فهرس الكتاب

باب الواجبات

باب الواجبات

قوله : والحكمة فيه زيادة الزلفى فلم يتقرب المتقربون إلى الله بمثل أداء ما افترض عليهم هذا طرف من حديث أخرجه البخاري من طريق عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا : إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه
قوله : فمنها صلاة الضحى روي أنه صلى الله عليه وسلم قال كتب على ركعتا الضحى وهما لكم سنة أحمد من طريق إسرائيل عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ أمرت بركعتي الضحى ولم تؤمروا بها وأمرت بالأضحى ولم تكتب وإسناده ضعيف من أجل جابر الجعفي ورواه أبو يعلى من طريق شريك بلفظ : كتب علي النحر ولم يكتب عليكم وأمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها ورواه البزار بلفظ : أمرت بركعتي الفجر والوتر وليس عليكم ومن طريق أبي جناب الكلبي عن عكرمة عنه بلفظ ثلاث هن علي فرائض ولكم تطوع النحر والوتر وركعتا الضحى ورواه الحاكم وابن عدي من هذا الوجه ولفظه الأضحى بدل النحر وركعتا الفجر بدل الضحى وكذلك رواه الدارقطني والبيهقي ورواه ابن حبان في الضعفاء وابن شاهين في ناسخه من طريق وضاح بن يحيى عن مندل عن يحيى بن سعيد عن عكرمة عنه بلفظ : ثلاث علي فريضة وهن لكم تطوع : الوتر وركعتا الفجر وركعتا الضحى والوضاح ضعيف فتلخص ضعف الحديث من جميع طرقه ويلزم من قال به أن يقول بوجوب ركعتي الفجر عليه ولم يقولوا بذلك وإن كان قد نقل ذلك عن بعض السلف ووقع في كلام الآمدي وابن الحاجب وقد ورد ما يعارضه فروى الدارقطني وابن شاهين في ناسخه من طريق عبد الله بن محرر عن قتادة عن أنس مرفوعا : أمرت بالوتر والأضحى ولم يعزم علي ولفظ ابن شاهين : ولم يفرض علي وعبد الله بن محرر متروك . ( فائدة ) اختار شيخنا شيخ الإسلام : القول بعدم وجوب الضحى وأدلته ظاهرة في الصحيحين منها لمسلم عن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي الضحى إلا أن يجيء من مغيبه وفي الصحيحين عنها ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط وإني لأسبحها وللبخاري عن ابن عمر نحوه وله عن أنس وقيل له هل كان رسول الله يصلي الضحى ؟ قال : ما رأيته صلاها غير هذا اليوم وللترمذي عن ابن أبي سعيد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها ويدعها حتى نقول لا يصليها وقال : حديث حسن ولأبي داود عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ما أخبرنا أحد أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الضحى غير أم هانئ فإنها أخبرت بها ثم أبيح ولم يره أحد صلاهن بعد وهذا يرد على الماوردي دعواه أنه واظب عليها بعد يوم الفتح إلى أن مات وذكر النووي في شرح المهذب عن بعض العلماء أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يداوم على صلاة الضحى مخافة أن تفرض على الأمة فيعجزوا عنها وكان يفعلها في بعض الأوقات ولعله أراد بذلك إظهارها في وقت دون وقت ليجمع بين كلاميه قوله : ومنها الأضحية روي أنه صلى الله عليه وسلم قال ثلاث كتبت علي ولم تكتب عليكم السواك والوتر والأضحية لم أجده هكذا أو المختص بالأضحية يوجد من الحديث الذي قبله من طرق فيها ذكر الأضحى والنحر ونحو ذلك وأما الوتر والسواك فسيأتي في الحديث الذي بعده . ( فائدة ) نقل المصنف عن أبي العباس الروياني أنها لم تكن واجبة عليه .

قوله : ومنها الوتر والتهجد قال الله سبحانه { ومن الليل فتهجد به نافلة لك } أي زيادة على الفرائض وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث هن علي فريضة ولكم سنة الوتر والسواك وقيام الليل أما احتجاجه بالآية فسبقه إليه البيهقي ووجهه أن النافلة لغة الزيادة وظاهر الأمر بالتهجد الوجوب قال إمام الحرمين فإن قيل النافلة هي السنة قلنا بل النافلة هنا هي الزيادة وقد قيل ما يزيده العبد من تطوعاته يجبر به نقصان مفروضاته وصلاته صلى الله عليه وسلم معصومة فكان تهجده زائدا على مفروضاته وهكذا قال البغوي في تفسيره نحوه لكن يتعقب ذلك بأن مقتضاه أن الرواتب التي واظب عليها كانت واجبة في حقه ولا قائل بذلك وحكى النووي في زياداته عن الشيخ أبي حامد أن الشافعي نص على أنه نسخ وجوبه في حقه كما نسخ في حق غيره قال وهذا هو الأصح أو الصحيح وفي صحيح مسلم ما يدل عليه انتهى وأما الحديث الذي احتجوا به فهو ضعيف جدا لأنه من رواية موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن هشام عن أبيه عن عائشة مثله أخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي وقد قال الطبراني إن موسى تفرد به وأشار النووي إلى ما أخرجه مسلم في قصة قيام الليل فصار قيام الليل تطوعا بعد فرضه وفي سياقه أيضا دلالة على أنه حين وجب لم يكن من خصائصه واستدل غيره على عدم الوجوب أيضا بحديث جابر الطويل في مسلم في صفة الحج ففيه ثم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى حين تيسر له الصبح وقد نص الشافعي في الأم على أن السنة ترك التنفل بعد العشاء للبائت بمزدلفة وصرح به الماوردي وغيره واستدل أيضا بأنه كان يصلي التطوع في الليل على الراحلة في السفر ويصليه في الحضر جالسا وقد استدل الشافعي على عدم وجوب الوتر عليه بذلك وقيل كان ذلك واجبا عليه في حال الحضر وفي حال عدم المشقة وهذا يحتاج إلى نقل خاص وإن كان الحليمي وابن عبد السلام والغزالي قد صرحوا بأن الوتر كان واجبا عليه في الحضر دون السفر وذكر النووي في شرح المهذب بأن من خصائصه فعل هذا الواجب من الوتر والتهجد على الراحلة .

قوله : ومنها السواك كان واجبا عليه للخبر يعني به الخبر الذي ذكرناه عن عائشة قبله وهو واه جدا لا يجوز الاحتجاج به ويمكن أن يستدل لوجوبه بحديث عبد الله بن حنظلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا وغير طاهر فلما شق عليه ذلك أمر بالسواك لكل صلاة وفي لفظ وضع عنه الوضوء إلا من حدث وإسناده حسن ووجه التمسك به أن الأمر للوجوب والمشقة إنما تلزم عن الواجب فكان الوضوء واجبا عليه أولا ثم نسخ إلى السواك والوجه الذي حكاه أوضح وقد روى ابن ماجه عن أبي أمامة مرفوعا ما جاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك حتى لقد خشيت أن يفرض علي وعلى أمتي وفيه ضعف ولأحمد من حديث واثلة مرفوعا أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي قوله كان يجب عليه إذا رأى منكرا أن ينكر عليه ويغيره أو يعترض بأن كل مكلف إذا تمكن من إزالة المنكر لزمه تغييره ويمكن أن يحمل على أنه لا يسقط عنه للخوف لثبوت العصمة لقوله تعالى { والله يعصمك من الناس } بخلاف غيره فلو أقر على المنكر لأستفيد من تقريره أنه جائز فيه عن ذلك ابن الصباغ .

قوله : لأن الله وعده بالعصمة يشير إلى الآية التي في المائدة أو إلى ما رواه الترمذي عن عبد الله بن شقيق عن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت : { والله يعصمك من الناس } فأخرج رأسه من القبة فقال لهم أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله واحتج البيهقي للمسألة مما في الصحيحين عن عائشة ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فإذا كان إثما كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول الله لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله .

قوله : كان يجب عليه مصابرة العدو وإن كثر عددهم لم يبوب له البيهقي وكأنه يشير إلى ما وقع في يوم أحد فإنه أفرد في اثني عشر رجلا كما رواه البخاري وفي يوم حنين فإنه أفرد في عشرة رواه البخاري أيضا . قوله : كان يجب عليه قضاء دين من مات معسرا من المسلمين تقدم في آخر باب الضمان .

