذ ، وهي عند النسائي ، ومنها عن طاوس عن معاذ ، وهي في موطأ مالك ، قال في الإِمام : ورواية إبراهيم عن معاذ منقطعة ، بلا شك ، ورواية طاوس عن معاذ كذلك ، قال الشافعي : وطاوس عالم بأمر معاذ ، وإن كان لم يلقه ، وقال عبد الحق في أحكامه : وطاوس لم يلق معاذاً ، انتهى . أحاديث الباب :

أخرج الترمذي ، وابن ماجه عن أبي عبيدة عن عبد اللّه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : في كل ثلاثين من البقر تبيع ، أو تبيعة ، وفي كل أربعين مسنة ، انتهى . قال الترمذي : وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ، ثم أسند عن عمرو بن مرة ، قال : سألت أبا عبيدة ، هل تذكر من عبد اللّه شيئاً ؟ قال : لا ، انتهى . وقال عبد الحق في أحكامه : ليس في زكاة البقر حديث متفق على صحته ، انتهى . أحاديث مخالفة لما تقدم :

روى أبو داود في مراسيله عن معمر ، قال : أعطاني سماك بن الفضل كتاباً من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للمقوقس ، فإذا فيه : وفي البقر مثل ما في الإِبل ، وأخرج أيضاً عن معمر عن الزهري ، قال : في خمس من البقر شاة ، وفي عشر شاتان ، وفي خمس عشرة ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ، وفي خمس وعشرين بقرة ، إلى خمس وسبعين ، ففيها بقرتان إلى عشرين ومائة . فإذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين بقرة بقرة ، قال الزهري : وبلغنا أن قول النبي عليه السلام : في كل ثلاثين بقرة تبيع ، وفي كل أربعين بقرة بقرة ، أنه كان تخفيفاً لأهل اليمن ، ثم كان هذا بعد ذلك .