فهرس الكتاب

باب الماء الطاهر

باب الماء الطاهر

1 حديث البحر : هو الطهور ماؤه ، مالك والشافعي عنه والأربعة , وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود ، والحاكم ، والدارقطني والبيهقي ، وصححه البخاري فيما حكاه عنه الترمذي . وتعقبه ابن عبد البر بأنه لو كان صحيحًا عنده لأخرجه في صحيحه ، وهذا مردود ؛ لأنه لم يلتزم الاستيعاب ، ثم حكم ابن عبد البر مع ذلك بصحته ، لتلقي العلماء له بالقبول ، فرده من حيث الإسناد ، وقبله من حيث المعنى ، وقد حكم بصحة جملة من الأحاديث لا تبلغ درجة هذا ولا تقاربه ، ورجح ابن منده صحته ، وصححه أيضًا ابن المنذر وأبو محمد البغوي ، ومداره على صفوان بن سليم ، عن سعيد بن سلمة ، عن المغيرة بن أبي بردة ، عن أبي هريرة ، قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا ، أفنتوضأ بماء البحر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته ، رواه عنه مالك وأبو أويس ، قال الشافعي : في إسناد هذا الحديث من لا أعرفه ، قال البيهقي : يحتمل أن يريد سعيد بن سلمة ، أو المغيرة أو كليهما قلت : لم ينفرد به سعيد عن المغيرة ، فقد رواه عنه يحيى بن سعيد الأنصاري ، إلا أنه اختلف عليه فيه ، والاضطراب منه ، فرواه ابن عيينة عن يحيى بن سعيد ، عن رجل من أهل المغرب ، يقال له المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة ، أن ناسا من بني مدلج أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ، وقيل عنه عن المغيرة عن رجل من بني مدلج ، وقيل : عن يحيى عن المغيرة عن أبيه ، وقيل عن يحيى عن المغيرة بن عبد الله ، أو عبد الله بن المغيرة ، وقيل : عن يحيى عن عبد الله بن المغيرة عن أبيه ، عن رجل من بني مدلج ، اسمه عبد الله مرفوعا ، وقيل عن يحيى عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبي بردة مرفوعا ، وقيل عن المغيرة عن عبد الله المدلجي ، ذكرها الدارقطني ، وقال : أشبهها بالصواب قول مالك ومن تابعه ، وقال ابن حبان : من قال فيه عن المغيرة عن أبيه فقد وهم ، والصواب عن المغيرة عن أبي هريرة ، وأما حال المغيرة : فقد روى الآجري عن أبي داود أنه قال : المغيرة بن أبي بردة معروف ، وقال ابن عبد البر : وجدت اسمه في مغازي موسى بن نصير ، وقال ابن عبد الحكم : اجتمع عليه أهل إفريقية أن يؤمروه بعد قتل يزيد بن أبي مسلم فأبى انتهى . ووثقه النسائي ، فعلم بهذا غلط من زعم أنه مجهول لا يعرف ، وأما سعيد بن سلمة فقد تابع صفوان بن سليم على روايته له عنه الجلاح أبو كثير ، رواه عنه الليث بن سعد ، وعمرو بن الحارث ، وغيرهما ، ومن طريق الليث رواه أحمد والحاكم والبيهقي عنه ، وسياقه أتم قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، فجاءه صياد ، فقال يا رسول الله ، إنا ننطلق في البحر نريد الصيد ، فيحمل أحدنا معه الإداوة ، وهو يرجو أن يأخذ الصيد قريبا ، فربما وجده كذلك ، وربما لم يجد الصيد حتى يبلغ من البحر مكانا لم يظن أن يبلغه ، فلعله يحتلم أو يتوضأ ، فإن اغتسل أو توضأ بهذا الماء فلعل أحدنا يهلكه العطش ، فهل ترى في ماء البحر أن نغتسل به أو نتوضأ به إذا خفنا ذلك ؟ فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اغتسلوا منه ، وتوضؤوا به ، فإنه الطهور ماؤه ، الحل ميتته ، قلت : ورواه عن مالك مختصرا للقصة : أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه ، عن حماد بن خالد ، عن مالك بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته ، وهذا أشبه بسياق صاحب الكتاب ، وفي الباب عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر فقال : هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان ، والدارقطني والحاكم من طريق عبيد الله بن مقسم عنه ، قال أبو علي بن السكن : حديث جابر أصح ما روي في هذا الباب ، ورواه الطبراني في الكبير والدارقطني والحاكم ، من حديث المعافى بن عمران ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير عن جابر وإسناده حسن ليس فيه إلا ما يخشى من التدليس ، ورواه الدارقطني والحاكم من حديث موسى بن سلمة ، عن ابن