فهرس الكتاب

لا اعتكاف إلا بالصوم

أخرجه عن أبّي بن كعب ، قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، فسافر عاماً ، فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين يوماً ، انتهى . وأخرجه أبو داود ، والنسائي أيضاً ، ولفظهما : ولم يعتكف عاماً ، الحديث . الحديث الثاني : قال عليه السلام : لا اعتكاف إلا بالصوم ، قلت :

أخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي في سننهما عن سويد بن عبد العزيز حدثنا سفيان بن حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لا اعتكاف إلا بصوم ، انتهى . قال الدارقطني : تفرد به سويد عن سفيان ، انتهى . وقال البيهقي : هذا وهم من سفيان بن حسين ، أو من سويد بن عبد العزيز ، وسويد ضعيف ، لا يقبل ما تفرد به ، وقد روى عن عطاء عن عائشة موقوفاً ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : الشيخان لم يحتجا بسفيان بن حسين ، انتهى . وسويد بن عبد العزيز ضعفه جماعة ، وفي الكمال قال علي بن حجر : سألت هشيما ، فأثنى عليه خيراً ، انتهى . طريق آخر بلفظ آخر :

أخرجه أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت : السنة على المعتكف : أن لا يعود مريضاً ، ولا يشهد جنازة ، ولا يمس امرأة ، ولا يباشرها ، ولا يخرج لحاجة ، إلا لما لابد منه ، ولا اعتكاف إلا بصوم ، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع ، انتهى . قال أبو داود : غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه : قالت : السنة ، انتهى . قال المنذري في مختصره : وعبد الرحمن بن إسحاق أخرج له مسلم ، ووثقه يحيى بن معين ، وأثنى عليه غيره ، وتكلم فيه بعضهم ، انتهى . قلت :

رواه البيهقي في شعب الإِيمان - في الباب الرابع والعشرين عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب به ، وفيه قالت : السُّنَّة في المعتكف أن يصوم ، وقال : أخرجاه في الصحيح دون قوله : والسُّنَّة في المعتكف ، إلى آخره ، فقد قيل : إنه من قول عروة ، انتهى . وكذلك رواه في السنن ، و المعرفة . وقال في المعرفة وإنما لم يخرجا الباقي لاختلاف الحفاظ فيه : منهم من زعم أنه قول عائشة ، ومنهم من زعم أنه من قول الزهري ، ويشبه أن يكون من قول من دون عائشة ، فقد رواه سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن عروة ، قال : المعتكف لا يشهد جنازة ، ولا يعود مريضاً ، ورواه ابن أبي عروبة عن هشام عن أبيه عن عائشة ، قالت : لا اعتكاف إلا بصيام ، انتهى . طريق آخر :

أخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن مجشر ثنا عبيدة بن حميد ثنا القاسم بن معن عن ابن جريج عن الزهري عن سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير عن عائشة أنها أخبرتهما أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان ، حتى توفاه اللّه . ثم اعتكفن أزواجه من بعده ، وأن السُّنَّة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإِنسان ، ولا يتبع جنازة ، ولا يعود مريضاً ، ولا يمس امرأة ، ولا يباشرها ، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ، ويأمر من اعتكف أن يصوم ، انتهى . وفي لفظ : وسنَّة عن اعتكف أن يصوم ، قال الدارقطني : يقال : إن قوله : وإن السنة للمعتكف ، إلى آخره ليس من قول النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وأنه من كلام الزهري ، ومن أدرجه في الحديث فقد وهم ، انتهى . وأعله ابن الجوزي في التحقيق بإِبراهيم بن مجشر ، ونقل عن ابن عدي أنه قال : له أحاديث مناكير . حديث آخر :

أخرجه أبو داود ، والنسائي عن عبد اللّه بن بديل عن عمرو بن دينار عن ابن عمر ، أن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلة ، أو يوماً عند الكعبة ، فسأل النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : اعتكف وصم ، انتهى . وفي

لفظ للنسائي ، والدارقطني : فأمره أن يعتكف ويصوم ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ، وقال : الشيخان لم يحتجا بعبد اللّه بن بديل ، انتهى . ورواه الدارقطني ، ثم البيهقي في سننهما ، قال الدارقطني : تفرد به عبد اللّه بن بديل بن ورقاء الخزاعي عن عمرو ، وهو ضعيف الحديث ، وقال : سمعت أبا بكر النيسابوري يقول : هذا حديث منكر ، لأن الثقات من أصحاب عمرو لم يذكروا فيه الصوم : منهم ابن جريج ، وابن عيينة ، وحماد بن سلمة ، وحماد بن زيد ، وغيرهم ، وابن بديل ضعيف الحديث ، انتهى . وقال صاحب التنقيح : عبد اللّه بن بديل بن ورقاء ، ويقال : ابن بشر الخزاعي ، روى عن عمرو بن دينار ، والزهري روى عنه ابن مهدي وغيره ، قال ابن معين : صالح ، وقال ابن عدي : له أحاديث تنكر عليه ، فيها زيادة في المتن ، أو في الإِسناد ، ثم روى له هذا الحديث ، وقال : لا أعلم ذكر فيه الصوم مع الاعتكاف إلا من روايته ، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات ، انتهى كلامه . وقد

