فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب تضييع الصلاة عن وقتها

باب
في تضييع الصلاة عن وقتها
[ قــ :515 ... غــ :529 ]
- حدثنا موسى بن إسماعيل: ثنا مهدي، عن غيلان، عن أنس، قال: ما أعرف شيئاً مما كان على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قيل: الصلاة؟ قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها؟


[ قــ :516 ... غــ :530 ]
- حدثنا عمرو بن زرارة: ثنا عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد، عن عثمان بن أبي رواد أخي عبد العزيز، قال: سمعت الزهري يقول: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ فقال: لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت.

وقال بكر بن خلف: حدثنا محمد بن بكر البرساني: أبنا عثمان بن أبي رواد نحوه.

إنما كان يبكي أنس بن مالك من تضييع الصلاة إضاعة مواقيتها، وقد جاء ذلك مفسراً عنه، وروى سليمان بن المغيرة، عن ثابت، قال: قال أنس: ما أعرف فيكم اليوم شيئاً كنت أعهده على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ليس قولكم: لا إله إلا الله.
قلت: يا أبا حمزة، الصلاة؟ قال: قد صليتم حين تغرب الشمس، فكانت تلك صلاة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ !.

خرجه الإمام أحمد.

ورواه حماد بن سلمة، أن ثابتاً أخبره، قال: قال أنس: ما شيء شهدته على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا وقد أنكرته اليوم، إلا شهادتكم هذه.
فقيل: ولا الصلاة؟ فقال: إنكم تصلون الظهر مع المغرب، أهكذا كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
يصلي؟ !.

وهذا استفهام إنكار من أنس، يعني: ان هذه لم تكن صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وخرج الإمام أحمد من حديث عثمان بن سعد، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ما أعرف شيئاً مما عهدت مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليوم.
قيل له: ولا الصلاة؟ قال: أوليس قد علمت ما صنع الحجاج في الصلاة؟
ويقال: أن الحجاج هو أول من أخر الصلاة عن وقتها بالكلية، فكان يصلي الظهر والعصر مع غروب الشمس، وربما كان يصلي الجمعة عند غروب الشمس، فتفوت الناس صلاة العصر، فكان بعض التابعين يومئ في المسجد الظهر والعصر خوفا من الحجاج.

وقد روي هذا الحديث عن أنس من وجوه متعددة.
وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي عمران الجوني، عن أنس، قال: ما أعرف شيئاً مما كنا عليه على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قلت: أين الصلاة؟ قال: أو لم تصنعوا في صلاتكم ما قد علمتم؟
وغيلان - الذي خرجه البخاري من طريقه أولاً، عن أنس - هو: ابن جرير، رواه عنه مهدي بن ميمون.

وعثمان بن أبي رواد هو اخو عبد العزيز بن أبي رواد، يكنى: أبا عبد الله.
قال ابن معين: كان ثقة.
وقد روى عنه شعبة وغيره، وقد بين البخاري أنه روى عنه هذا الحديث: أبو عبيدة الحداد ومحمد بن بكر البرساني.

وبكر بن خلف الذي علق البخاري عنه الحديث، يقال له: ختن المقرئ، يكنى ابا بشر، ثقة، روى عنه أبو داود وابن ماجه.

ولهم شيخ آخر، يقال له: عثمان بن جبلة بن أبي رواد المروزي والد عبدان عبد الله بن عثمان، وهو ابن أخي عثمان هذا، يروي عن شعبة وطبقته، وروى عنه عمه عثمان بن أبي رواد، وهو ثقة – أيضا -، وقد خرج البخاري عن أبيه عبدان، عنه.