عباس ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر ، فقال : ماء البحر طهور ورواته ثقات ، لكن صحح الدارقطني وقفه ، ورواه ابن ماجه من حديث يحيى بن بكير ، عن الليث عن جعفر بن ربيعة ، عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي ، قال : كنت أصيد وكانت لي قربة أجعل فيها ماء ، وإني توضأت بماء البحر ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته قال الترمذي سألت محمدا عنه : فقال : هذا مرسل ، ولم يدرك ابن الفراسي النبي صلى الله عليه وسلم ، والفراسي له صحبة ، قلت : فعلى هذا كأنه سقط من الرواية عن أبيه ، أو أن قوله ابن ، زيادة ، فقد ذكر البخاري أن مسلم بن مخشي لم يدرك الفراسي نفسه ، وإنما يروي عن ابنه ، وأن الابن ليست له صحبة ، وقد رواه البيهقي من طريق شيخ شيخ ابن ماجه ، يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن مسلم بن مخشي أنه حدثه أن الفراسي قال : كنت أصيد ، فهذا السياق مجود ، وهو على رأي البخاري مرسل ، وروى الدارقطني والحاكم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ميتة البحر حلال ، وماؤه طهور ، وهو من طريق المثنى ، عن عمرو ، والمثنى ضعيف ، ووقع في رواية الحاكم : الأوزاعي ، بدل المثنى ، وهو غير محفوظ ، ورواه الدارقطني والحاكم من حديث علي بن أبي طالب من طريق أهل البيت ، وفي إسناده من لا يعرف ، وروى الدارقطني من طريق عمرو بن دينار ، عن عبد الرحمن بن أبي هريرة ، أنه سأل ابن عمر ، آكل ما طفا على الماء ؟ قال : إن طافيه ميتته ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن ماءه طهور ، وميتته حل ورواه الدارقطني من حديث أبي بكر الصديق ، وفي إسناده عبد العزيز بن أبي ثابت وهو ضعيف ، وصحح الدارقطني وقفه ، وكذا ابن حبان في الضعفاء ، تنبيه : وقع في بعض الطرق التي ذكرها الدارقطني ، أن اسم السائل عبد الله المدلجي ، وكذا ساقه ابن بشكوال بإسناده ، وأورده الطبراني فيمن اسمه عبد ، وتبعه أبو موسى فقال عبد أبو زمعة البلوي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر قال ابن منيع بلغني أن اسمه عبد وقيل اسمع عبيد بالتصغير وقال السمعاني في الأنساب اسمه العركي وغلط في ذلك وإنما العركي وصف له وهو ملاح السفينة قال أبو موسى وأورده ابن منده فيمن اسمه عركي والعركي هو الملاح وليس هو اسما والله أعلم وقال الحميدي قال الشافعي هذا الحديث نصف علم الطهارة

2 حديث أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر بضاعة الشافعي وأحمد وأصحاب السنن والدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث أبي سعيد الخدري قال قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الماء طهور لا ينجسه شيء لفظ الترمذي وقال حديث حسن وقد جوده أبو أسامة وصححه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو محمد بن حزم ونقل ابن الجوزي أن الدارقطني قال إنه ليس بثابت ولم نر ذلك في العلل له ولا في السنن وقد ذكر في العلل الاختلاف فيه على ابن إسحاق وغيره وقال في آخر الكلام عليه وأحسنها إسنادا رواية الوليد بن كثير عن محمد بن كعب يعني عن عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع عن أبي سعيد وأعله ابن القطان بجهالة راويه عن أبي سعيد واختلاف الرواة في اسمه واسم أبيه قال ابن القطان وله طريق أحسن من هذه قال قاسم بن أصبغ في مصنفه حدثنا محمد بن وضاح ثنا عبد الصمد بن أبي سكينة الحلبي بحلب ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال قالوا يا رسول الله إنك تتوضأ من بئر بضاعة وفيها ما ينجي الناس والمحائض والخبث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شيء وقال محمد بن عبد الملك بن أيمن في مستخرجه على سنن أبي داود حدثنا محمد بن وضاح به قال ابن وضاح لقيت ابن أبي سكينة بحلب فذكره وقال قاسم بن أصبغ هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة وقال ابن حزم عبد الصمد ثقة مشهور قال قاسم ويروى عن سهل بن سعد في بئر بضاعة من طرق هذا خيرها وقال ابن منده في حديث أبي سعيد هذا إسناد مشهور قلت ابن أبي سكينة