قوله : وقيل كان يجب عليه إذا رأى شيئا يعجبه أن يقول لبيك إن العيش عيش الآخرة هذا بوب عليه البيهقي في الخصائص وقد روى الشافعي عن سعيد بن سالم عن ابن جريج عن حميد الأعرج عن مجاهد قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يظهر من التلبية فذكر الحديث حتى إذا كان ذات يوم والناس يصرفون عنه فكأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيها لبيك إن العيش عيش الآخرة قال ابن جريج وأحسب أن ذلك كان يوم عرفة قلت وليس في ذلك ما يدل على الوجوب . ( تتمة ) مما لم يذكره الرافعي مما ادعى بعضهم وجوبه عليه كان عليه إذا فرض الصلاة كاملة لا خلل فيها قاله الماوردي وكان يجب عليه أن يدفع بالتي هي أحسن حكاه ابن القاص وكذا ما بعده قال ومنها أنه كلف من العلم وحده بما كلف به الناس بأجمعهم ومنها أنه كان يغان على قلبه فيستغفر الله ويتوب إليه في اليوم سبعين مرة ومنها أنه كان يؤخذ عن الدنيا عند نزول الوحي وهو مطالب بأحكامها عند الأخذ عنها ومنها أنه كان مطالبا برؤية مشاهدة الحق مع معاشرة الناس بالنفس والكلام انتهى وهذه الأمور تحتاج دعوى وجوبها إلى أدلة وكيف بها فالله المستعان . ومن خصائصه في واجبات النكاح وجوب تخيير نسائه للآية واختلف في سبب نزولها على أقوال أخذها ما سيذكره المصنف : من أن الله خيره بين الغناء والفقر فاختار الفقر فأمره الله بتخيير نسائه لتكون من اختارته منهن موافقة لاختياره وهذا يعكر عليه أن الأكثر من أهل العلم بالمغازي أن إيلاءه من نسائه كان سنة تسع وأن تخييرهن وقع بعد ذلك وقد كان صلى الله عليه وسلم في آخر عمره قد وسع له في العيش بالنسبة لما كان فيه قبل ذلك قالت عائشة ما شبعنا من التمر حتى فتحت خيبر ثانيها أنهن تغايرن عليه فحلف أن لا يكلمهن شهرا ثم أمر بأن يخيرهن حكاه الغزالي ثالثها أنهن طالبنه من الحلى والثياب بما ليس عنده فتأذى بذلك فأمر بتخييرهن وقيل إن ذلك كان بسبب طلب بعضهن منه خاتما من ذهب فأعد لها خاتما من فضة وصفره بالزعفران فتسخطت رابعها أن الله امتحنهن بالتخيير ليكون لرسوله خيرة النساء خامسها أن سبب نزولها قصة مارية في بيت حفصة أو قصة العسل الذي شربه في بيت زينب بنت جحش وهذا يقرب من الثاني .

قوله : لأنه صلى الله عليه وسلم آثر لنفسه الفقر والصبر عليه وأعاده بعد في الكلام على أن اليسار ليس بشرط في الكفاءة ويدل عليه ما رواه النسائي من حديث ابن عباس : إن الله تعالى خيره بين أن يكون عبدا نبيا وبين أن يكون ملكا فاختار أن يكون عبدا نبيا ولمسلم عن ابن عباس عن عمر فدخلت عليه وهو مضطجع على حصير فجلست فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه فنظرت في جرابه وإذا بقبضة من شعير نحو الصاع ومثلها قرط في ناحية الغرفة فابتدرت عيناي
حديث عائشة ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء اللاتي حظرن عليه كذا وقع فيه وقوله اللاتي حظرن عليه مدرج في الحديث قال الشافعي أنا ابن عيينة عن عمرو عن عطاء عن عائشة قالت : ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء قال الشافعي كأنها يعني اللاتي حظرن في قوله تعالى : { لا يحل لك النساء من بعد } الآية وهكذا ساقه القاضي أبو الطيب عن الشافعي وأخرجه أحمد والترمذي والنسائي من حديث سفيان دون الزيادة ورواه الدارمي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والنسائي من طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة بلفظ : ما توفي # رسول الله حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء وروى الترمذي من طريق شهر عن ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات فقال : { لا يحل لك النساء من بعد } الآية فأحل الله فتيات المؤمنات وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي وحرم كل ذات دين غير الإسلام وقال : { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك }
حديث : لما نزلت آية التخيير بدأ بعائشة متفق عليه من طريق الزهري عن أبي سلمة عن عائشة قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخييره أزواجه وبدأ بي وقال إني ذاكر لك أمرا فلا عليك ألا تعجلي
قوله : ما كان له أن يأكل البصل والثوم والكراث وهل كان حراما عليه فيه وجهان أشبههما لا وقوله والأشبه إلى آخره يؤخذ مما رواه ابن خزيمة وغيره من طريق جابر بن سمرة عن أبي أيوب نحو ما أخرجه مسلم وزاد إني أستحي من ملائكة الله وليس بمحرم وللحاكم من طريق سفيان بن وهب عن أبي أيوب أنه أرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام من خضرة فيه بصل أو كراث فلم ير فيه أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأكله فقال رسول الله إني أستحي من ملائكة الله وليس بمحرم ولابن خزيمة من حديث أبي سعيد لم يعد أن فتحت خيبر وقعنا في تلك البقلة الثوم فأكلنا أكلا شديدا قال : وناس جياع ثم قمنا إلى المسجد فوجد رسول الله الريح فقال : من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنا في مسجدنا فقال الناس حرمت حرمت فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله ولكنها شجرة أكره ريحها وإنه يأتيني أنحاء من الملائكة فأكره أن يشموا ريحها وهذه الأحاديث تدل على أن النهي المطلق في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري أنه صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن أكل الثوم محمول على من أراد حضور المسجد وقد زاد يزيد بن الهاد عن نافع أن ابن عمر كان يأكله إذا طبخ وظاهر الأحاديث أن أكل ذلك لم يكن بحرام عليه على الإطلاق بل في أبي داود والنسائي من حديث عائشة أن آخر طعام أكله رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام فيه بصل زاد البيهقي إنه كان مشويا في قدر ويؤيده حديث عمر عند مسلم فمن كان أكلهما ولابد فليمتهما طبخا ولأبي داود والترمذي عن علي نهى عن أكل الثوم إلا مطبوخا .

حديث : أنه أتى بقدر فيه بقول وجد لها ريحا فقربها إلى بعض أصحابه وقال كل فإني أناجي من لا تناجي متفق عليه من حديث جابر

حديث : كان لا يأكل متكئا البخاري وأصحاب السنن عن أبي جحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا آكل متكئا .

حديث : إنما آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد البيهقي في الشعب من طريق يحيى بن أبي كثير مرسلا وهو في مصنف عبد الرزاق عن معمر عن يحيى ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد وقال البزار ، نا أحمد بن المعلى الآدمي ، نا حفص بن عمار الطاحي ، نا مبارك بن فضالة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر بلفظ إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وقال لا نعلم يروى بإسناد متصل إلا من هذا الوجه ولا نعلم رواه إلا ابن عمر ولا عن عبيد الله إلا مبارك ولا عن مبارك إلا حفص ولا يتابع عليه قلت وحفص فيه مقال ووصله ابن شاهين في ناسخه من حديث أنس وفيه قصة ولأبي الشيخ في كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر نحوه ومن حديث عائشة وإسنادهما ضعيف ولابن شاهين من طريق عطاء بن يسار مرسلا نحوه وفي ابن أبي شيبة من حديث مجاهد مرسلا أيضا قال ما أكل رسول الله متكئا قط إلا مرة وقال اللهم إني عبدك ورسولك وقال ابن سعد أنا أبو النضر أنا أبو معشر عن سعيد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها يا عائشة لو شئت لسارت معي جبال الذهب أتاني ملك إن حجزته لتساوى الكعبة فقال إن ربك يقرئك السلام ويقول لك إن شئت كنت نبيا ملكا وإن شئت عبدا فأشار إلى جبريل أن ضع نفسك فقلت نبيا عبدا فكان بعد ذلك لا يأكل متكئا ويقول آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد وللبيهقي في الشعب والدلائل من حديث ابن عباس في قصة قال فيها فما أكل صلى الله عليه وسلم بعد تلك الكلمة طعاما متكئا حتى لقي الله ورواه النسائي بلفظ قط بدل حتى لقي الله وإسناده حسن فرن من رواية بقية عن الزبيدي وقد صرح ووافقه معمر عن الزهري أخرجه عبد الرزاق أيضا ( فائدة ) لم يثبت دليل الخصوصية في ذلك وإنما هو أدب من الآداب وممن صرح بأنه كان غير محرم عليه ابن شاهين في ناسخه . ( تنبيه ) قال الخطابي : المتكئ هو الجالس معتمدا على وطاء وقال ابن الجوزي : المراد بالاتكاء على أحد الجانبين .

