فهرس الكتاب

أيما عبد حج ، ولو عشر حجج ، ثم أعتق فعليه

رواه أحمد في مسنده من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن الوليد بن نويفع عن كريب عن عبد اللّه بن عباس ، قال : بعثت بنو سعد بن بكر : ضمام بن ثعلبة وافداً إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فذكر له عليه السلام فرائض الإسلام : الصلاة ، والصوم ، والحج بعد أن ذكر التوحيد ، قال : وقد رواه شريك بن أبي نمر عن كريب ، فقال فيه : بعثت بنو سعد : ضماماً في رجب سنة خمس ، قالوا : وإذا ثبت أن الحج وجب في سنة خمس ، فقد أخره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى سنة عشر ، فدل على أن وجوب الحج على التراخي لا على الفور ، قال : وجواب هذا أنه قد روي أن ضماماً قدم في سنة تسع ، فإن صحت الرواية الأخرى ، فعن تأخيره عليه السلام إياه جوابان : أحدهما : أن اللّه تعالى أعلم نبيه عليه السلام أنه لا يموت حتى يحج ، وكان على يقين من الإدراك ، قاله أبو زيد الحنفي . والثاني : أنه أخره لعذر ، وكانت له أعذار : منها الفقر ، ومنها الخوف على نفسه ، ومنها الخوف على المدينة من المشركين ، ومنها غلبة المشركين على مكة ، وكونهم يحجون ويظهرون الشرك ، ولا يمكنه الإنكار عليهم : فإن قيل : فكيف أخره بعد الفتح ، فجوابه من وجهين : أحدهما : أنه لم يؤمر بمنع حجاج المشركين ، فلو حج لاختلط الكفار بالمسلمين ، فكان ذلك كالعذر ، فلما أمر بمنع المشركين من الحج بعث أبا بكر في سنة تسع فنادى : أن لا يحج بعد العام مشرك ، ثم حج عند زوال ما يكره . والثاني : أن يكون أخر الحج لئلا يقع في غير ذي الحجة من جهة النسيء الذي كانت العرب تستعمله ، حتى يدور التحريم على جميع الشهور ، فوافقت حجة أبي بكر ذا القعدة ، ثم حج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ذي الحجة ، انتهى كلامه . قال صاحب التنقيح : وحديث ابن عباس رواه أحمد في مسنده مطولاً ، وفيه محمد بن الوليد بن نويفع لا نفيع ، وهو الأسدي القرشي ، ذكره ابن حبان في الثقات : وقد روى له أبو داود هذا الحديث الواحد مقروناً بغيره ، وهو سلمة بن كهيل ، كلاهما عن كريب ، وأما رواية شريك بن أبي نمر التي ذكرها ، فلا أعرف لها سنداً ، واللّه أعلم ، انتهى كلامه . الحديث الثاني : قال عليه السلام : أيما عبد حج ، ولو عشر حجج ، ثم أعتق فعليه حجة الإسلام ، وأيُّما صبي حج عشر حجج ، ثم بلغ فعليه حجة الإسلام ، قلت :

روى الحاكم في المستدرك من حديث محمد بن المنهال ثنا يزيد بن زريع ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أيُّما صبي حج ، ثم بلغ الحنث ، فعليه أن يحج حجة أخرى ، وأيُّما أعرابي حج ، ثم هاجر ، فعليه أن يحج حجة أخرى ، وأيُّما عبد حج ، ثم أعتق ، فعليه حجة أخرى ، انتهى . وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، انتهى . ورواه البيهقي في سننه ، وقال الصواب وقفه ، تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة ، ورواه غيره عن شعبة موقوفاً ، وكذلك رواه سفيان الثوري عن الأعمش موقوفاً ، وهو الصواب ، انتهى ، قال الشيخ في الإِمام مستدركاً على البيهقي ، قلت : رواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في جمعه لحديث سليمان الأعمش عن الحارث بن سريج أبي عمر النقال الخوارزمي عن يزيد بن زريع به مرفوعاً ، فزال # التفرد ، انتهى . قلت : حديث الحارث بن سريج رواه ابن عدي في الكامل ، وأعله به ، ثم قال : وهذا الحديث معروف بمحمد بن المنهال الضرير عن يزيد بن زريع ، وأظن أن الحارث سرق منه ، وهو ضعيف يسرق الحديث ، ولا أعلم يرويه عن يزيد بن زريع غيرهما ، ورواه ابن أبي عدي ، وجماعة عن شعبة موقوفاً ، انتهى ، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه بسند المرفوع ، فقال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس ، قال : احفظوا عني ، ولا تقولوا : قال ابن عباس : أيُّما عبد حج ، إلى آخره ، والموقوف الذي أشار إليه ابن عدي ، والبيهقي ، قال في الإِمام : رواه الإِسماعيلي عن ابن أبي عدي عن شعبة موقوفاً على ابن عباس . حديث آخر مرسل :

أخرجه أبو داود في مراسيله عن محمد بن كعب القرظي ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : أيُّما صبي حج به أهله ، فمات أجزأ عنه ، فإن أدرك ، فعليه الحج ، وأيُّما عبد حج به أهله ، فمات أجزأ عنه ، فإن أعتق فعليه الحج ، انتهى . حديث آخر ضعيف :

أخرجه ابن عدي في الكامل عن حرام بن عثمان عن عبد الرحمن ، ومحمد ابني جابر بن عبد اللّه عن أبيهما أن النبي عليه السلام ، قال : لو حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى إذا بلغ ، إن استطاع إليه سبيلاً ، ولو حج المملوك عشراً لكان عليه حجة إذا أعتق ، إن استطاع إليه سبيلاً ، ثم أسند عن الشافعي ، وابن معين أنهما قالا : الرواية عن حرامٍ حرامٌ ، ووافقهما ، وقال : عامة أحاديثه مناكير . حديث مخالف لما تقدم :

أخرجه مسلم عن كريب عن ابن عباس ، قال : رفعت امرأة صبياً لها ، فقالت : يا رسول اللّه ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر ، انتهى . وهو مذهب أحمد ، هكذا نقله عنه ابن الجوزي في التحقيق ،

وأخرج البخاري عن السائب بن يزيد ، قال : حج بي أبي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه الحديث الثالث :