الذي زعم ابن حزم أنه مشهور قال ابن عبد البر وغير واحد إنه مجهول ولم نجد عنه راويا إلا محمد بن وضاح ( تنبيه ) قوله : أتتوضأ بتائين مثناتين من فوق خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم قال الشافعي كانت بئر بضاعة كبيرة واسعة وكان يطرح فيها من الأنجاس ما لا يغير لها لونا ولا طعما ولا يظهر له ريح فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم تتوضأ من بئر بضاعة وهي يطرح فيها كذا وكذا فقال مجيبا الماء لا ينجسه شيء قلت وأصرح من ذلك ما رواه النسائي بلفظ مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن ؟ فقال : إن الماء لا ينجسه شيء وقد وقع مصرحا به في رواية قاسم بن أصبغ في حديث سهل بن سعد أيضا وهذا أشبه بسياق صاحب الكتاب . قوله : وكان ماء هذه البئر كنقاعة الحناء هذا الوصف لهذه البئر لم أجد له أصلا قلت ذكره ابن المنذر فقال ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر كأن ماءه نقاعة الحناء فلعل هذا معتمد الرافعي فينظر إسناده من كتابه الكبير انتهى وقد ذكره ابن الجوزي في تلقينه أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من غدير ماؤه كنقاعة الحناء وكذا ذكره ابن دقيق العيد فيما علقه على فروع ابن الحاجب وفي الجملة لم يرد ذلك في بئر بضاعة وقد جزم الشافعي أن بئر بضاعة كانت لا تتغير بإلقاء ما يلقى فيها من النجاسات لكثرة مائها وروى أبو داود عن قيمها ما يراجع منه وروى الطحاوي عن الواقدي أنها كانت سيحا تجري ثم أطال في ذلك وقد خالفه البلاذري في تاريخه فروي عن إبراهيم بن غياث عن الواقدي قال تكون بئر بضاعة سبعا في سبع وعيونها كثيرة فهي لا تنزح

3 حديث روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو ريحه لم أجده هكذا ، وقد تقدم في حديث أبي سعيد بلفظ إن الماء طهور لا ينجسه شيء وليس فيه خلق الله ولا الاستثناء وفي الباب كذلك عن جابر بلفظ إن الماء لا ينجسه شيء وفيه قصة رواه ابن ماجه وفي إسناده أبو سفيان طريف بن شهاب وهو ضعيف متروك وقد اختلف فيه على شريك الراوي عنه وعن ابن عباس بلفظ الماء لا ينجسه شيء رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان ورواه أصحاب السنن بلفظ إن الماء لا يجنب وفيه قصة وقال الحازمي لا يعرف مجودا إلا من حديث سماك بن حرب عن عكرمة وسماك مختلف فيه وقد احتج به مسلم وعن سهل بن سعد ورواه الدارقطني وعن عائشة بلفظ إن الماء لا ينجسه شيء رواه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى والبزار وأبو علي بن السكن في صحاحه من حديث شريك ورواه أحمد من طريق أخرى صحيحة لكنه موقوف وفي المصنف والدارقطني من طريق داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب قال أنزل الله الماء طهورا لا ينجسه شيء وأما الاستثناء فرواه الدارقطني من حديث ثوبان بلفظ الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه وفيه رشدين بن سعد وهو متروك وقال ابن يونس كان رجلا صالحا لا شك في فضله أدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث وعن أبي أمامة مثله رواه ابن ماجه والطبراني وفيه رشدين أيضا ورواه البيهقي بلفظ إن الماء طاهر إلا أن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه أورده من طريق عطية بن بقية عن أبيه عن ثور عن راشد بن سعد عن أبي أمامة وفيه تعقب على من زعم أن رشدين بن سعد تفرد بوصله ورواه الطحاوي والدارقطني من طريق راشد بن سعد مرسلا بلفظ الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه زاد الطحاوي أو لونه وصحح أبو حاتم إرساله قال الدارقطني في العلل هذا الحديث يرويه رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي أمامة وخالفه الأحوص بن حكيم فرواه عن راشد بن سعد مرسلا وقال أبو أسامة عن الأحوص عن راشد قوله قال الدارقطني ولا يثبت هذا الحديث وقال الشافعي ما قلت من أنه إذا تغير طعم الماء وريحه ولونه كان نجسا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله وهو قول العامة لا أعلم بينهم خلافا وقال النووي اتفق المحدثون على تضعيفه وقال ابن المنذر أجمع العلماء