قوله : ومما عد من المحرمات الخط والشعر وإنما يتجه القول بتحريمها ممن يقول : إنه كان يحسنهما ثم استدل لذلك بقوله تعالى : { وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك } وبقوله { وما علمناه الشعر وما ينبغي له } وفي الاستدلال بالآية الأولى على ذلك نظر واستدل غيره بحديث ابن عمر المخرج في الصحيح بلفظ إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب
[ فصل ] وأما الشعر فكان نظمه محرما عليه باتفاق لكن فرق البيهقي وغيره بين الرجز وغيره من البحور فقالوا يجوز له الرجز دون غيره وفيه نظر فإن الأكثر على أن الرجز ضرب من الشعر وإنما ادعى أنه ليس بشعر الأخفش وأنكره ابن القطان وغيره وإنما جرى البيهقي لذلك ثبوت قوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب فإنه من بحور الرجز ولا جائز أن يكون مما تمثل به كما سيأتي لأن غيره لا يقول أنا النبي ويزيل عنه الإشكال أحد أمرين إما أنه لم يقصد الشعر فخرج موزونا وقد ادعى ابن القطاع وأقره النووي الإجماع على أن شرط تسمية الكلام شعرا أن يقصد له قائله وعلى ذلك يحمل ما ورد في القرآن والسنة وإما أن يكون القائل الأول قال أنت النبي لا كذب فلما تمثل به النبي صلى الله عليه وسلم غيره والأول أولى هذا كله في إنشائه ويتأيد ما ذهب إليه البيهقي بما أخرجه ابن سعد بسند صحيح عن معمر عن الزهري قال لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من الشعر قيل قبله أو يروى عن غيره إلا هذا وهذا يعارض ما في الصحيح عن الزهري أيضا لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات زاد ابن عائذ من وجه آخر عن الزهري إلا الأبيات التي كان يرتجز بهن وهو ينقل اللبن لبناء المسجد وأما إنشاده متمثلا فجائز ويدل عليه حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أبالي شربت ترياقا أو تعلقت بتميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي أخرجه أبو داود وغيره فقوله من قبل نفسي احتراز عما إذا أنشده متمثلا وقد وقع في الأحاديث الصحيحة من ذلك كقوله أصدق كلمة قالها الشاعر قول لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل متفق عليه من حديث أبي هريرة وحديث عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بشعر ابن رواحة وحديثها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراب الخبر يتمثل بقول طرفة ويأتيك بالأخبار من لم تزود صححه الترمذي وأخرجه البزار من حديث ابن عباس أيضا وأما ما أخرجه ابن أبي حاتم وغيره من مرسل الحسن البصري أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت كفى بالإسلام والشيب ناهيا فقال له أبو بكر كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا فأعادها كالأول فقال أشهد أنك رسول الله وما علمناه الشعر وما ينبغي له فهو مع إرساله فيه ضعف وهو راويه عن الحسن علي بن زيد بن جدعان وأما رواه البيهقي في الدلائل أنه صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس أنت القائل أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة فقال إنما هو بين عيينة والأقرع فقال : هما سواء فإن السهيلي قال في الروض أنه صلى الله عليه وسلم قدم الأقرع على عيينة لأن عيينة وقع له أنه ارتد ولم يقع ذلك للأقرع وروى الحاكم والبيهقي والخطيب من طريق عبد الله بن مالك النحوي مؤدب القاسم بن عبيد الله عن علي بن عمرو الأنصاري عن ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط إلا بيتا واحدا تفال بما تهوى تكن فلقل ما يقال لشيء كان إلا تحقق قالت عائشة لم يقل تحققا لئلا يعربه فيصير شعرا قال البيهقي لم أكتب إلا بهذا الإسناد وفيه من يجهل حاله وقال الخطيب غريب جدا والله أعلم .

قوله : كان يحرم عليه إذا لبس لأمته أن ينزعها حتى يلقى العدو علقه البخاري مختصرا ووصله أحمد والدارمي وغيرهما من حديث جابر : أنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل وفيه قصة وأخرجها أصحاب المغازي موسى بن عقبة عن ابن شهاب وابن إسحاق عن شيوخه وأبو الأسود عن عروة وفيه من الزيادة لا ينبغي لنبي إذا أخذ لأمة الحرب واكتفى الناس بالخروج إلى العدو أن يرجع حتى يقاتل وله طريق أخرى بإسناد # & عند البيهقي والحاكم من حديث ابن عباس ( فائدة ) اللأمة مهموزة ساكنة الدرع والجمع لأم كتمرة وتمر .

حديث : ما ينبغي لنبي خائنة الأعين أبو داود والنسائي والبزار والحاكم والبيهقي من حديث سعد بن أبي وقاص في قصة الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم يوم فتح مكة وفيه أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح منهم وأن عثمان استأمن له النبي صلى الله عليه وسلم فأبى أن يبايعه ثلاثا ثم بايعه ثم قال لأصحابه أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عنه فيقتله قالوا وما يدرينا ما في نفسك يا رسول الله هلا أومأت إلينا بعينك قال : إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين إسناده صالح وروى أبو داود والترمذي والبيهقي من طريق أخرى عن أنس قال : غزوت مع رسول الله فحمل علينا المشركون حتى رأينا خيلنا وراء ظهورنا وفي القوم رجل يحمل علينا فيدقنا ويحطمنا فهزمهم الله فقال رجل إن علي نذرا إن جاء الله بالرجل أن أضرب عنقه فجاء الرجل ثانيا فأمسك رسول الله لا يبايعه فجعل الرجل الذي حلف يتصدى له ويهابه أن يقتل الرجل فلما رأى رسول الله أنه لا يصنع شيئا بايعه فقال الرجل نذري ؟ فقال : إني لم أمسك عنه منذ اليوم إلا لتوفي # بنذرك فقال يا رسول الله ألا أومضت إلي فقال إنه ليس لنبي أن يومض وروى ابن سعد من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل ابن سرح وابن الزبعرى وابن خطل فذكر القصة قال وكان رجل من الأنصار نذر إن رأى ابن أبي سرح أن يقتله فذكر قصة استيمان عثمان له وكان أخاه من الرضاعة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري : هلا وفيت بنذرك قال : يا رسول الله استنظرتك فلم تومض لي فقال الإيماء خيانة وليس # لنبي أن يومئ ( فائدة ) حكى سبط بن الجوزي في مرآة الزمان أن الأنصاري عباد ابن بشر . قوله : وقيل بناء عليه إنه كان لا يبتدي متطوعا إلا لزمه إتمامه قلت : لم أر لهذا دليلا إلا أن يؤخذ من حديث صلاته الركعتين بعد العصر وقول عائشة كان إذا عمل عملا أثبته وفي الاستدلال بذلك نظر .

حديث : كان إذا أراد سفرا وروى بغيره متفق عليه من حديث كعب بن مالك .

قوله : عن صاحب التلخيص إنه لم يكن له أن يخدع في الحرب مردود بما اتفق الشيخان عليه من حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال : الحرب خدعة .