أخرج هذا الحديث البخاري ، ومسلم في صحيحيهما لم يذكرا فيه الصوم ، ولفظهما عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنه قال : يا رسول اللّه إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : أوف بنذرك ، انتهى . ورواه الباقون كذلك ، حتى أبو داود ، كلهم أخرجوه في الإِيمان والنذور ، واللّه أعلم . الآثار :

روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ، قال : من اعتكف فعليه الصوم ، انتهى . أخبرنا الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن عائشة ، قالت : من اعتكف فعليه الصوم .

وأخرج البيهقي عن أسيد بن عاصم ثنا الحسين بن حفص عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ، وابن عمر أنهما قالا : المعتكف يصوم ، انتهى .

وفي موطأ مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد ، ونافع مولى عبد اللّه بن عمر ، قالا : لا اعتكاف إلا بصيام ، لقوله تعالى : { ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن ، وأنتم عاكفون في المساجد } ، فذكر تعالى الاعتكاف مع الصيام ، قال يحيى : قال مالك : والأمر على ذلك عندنا أنه لا اعتكاف إلا بصيام ، انتهى .

وأخرج عبد الرزاق أيضاً عن عروة ، والزهري ، قالا : لا اعتكاف إلا بالصوم ، وينظر الأسانيد فيه . أحاديث الخصوم :

أخرج البخاري ، ومسلم في صحيحيهما عن يحيى بن سعيد القطان عن عبيد اللّه بن عمر ، قال : حدثني نافع عن ابن عمر عن عمر ، قال : يا رسول اللّه إني نذرت أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة ، فقال له : أوف بنذرك ، انتهى .

وأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن فليح بن سليمان عن عبيد اللّه بن عمر به ، أن عمر نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام ، فلما كان الإِسلام ، سأل عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال له : أوف بنذرك ، فاعتكف عمر ليلة ، انتهى . قال الدارقطني : إسناده ثابت ، قال ابن الجوزي في التحقيق : ولا يقدح في هذا أنه عورض بما أخرجه البخاري ، ومسلم أيضاً عن شعبة عن عبيد اللّه به أنه جعل على نفسه أن يعتكف يوماً ، فقال : أوف بنذرك ، لأنه عنه جوابين : أحدهما : احتمال أن يكون نذر نذرين فيكون كل لفظ منهما حديثاً مستقلاً . الثاني : أنه ليس فيه حجة ، إذ لا ذكر للصوم فيه ، قال : ولا يقدح فيه أيضاً ما

أخرجه الدارقطني ، ثم البيهقي عن سعيد بن بشير عن عبيد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن عمر نذر في الشرك أن يعتكف ، ويصوم ، فأمره عليه السلام بعد إسلامه أن يفي بنذره ، قال البيهقي : ذكر الصوم فيه غريب ، تفرد به سعيد بن بشير عن عبيد اللّه ، انتهى . وعنه أيضاً جوابان : أحدهما : أن سعيد بن بشير تفرد به عن عبيد اللّه ، وقد ضعفه النسائي ، وابن معين . والثاني : أنه نذره على نفسه فوجب عليه بنذره ، لا بكونه شرطاً في صحة الاعتكاف ، واللّه أعلم ، انتهى كلامه . وقال صاحب التنقيح : هكذا رواه عبد اللّه بن المبارك ، وسليمان بن بلال ، ويحيى بن سعيد القطان ، وأبو أسامة ، وعبد الوهاب الثقفي ، كلهم عن عبيد اللّه بن عمر ، فقالوا فيه : ليلة ، وكذلك قاله حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ، قال جرير بن حازم : ومعمر عن أيوب : يوم ، بدل : ليلة ، وكذلك رواه شعبة عن عبيد اللّه ، ورواية الجماعة عن عبيد اللّه أولى ، وحماد بن زيد أعرف بأيوب من غيره ، قال : ويمكن الجمع في حديث عمر بين اللفظين ، بأن يكون المراد اليوم مع ليلتة ، أو الليلة مع اليوم ، وحيئنذ فلا يكون فيه دليل على صحة الاعتكاف بغير صوم ، وهذا القول هو القوي إن شاء اللّه ، وهو أن الصيام شرط في الاعتكاف ، فإِن الاعتكاف لم يشرع إلا مع الصيام ، وغالب اعتكاف النبي عليه السلام وأصحابه إنما كان في رمضان ، وقول عائشة أن النبي عليه السلام اعتكف في العشر الأول من شوال ، ليس بصريح في دخول يوم الفطر ، لجواز أن يكون أول العشر الذي اعتكف ثاني يوم الفطر ، بل هذا هو الظاهر ، وقد جاء مصرحاً به في حديث ، فلما أفطر اعتكف ، انتهى كلامه . حديث آخر :