على أن الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت له طعما أو لونا أو ريحا فهو نجس قوله نص الشارع على الطعم والريح وقاس الشافعي اللون عليهما هذا الكلام تبع فيه صاحب المهذب وكذا قاله الروياني في البحر وكأنهما لم يقفا على الرواية التي فيها ذكر اللون ولا يقال لعلهما تركاها لضعفها لأنهما لو راعيا الضعف لتركا الحديث جملة فقد قدمنا عن صاحب المذهب أنه لا يثبت ونص مع ذلك فيه على اللون في نفس الخبر قوله وحمل الشافعي الخبر على الكثير لأنه ورد في بئر بضاعة وكان ماؤها كثيرا وهذا مصير منه إلى أن هذا الحديث ورد في بئر بضاعة وليس كذلك نعم صدر الحديث كما قدمناه دون قوله خلق الله هو في حديث بئر بضاعة وأما الاستثناء الذي هو موضع الحجة منه فلا والرافعي كأنه تبع الغزالي في هذه المقالة فإنه قال في المستصفى لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عن بئر بضاعة قال خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه وكلامه متعقب لما ذكرناه وقد تبعه ابن الحاجب في المختصر في الكلام على العام وهو خطأ والله الموفق ( تنبيه ) وقع لابن الرفعة أشد من هذا الوهم فإنه عزا هذا الاستثناء إلى رواية أبي داود فقال ورواية أبي داود خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو ريحه ووهم في ذلك فليس هذا في سنن أبي داود أصلا . ( فائدة ) أهمل الرافعي الاستدلال على أن الماء لا تسلب طهوريته بالتغير اليسير بنحو الزعفران والدقيق وعند ابن خزيمة والنسائي من حديث أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل هو وميمونة من إناء واحد من قصعة فيها أثر العجين وفي الباب حديث الزبير في غسل النبي صلى الله عليه وسلم وجهه من الدم الذي أصابه بأحد بماء آجن أي متغير رواه البيهقي .

4 حديث إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا الشافعي وأحمد والأربعة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي من حديث عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه ولفظ أبي داود سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ولفظ الحاكم فقال إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء وفي رواية لأبي داود وابن ماجه فإنه لا ينجس قال الحاكم صحيح على شرطهما وقد احتجا بجميع رواته وقال ابن منده إسناده على شرط مسلم ومداره على الوليد بن كثير فقيل عنه عن محمد بن جعفر بن الزبير وقيل عنه عن محمد بن عباد بن جعفر وتارة عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر وتارة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر والجواب أن هذا ليس اضطرابا قادحا فإنه على تقدير أن يكون الجميع محفوظا انتقال من ثقة إلى ثقة وعند التحقيق الصواب أنه عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر المكبر وعن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر المصغر ومن رواه على غير هذا الوجه فقد وهم وقد رواه جماعة عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير على الوجهين وله طريق ثالثة رواها الحاكم وغيره من طريق حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه وسئل ابن معين عن هذه الطريق فقال إسنادها جيد قيل له فإن ابن علية لم يرفعه فقال وإن لم يحفظه ابن علية فالحديث جيد الإسناد وقال ابن عبد البر في التمهيد ما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين مذهب ضعيف من جهة النظر غير ثابت من جهة الأثر لأنه حديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم ولأن القلتين لم يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع وقال في الاستذكار حديث معلول رده إسماعيل القاضي وتكلم فيه وقال الطحاوي إنما لم نقل به لأن مقدار القلتين لم يثبت وقال ابن دقيق العيد هذا الحديث قد صححه بعضهم وهو صحيح على طريقة الفقهاء لأنه وإن كان مضطرب الإسناد مختلفا في بعض ألفاظه فإنه يجاب عنها بجواب صحيح بأن يمكن الجمع بين الروايات ولكني تركته لأنه لم يثبت عندنا بطريق استقلالي يجب الرجوع إليه شرعا تعيين مقدار القلتين قلت