فهرس الكتاب

أفطر واقض يوماً مكانه

أخرجه أبو داود في النذور - والأيمان مصرحاً فيه بالنذر عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن امرأة ركبت البحر فنذرت إنِ اللّه نُجاها أن تصوم شهراً ، فنجاها اللّه ، فلم تصم حتى ماتت ، فجاءت بنتها ، أو أختها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فأمرها أن تصوم عنها ، انتهى . الحديث العشرون : قال عليه السلام : أفطر واقض يوماً مكانه ، قلت : استدل به المصنف على إباحة الفطر في التطوع لعذر الضيافة ، وهذا

رواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا محمد بن أبي حميد عن إبراهيم بن عبيد اللّه بن رفاعة الزرقي عن أبي سعيد الخدري ، قال : صنع رجل طعاماً ، ودعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ، فقال رجل : إني صائم ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أخوك تكلف وصنع لك طعاماً ، ودعاك ، أفطر ، واقض يوماً مكانه ، انتهى . ورواه كذلك الدارقطني في سننه ، وقال : هذا مرسل ، إلا أنه قال فيه : عن إبراهيم بن عبيد . حديث آخر :

رواه الدارقطني في سننه حدثنا محمد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ثنا علي بن سعيد الرزاي ثنا عمرو بن خليف بن إسحاق بن مرسال الخثعمي ثنا أبي ثنا عمي إسماعيل بن مرسال ثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللّه ، قال : صنع رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم طعاماً ، فدعا النبي عليه السلام وأصحابه ، فلما أتى بالطعام تنحى رجل منهم ، فقال له عليه السلام : مالك ؟ قال : إني صائم ، فقال عليه السلام : تكلف أخوك وصنع طعاماً ، ثم تقول : إني صائم ؟ ! كل وصم يوماً مكانه ، انتهى . ومن أحاديث الباب : ما

أخرجه البخاري في صحيحه - في الصوم - وفي الأدب عن أبي جحيفة ، قال : آخى النبي صلى اللّه عليه وسلم بين سلمان ، وأبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذلة ، فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ، ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء ، فصنع له طعاماً ، فقال له : كل ، فإِني صائم ، قال : ما أنا بآكل حتى تأكل ، فأكل ، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم ، فقال له سلمان : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم ، فقال : نم ، فلما كان في آخر الليل ، قال له سلمان : قم الآن : قال : فصليا ، فقال له سلمان : إن لربك عليك حقاً ، ولنفسك عليك حقاً ، ولأهلك عليك حقاً . فأعط كل ذى حق حقه ، فأتى النبي عليه السلام ، فذكر ذلك له ، فقال عليه السلام : صدق سلمان ، انتهى . وهذا الحديث صريح في إباحة الفطر من التطوع لعذر الضيافة ، ولم يتعرض فيه لذكر القضاء ، وبوَّب عليه البخاري في الصوم - باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ، ولم ير عليه قضاءً ، وبوَّب عليه في كتاب الأدب - باب صنع الطعام للضيف . أحاديث الفطر في التطوع