قوله : يجوز له أن يصلي على من عليه دين مطلقا أو مع وجود الضامن قال النووي في زياداته الصواب الجزم بجوازه مع الضامن ثم نسخ التحريم مطلقا إلى أن قال والأحاديث مصرحة بذلك انتهى وكذا قال البيهقي كان صلى الله عليه وسلم لا يصلي على من عليه دين لا وفاء له ثم نسخ واحتج بما في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتي بالمتوفي عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه من قضاء فإن قيل إنه ترك وفاء صلى عليه وإلا فلا فلما فتح الله عليه الفتوح قام فقال أنا أولى المؤمنين من أنفسهم فمن توفي وترك دينا فعلي وفاؤه ومن ترك مالا فلورثته وفي الباب عن سلمة بن الأكوع عند البخاري وعن أبي قتادة في أبي داود والترمذي وعن ابن عمر في الطبراني الأوسط وعن أبي أمامة وأسماء في الكبير وعن ابن عباس في الناسخ للحازمي وعن أبي سعيد عند البيهقي وفي حديث سلمة أن الضامن كان قتادة وفي حديث أبي سعيد أن الضامن كان عليا ويحمل على تعدد القصة واختلف في الحكمة في ذلك فقيل كان تأديبا للأحياء لئلا يستأكلوا أموال الناس وقيل لأن صلاته تطهير للميت وحق الآدمي ثابت فلا تطهير منه فيتنافيان وقيل كانت عقوبة في أمر الدين أصلها المال ثم نسخ التأديب بالمال وما تفرع عنه قوله : قال المفسرون ذاك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم يعني تحريم المن ليستكثر قلت هو قول الضحاك بن مزاحم ورواه ابن أبي حاتم وغيره من طريق سفيان الثوري عن رجل عنه قال هي للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة وللناس موسع عليهم قال وروى عن ابن عباس وعطاء ومجاهد وطاوس وأبي الأحوص وإبراهيم النخعي وقتادة والسدي ومطر والضحاك في إحدى الروايتين عنه أن المراد لا يهدى الهدية فينتظر بمثلها ثم ساق عن غيرهم أقوالا مختلفة في المراد بذلك . ومن خصائصه في محرمات النكاح

إمساك من كرهت نكاحه واستشهد له بأن النبي صلى الله عليه وسلم نكح امرأة ذات جمال فلقنت أن تقول له أعوذ بالله منك فلما قالت ذلك قال لقد استعذت بمعاذ الحق بأهلك انتهى قال ابن الصلاح في مشكله هذا الحديث أصله في البخاري من حديث أبي سعيد الساعدي دون ما فيه إن نساءه علمنها ذلك قال وهذه الزيادة باطلة وقد رواها ابن سعد في الطبقات بسند ضعيف انتهى قلت فيه الواقدي وهو معروف بالضعف ومن الوجه المذكور أخرجه الحاكم ولفظه عن حمزة بن أبي أسيد عن أبيه قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت النعمان الجونية فأرسلني فجئت بها فقالت حفصة لعائشة اخضبيها أنت وأنا أمشطها ففعلتا ثم قالت لها إحداهما أن # رسول الله صلى الله عليه وسلم # يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول أعوذ بالله منك فلما دخلت عليه أغلق الباب وأرخى الستر ثم مد يده إليه فقالت أعوذ بالله منك فقال بكمه على وجهه فاستتر به وقال عذت بمعاذ ثم خرج علي فقال يا أبا أسيد ألحقها بأهلها ومتعها برازقيين فكانت تقول ادعوني الشقية وفي رواية للواقدي أيضا منقطعة أنه دخل عليها داخل من النساء وكانت من أجمل النساء فقالت إنك من الملوك فإن كنت تريدين أن تحظي عنده فاستعيذي منه
حديث زوجاتي في الدنيا زوجاتي في الآخرة لم أجده بهذا اللفظ وفي البخاري عن عمار أنه ذكر عائشة فقال إني لأعلم أنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة وأخرجه أبو الشيخ في كتاب السنة من حديث مرفوعا وفي البيهقي عن حذيفة أنه قال لامرأته إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة فلا تتزوجي بعدي فإن المرأة لآخر أزواجها في الدنيا فلذلك حرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده لأنهن زوجاته في الجنة وفي المستدرك عن عبد الله بن أبي أوفى مرفوعا سألت ربي أن لا أزوج أحدا من أمتي ولا أتزوج إليه إلا كان معي في الجنة فأعطاني أخرجه في ترجمة علي وفي الطبراني في الأوسط من طريق عروة عن عبد الله بن عمر مثله وفي ملاقاته لحديث الباب تكلف

# القسم الثالث المباحات قوله فمنه الوصال قلت سبق حديثه في الصيام وهو في الصحيحين عن أنس وابن عمر وأبي سعيد وأبي هريرة وعائشة وليس المراد بخصوصيته بإباحته مطلق الوصال لأن في بعض طرقه فأيكم أراد فليواصل إلى السحر ولا ينتهض دليل تحريم الوصال أيضا وإنما حرف المسألة أنه كان له أن يتقرب به وليس ذلك لغيره والله أعلم .

قوله : ومنه اصطفاء ما يختاره من الغنيمة قبل القسمة من جارية وغيرها إلى أن قال ومن صفاياه صفية بنت حيي حين اصطفاها وأعتقها فتزوجها وذو الفقار انتهى أما الأول فروى أبو داود والنسائي من طريق عامر الشعبي مرسلا قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سهم يدعى الصفي إن شاء عبدا وإن شاء أمة وإن شاء فرسا يختاره قبل الخمس ومن طريق ابن عون سألت ابن سيرين عن سهم النبي صلى الله عليه وسلم سهم الصفي قال كان يضرب للنبي صلى الله عليه وسلم بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد والصفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء وهذا مرسل أيضا وأما الثاني فقال ابن عبد البر سهم الصفي مشهور في صحيح الآثار معروف عند أهل العلم ولا يختلف أهل السير في أن صفية منه وأجمعوا على أنه خاص به انتهى ونقل القرطبي عن بعض العلماء أنه للإمام بعده وروى أبو داود من طريق هشام عن أبيه عن عائشة قالت كانت صفية من الصفي وأخرجه ابن حبان والحاكم وفي الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها وفي البخاري عن عمرو بن أبي عمرو عن أنس في قصة قال : فاصطفاها لنفسه ومن طريق حماد بن زيد عن ثابت عن أنس كانت صفية في السبي فصارت إلى دحية ثم صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومن طريق عبد العزيز بن صهيب في قصة خيبر وأخذ دحية صفية فجاء رجل فذكر الحديث فدعاها فقال لدحية خذ جارية من السبي غيرها وفي مسلم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أنه اشتراها من دحية بسبعة أرؤس وقال النووي في شرحه يحمل على أنه اصطفاها لنفسه بعدما صارت لدحية جمعا بين الأحاديث والله أعلم وقال المنذري والأولى أن يقال كانت صفية فيئا لأنها كانت زوج كنانة بن الربيع وكانوا صالحوا رسول الله وشرط عليهم أن لا يكتموه عنا فإن كتموه فلا ذمة لهم ثم غير عليهم فاستباحهم وسباهم ذكر ذلك أبو عبيد وغيره قال وصفية ممن سبى من نسائهم بلا شك وممن دخل أولا في صلحهم فقد صارت فيئا لا يخمس وللإمام وضعه حيث أراه الله وأما ذو الفقار فرواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم تنقل سيفه ذا الفقار يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد وفي الطبراني عن ابن عباس أن الحجاج بن عكاظ أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار إسناده ضعيف واعترض على الرافعي هنا بأنه يرى أن غنيمة بدر كانت كلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقسمها برأيه فكيف يلتئم مع قوله إن ذا الفقار كان من صفاياه والكلام في الصفي إنما هو بعد فرض الخمس وعلى هذا فيحمل قول ابن عباس تنفل بمعنى أنه أخره لنفسه ولم يعطه أحدا قوله ومنه خمس الخمس كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم الاستبداد به وأربعة أخماس الفيء على ما تقدم في قسم الفيء والغنيمة . قوله : دخول مكة بغير إحرام تقدم في باب دخول مكة ويمكن أن يقال إن دخولها إذ ذاك كان للحرب فلا يعد ذلك من الخصائص نعم يعد من خصائصه القتال فيها كقوله في الحديث الصحيح فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم . قوله : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال إنا معشر الأنبياء لا نورث تقدم في باب القسمة والغنيمة وهذا اللفظ أيضا للطبراني في الأوسط وقال الحميدي في مسنده ، نا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا فهو صدقة ( فائدة ) نقل ابن عبد البر عن قوم من أهل البصرة منهم إبراهيم ابن علية أن هذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح أنه عام في جمع الأنبياء لهذا الحديث وتمسك المذكورون بظاهر قوله تعالى : { وورث سليمان داود } وبقوله حكاية عن يعقوب : { فهب لي من لدنك وليا يرثني } وأجيب بأنه محمول على وراثة النبوة والعلم والدين لا في المال والله أعلم . قوله : كان له أن يقضى بعلم نفسه استدل له البيهقي بحديث عائشة في قصة هند بنت عتبة وقوله لها خذي من ماله ما يكفيك وسيأتي الكلام عليه في باب القضاء على الغائب إن شاء الله تعالى . قوله : وأن يحكم لنفسه ولولده وأن يشهد لنفسه ولولده استدلوا له بعموم العصمة ويلتحق بذلك حكمه وفتواه في حال الغضب وقد ذكره النووي في شرح مسلم ويمكن أن يؤخذ الحكم من حديث خزيمة الآتي قريبا . قوله : وأن يقبل الشهادة من يشهد له ولولده استدلوا & بقصة خزيمة بن ثابت وهي شهيرة أخرجها أبو داود والحاكم وأعلها ابن حزم وأغرب ابن الرفعة فزعم أنها مشهورة وأنها في الصحيح وكأن مراده بذلك ما وقع في البخاري من حديث زيد بن ثابت قال فوجدتها مع خزيمة الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين ذكرها في تفسير الأحزاب . قوله : وكان له أن يحمي لنفسه والأئمة بعده لا يحمون لأنفسهم كما سبق في إحياء الموات قلت : أما حماه لنفسه فلم أره في شيء من الأحاديث . قوله : وأن يأخذ الطعام والشراب من المالك وإن احتاج إليهما وعليه البذل ويفدي بمهجته مهجة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت : لم أر وقوع في ذلك من شيء من الأحاديث صريحا ويمكن أن يستأنس له بأن طلحة وقاه بنفسه يوم أحد وبأن أبا طلحة كان يتقي بترسه دونه ونحو ذلك من الأحاديث .