كأنه يشير إلى ما رواه ابن عدي من حديث ابن عمر إذا بلغ الماء قلتين من قلال هجر لم ينجسه شيء وفي إسناده المغيرة بن صقلاب وهو منكر الحديث قال النفيلي لم يكن مؤتمنا على الحديث وقال ابن عدي لا يتابع على عامة حديثه وأما ما اعتمده الشافعي في ذلك فهو ما ذكره في الأم والمختصر بعد أن روى حديث ابن عمر قال أخبرنا مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا وقال في الحديث بقلال هجر قال ابن جريج ورأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا قال الشافعي فالاحتياط أن تكون القلة قربتين ونصفا فإذا كان الماء خمس قرب لم يحمل نجسا في جر كان أو غيره وقرب الحجاز كبار فلا يكون الماء الذي لم يحمل النجاسة إلا بقرب كبار انتهى كلامه وفيه مباحث الأول في تبيين الإسناد الذي لم يحضر الشافعي ذكره والثاني في كونه متصلا أم لا والثالث في كون التقييد بقلال هجر في المرفوع والرابع في ثبوت كون القربة كبيرة لا صغيرة والخامس في ثبوت التقدير للقلة بالزيادة على القربتين فالأول في بيان الإسناد وهو ما رواه الحاكم أبو أحمد والبيهقي وغيرهما من طريق أبي قرة موسى بن طارق عن ابن جريج قال أخبرني محمد أن يحيى بن عقيل أخبره أن يحيى بن يعمر أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا ولا بأسا قال فقلت ليحيى بن عقيل أي قلال قال قلال هجر قال محمد رأيت قلال هجر فأظن كل قلة تأخذ قربتين وقال الدارقطني ثنا أبو بكر النيسابوري ثنا أبو حميد المصيصي ثنا حجاج عن ابن جريج مثله وقال في آخره قال فقلت ليحيى بن عقيل قلال هجر قال قلال هجر قال فأظن أن كل قلة تأخذ قربتين قال الحاكم أبو أحمد محمد شيخ ابن جريج هو محمد بن يحيى له رواية عن يحيى بن أبي كثير أيضا قلت وكيف ما كان فهو مجهول الثاني في بيان كون الإسناد متصلا أم لا وقد أظهر أنه مرسل لأن يحيى بن يعمر تابعي ويحتمل أن يكون سمعه من ابن عمر لأنه معروف من حديثه وإن كان غيره من الصحابة رواه لكن يحيى بن يعمر معروف بالحمل عن ابن عمر وقد اختلف فيه على ابن جريج رواه عبد الرزاق في مصنفه عنه قال حدثت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا ولا بأسا قال ابن جريج زعموا أنها قلال هجر قال عبد الرزاق قال ابن جريج قال الذي أخبرني عن القلال فرأيت قلال هجر بعد فأظن أن كل قلة تأخذ قربتين البحث الثالث في كون التقييد بقلال هجر ليس في الحديث المرفوع وهو كذلك إلا في الرواية التي تقدمت قبل من رواية المغيرة بن صقلاب وقد تقدم أنه غير صحيح لكن أصحاب الشافعي قووا كون المراد قلال هجر بكثرة استعمال العرب لها في أشعارهم كما قال أبو عبيد في كتاب الطهور وكذلك ورد التقييد بها في الحديث الصحيح قال البيهقي قلال هجر كانت مشهورة عندهم ولهذا شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال هجر انتهى فان قيل أي ملازمة بين هذا التشبيه وبين ذكر القلة في حد الماء فالجواب أن التقييد بها في حديث المعراج دال على أنها كانت معلومة عندهم بحيث يضرب بها المثل في الكبر كما أن التقييد إذا أطلق إنما ينصرف إلى التقييد المعهود وقال الأزهري القلال مختلفة في قرى العرب وقلال هجر أكبرها وقال الخطابي قلال هجر مشهورة الصنعة معلومة المقدار والقلة لفظ مشترك وبعد صرفها إلى أحد معلوماتها وهي الأواني تبقى مترددة بين الكبار والصغار والدليل على أنها من الكبار جعل الشارع الحد مقدارا بعدد فدل على أنه أشار إلى أكبرها لأنه لا ( فائدة ) في تقديره بقلتين صغيرتين مع القدرة على تقديره بواحدة كبيرة والله أعلم وقد تبين بهذا محصل البحث الرابع والبحث الخامس في ثبوت كون القلة تزيد على قربتين وقد طعن في ذلك ابن المنذر من الشافعية وإسماعيل القاضي من المالكية بما محصله أنه أمر مبني على ظن بعض الرواة والظن ليس بواجب قبوله ولاسيما من مثل محمد بن يحيى المجهول ولهذا لم يتفق السلف وفقهاء الأمصار على الأخذ بذلك التحديد فقال بعضهم القلة يقع على الكوز والجرة كبرت أو صغرت وقيل القلة مأخوذة من استقل فلان بحمله وأقله إذا أطاقه وحمله وإنما سميت الكيزان قلالا لأنها تقل بالأيدي وقيل مأخوذة من قلة الجبل وهي