أخرج أبو داود ، والترمذي ، والنسائي عن عروة عن عائشة ، قالت : كنت أنا وحفصة صائمتين ، فعرض لنا طعام اشتهيناه ، فأكلنا منه ، فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة ، وكانت ابنة أبيها ، فقالت : يا رسول اللّه إنا كنا صائمتين ، فعرض لنا طعام اشتهيناه ، فأكلنا منه ، قال : أقضيا يوماً آخر مكانه ، انتهى . أخرجه أبو داود ، والنسائي عن زميل عن عروة به ، وأخرجه الترمذي عن الزهري عن عروة به ، قال الترمذي : وروى صالح بن أبي الأخضر ، ومحمد بن أبي حفصة هذا الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة ، مثل هذا ، وروى مالك بن أنس ، ومعمر ، وعبيد اللّه بن عمر ، وزياد بن سعد ، وغير واحد من الحفاظ عن الزهري عن عائشة ، ولم يذكروا فيه عن عروة ، وهذا أصح ، لأنه يروى عن ابن جريج ، قال : سألت الزهري ، فقلت له : أحدثك عروة عن عائشة ؟ قال : لم أسمع من عروة في هذا شيئاً ، ولكن سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث : حدثنا بذلك علي بن عيسى البغدادي ثنا روح بن عبادة عن ابن جريج ، فذكره ، انتهى . وقال البخاري : لا يعرف لزميل سماع من عروة ، ولا ليزيد من زميل ، ولا تقوم به الحجة ، انتهى . وقال الخطابي : إسناده ضعيف ، وزميل مجهول ، قال : ولو ثبت احتمل أن يكون أمرهما استحباباً ، انتهى . وبسند الترمذي رواه أحمد في مسنده ، ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع السابع والستين ، من القسم الأول : عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة ، قالت : أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين ، الحديث . ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر عن الزهري أن عائشة ، وحفصة أصبحتا صائمتين ، الحديث . ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سيعد بن جبير أن عائشة ، وحفصة ، الحديث . طريق آخر : رواه الطبراني في معجمه من حديث خصيف عن عكرمة عن ابن عباس أن عائشة ، وحفصة كانتا صائمتين ، الحديث . طريق آخر : أخرجه البزار في مسنده عن حماد بن الوليد عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، قال : أصبحت عائشة ، وحفصة صائمتين ، الحديث . وقال : لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه ، وحماد بن الوليد لين الحديث ، انتهى . ورواه الطبراني في معجمه الوسط ، وقال : لم يروه عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر إلا حماد بن الوليد . ورواه أبو همام محمد بن الزبرقان عن عبيد اللّه بن عمر عن الزهري عن عروة عن عائشة ، انتهى . طريق آخر :

رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا موسى بن هارون ثنا محمد بن مهران الجمال ، قال : ذكر محمد بن أبي سلمة المكي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، قال : أهديت لعائشة ، وحفصة هدية ، وهما صائمتان ، فأكلتا منها ، فذكرتا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : اقضيا يوماً مكانه ، ولا تعودا ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه الدارقطني في سننه عن الضحاك بن حمزة # عن منصور بن زاذان عن الحسن عن أمه أم سلمة أنها صامت تطوعاً ، فأفطرت ، فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن تصوم يوماً مكانه ، انتهى . ومن طريق الدارقطني رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية ، وأعله بالضحاك بن حمزة # . حديث آخر : موقوف حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن عثمان البتي عن أنس بن سيرين أنه صام يوم عرفة ، فعطش عطشاً شديداً ، فأفطر ، فسأل عدة من أصحاب النبي عليه السلام عن ذلك ، فأمروه أن يقضي يوماً مكانه انتهى . أحاديث الخصوم :