قوله : وكان لا ينتقض وضوؤه بالنوم يدل عليه ما في الصحيحين عن عائشة مرفوعا إن عيني تنامان ولا ينام قلبي وعن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم نام حتى نفخ ثم قام فصلى ولم يتوضأ وفي البخاري في حديث الإسراء من طريق شريك عن أنس وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم .

قوله : وفي انتقاض وضوئه باللمس وجهان قال النووي في زياداته : المذهب الجزم بانتقاضه قلت أجاب به بعض الشافعية على ما أورده عليهم الحنفية في أن اللمس لا ينقض مطلقا بأن ذلك من خصائصه لأن الحنفية احتجوا بأحاديث منها في السنن الكبرى بإسناد صحيح عن القاسم عن عائشة قالت إن & رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة حتى إذا أراد أن يوتر مسني برجله وفي البزار من طريق عبد الكريم الجزري عن عطاء عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ وإسناده قوي نعم احتج بعض الشافعية بهذا الحديث على أن وضوء الملموس لا ينقض وهو قول قوي في المذهب .

قوله : وفيما حكى صاحب التلخيص أنه كان يجوز له أن يدخل المسجد جنبا قال : ولم يسلمه القفال وقال لا أخاله صحيحا انتهى استدل له النووي بما رواه الترمذي وحسنه من حديث أبي سعيد الخدري أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي : لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك وحكى عن ضرار بن صرد أن معناه لا يستطرقه جنبا غيري وغيرك وتعقب بأنه حينئذ لا يكون فيه اختصاص فإن الأم كذلك بنص الكتاب قلت ويمكن أن يدعى أن ذلك خاص بمسجده فلا يحل لأحد يستطرقه جنبا ولا حائضا إلا النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك علي لأن بيته كان مع بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ويدل على ذلك قول ابن عمر في الصحيح للذي سأله عن علي انظر إلى بيته وروى النسائي من حديث ابن عباس في فضائل علي قال : وكان يدخل المسجد وهو جنب وهو طريقه ليس له طريق غيره وضعف بعضهم حديث أبي سعيد بأن راويه عنه عطية وهو ضعيف وفيه سالم بن أبي حفصة وهو ضعيف أيضا وأجيب بأنه يقوى بشواهده ففي مسند البزار من حديث خارجة بن سعد عن أبيه ما يشهد له وفي ابن ماجه والطبراني من حديث أم سلمة مرفوعا : إن هذا المسجد لا يحل لجنب ولا حائض وأخرجه البيهقي بلفظ : إن مسجدي حرام على كل حائض من النساء وجنب من الرجال إلا على محمد وأهل بيته . قوله : كان يجوز له القتل بعد الأمان قلت لم أر لذلك دليلا

حديث أبي هريرة : اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فإنما أنا بشر فأي المؤمنين آذيته أو شتمته أو لعنته فاجعلها صلاة وصدقة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة انتهى وهو حديث صحيح أخرجه مسلم هكذا من طريق الأعرج عنه وفي الصحيحين من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بلفظ : اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة يوم القيامة وفي الباب عن جابر أخرجه مسلم بلفظ : إنما أنا بشر وإني اشترطت على ربي أي عبد من المسلمين سببته أو شتمته أن يكون ذلك له زكاة وأجرا وفي رواية ورحمة بدل وأجرا وعن عائشة وأنس أخرجه مسلم أيضا وعن أبي سعيد عند أحمد بن حنبل .

قوله : وهذا قريب من جعل الحدود كفارات لأهلها فيه حديث عبادة فمن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارة له مخرج في الصحيحين وعند أبي داود من حديث أبي هريرة مرفوعا : لا أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا وأجيب عنه بأنه علم ذلك بعد أن كان لا يعلمه فإما أن يكون أبو هريرة أرسله وإما أن يكون حديث عبادة متأخرا وقد بينت ذلك في شرح البخاري .

# فصل في التخفيف في النكاح قوله : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع نسوة قلت هو أمر مشهور لا يحتاج إلى تكلف تخريج الأحاديث فيه وهن عائشة ثم سودة ثم حفصة ثم أم سلمة ثم زينب بنت جحش ثم صفية ثم جويرية ثم أم حبيبة ثم ميمونة واختلف في ريحانة هل كانت زوجة أو سرية وهل ماتت في حياته أو بعده ودخل أيضا بخديجة ولم يتزوج عليها حتى ماتت وبزينب أم المساكين وماتت في حياته قبل أن يتزوج صفية ومن بعدها وأما حديث أنس أنه تزوج خمس عشرة ودخل منهن بإحدى عشرة ومات عن تسع فقد قواه أيضا في المختارة وفي بعضه مغايرة لما تقدم وأما من عقد عليها ولم يدخل بها أو خطبها ولم يعقد عليها فضبطنا منهن نحوا من ثلاثين امرأة وقد حررت ذلك في كتابي في الصحابة . قوله : الأصح جواز الزيادة على التسع لأنه مأمون الجور قلت إن ثبت ما ذكرناه في ريحانة كان دليلا على الوقوع . ( فائدة ) ذكر في حكمة تكثير نسائه وحبه فيهن أشياء الأول : زيادة في التكليف حتى لا يلهو بما حبب إليه منهن عن التبليغ الثاني : ليكون مع من يشاهدها فيزول عنه ما يرميه به المشركون من كونه ساحرا الثالث الحث لأمته على تكثير النسل الرابع : لتشرف به قبائل العرب بمصاهرته فيهم الخامس : لكثرة العشيرة من جهة نسائه عونا على أعدائه السادس : نقل الشريعة التي لا يطلع عليها الرجال السابع نقل محاسنه الباطنة فقد تزوج أم حبيبة وأبوها في ذلك الوقت عدوه وصفية بعد قتل أبيها تزوجها فلو لم تطلع من باطنه على أنه أكمل الخلق لنفرن منه . قوله : في انعقاد نكاحه بلفظ الهبة لظاهر الآية وهل يجب المهر وجهان حكى الحناطي الوجوب قال وخاصية النبي صلى الله عليه وسلم هي الانعقاد بلفظ الهبة قلت : قد ذكر الرافعي في أواخر الكلام أن أكثر المسائل التي ذكرها هنا مخرجة على أصل وهو النكاح في حقه هل هو كالتسري في حقنا إن قلنا نعم لم ينحصر عدد منكوحاته إلى آخر كلامه قلت ودليل هذا الأصل وقوع الجواز في الزيادة على الأربع والباقي ذكروه إلحاقا والله أعلم . ( فائدة ) اختلف في الواهبة فقيل : خولة بنت حكيم وقع ذلك في رواية أبي سعيد المؤدب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أخرجه البيهقي وابن مردويه وعلقه البخاري ولم يسقط لفظه وبه قال عروة وغيره وقيل أم شريك رواه النسائي من طريق حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه عن أم شريك وبه قال علي بن الحسين والضحاك ومقاتل وقيل هي زينب بنت خزيمة أم المسكين قاله الشعبي وروي ذلك عن عروة أيضا وقيل ميمونة بنت الحارث روي ذلك عن ابن عباس وقتادة . قوله : استشهد بقصة زيد بن حارثة حين طلق زيد زوجته وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم البخاري ومسلم من حديث أنس مطولا ومسلم من حديث عائشة مختصرا . قوله : كان يجوز له تزويج المرأة ممن شاء بغير إذنها وإذن وليها فيه قصة زينب بنت جحش . حديث : أنه صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم متفق عليه من حديث ابن عباس وقد تقدم .