أعلاه فإن قيل الأولى الأخذ بما ذكره راوي الحديث لأنه أعرف بما روى قلنا لم تتفق الرواة على ذلك فقد روى الدارقطني بسند صحيح عن عاصم بن المنذر أحد رواة هذا الحديث أنه قال القلال هي الجوابي العظام قال إسحاق بن راهويه الجابية تسع ثلاث قرب وعن إبراهيم قال القلتان الجرتان الكبيرتان وعن الأوزاعي قال القلة ما تقله اليد أي ترفعه وأخرج البيهقي من طريق ابن إسحاق قال القلة الجرة التي يستسقى فيها الماء والدورق ومال أبو عبيد في كتاب الطهور إلى تفسير عاصم بن المنذر وهو أولى وروى علي بن الجعد عن مجاهد قال القلتان الجرتان ولم يقيدهما بالكبر وعن عبد الرحمن بن المهدي ووكيع ويحيى بن آدم مثله رواه ابن المنذر ( تنبيه ) قوله ينوبه هو بالنون أي يرد عليه نوبة بعد أخرى وحكى الدارقطني أن ابن المبارك صحفه فقال يثوبه بالثاء المثلثة ( تنبيه ) آخر قوله لم يحمل الخبث معناه لم ينجس بوقوع النجاسة فيه كما فسره في الرواية الأخرى التي رواها أبو داود وابن حبان وغيرهما إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس والتقدير لا يقبل النجاسة بل يدفعها عن نفسه ولو كان المعنى أنه يضعف عن حمله لم يكن للتقييد بالقلتين معنى فإن ما دونهما أولى بذلك وقيل معناه لا يقبل حكم النجاسة كما في قوله تعالى { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا } أي لم يقبلوا حكمها .

5 حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاها عن التشميس ، وقال إنه يورث البرص الدارقطني وابن عدي في الكامل وأبو نعيم في الطب والبيهقي من طريق خالد بن إسماعيل عن هشام بن عروة عن أبيه عنها دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سخنت ماء في الشمس ، فقال : لا تفعلي يا حميراء ، فإنه يورث البرص وخالد قال ابن عدي كان يضع الحديث وتابعه وهب بن وهب أبو البختري عن هشام قال ووهب أشر من خالد وتابعهما الهيثم بن عدي عن هشام رواه الدارقطني والهيثم كذبه يحيى بن معين وتابعهم محمد بن مروان السدي وهو متروك أخرجه الطبراني في الأوسط من طريقه وقال لم يروه عن هشام إلا محمد بن مروان كذا قال فوهم ورواه الدارقطني في غرائب مالك من طريق ابن وهب عن مالك عن هشام وقال هذا باطل عن ابن وهب وعن مالك أيضا ومن دون ابن وهب ضعفاء واشتد إنكار البيهقي على الشيخ أبي محمد الجويني في عزوه هذا الحديث لرواية مالك والعجب من ابن الصباغ كيف أورده في الشامل جازما به فقال روى مالك عن هشام وهذا القدر هو الذي أنكره البيهقي على الشيخ أبي محمد ورواه الدارقطني من طريق عمرو بن محمد الأعسم عن فليح عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتوضأ بالماء المشمس ، أو نغتسل به ، وقال : إنه يورث البرص قال الدارقطني عمرو بن محمد منكر الحديث ولا يصح عن الزهري وقال ابن حبان كان يضع الحديث ( تنبيه ) وقع لمحمد بن معن الدمشقي في كلامه على المهذب عزو هذا الحديث عن عائشة إلى سنن أبي داود والترمذي وهو غلط قبيح .

6 حديث ابن عباس من اغتسل بالمشمس فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه رويناه في الجزء الخامس من مشيخة قاضي المرستان من طريق عمر بن صبح عن مقاتل عن الضحاك عنه بهذا وزاد ومن احتجم يوم الأربعاء أو السبت فأصابه داء فلا يلومن إلا نفسه ومن بات في مستنقع موضع وضوئه فأصابه وسواس فلا يلومن إلا نفسه ومن تعرى في غير كن فخسف به فلا يلومن إلا نفسه ومن نام وفي يده غمر الطعام فأصابه لمم فلا يلومن إلا نفسه ومن نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه ومن شك في صلاته فأصابه زحير فلا يلومن إلا نفسه وعمر بن صبح كذاب والضحاك لم يلق ابن عباس . وفي الباب عن أنس رواه العقيلي بلفظ : لا تغتسلوا بالماء الذي يسخن في الشمس فإنه يعدي من البرص وفيه سوادة الكوفي وهو مجهول ورواه الدارقطني في الإفراد من حديث زكريا بن حكيم عن الشعبي عن أنس وزكريا ضعيف والراوي عنه أيوب بن سليمان وهو مجهول وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال البيهقي في المعرفة لا يثبت ألبتة ، وقال العقيلي لا يصح فيه حديث مسند وإنما هو شيء روي من قول عمر .