أخرج مسلم في صحيحه عن وكيع عن طلحة بن يحيى عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة ، قالت : قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات يوم : يا عائشة هل عندكم شيء ؟ فقلت : يا رسول اللّه ما عندنا شيء ، قال : فإني صائم ، قالت : فأهديت لنا هدية ، أو جاءنا زَوْرٌ ، قالت : فلما رجع ، قلت : يا رسول اللّه أهديت لنا هدية ، أو جاءنا زَوْرٌ ، وقد خبأت لك شيئاً ، قال : ما هو : قلت : حيس ، قال : هاتيه ، فجئته به ، فأكل ، وقال : قد كنت أصبحت صائماً ، قال طلحة : هو ابن يحيى ، فحدثت به مجاهداً ، فقال : ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله ، فإِن شاء أمضاها ، وإن شاء أمسكها ، انتهى . وبهذا الإِسناد قالت : دخل علي النبي عليه السلام يوماً ، فقال : هل عندكم شيء ؟ فقلنا لا ، قال : فإِني إذاً صائم ، ثم أتانا يوماً آخر ، فقلنا : يا رسول اللّه ، أهدى لنا حيس ، فقال : أدنيه ، فلقد أصبحت صائماً ، فأكل ، انتهى . ورواه النسائي في سننه الكبرى : حدثنا محمد بن منصور ثنا سفيان بن عيينة عن طلحة به ، وقال فيه : فأكل . وقال : أصوم يوماً مكانه . انتهى قال النسائي هذا خطأ وقد رواه جماعة عن طلحة ولم يذكر أحد منهم أصوم يوما مكانه . ورواه الدارقطني ، وقال : لم يروه بهذا اللفظ عن ابن عيينة غير الباهلي ، ولم يتابع على قوله : وأصوم يوماً مكانه ، ولعله شبه عليه لكثرة من خالفه عن ابن عيينة ، انتهى . وكلامه يدل على أن الوهم من الراوي عن ابن عيينة ، وهو محمد بن عمرو الباهلي . وكلام النسائي يدل على أن الوهم من ابن عيينة نفسه . ورواه الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن طلحة به ، بلفظ النسائي ، ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ، ثم قال : قال الشافعي : سمعت سفيان بن عيينة عامة مجالسه ، لا يذكر فيه : سأصوم يوماً مكانه ، ثم عرضته عليه قبل موته بسنة ، فذكره فيه ، قال البيهقي : وقد رواه جماعة عن سفيان دون هذه اللفظة ، ورواه جماعة عن طلحة بن يحيى دون هذه اللفظة ، منهم سفيان الثوري ، وشعبة ، ووكيع ، ويحيى القطان ، وغيرهم ، قال : وحمل الشافعي قوله : سأصوم يوماً مكانه ، أي تطوعاً ، وجعله بمثابة قضائه عليه السلام الركعتين اللتين بعد الظهر ، حين شغله عنهما الوفد ، وجعل من هذا النوع حديث عمر لما نذر أن يعتكف في الجاهلية ، فأمره عليه السلام أن يعتكف في الإِسلام ، قال الشافعي رضي اللّه عنه : وقد صح عنه عليه السلام من رواية جابر أنه خرج من المدينة حتى إذا كان بكراع الغميم . وهو صائم رفع إناء فشرب والناس ينظرون ، وفي لفظ : فكان ذلك بعد العصر ، قال الشافعي : ولما كان له قبل أن يدخل في صوم الفرض أن لا يدخل فيه لعذر السفر ، كان له إذا دخل فيه أن يخرج منه ، كما فعل عليه السلام ، فالتطوع أولى ، انتهى كلامه ملخصاً . حديث آخر : حديث أم هانئ مرفوعاً : الصائم المتطوع أمير نفسه ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر ، وفي سنده اختلاف ، وفي لفظه اختلاف ، رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، ورواه البيهقي ، وتكلم عليه . قوله : عن عمر ، قال : ما تجانفنا لإِثم ، قضاء يوم علينا يسير ، قلت :

روى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب ، قال : أخرجت عساس من بيت حفصة ، وعلى السماء سحاب ، فظنوا أن الشمس قد غابت ، فأفطروا ، ولم يلبثوا أن تجلى السحاب ، فإذا الشمس طالعة ، فقال عمر : ما تجانفنا من إثم ، انتهى . حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن جبلة بن سحيم عن علي بن حنظلة عن أبيه ، قال : شهدت عمر بن الخطاب في رمضان ، وقرب إليه شراب ، فشرب بعض القوم ، وهم يرون أن الشمس قد غربت ، ثم ارتقى المؤذن ، فقال : يا أمير المؤمنين واللّه إن الشمس طالعة لم تغرب ، فقال عمر : من كان أفطر فليصم يوماً مكانه ، ومن لم يكن أفطر فليتم حتى تغرب الشمس ، انتهى . وأعاده من طريق آخر ، وزاد فيه : فقال له : إنما بعثناك داعياً ، ولم نبعثك راعياً ، وقد اجتهدنا ، وقضاء يوم يسير ، انتهى .

وروى محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي ، قال : أفطر عمر بن الخطاب وأصحابه في يوم غيم ظنوا أن الشمس غابت ، قال : فطلعت الشمس ، فقال عمر : ما تعرضنا بجنف ، نتم هذا اليوم ، ثم نقضي يوماً مكانه ، انتهى .

وأخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن أبي شيبة عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : أفطرنا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم غيم ، ثم طلعت الشمس ، قيل لهشام : فأمروا بالقضاء ، قال : لابد من القضاء ، وقال معمر : سمعت هشاماً ، قال : لا أدري ، أقضوا أم لا ، انتهى . الحديث الحادي والعشرون : قال عليه السلام : تسحروا ، فإن في السحور بركة ، قلت :