رواه الدارقطني في سننه حدثنا محمد بن إسحاق السوسي ثنا عبد اللّه بن محمد بن نصر الرملي ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ثنا عبد العزيز بن محمد عن أبي سهيل بن مالك عم مالك بن أنس عن طاوس عن ابن عباس أن النبي عليه السلام ، قال : ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه ، انتهى . ورواه الحاكم في المستدرك وقال : صحيح الإِسناد ، ولم يخرجاه ، ويراجع سنده ، قال الدارقطني : رفعه هذا الشيخ ، وغيره لا يرفعه ، انتهى . قال في التنقيح : والشيخ هو عبد اللّه بن محمد الرملي ، قال ابن القطان في كتابه : وعبد اللّه بن محمد بن نصر الرملي هذا لا أعرفه . وذكره ابن أبي حاتم فقال : يروى عن الوليد بن محمد الموقري ، روى عنه موسى بن سهل لم يزد على هذا ، وروى أبو داود عن أبي أحمد عبد اللّه بن محمد الرملي حدثنا الوليد ، فلا أدري أهم ثلاثة ، أم اثنان ، أم واحد ، والحال في الثلاثة مجهولة ، انتهى كلامه . ورواه البيهقي وقال : تفرد به عبد اللّه بن محمد الرملي ، وقد

رواه أبو بكر الحميدي عن عبد العزيز بن محمد عن أبي سهيل بن مالك : قال : اجتمعت أنا ، وابن شهاب عند عمر بن عبد العزيز ، وكان على امرأتي اعتكاف ثلاث في المسجد الحرام ، فقال ابن شهاب : لا يكون اعتكاف إلا بصوم ، فقال عمر بن عبد العزيز : أمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟ قال : لا ، قال : فمن أبي بكر ؟ قال : لا ، قال : فمن عمر ؟ قال : لا ، قال أبو سهيل . فانصرفت فوجدت طاوساً وعطاء ، فسألتهما عن ذلك ، فقال طاوس : كان ابن عباس لا يرى على المعتكف صياماً ، إلا أن يجعله على نفسه ، وقال عطاء : ذلك رأي صحيح ، وصحح البيهقي وقفه ، وقال : رفعه وهم ، وقال : وكذلك رواه عمر بن زرارة عن عبد العزيز موقوفاً ، ثم أخرجه كذلك واللّه أعلم . قوله : عن حذيفة ، قال : لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ، قلت :

رواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم النخعي أن حذيفة قال لابن مسعود : ألا تعجب من قوم بين دارك ودار أبي موسى يزعمون أنهم معتكفون ؟ ! قال : فلعلهم أصابوا وأخطأت ، أو حفظوا ونسيت ؟ قال : أما أنا فقد علمت أنه لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ، انتهى . أحاديث الباب :

أخرج البيهقي في السنن عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة ، قالت : السُّنَّة فيمن اعتكف أن يصوم ، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ، مختصر ، وقد تقدم بتمامه . ثم أخرج عن شريك عن ليث عن يحيى بن أبي كثير عن علي الأزدي عن ابن عباس ، قال : إن أبغض الأمور إلى اللّه تعالى البدع ، وإن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه البيهقي عن ابن مسعود ، قال : مررت على أناس عكوف بين دارك ، ودار أبي موسى ، وقد علمت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : لا اعتكاف إلا في المسجد الحرام ، أو قال : في المساجد الثلاثة : المسجد الحرام . والمسجد الأقصى . ومسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فقال عبد اللّه : لعلك نسيت وحفظوا ، انتهى .

وروى ابن أبي شيبة ، وعبد الرزاق في مصنفيهما أخبرنا سفيان الثوري أخبرني جابر عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي ، قال : لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ، انتهى . الحديث الثالث : روت عائشة ، قالت : كان النبي صلى اللّه عليه وسلم لا يخرج من معتكفه إلا لحاجة الإِنسان ، قلت : غريب بهذا اللفظ .