7 حديث إن الصحابة تطهروا بالماء المسخن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليهم هذا الخبر قال المحب الطبري لم أره في غير الرافعي انتهى وقد وقع ذلك لبعض الصحابة فيما رواه الطبراني في الكبير والحسن بن سفيان في مسنده وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي من طريق الأسلع بن شريك قال كنت أرحل ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابتني جنابة في ليلة باردة وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحلة فكرهت أن أرحل ناقته وأنا جنب وخشيت أن أغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض فأمرت رجلا من الأنصار يرحلها ووضعت أحجارا فأسخنت بها ماء فاغتسلت ثم لحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } إلى { غفورا } والهيثم بن زريق الراوي له عن أبيه عن الأسلع هو وأبوه مجهولان والعلاء بن الفضل المنقري راويه عن الهيثم فيه ضعف وقد قيل إنه تفرد به وقد روي عن جماعة من الصحابة فعل ذلك فمن ذلك عن عمر رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عن الدراوردي عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر كانت له قمقمة يسخن فيها الماء ورواه عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر كان يغتسل بالحميم وعلقه البخاري ورواه الدارقطني وصححه وعن ابن عمر روى عبد الرزاق أيضا عن معمر عن أيوب عن نافع أن ابن عمر كان يتوضأ بالماء الحميم وعن ابن عباس رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عن محمد بن بشر عن محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة قال : قال ابن عباس إنا نتوضأ بالحميم وقد أغلي على النار وروى عبد الرزاق بسند صحيح عنه قال لا بأس أن يغتسل بالحميم ويتوضأ منه وروى ابن أبي شيبة وأبو عبيد عن سلمة بن الأكوع أنه كان يسخن الماء يتوضأ به وإسناده صحيح .

8 حديث عمر أنه كره الماء المشمس وقال إنه يورث البرص الشافعي عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صدقة بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر عن عمر به وصدقة ضعيف وأكثر أهل الحديث على تضعيف ابن أبي يحيى لكن الشافعي كان يقول إنه صدوق وإن كان مبتدعا وأطلق النسائي أنه كان يضع الحديث وقال إبراهيم بن سعد كنا نسميه ونحن نطلب الحديث خرافة وقال العجلي كان قدريا معتزليا رافضيا كل بدعة فيه وكان من أحفظ الناس لكنه غير ثقة وقال ابن عدي نظرت في حديثه فلم أجد فيه منكرا وله أحاديث كثيرة وقال الساجي لم يخرج الشافعي عن إبراهيم حديثا في فرض إنما جعله شاهدا قلت وفي هذا نظر والظاهر من حال الشافعي أنه كان يحتج به مطلقا وكم من أصل أصله الشافعي لا يوجد إلا من رواية إبراهيم وقال محمد بن سحنون لا أعلم بين الأئمة اختلافا في إبطال الحجة به وفي الجملة فإن الشافعي لم يثبت عنده الجرح فيه فلذلك اعتمده والله أعلم ولحديث عمر الموقوف هذا طريق أخرى رواها الدارقطني من حديث إسماعيل بن عياش حدثني صفوان بن عمرو عن حسان بن أزهر عن عمر قال لا تغتسلوا بالماء المشمس فإنه يورث البرص وإسماعيل صدوق فيما روي عن الشاميين ومع ذلك فلم ينفرد بل تابعه عليه أبو المغيرة عن صفوان أخرجه ابن حبان في الثقات في ترجمة حسان ( قوله ) إن الشرع أمر بالتعفير في ولوغ الكلب سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى بعد قليل .