حديث : أنه كان يطاف به في المرض على نسائه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن محمد بن سعد عن أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل في ثوب يطاف به على نسائه وهو مريض يقسم لهن ورجاله ثقات إلا أنه منقطع وفي الصحيحين عن عائشة لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي وفي رواية لمسلم إنه لما # كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول : أين أنا غدا أين أنا غدا حرصا على بيت عائشة وفي صحيح ابن حبان عنها أنه لما اشتكى قلن له انظر حيث تحب أن تكون فنحن نأتيك فانتقل إلى عائشة .

# حديث أنه كان يقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك أحمد والدارمي وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم عن عائشة وأعله النسائي والترمذي والدارقطني بالإرسال وقال أبو زرعة : لا أعلم أحدا تابع حماد بن سلمة على وصله . حديث : أنه أعتق : صفية وجعل عتقها صداقها متفق عليه عن أنس وقد مضى . قوله : منهم من قال أعتقها على شرط أن ينكحها فلزمها الوفاء به بخلاف باقي الأمة قلت : هو ظاهر حديث أنس في الصحيحين في قوله : أصدقها نفسها لكن ليس فيه أنه من خصائصه .

# القسم الرابع في الخصائص والكرامات

قوله : روي أنه تزوج امرأة فرأى بكشحها بياضا فقال الحقي بأهلك الحاكم في المستدرك من حديث كعب بن عجرة وفيه : أنها من بني غفار وفي إسناده جميل بن زيد وقد اضطرب فيه وهو ضعيف فقيل عنه هكذا وقيل عن ابن عمر وقيل عن زيد بن كعب أو كعب بن زيد وأخرجه ابن عدي والبيهقي وقال الحاكم اسمها أسماء بنت النعمان وقلت : والحق أنها غيرها فإن بنت النعمان هي الجونية كما مضى . حديث الأشعث بن قيس : أنه نكح المستعيذة في زمان عمر بن الخطاب فأمر برجمها فأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم فارقها قبل أن يمسها فخلاهما هذا الحديث تبع في إيراده هكذا الماوردي والغزالي وإمام الحرمين والقاضي الحسين ولا أصل له في كتب الحديث نعم روى أبو نعيم في المعرفة في ترجمة قتيلة من حديث داود عن الشعبي مرسلا وأخرجه البزار من وجه آخر عن داود عن عكرمة عن ابن عباس موصولا وصححه ابن خزيمة والضياء من طريقه في المختارة أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق قتيلة بنت قيس أخت الأشعث طلقها قبل الدخول فتزوجها عكرمة بن أبي جهل فشق ذلك على أبي بكر فقال له عمر : يا خليفة رسول الله إنها ليست من نسائه لم يحزها النبي صلى الله عليه وسلم وقد برأها الله منه بالردة وكانت قد ارتدت مع قومها ثم أسلمت فسكن أبو بكر وروى الحاكم من طريق هشام بن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال خلف على أسماء بنت النعمان المهاجر بن أبي أمية فأراد عمر أن يعاقبها فقالت : ولله ما ضرب على الحجاب ولا سميت أم المؤمنين فكف عنها وروى الحاكم بسنده إلى أبي عبيدة معمر بن المثنى أنه تزوج حين قدم عليه وفد كندة قتيلة بنت قيس أخت الأشعث ولم تدخل عليه فقيل إنه أوصى أن تخير فاختارت النكاح فتزوجها عكرمة بن أبي جهل بحضرموت فبلغ ذلك أبا بكر فقال لقد هممت بأن أحرق عليهما فقال عمر ما هي من أمهات المؤمنين ولا دخل بها ولا ضرب عليها الحجاب فسكن وروى البيهقي بإسناده إلى الزهري قال بلغنا أن العالية بنت ظبيان التي طلقها تزوجت قبل أن يحرم الله نساءه فنكحت ابن عم لها وولدت فيهم قوله ولا يقال لبناتهن أخوات المؤمنين ولا لأخواتهن خالات المؤمنين قلت : فيه أثر عن عائشة قالت أنا أم رجالكم ولست أم نسائكم أخرجه البيهقي قوله : وأما غيرهن فيجوز أن يسألن مشافهة بخلافهن قلت إن كان المراد السؤال عن العلم فمردود فإنه ثابت في الصحيح أنهم كانوا يسألون عائشة عن الأحكام والأحاديث مشافهة أو لعله أراد بقوله مشافهة مواجهة فيتجه والله أعلم . قوله : ونصر بالرعب على مسيرة شهر هو في حديث جابر وغيره في الصحيحين وفي الطبراني مسيرة شهرين والجمع بينهما بما ورد في مسند أحمد شهرا وراءه وشهرا أمامه وكذا قوله وجعلت لي الأرض مسجدا لكن قوله وترابها طهورا من أفراد مسلم من حديث حذيفة . قوله : وأحلت له الغنائم هو في الأحاديث المذكورة وفيها ك ولم تحل لأحد قبلي :

قوله : ويشفع في أهل الكبائر فيه حديث أنس شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي أخرجه أبو داود والترمذي فرواه مسلم بدون ذكر الكبائر وعلقه البخاري من حديث سليمان التيمي عنه وفي الباب عن جابر في صحيح ابن حبان وشواهده كثيرة . قوله وبعث إلى الناس عامة وهو في الأحاديث المذكورة .

قوله : وهو سيد ولد آدم هو في الصحيحين في حديث الشفاعة الطويل .

قوله : وأول من تنشق عنه الأرض رواه مسلم من طريق عبد الله بن فروخ عن أبي هريرة ورواه الشيخان من وجه آخر .

قوله : وأول شافع وأول مشفع هو في الحديث الذي قبله عند مسلم .

قوله : وهو أكثر الأنبياء تبعا رواه مسلم أيضا وللدارقطني في الأفراد من حديث عمر مرفوعا إن الجنة حرمت على الأنبياء حتى أدخلها وحرمت على الأمم حتى يدخلها أمتي .

قوله : وأول من يقرع باب الجنة رواه مسلم من حديث أنس .

وأمته معصومة لا تجتمع على الضلالة هذا في حديث مشهور له طرق كثيرة لا يخلو & منها من مقال منها لأبي داود عن أبي مالك الأشعري مرفوعا إن الله أجاركم من ثلاث خلال أن لا يدعو عليكم نبيكم لتهلكوا جميعا وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق وأن لا يجتمعوا على ضلالة وفي إسناده انقطاع وللترمذي والحاكم عن ابن عمر مرفوعا لا تجتمع هذه الأمة على ضلال أبدا وفيه سليمان بن شعبان المدني وهو ضعيف وأخرج الحاكم له شواهد ويمكن الاستدلال له بحديث معاوية مرفوعا لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله أخرجه الشيخان وفي الباب عن سعد وثوبان في مسلم وعن قرة بن إياس في الترمذي وابن ماجه وعن أبي هريرة في ابن ماجه عن عمران في أبي داود وعن زيد بن أرقم عند أحمد ووجه الاستدلال منه أن بوجود هذه الطائفة القائمة بالحق إلى يوم القيامة لا يحصل الاجتماع على الضلالة وقال ابن أبي شيبة ، نا أبو أسامة عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن يسير بن عمرو قال : شيعنا أبا مسعود حين خرج فنزل في طريق القادسية فدخل بستانا فقضى حاجته ثم توضأ ومسح على جوربيه ثم خرج وإن لحيته ليقطر منها الماء فقلنا له : اعهد إلينا فإن الناس قد وقعوا في الفتن ولا ندري هل نلقاك أم لا قال : اتقوا الله واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة إسناده صحيح ومثله لا يقال من قبل الرأي وله طريق أخرى عنده عن يزيد بن هارون عن التيمي عن نعيم بن أبي هند أن أبا مسعود خرج من الكوفة فقال عليكم بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلال . قوله : وصفوفهم كصفوف الأنبياء هو في حديث حذيفة المتقدم من عند مسلم لكن بلفظ الملائكة قوله : وكان لا ينام قلبه تقدم قريبا قوله : ويرى من وراء ظهره كما يرى من قدامه هو في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس وغيره والأحاديث الواردة في ذلك مقيدة بحالة الصلاة وبذلك يجمع بين هذا وبين قوله لا أعلم ما رواء & جداري هذا .