9 قوله وسؤره نجس يعني الكلب لورد الأمر بالإراقة في خبر الولوغ قلت ورد الأمر بالإراقة فيما رواه مسلم من حديث الأعمش عن أبي صالح وأبي رزين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات قال النسائي لم يذكر فليرقه غير علي بن مسهر وقال ابن منده تفرد بذكر الإراقة فيه علي بن مسهر ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه إلا من روايته وقال الدارقطني إسناده حسن رواته كلهم ثقات وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه من طريقه ولفظه فليهرقه وأصل الحديث في الصحيحين من رواية مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات هذا هو المشهور عن مالك وروى عنه إذا ولغ وهذا هو لفظ أصحاب أبي الزناد أو أكثرهم إلا أنه وقع في رواية الجوزقي من رواية ورقاء بن عمر عن أبي الزناد بلفظ إذا شرب وكذا وقع في عوالي أبي الشيخ من رواية المغيرة بن عبد الرحمن عنه والمحفوظ عن أبي الزناد من رواية عامة أصحابه إذا ولغ وكذا رواه عامة أصحاب أبي هريرة عنه بهذا اللفظ ووقع في رواية أخرى من طريق هشام عن ابن سيرين عنه بلفظ إذا شرب ولمسلم من رواية هشام عن محمد عن أبي هريرة إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم غسل سبع مرات أولاهن بالتراب رواه الترمذي والبزار من رواية ابن سيرين فقال : أولاهن أو أخراهن وفي رواية لأبي داود من حديث أبان عن قتادة عن ابن سيرين السابعة بالتراب وقال البيهقي ذكر التراب في هذا الحديث لم يروه ثقة عن أبي هريرة غير ابن سيرين قلت قد رواه أبو رافع عنه أيضا أخرجه الدارقطني والبيهقي وغيرهما من طريق معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عنه لكن قال البيهقي إن كان معاذ حفظه فهو حسن فأشار إلى تعليله ورواه الدارقطني أيضا من طريق الحسن عن أبي هريرة لكنه لم يسمع منه على الأصح وفي الباب عن عبد الله بن مغفل رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث مطرف بن عبد الله عنه قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم قال ما بالهم وبال الكلاب ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم وقال إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبعا وعفروه الثامنة بالتراب لفظ مسلم ولم يخرجه البخاري وعكس ابن الجوزي ذلك في كتاب التحقيق فوهم قال ابن عبد البر لا أعلم أحدا أفتى بأن غسلة التراب غير الغسلات السبع بالماء غير الحسن البصري انتهى وقد أفتى بذلك أحمد بن حنبل وغيره وروى أيضا عن مالك وأجاب عنه أصحابنا بأجوبة أحدها : قال البيهقي بأن أبا هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره فروايته أولى وهذا الجواب متعقب لأن حديث عبد الله بن مغفل صحيح قال ابن منده إسناده مجمع على صحته وهي زيادة ثقة فيتعين المصين إليها وقد ألزم الطحاوي الشافعية بذلك . ثانيها : قال الشافعي : هذا الحديث لم أقف على صحته وهذا العذر لا ينفع أصحاب الشافعي الذين وقفوا على صحة الحديث لاسيما مع وصيته . ثالثها : يحتمل أن يكون جعلها ثامنة لأن التراب جنس غير جنس الماء فجعل اجتماعهما في المرة الواحدة معدودا باثنين وهذا جواب الماوردي وغيره . رابعها : أن يكون محمولا على من نسي استعمال التراب فيكون التقدير اغسلوا سبع مرات إحداهن بالتراب كما في رواية أبي هريرة فإن لم تعفروه في إحداهن فعفروه الثامنة ويغتفر مثل هذا الجمع بين اختلاف الروايات وهو أولى من إلغاء بعضها والله أعلم . ( فائدة ) قال القرافي سمعت قاضي القضاة صدر الدين الحنفي يقول إن الشافعية تركوا أصلهم في حمل المطلق على المقيد في هذا الحديث فقلت له هذا لا يلزمهم لقاعدة أخرى وذلك أن المطلق إذا دار بين مقيدين متضادين وتعذر الجمع فإن اقتضى القياس تقييده بأحدهما قيد وإلا سقط اعتبارهما معا وبقي المطلق على إطلاقه انتهى وهذا الذي قاله القرافي صحيح ولكنه لا يتوجه هاهنا بل يمكن هنا حمل المطلق على المقيد وذلك أن الرواية المطلقة فيها إحداهن والمقيدة في بعضها أولاهن وفي بعضها أخراهن وفي بعض الروايات أولاهن أو أخراهن فإن حملنا أو هنا على التخيير استقام أن يحمل المطلق على المقيد ويتعين التراب في أولاهن أو أخراهن لا في ما بين ذلك وإن حملنا أو هنا على الشك امتنع ذلك لكن الأصل عدم الشك وقد وقع في الأم للشافعي وفي البويطي ما يعطي أنها على التعيين فيهما ولفظه في البويطي وإذا ولغ الكلب في الإناء غسل سبعا أولاهن أو أخراهن بالتراب لا يطهره غير ذلك وبهذا جزم المرعشي في ترتيب الأقسام قلت وهذا لفظ الشافعي في الأم وذكره السبكي في شرح المنهاج بحثا لكن أفاد شيخنا شيخ الإسلام