قوله : وتطوعه بالصلاة قاعدا كتطوعه قائما وإن لم يكن له عذر فيه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وهو في الصحيح ولمسلم بلفظ : أتيت رسول الله فوجدته يصلي جالسا فقلت : حدثت أنك قلت # صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة وأنت تصلي قاعدا قال أجل ولكن لست كأحدكم . قوله : ومخاطبة المصلي له بقوله : السلام عليك أيها النبي يعني في التشهد ووجه الدلالة أنه منع من مخاطبة الآدمي بقوله : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس أخرجه مسلم . قوله : ويجب على المصلي إذا دعاه أن يجيبه ولا تبطل صلاته تقدم في الصلاة ويلتحق بدعائه الشخص المصلي ووجوب إجابته ما إذا سأل مصليا عن شيء فإنه تجب عليه إجابته ولا تبطل صلاته وهنا فرع حسن وهو أنه لو كلمه مصل ابتداء هل تفسد صلاته أو لا محل نظر . قوله : ولا يجوز لأحد رفع صوته فوق صوته لقوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم } وجه الدلالة أنه توعد على ذلك بإحباط العمل فدل على التحريم بل على أنه من أغلظ التحريم وفي الصحيح أن عمر قال له لا أكلمك بعد هذا إلا كأخي السرار وفيه قصة ثابت بن قيس وأما حديث ابن عباس وجابر في الصحيح أن نسوة كن يكلمنه عالية أصواتهن فالظاهر أنه قبل النهي . قوله : وأن يناديه من وراء الحجرات دليله الآية أيضا ووجه الدلالة من قوله بأنهم لا يعقلون أي الأحكام الشرعية فدل على أن من الأحكام الشرعية أن لا يفعل ذلك أهمل التقدم بين يديه والجهر له بالقول وهما مستفادان من الآية أيضا . قوله : وأن يناديه باسمه دليله آية النور : { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } وعلى هذا فلا يناديه بكنيته وأما ما وقع في ذلك لبعض الصحابة فإما أن يكون قبل أن يسلم القائل وإما أن يكون قبل نزول الآية . قوله : وكان يستشفي ويتبرك ببوله ودمه تقدم ذلك مبسوطا في الطهارة قال الرافعي في قصة أم أيمن من الفقه أن بوله ودمه يخالفان غيرهما في التحريم لأنه لم ينكر ذلك وكان السر في ذلك ما تقدم من صنيع الملكين حين غسلا جوفه . قوله : ومن زنا بحضرته أو استهان به كفر أما الاستهانة فبالإجماع وأما الزنا فإن أريد به أنه يقع بحيث يشاهده فممكن لأنه يلتحق بالاستهانة وإن أريد بحضرته أن يقع في زمان فليس بصحيح لقصة ماعز والغامدية .

قوله : وأن أولاد بناته ينتسبون إليه فيه حديث أبي بكرة سمعت رسول الله يقول : إن ابني هذا سيد يعني الحسن بن علي أخرجه البخاري وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم في ترجمة عمر من طريق شبيب بن غرقدة عن المستظل بن حصين عن عمر في أثناء حديث : وكل ولد آدم فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم .

حديث : كل سبب ونسب يوم القيامة ينقطع إلا سببي ونسبي البزار والحاكم والطبراني من حديث عمر وقال الدارقطني في العلل : رواه ابن إسحاق عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن عمر وخالفه الثوري وابن عيينة وغيرهما عن جعفر لم يذكروا عن جده وهو منقطع انتهى ورواه الطبراني من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر سمعت عمر ورواه ابن السكن في صحاحه من طريق حسن بن حسن بن علي عن أبيه عن عمر في قصة خطبته أم كلثوم بنت علي ورواه البيهقي أيضا ورواه أبو نعيم في الحلية من حديث يونس بن أبي يعفور عن أبيه عن ابن عمر عن عمر ورواه أحمد والحاكم من حديث المسور بن مخرمة رفعه إن الأسباب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس ورواه في الأوسط من طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي عن محمد بن عباد بن جعفر سمعت عبد الله بن الزبير يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري وإبراهيم ضعيف ورواه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند من حديث ابن عمر .

حديث : تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي متفق عليه من حديث جابر وأبي هريرة وأنس وفي الباب عن ابن عباس رواه بن أبي خيثمة وفي إسناده إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف قوله فعن رواية الربيع عن الشافعي قلت أخرجه البيهقي عن الحاكم عن أبي العباس محمد بن يعقوب عن الربيع عنه وهكذا رواه أبو نعيم في الحلية عن عثمان بن محمد العثماني عن محمد بن يعقوب به وكذا قال طاوس وابن سيرين ( تنبيه ) وأما ما رواه أبو داود من حديث صفية بنت شيبة عن عائشة قالت : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني قد ولدت غلاما فسميته محمدا وكنيته أبا القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك فقال ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي فيشبه إن صح أن يكون قبل النهي لأن أحاديث النهي أصح قوله ومنهم من حمله على كراهة الجمع قلت وبذلك جزم ابن حبان في صحيحه وروى أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن هشام عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا : من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي ورواه الترمذي من طريق الحسين بن واقد عن أبي الزبير به وحسنه وصححه ابن حبان وفي الباب عن أبي حميد عند البزار في مسنده ( فائدة ) وقيل : إن النهي مخصوص بحياته صلى الله عليه وسلم ويدل عليه ما رواه أبو داود والترمذي من طريق فطر عن منذر الثوري عن ابن الحنفية عن علي قلت : يا رسول الله أرأيت إن ولد لي بعدك أسميه محمدا وأكنيه بكنيتك ؟ قال : نعم قال : فكانت لي رخصة صححه الترمذي والحاكم قال البيهقي هذا يدل على أنه سمع النهي فسأل الرخصة وحده وقال حميد بن زنجويه سألت ابن أبي أويس ما كان مالك يقول في الرجل يجمع بين كنية النبي صلى الله عليه وسلم واسمه فأشار إلى شيخ جالس معنا فقال : هذا محمد بن مالك سماه أبوه محمدا وكناه أبا القاسم وكان مالك يقول إنما نهى عن ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كراهية أن يدعى أحد باسمه أو كنيته فيلتفت النبي صلى الله عليه وسلم فأما اليوم فلا وهذا كأنه استنبطه من سياق الحديث الذي في الصحيح في سبب النهي عن ذلك والله أعلم .

باب ما جاء في استحباب النكاح وصفة المخطوبة وغير ذلك .

حديث : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج
حديث : أنه صلى الله عليه وسلم قال لجابر هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك متفق عليه من حديث جابر زاد في رواية لمسلم وتضاحكها وتضاحكك وفي رواية مالك وللعذارى ولعابها . ( تنبيه ) قال القاضي عياض : الرواية ولعابها بكسر اللام لا غير وهو من اللعب كذا قال وقد ثبت لبعض رواة البخاري بضم اللام أي ريقها ولابن أبي خيثمة من حديث كعب بن عجرة أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل فذكر نحوه وفيه فهلا بكرا تعضها وتعضك وفي الباب عن عويم بن ساعدة وابن ماجه والبيهقي بلفظ عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير وعن ابن عمر نحوه وزاد وأسخن إقبالا رواه أبو نعيم في الطب وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف . حديث تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة تقدم من حديث معقل بن يسار وقد تقدمت طرقه أيضا في باب فضل النكاح .

حديث : روي أنه قال إياكم وخضر الدمن قالوا يا رسول الله وما خضر الدمن قال المرأة الحسناء في المنبت السوء الرامهرمزي والعسكري في الأمثال وابن عدي في الكامل والقضاعي في مسند الشهاب والخطيب في إيضاح الملتبس كلهم من طريق الواقدي عن يحيى بن سعيد بن دينار عن أبي وجزة يزيد بن عبيد عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال ابن عدي تفرد به البواقدي وذكره أبو عبيد في الغريب فقال يروى عن يحيى بن سعيد بن دينار قال ابن طاهر وابن الصلاح يعد في أفراد الواقدي وقال الدارقطني لا يصح من وجه ( تنبيه ) الدمن البعر تجمعه الريح ثم يركبه الساقي فإذا أصابه المطر ينبت نبتا ناعما يهتز وتحته الدمن الخبيث والمعنى لا تنكحوا المرأة لجمالها وهي خبيثة الأصل لأن عرق السوء لا ينجب قال الشاعر : % وقد ينبت المرعى على دمن الثرى % ( تنبيه ) الرافعي احتج به على استحباب النسبية وأولى منه ما أخرجه ابن ماجه والدارقطني عن عائشة مرفوعا تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم ومداره على أناس ضعفاء رووه عن هشام أمثلهم صالح بن موسى الطلحي والحارث بن عمران الجعفري وهو حسن . حديث : لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يخلق ضاويا هذا الحديث تبع في إيراده إمام الحرمين هو والقاضي الحسين وقال ابن الصلاح لم أجد له أصلا معتمدا انتهى وقد وقع في غريب الحديث لابن قتيبة قال جاء في الحديث اغربوا لا تضووا وفسره فقال هو من الضاوي وهو النحيف الجسم يقال أضوت المرأة إذا أتت بولد ضاو والمراد أنكحوا في الغرباء ولا تنكحوا في القريبة وروى ابن يونس في تاريخ الغرباء في ترجمة الشافعي عن شيخ له عن المزني عن الشافعي قال أيما أهل بيت لم تخرج نساؤهم إلى رجال غيرهم كان في أولادهم حمق وروى إبراهيم الحربي في غريب الحديث عن عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة قال قال عمر لآل السائب قد أضوأتم فأنكحوا في النوابغ قال الحربي : يعني تزوجوا الغرائب .

حديث : المرأة تنكح لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك متفق عليه من حديث سعيد عن أبيه عن أبي هريرة ولمسلم عن جابر : إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك والحاكم وابن حبان من حديث أبي سعيد : تنكح المرأة على إحدى ثلاث خصال جمالها ودينها وخلقها فعليك بذات الدين والخلق وروى ابن ماجه والبزار والبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا ، لا تنكحوا النساء لحسنهن فعله يرديهن ولا لمالهن فلعله يطغيهن وأنكحوهن لدين ولأمة سوداء خرقاء ذات دين أفضل وروى النسائي من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قيل يا رسول الله أي النساء خير قال التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره .

حديث : أنه صلى الله عليه وسلم قال للمغيرة وقد خطب امرأة انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما النسائي والترمذي وابن ماجه والدارمي وابن حبان من حديث المغيرة وذكره الدارقطني في العلل وذكر الخلاف فيه وأثبت سماع بكر بن عبد الله المزني من المغيرة وقوله : يؤدم بينكما أي تدوم المودة وفي الباب عن أبي هريرة عند مسلم وأنس وجابر ومحمد بن مسلمة وأبي حميد فحديث أنس صححه ابن حبان والدارقطني والحاكم وأبو عوانة وهو في قصة المغيرة أيضا وحديث جابر يأتي وحديث محمد بن مسلمة رواه ابن ماجه وابن حبان وحديث أبي حميد رواه أحمد والطبراني والبزار ولفظه إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة .

حديث جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها الشافعي وأبو داود والبزار والحاكم من حديث ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن واقد بن عبد الرحمن عنه ورواه أحمد من هذا الوجه وفيه أنها من بني سلمة وأعله ابن القطان بواقد بن عبد الرحمن وقال المعروف واقد بن عمرو قلت : رواية الحاكم فيها عن واقد بن عمرو وكذا هو عند الشافعي وعبد الرزاق . ( فائدة ) روى عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي عمرو عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحنفية أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم فذكر له صغرها فقال أبعث بها إليك فإن رضيت فهي امرأتك فأرسل بها إليه فكشف عن ساقها فقالت لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك وهذا يشكل على من قال إنه لا ينظر غير الوجه والكفين

حديث : أنه صلى الله عليه وسلم بعث أم سليم إلى امرأة فقال انظري إلى عرقوبها وشمي معاطفها أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي من حديث أنس واستنكره أحمد والمشهور فيه طريق عمارة عن ثابت عنه ورواه أبو داود في المراسيل عن موسى بن إسماعيل عن حماد عن ثابت ووصله الحاكم من هذا الوجه بذكر أنس فيه وتعقبه البيهقي بأن ذكر أنس فيه وهم قال ورواه أبو النعمان عن حماد مرسلا قال ورواه ابن كثير الصنعاني عن حماد موصولا . ( تنبيه ) قوله : وشمي معاطفها في رواية الطبراني وفي رواية أحمد وغيره : شمي عوارضها .

حديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها
حديث : أن وفدا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم غلام حسن الوجه فأجلسه من ورائه وقال : أنا أخشى ما أصاب أخي داود قال ابن الصلاح : ضعيف لا أصل له ورواه ابن شاهين في الأفراد من طريق مجالد عن الشعبي قال : قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم غلام أمرد ظاهر الوضاءة فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم وراء ظهره وقال كان خطبة داود النظر ذكره ابن القطان في كتاب أحكام النظر وضعفه ورواه أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط في نسخته ومن طريقه أبو موسى في الترهيب وإسناده واهي .

حديث أم سلمة : كنت مع ميمونة عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل ابن أم مكتوم فقال : احتجبا منه فقلت : يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصر قال أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه أبو داود والنسائي والترمذي وابن حبان وليس في إسناده سوى نبهان مولى أم سلمة شيخ الزهري وقد وثق وعند مالك عن عائشة أنها احتجبت من أعمى فقيل لها : إنه لا ينظر إليك قالت : لكني أنظر إليه وقال ابن عبد البر : حديث فاطمة بنت قيس يدل على جواز نظر المرأة إلى الأعمى وهو أصح من هذا وقال أبو داود هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة بدليل حديث فاطمة قلت وهذا جمع حسن وبه جمع المنذري في حواشيه واستحسنه شيخنا . ( تنبيه ) لما ذكر الإمام تبعا للقاضي الحسين حديث الباب جعل القصة لعائشة وحفصة وتعقبه شيخنا في تصحيح المنهاج بأن ذلك لا يعرف لكن وجد في الغيلانيات من حديث أسامة على وفق ما نقله القاضي والإمام فإما أن يحمل على أن الراوي قلبه لأن ابن حبان وصف راويه بأنه كان شيخا مغفلا يقلب الأخبار وهو وهب بن حفص الحراني وإما أن يحمل على التعدد ويؤيده أثر عائشة الذي قدمته .

قوله : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : النظر في الفرج يولد الطمس رواه ابن حبان في الضعفاء من طريق بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس بلفظ : إذا جامع الرجل زوجته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العشا قال وهذا يمكن أن يكون بقية سمعه من بعض شيوخه الضعفاء عن ابن جريج فدلسه وقال ابن أبي حاتم في العلل : سألت أبي عنه فقال : موضوع وبقية مدلس وذكر ابن القطان في كتاب أحكام النظر : أن بقي بن مخلد رواه عن هشام بن خالد عن بقية قال : ، نا ابن جريج وكذلك رواه ابن عدي عن ابن قتيبة عن هشام فما بقي فيه إلا التسوية وقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات وخالف ابن الصلاح فقال : إنه جيد الإسناد كذا قال وفيه نظر وفي الباب عن أبي هريرة . حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه : إذا زوج أحدكم عبده جاريته أو أجيره فلا ينظر إلى ما بين السرة والركبة تقدم في شروط الصلاة .

حديث : لا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد مسلم من حديث أبي سعيد وأحمد والحاكم من حديث جابر بلفظ : لا تباشر وأحمد وابن حبان والحاكم من حديث ابن عباس مثله والطبراني في الأوسط من حديث أبي موسى الأشعري وروى البزار من حديث سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهي النساء أن يضطجع بعضهن مع بعض إلا وبينهما ثوب ولا يضطجع الرجل مع صاحبه إلا وبينهما ثوب . حديث : مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع تقدم في الصلاة .

حديث : أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يلقى أخاه أو صديقه أينحني له قال لا قيل أفيلتزمه ويقبله ؟ قال : لا قيل : أفيأخذ بيده ويصافحه قال نعم أحمد والترمذي وابن ماجه والبيهقي من حديث أنس وحسنه الترمذي واستنكره أحمد لأنه من رواية السدوسي وقد اختلط وتركه يحيى القطان . ( فائدة ) سيأتي في السير حديث لأبي ذر يعارض هذا الحديث في مسألة المعانقة . حديث عمر : يستحب للمرأة أن تنظر إلى الرجل فإنه يعجبها ما يعجبه منها لم أجده ، قوله في قوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } هو مفسر بالوجه والكفين انتهى روى البيهقي من طريق عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله { إلا ما ظهر منها } قال : الوجه والكفان ومن طريق عطاء عن عائشة نحوه وروى الطبري من طريق مسلم الأعور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : هي الكحل وتابعه خصيف عن عكرمة عن ابن عباس عند البيهقي ( تنبيه ) احتج الرافعي بهذا على منع البالغ من النظر إلى الأجنبية وأولى منه ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس : أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه